صفحات العالم

الأسد مرتاحٌ ويستعِدُّ… لحرب مفتوحة!


سركيس نعوم

الانطباعات التي كوّنها متصلون بالرئيس السوري بشار الاسد واصدقاء له صادقون، عن شعوره حيال ما يجري في بلاده تفيد، استناداً الى قريبين منهم، انه يشعر بالارتياح والاطمئنان على رغم الضغوط الداخلية والعربية والاقليمية والدولية التي تمارس عليه بغية اسقاط نظامه. اما الباعث على هذا الشعور فهو انه كشف كل الناس داخل بلاده اي كل متعاطي الشأن العام، وصار يعرف من يقف معه بصدق ومن يعمل ضده في الخفاء، ولم تعد تغشّه مُعلَّقات المديح التي كانت تُنظَم فيه، والتي كانت تشيد بممانعته وتصديه لإسرائيل. والباعث على الشعور نفسه ايضاً هو اكتشافه حقيقة تركيا “حزب العدالة والتنمية” التي حالفها تسع سنوا ت تقريباً، وادراكه لـ”الدور التركي” الذي تطمح ان تقوم به، وهو دور الوصاية على سوريا سواء من خلال النظام الحالي في حال استجابته، او من خلال نظام آخر يقيمه الاسلاميون وآخرون بعد اسقاطهم اياه مع نظامه. والباعث على الشعور اياه ثالثاً هو اكتشافه المواقف الفعلية الدولية منه ومن نظامه ولا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا. وهو في الوقت نفسه اكتشافه حقيقة المواقف العربية منه ومن نظامه، وخصوصاً عند الدول التي طالما تواصلت معه واستجابت مطالبه وتعاونت معه على حل ازمات معقّدة كثيرة. هذا فضلاً عن اكتشافه حقيقة موقف جهة اقليمية اخرى، علماً انه كان يعرفه جيداً، هي اسرائيل. فهذه الدولة تلاقت مصالحها مع مصالح نظامه سواء في عهده او في ايام والده المؤسس الراحل. وكان لهذا التلاقي فوائد عدة لكليهما. فضلاً عن ان الدعم الروسي للنظام يبعث على الارتياح ايضاً. والباعث الرابع والاخير على شعور الاسد الإبن بالارتياح هو تأكده من صحة خياراته السياسية في الداخل السوري ومن صحة خياراته الاقليمية، والمقصود هنا حمايته بل تمتينه التحالف المزمن الذي اقامه والده الراحل الرئيس حافظ الاسد مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، ورعايته معها “حزب الله” اللبناني بجمهوره الذي اثبت ولاء ووفاء وصدقاً في التحالف وفي المواجهة ضد الاعداء سواء كانوا اسرائيليين أو تصب مصالحهم عند اسرائيل واميركا. وهو ايضاً تأكده من ان اسلحة اعدائه واخصامه في الداخل غير متكافئة مع اسلحته، وان اسلحة الخارج المتفوقة ربما على اسلحته غير جاهزين اصحابها لاستعمالها لاعتبارات عدة لعل ابرزها تلافي احتراق المنطقة وذهابها الى نحو التقسيم او التشرذم، وتالياً الفوضى وسيادة الاصوليات الاسلامية التكفيرية التي يعتبرها هذا الخارج خطراً دائماً عليه وعلى العالم كله.

في اختصار، يقول المتصلون بالرئيس بشار الاسد واصدقاؤه الصادقون انفسهم، ودائماً استناداً الى قريبين منهم، انه لا يشعر بالخوف وان الهواجس لا تُشغِل فكره وعقله. فالاوراق فتحت كلها على طاولته، ولم يعد يخشى “المستور” او المَخفي. ويقولون ايضاً إنه صار مستعداً اي جاهزاً لخوض حرب مفتوحة مع اعدائه في الداخل والخارج بصرف النظر عن الطابع الذي قد تتخذه. وما يعزز ثقته بنفسه معرفته الدقيقة بأن مصاعبه الاقتصادية الناجمة عن العقوبات المفروضة عليه، والاخرى التي قد تفرض لاحقاً، لن تدفع بلاده الى الانهيار على رغم آثارها السلبية. فإيران الاسلامية ستقدم لها نحو سبعة مليارات دولار اميركي سنوياً، وهذا عمل تستطيع ان تقوم به نظراً الى امكاناتها النفطية والغازية والمالية الضخمة. ولبنان لن يكون جزءاً من العملية ضده او حتى ساحة العمليات ضده. فـ”حزب الله” وحلفاؤه هم متنفس النظام في سوريا. وقدرتهم على التحكم بالأمور وعلى مساعدة بشار في حربه على نحو مباشر موجودة. وهي ستُمارَس اذا شعر بالحاجة اليهم. ويُعتقَد ان هذه الحاجة ستبرز، وان “الحرب” اذا “فتحت” في سوريا سيصبح لبنان جزءاً منها”.

من يحلل انطباعات هؤلاء الاصدقاء يُكوِّن انطباعاً جديداً، هو ان الرئيس الاسد لا يتحمّل مسؤولية ما يحصل في بلاده منذ ثمانية اشهر، وإن المسؤولية كلها تقع على الخارج العربي والاقليمي والدولي او غالبيته وعلى قسم مهم من الداخل، وعلى تيارات اسلامية اصولية (سنّية) عنفية وتكفيرية. فهل هذا الانطباع في محله؟ ومن يحاول معرفة ما هو المقصود بـ”الحرب المفتوحة” التي قرر الاسد ان يشنها على اعدائه في حال استمر استهدافهم له، وما هو اطارها، وما هي ساحتها وما هو عنوانها، او ما هي الصفة التي ستلتصق بها في النهاية، هل ينجح في المعركة؟ وهل ان نظاماً واحداً في المنطقة على اهميته ودوره الاقليمي الواسع سابقاً والضامر ربما حالياً يستطيع ان يخرب المنطقة؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى