صفحات سورية

لماذا تأخر سقوط بشار الأسد


احمد موكرياني

لو حللنا عوامل القوة والضعف ثورة الشعب السوري تاركين العوامل الخارجية جانبا لأنني اعتبرها كجبل الثلج سيذوب من حرارة الشارع السوري الثوري فأن تأخر سقوط بشار الأسد ليس أمرأ منطقيا ولا تتناسب مع قوة وحجم الثورة، فلم يسبق أن عجز شعب يمتلك هذا الزخم الداخلي الكبير والدعم الخارجي من القوى الحرة في إسقاط قوة طاغية لا تمتلك أخلاق او كرامة لنفسها وتتصرف كعصابة مسلحة بتزكية من قوى الدكتاتورية معروفة بقهر شعوبها تولى رؤساءها بانتخابات مزورة وبقوى مذهبية متخلفة تنوي ردم الحضارة الإنسانية.

يمكننا أن نختصر عوامل تأخر سقوط بشار الأسد الى عاملين:

العامل الأول: اختلاف الثوار والمعارضة وعدم تمثيلهم او قيادتهم بقيادة موحدة ترضي وتقود مكونات الشعب السوري بأسلوب ديمقراطي، ففشلت القيادة الحالية للمعارضة لأن ولادتها كانت مشوهه أظهرت لون واحد غالب على كل المكونات وحاولت أن تفرضه على المكونات الأخرى وعدم قبولها بتداول القيادة حتى قبل تولي الحكم ومن اكبر أخطائها انها تكونت تحت راية (علم) البعث وفي مكان غير حيادي نظامه معادي لمكون رئيسي من الشعب السوري.

فلابد من إعادة تأسيس قيادة الثوار والمعارضة متجاوزة دكتاتورية قيادية كالتي متفشية في قيادات المنطقة وأحزابها. فأن اختلاف الثوار والمعارضة تطيل من عمر نظام بشار الأسد، فعلى القيادتين البدء باختيار القيادات الرئيسية والفرعية الآن وبطريقة ديمقراطية وقبل السقوط.

العامل الثاني: عدم وجود رؤيا واضحة لما بعد السقوط.

ولا بد من رسم سياسة واضحة لفترة ما بعد السقوط وباتفاق الجميع، فبدون وجود صورة واضحة لا يمكن أن تطمئن المكونات الشعب السوري على مستقبلها ولا تشجع على انهيار الجيش السوري والتحاقه بالثورة، فاقترح كما اقترحته في شهر شباط 2003 على احدى قيادات المعارضة العراقية بأن يتبنى الثوار نظاما فدراليا للمحافظات السورية لتجاوز أخطاء النظام العراقي الجديد حيث بدأت الأحزاب الحاكمة في بغداد بحكم مركزي مفرط بمركزيته فأخفق الحكم في بناء نظام ديمقراطي او استتباب الأمن وحرم الشعب العراقي من الاستفادة من موارده الطبيعية والدعم السخي من الدول والمنظمات العالمية التي انتهت الى التسليح وتمويل القوات المسلحة النظامية وحمايات الشخصيات الحزبية لفرض سيطرة الأحزاب على الحكم وكذلك ذهاب جزء كبير من موارده الى جيوب القيادات الحزبية على شكل عمولات او الاستيلاء على أراضى وممتلكات الدولة وإهدار المال العام وأخيراً توجه الحزب الحاكم الى دكتاتورية مقيتة، وما زال العراقي البسيط يفتقد الكهرباء تنير حياته وماء نقي يروي ظمأه والأحزاب تتصارع على الكراسي الحكم والنفوذ.

مساوئ مركزية الحكم من تقييم الحكم المركزي في العراق والدول الإقليمية:

1. أن مركزية الحكم في دولنا ركزت على تطوير وتحديث البنى التحتية في مركز الحكم وأهملت المحافظات فلو سرنا من بغداد او اية عاصمة عربية أخرى عدا الإمارات العربية المتحدة نجد تدهور الخدمات طرديا مع مسافة الابتعاد عن المركز لذلك نجد الفقراء والمعدمون يمثلون نسب 39٪ من سكان جازان أبعد محافظة سعودية في الجنوب مع العلم أن السعودية من أغنى دول العالم النفطية وتجد اسر تحت خط الفقر المدقع بنسب لا تتوافق مع غنى وموارد السعودية.

2. أن مركزية الحكم تقهر مكونات الشعب فالقوى الحاكمة في المركز تهضم حقوق المكونات الشعب، فأن الثورة الكوردستانية في العراق وضحايا الإنفال لم يكن ليحدث لو تمتع إقليم كوردستان بالحكم الذاتي عند تأسيس دولة العراق الحديثة او نفذ الطاغية صدام حسين اتفاقية الحكم الذاتي في 11 آذار 1970، وما صراع عرب الاحواز والكورد والبلوش في إيران لنيل حقوقهم الا أمثله حية لسوء وتفرد الحكم المركزي ولا ننسى قهر النظام الحكم التركي لجميع المكونات الغير التركية وحرمانهم من هويتها القومية والثقافية طوال القرن الماضي.

3. صرف موارد المحافظات على المركز بنسب لا تتناسب مع خدمات المركز للمحافظات فنرى محافظتي البصرة وكركوك من اهم موردي المركز “بغداد” لمصادرها المالية ولكن الخدمات المقدمة للمحافظتين لا تتناسب مع احتياجاتها.

4. هجرة سكان المحافظات الى مركز الحكم في الدولة للحصول على وظائف ومناصب يفتقدوها في المحافظات بسبب التركيز عملية التطوير والصرف والنهب النوعي في المركز.

بينما الأمثلة الإيجابية على اللامركزية كثيرة منها تطور إقليم كوردستان العراق بمعدلات تفوق المركز إداريا وأمنيا وعمرانيا وسياحيا وثقافيا واجتماعيا وتوفر الكهرباء والماء النقي لسكانه. فلو تجولنا في الدول الأوربية الفدرالية او حتى المركزية مع إدارات محلية كاملة القوام نرى الكثير من محافظاتها افضل من عاصمتها من الناحية الاقتصادية وتقديمها للخدمات لسكانها.

فيا ثوار سوريا اخرجوا من تحت ظل القيادات التقليدية التي ترتبط بالأنظمة الإقليمية وكونوا قيادة شابة مستقلة موحدة تؤمن باللامركزية الحكم والإدارة وتؤمن بالعدالة الاجتماعية وبحقوق المواطن لجميع مكونات الشعب السوري من عربه وأكراده ومسلميه ومسيحيه ومن سنته وعلويه ودروزه وكل مكوناته الأخرى وتعلموا من أخطاء الحكم في العراق، واحذروا من سيطرة الأحزاب فأنهم لا يسعون الا للسيطرة على الحكم وتقسيم المغانم وخلق دكتاتوريات حزبية كنخبة لها السطوة والأمر ويعتبرون أنفسهم ورثة النظام بدعوى شرعيتهم في المعارضة وإن كانوا جهلة وأُميين لا يعرفون من إدارة الحكم غير رواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى