صفحات الناس

اللاجئون السوريون –مقالات متنوعة-

اللاجئون بين ثقافتي التفاعل والنفي/ نجاتي طيّارة

لطالما كان المهجر أو المنفى محطة مؤقتة، في معظم انشغالات المفكرين والأدباء العرب. ولذا، انطبعت معظم نتاجاتهم بطابع الحنين والتوق، بما في ذلك، من تشوق وذكرى وألم وفراق، ورفع الوطن المتروك أو الطارد إلى مصاف جنة الأحلام التي لا ينفكّون عن مناجاتها وتمني العودة إليها، ولو بعد الموت، كما عبر عنه الشاعر المهجري، نسيب عريضة، في قصيدة شهيرة له: هلْ عودةٌ تُرجى وقد فاتَ الظَّعنْ/ عُدْ بي إلى حمص ولو حشْو الكفنْ.

في تلك المرحلة، مثلت مدن الغرب مكاناً افتراضياً للهجرة والمغامرة والتجدد، على الرغم من أنها كانت تعاني أوضاعا متوترة، وثقافاتها مطعمة بالعنصرية والكراهية، بينما سياستها تصدّر الاستعمار، وتجلب اللاجئين يداً عاملة رخيصة من مختلف بلدان العالم الثالث. أما مدن الشرق فكانت خارج سياق تلك المقارنة. مثلاً، كان السياسيون والمثقفون السوريون الهاربون من الملاحقة في بلدهم يلجأون إلى بيروت، فيجدون فيها واحة من الأمان والحرية والانفتاح، وتنتشر منتدياتهم في مقاهي الحمراء والروشة والبسطة، إلى حين تغير الحال في دمشق، وينقلب الوضع، وما كان أسرعه بين فترة وأخرى. وذلك قبل عهد حافظ الأسد الذي سرعان ما استقر وتأبد، وامتد بطشه إلى لبنان، فافتقد السوريون واللبنانيون، معاً، ذلك الملجأ بما عرف عنه من أمان وحرية وانفتاح.

كذلك كانت القاهرة وتونس والجزائر وبغداد وغيرها، ففي هذه العواصم، ازدهرت منتديات اللاجئين العرب، وتطورت مساهماتهم الثقافية والسياسية، ومنها عاد بعضهم إلى قيادة المراحل الجديدة في بلده، وكان من أبرزهم قادة الثورة الجزائرية. لكن، منذ سيطرة الأنظمة الوطنية الجديدة، والعسكرية منها تحديداً، لم يعد مثل هذا الملجأ المؤقت متوفراً في العواصم والمدن العربية، فقد صارت كلها طاردة، لا ترحب باللاجئ العربي، وتحتاج إلى موافقة أمنية لزيارتها، بل لا تسمح أغلبها بدخول المثقفين والسياسيين، بل وتهددهم أيضاً. وذلك فضلا عن أن أوضاعها أصبحت لا تشجع ولا تغري، بالمقارنة مع ما صارت إليه أوضاع المدن الأوروبية التي استقرت اقتصادياً وسياسياً، وازدهرت في عصر العولمة، فشهدت انتشار ثقافة حقوق الإنسان وسيادتها، وخصوصاً منها الاعتراف باللاجئين وحقوقهم.

“يبقى مفهوم الملجأ مشدوداً بين قطبي تعويض الملاذ الآمن والمنفى، مع استمرار رحلات الموت التي تواجه اللاجئين المهربين في البحر وعلى الحدود اللاشرعية، وبين أجواء مخيمات اللجوء الجماعية، طالما بقي اللجوء مهرباً لا مطلبا”

وليس المقصود بهذه المقارنة، الإلحاح على مكانة العامل السياسي طرداً أو جذباً على أهميته، وهي مسلم بها، بل عرض جانب آخر، أصبح ملحاً ومتجددا مع تفاقم الأعداد المليونية للاجئين السوريين وغيرهم، في ظل استطالة لجوئهم، واستمرار اضطراب أوضاع بلادهم. وهو جانب ارتبط ببروز سياسة جديدة في بلدان اللجوء، لا تسعى فقط إلى إدماج اللاجئين في مجتمعاتها، وحل مشكلات التوتر البديهي بين الثقافات المختلفة، بل هي تتقصد الانفتاح على اللاجئين، وعلى ثقافاتهم ومساهماتهم، انطلاقا من نظرة إيجابية للمنفى، تعبر عن كوسموبوليتية العالم، وتقول بعائديته لجميع بني البشر. وإذ تلجأ لتجسير الفوارق الثقافية فهي تعترف بالتنوع الثقافي، وتغتني به، كما هو شائع مجدداً.

وهو ما يذكّر بما قاله المفكر والأديب اللبناني المهجري (ميخائيل نعيمة) قبل حوالي قرن: “أنا شطر الإنسانية الساكت… ولذلك، لا وطن لي، ولو كان لي وطن، لتبرأتُ منه، لأن العالم في نظري واحد لا يتجزأ. وإذا كان لا بد من وطن، فهذا العالم الذي لا يتجزأ هو وطني”.

بذلك، تتغير الدلالة السابقة للملجأ أو المنفى، فيصبح مكان تلاقح وتعدد وتفاعل إبداعي، يعطي أفقا إنسانياً ومعنى جديداً. وهذا ما أبرزه انعقاد الملتقى الدولي باريس/مكسيكو مدن الملجأ، أوائل يونيو/حزيران الجاري، وشاركت فيه بوصفي ضيفاً على بلدية باريس وشبكة مدن الهجرة للكتاب (ICORN)، وهما اللتان نظمتا الملتقى، بالمشاركة مع بلدية مكسيكو. انصبت جلسات هذا الملتقى على مناقشة المفاهيم والمعاني العديدة المرتبطة بفكرة المدينة المفتوحة أمام الكتاب والفنانين اللاجئين أو المهاجرين، الأمر الذي مثلته هاتان العاصمتان منذ قرون، وصارت ثقافتهما وتاريخهما مرتبطين بنتاجاتهم وإسهاماتهم، ما كرّس قيم التعددية الثقافية، وانفتاح المجتمع فيهما، إلى درجة أنه لم يعد ممكنا التمييز بين الطابعين العالمي والوطني أو المحلي لكل منهما. فمن يستطيع فصل نتاجات بيكاسو ودالي الاسبانيين، وكذلك موديلياني ويوجين أونسكو وسترافنسكي وآنا بافولوفا عن باريس. أو تروتسكي أو وماريا لويزا ومارجو ومحسن العمادي عن مكسيكو.

وقد احتفى الملتقى بمفهوم مدينة الملجأ الذي طالما عبرت عنه المدينتان/ العاصمتان، وكانتا من أهم ساحات تجليه منذ القرن العشرين. وبين جدران قاعة الاحتفالات الرئيسية الفاخرة في مبنى بلدية باريس، والمغطاة بلوحات عصر النهضة المحتفلة بالطبيعة والجمال الفاتن، انتصبت لوحات جدارية لبعض المذكورين أعلاه، من أبرز الفنانين والكتاب والمفكرين والسياسيين اللاجئين، أو المهاجرين الذين عرفتهم المدينتان، منذ بداية القرن الماضي. وخلال ندوات الملتقى وجلساته، نوقشت مفاهيم اللجوء والهجرة والإبعاد والنفي والغربة والرحيل، وما مثلته مدينة الملجأ المعاصرة من انفتاح على الثقافات المتعددة، وعلى تمازجها، فاغتنت به، واغتنى اللاجئون بدورهم معه.

وكل ما سبق لا ينفي وجاهة نظرات أخرى، تتجاوز تداعيات الحنين المرضي إلى نقد الثقافة الإنسانية الجديدة للملجأ، سواء كان ذلك باعتبارها منفى مضاعفا، يتم بواسطته تبرير نفي اللاجئين عن محيطهم وأقرانهم، وعن تعبيراتهم بلغتهم، أو موادهم الأصلية، وبدون ذلك يتشوه كل إبداع. أو سواء، باعتبار أن ثقافة الملجأ الجديدة، تمثل حلاً أخلاقياً لمواجهة تمزق العالم واضطرابه المستمرين، تحت ادعاءات وحدته العولمية الجديدة.

وبذلك، يبقى مفهوم الملجأ مشدوداً بين قطبي تعويض الملاذ الآمن والمنفى، مع استمرار رحلات الموت التي تواجه اللاجئين المهربين في البحر وعلى الحدود اللاشرعية، وبين أجواء مخيمات اللجوء الجماعية، طالما بقي اللجوء مهرباً لا مطلبا، على الرغم من كل الإغراء الجديد المكرس في فكرة الملجأ مجالاً حراً ومفتوحاً، أمام تفاعلات التعدد والإبداع.

العربي الجديد

 

 

 

 

النزوح السوري الكبير: عار العالم

تقدّم الصحافية الأمريكية بيلين فيرنانديز في مقالة بعنوان «دليل اللاجئين للعطلات الصيفية» مقاربة مؤلمة تسخر وتنتقد الصحافة اليمينية البريطانية التي توظف قضية اللاجئين السوريين إلى جزيرة كوس اليونانية لوصف «معاناة» السياح البريطانيين الذين دفعوا المال للتمتع بعطلة صيفية فإذا بهم يعيشون «كابوس» وجود آلاف المهاجرين الفقراء السوريين أمامهم.

تعتبر فيرنانديز أن اللاجئين يتعرضون لأشكال متعددة من الاضطهاد والمعاناة كعقوبة لهم على إحراجهم الغرب بوجودهم، وتروي قصة عن لاجئ فلسطيني من سوريا حكى لـ»هيومن رايتس ووتش» كيف قام صاحب مطعم برشه بمبيد الحشرات، وهي حكاية روى مثلها لاجئون آخرون عن قيام سلطات أوروبية بتعريتهم تماماً ورشّهم بموادّ «مطهّرة».

في تقريرها السنوي المعنون «عالم في حرب» أعلنت الأمم المتحدة أنه في العام الماضي كان معدل اللجوء في العالم هو 42500 شخص في اليوم الواحد وهو ما جعل عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من بيوتهم وبلدانهم يصل إلى «مستوى قياسي» (على حد تعبير المفوضية العامة للاجئين) هو 60 مليون شخص، نسبة الأطفال منهم أكثر من النصف.

وأشارت المفوضية إلى ان الارتفاع الكبير بدأ منذ عام 2011 مع اندلاع النزاع السوري الذي بات يعتبر سبباً لأكبر عملية نزوح للسكان في العالم على الإطلاق، حيث سجل شعبها 7.6 مليون نازح حتى نهاية عام 2014.

تعتبر تركيا أكبر بلد مضيف للنازحين السوريين فقد استقبلت ما يعادل مليونين ومئتي ألف لاجئ وهو الأمر الذي جعلها البلد الأول في استضافة اللاجئين في العالم، وأشار المفوض العام للاجئين في الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس «إن التضامن الدولي ضعيف جدّاً أمام الجهود التركية»، وقد فتح هذا البلد، بحسب غوتيريس، «أبوابه أمام العراقيين والسوريين، بينما هناك الكثير من الحدود المغلقة أو المقيدة، وفي الوقت الذي تبنى فيه الجدران الجديدة أمام اللاجئين».

يلمح غوتيريس في قوله الأخير إلى مشروع هنغاريا لبناء جدار على حدودها مع صربيا لوقف تدفق المهاجرين. يمتد مشروع الجدار على مدى 175 كيلومترا ويرتفع أربعة أمتار، وهو ما يثير مفارقة كبرى لأن وجود هنغاريا ضمن الاتحاد الأوروبي ونظامها السياسي الحالي يدينان كثيراً لسقوط جدار برلين الشهير الذي بدأ بسببه مشروع انفتاحها على أوروبا الغربية.

كما يذكر السور المزمع بناؤه بجدار العزل الذي تسجن فيه إسرائيل الشعب الفلسطيني وبعموم أسوار العار، وهي أسوار يحاول أن يقيمها أغنياء وأقوياء ومتكبرون كانوا في يوم من الأيام فقراء وضعفاء ومهانين.

يستهول الكثيرون من سكان الدول العظيمة والقوية والغنية وصول نسبة ضئيلة جداً من المهاجرين إليهم (عدد السوريين اللاجئين إلى الولايات المتحدة الأمريكية لم يتجاوز 800 وعدد الذين قبلت بريطانيا لجوءهم أقل من 150 شخصا) وهو ما يثير الازدراء فهذه الدول ذات النفوذ والتأثير الهائلين على سياسات العالم، مسؤولة مباشرة عن المآل الخطير الذي آلت إليه الأمور في المنطقة العربية فهي التي رعت ولادة دولها وكياناتها، وهي التي كوّنت إسرائيل وسلّحتها ورعت همجيتها، وهي التي شجعت انقلابات العسكر على الديمقراطيات، ثم انقلبت على العسكر واجتاحت المنطقة باسم الديمقراطية!

تختصر هذه الأرقام المأساة العربية بحروف كبيرة ولكنها أيضاً تمسخ البشر وتحولهم إلى مجرّد أرقام وتفرغ قصص الرعب والأهوال والإهانات الفردية من تفاصيلها التي يعاينها الفارون المخاطرون بحيواتهم وأطفالهم وأموالهم، وتعيدنا إلى دائرة الملامة السياسية عن المسؤول: الأنظمة العربية المتوحشة أم السياسات «المتحضرة» التي صنعتها وحافظت عليها.

القدس العربي

 

 

 

لبنان: اللاجئون السوريون “مدفوعون إلى الحافة”/ إلهام برجس

سياسة الأبواب المفتوحة التي اتبعها لبنان أمام اللاجئين السوريين قبل العام 2015، خطوة مقدّرة ومشكورة له. أمّا الإجراءات التي يتخذها بحقهم منذ كانون الثاني 2015، فتتعارض مع الأعراف الدولية في مجال حقوق الإنسان، لا سيما “مبدأ عدم الرد”. وبين تشريع الأبواب، وإقفالها بالمطلق، أزمة لجوء تنصل منها المجتمع الدولي وتحملها لبنان بما يتخطى قدراته.

ما تقدّم، يلخّص تقريباً، المعادلة التي يطرحها التقرير الصادر عن “منظمة العفو الدولية” بعنوان: “مدفوعون الى الحافة: اللاجئون السوريون يواجهون قيوداً متزايدة في لبنان”، عشية الإحتفال باليوم العالمي للاجئين في 20 حزيران المقبل. يناقش التقرير، الذي أطلق اليوم (الإثنين) في نقابة الصحافة في بيروت، تعامل لبنان مع أزمة اللجوء السوري، والمعايير الجديدة التي اعتمدها لمنح تصاريح إقامة ومخالفتها لمبدأ “عدم رد اللاجئ الى دولة يتعرض فيها للإضطهاد من جديد”، وتقصير المجتمع الدولي الفاضح وإنعكاس ذلك على السلوك اللبناني تجاه الأزمة، بالإضافة الى مجموعة من التوصيات على الصعيدين اللبناني والدولي.

“يستضيف اليوم لبنان حوالي 1.2 مليون لاجئ من سوريا” يخضعون لمنظومة من التدابير الرسمية “المقيدة لإمكانية حصولهم على الحماية”. مليون ومئة وثمانون ألف لاجئ من بين هؤلاء تم تسجيلهم لدى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. أما غير المسجلين، فسيبقون على هذه الحال الى حين “إعتماد آليات جديدة لتسجيل اللاجئين”، وفقاً لما أوعزته السلطات اللبنانية الى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. تعتقد الأخيرة بحسب التقرير أن “معظم غير المسجلين لديها بحاجة الى الحصول على الحماية”.

يسجل التقرير تراجعاً في عدد اللاجئين الذين يسجلون أنفسهم شهرياً بـ”نسبة 80% خلال الأشهر الثلاث الأولى من عام 2015 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق”. هذا التراجع الذي يعكس بوضوح “توقف السوريين فعلاً عن طلب اللجوء الى لبنان” هو النتيجة المباشرة للإجراءات الجديدة بحقهم.

في الفترة الممتدة بين آب 2013 وأواخر العام 2014 بدأت الحكومة اللبنانية بتضييق الخناق على الفلسطينيين القادمين من سوريا، فإشترطت عليهم الإستحصال على تأشيرة دخول بضمانة من كفيل لبناني. تلا ذلك إعلان الحكومة اللبنانية “السماح فقط للسوريين المقيمين في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية بدخول لبنان”. لاحقاً، بدأت البلديات بتقييد حق التنقل للاجئين المقيمين في نطاقها، وهو إنتهاك “فرضته 45 بلدية في مختلف أنحاء لبنان”. مع بداية العام 2015 بدأت الدولة اللبنانية بتنفيذ قرار حكومتها القاضي بـ”ضرورة تلبية السوريين الراغبين في دخول الأراضي اللبنانية لشروط معينة وإبراز وثائق محددة تثبت الغرض من دخولهم لبنان ضمن واحدة من بين سبع فئات”.

والحال أن لبنان الذي يتعامل مع “أكبر نسبة تركز للاجئين قياساً بكل مواطن، على صعيد العالم” يعاني من الضغوط التي تتضاعف “في ظل القصور الشديد في استجابة المجتمع الدولي”. يوضح التقرير لهذه الناحية أن نسبة تمويل الأزمة هي “18% من حجم النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة لمساعدة لبنان على التعامل مع أزمة اللجوء السوري”. ينعكس هذا العجز في التمويل على لبنان كدولة، وعلى اللاجئين الذين يتلقون “قسائم غذائية شهرية تقدر بحوالي 19 دولاراً أمريكياً فحسب، أي حوالي 63 سنتاً يومياً في بلد يبلغ فيه ثمن ربطة الخبز دولاراً واحداً”.

أما على صعيد إعادة توطين اللاجئين السوريين، فـ”لم توفر البلدان من خارج المنطقة سوى 4500 فرصة لإعادة التوطين”. بالتالي، يقتصر هذا الرقم، وفقاً للتقرير، على “تلبية إحتياجات 0.04 في المئة فقط من مجموع اللاجئين الموجودين في لبنان حالياً”.

إذاً، “لا تقع مسؤولية حماية اللاجئين وصون حقوقهم على عاتق لبنان وحده”. فالتعامل مع أزمة لجوء كالتي يواجهها لبنان، يحتاج الى “تطبيق نظام عالمي فعّال لحماية اللاجئين”. الأمر الذي يتطلب بدوره، تكريس مبدأ “تقاسم الأعباء والمسؤوليات” على صعيد المجتمع الدولي ككل. في المقابل، وعلى الرغم من التقصير الدولي فإن ذلك لا يبرر بالنسبة لمنظمة العفو الدولية “فرض القيود الجديدة على اللاجئين”.

يشير التقرير إلى حجم الأزمة، وإلى الدور الأساسي الذي يلعبه المجتمع الدولي في تفاقمها. ويركز بشكل أساسي على مبدأين لا يجوز المساس بهما، أولهما “تقاسم الأعباء والمسؤوليات”، الذي يقع على عاتق الدول في إطار دورها المفترض في الحفاظ على السلام الدولي. والثاني يتعلق بضرورة إلتزام لبنان بعدم رد الفارين من النزاع في سوريا إليها.

إستعادة التوازن الإنساني في ظل هذه الأزمة يحتاج بالتالي إلى “إتاحة الحدود اللبنانية أمام الفارين من سوريا من دون تأشيرة دخول، والحرص على عدم ردهم”. الأمر الذي يتطلب من الحكومة اللبنانية “المبادرة الى إلغاء جميع التعليمات الصادرة عنها الى المسؤولين على الحدود اذا كانت تخالف مبدأ عدم الرد”. يضاف الى ما سبق، ضرورة “وقف تعليق تسجيل اللاجئين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين”. توصي منظمة العفو الحكومة اللبنانية أيضاً، بـ”السماح للاجئين غير النظاميين بتصويب أوضاعهم، ووضع حد لممارسات توقيف اللاجئين وإحتجازهم بداعي إنتهاء صلاحية إقاماتهم”.

أما المجتع الدولي، فيقع على عاتقه “زيادة المساهمات المالية بشكل ملموس”. بالإضافة الى “زيادة عدد فرص إعادة التوطين والقبول للإعتبارات الإنسانية المخصصة للاجئين السوريين الذين يستضيفهم لبنان وغيره من بلدان الجوار، بحيث يصل مجموع الفرص الى 380 ألف فرصة مع نهاية العام 2016”.

المدن

 

 

 

 

 

لاجئو سورية يستقبلون رمضان بضنك العيش/ عمان ــ ينال نواف البرماوي

يدعو اللاجئون السوريون الله في الأردن أن يكون شهر رمضان الكريم هو الأخير لهم في الغربة، حيث اضطروا إلى اللجوء لدول أخرى ينشدون فيها الحد الأدنى من العيش الكريم، بعد أن دمرت حرب النظام السوري منذ اندلاع الثورة في عام 2011 سورية، وحولت معظم مدنها إلى مناطق مهجورة ومدمرة تخلو من الحد الأدنى لأسباب الحياة.

وعلى بعد بضعة كيلومترات تفصلهم عن بلدهم سورية، يتوق اللاجئون السوريون في الأردن إلى مدافع رمضان التي أخمدتها مدافع الحرب وشلالات الدم، وما يزيد من أوجاعهم، أن هذا العام سيكون الأقسى عليهم من حيث صعوبة الأوضاع المعيشية وعدم قدرتهم على تدبر احتياجاتهم في شهر رمضان، بسبب ارتفاع الأسعار، وخاصة مع تخفيض قيمة المساعدات التي يحصلون عليها من الأمم المتحدة، فيما تم إيقاف تلك المعونات عن آلاف الأسر.

وقرر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، مؤخراً، تخفيض قيمة قسائم المساعدات المالية لـ 239 ألف لاجئ سوري في الأردن، حيث حرم من المساعدات 34 ألف لاجئ، بعد تأكيد البرنامج على أن مساعداته الغذائية ستعطي الأولوية للاجئين الأكثر احتياجاً. كما تم تخفيض حصة اللاجئ السوري من 33.84 دولاراً شهرياً إلى 14 دولاراً، وهو ما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية، ولا سيما في مخيمات اللاجئين التي تعاني نقصاً في الخدمات والسلع.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن حوالى 1.4 مليون لاجئ، يقيم بعضهم في مخيمات أقيمت خصيصا لهم، أكبرها مخيم الزعتري في مدينة المفرق شمال شرق البلاد، والآخرون يعيشون في المدن والقرى.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يخفض فيها برنامج الأغذية مساعداته للاجئين، بل قام بتخفيض أعدادهم قبل ذلك بنحو 15 %، في إطار تخلي المجتمع الدولي عنهم.

وقال رئيس ملف مساعدات اللاجئين السوريين في جمعية التكافل الخيرية، نضال عبيد الله، لـ” العربي الجديد”، إن المساعدات المقدمة للاجئين السوريين في الأردن انخفضت بنسبة تصل إلى 90% العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، وذلك لعدة أسباب، من أهمها توجه المساعدات لبلدان أخرى مثل اليمن.

وأضاف أن الأمم المتحدة أوقفت أيضا المساعدات الخاصة بالمعالجات الطبية، وخفضت قيمة المساعدات المقدمة للاجئين السوريين وبنسبة كبيرة، مشيراً إلى أن جمعية التكافل التي تعتبر من أكبر جمعيات إغاثة السوريين في الأردن وتعمل بشكل خاص شمال البلاد التي يتركز فيها غالبية اللاجئين، تلقت العام الماضي تبرعات بحوالى 7.5 ملايين دولار.

وأوضح عبيد الله أن من بين 4 آلاف أسرة سورية كانت تتلقى مساعدات من الجمعية سنوياً، أمكن حتى الآن تأمين طرود غذائية لـ1700 أسرة فقط، تتراوح قيمة الطرد بين 70 دولاراً و 107 دولارات.

اللاجئ السوري، محمد الخالدي، أكد لـ “العربي الجديد”، أن تراجع المساعدات المقدمة للاجئين السوريين في الأردن زاد معاناتهم، وأنهم يمرون بظروف معيشية صعبة خاصة مع حلول شهر رمضان، مشيراً إلى أن الآثار السلبية لقرار الأمم المتحدة، تخفيض قيمة الكوبونات المخصصة لهم، طالت جميع اللاجئين.

وأوضح أنه في شهر واحد فقط تم وقف المعونات عن 200 أسرة سورية بحجة وجود شخص عامل من الأسرة.

وقال الخالدي إن حلول الشهر الفضيل له فرحة ونأمل أن يعود الأمن والأمان لسورية .. في هذا الشهر افتقدنا طقوس رمضان الخاصة بالعائلة السورية، وضرب مدفع رمضان، وتناول الأطعمة السورية، التي كانت تعد في مثل هذا الشهر، وذلك بسبب تأزم الأوضاع المعيشية فمظاهر رمضان الحياتية للسوريين لم يعد معظمها قائماً في أماكن اللجوء.

ويشاطر اللاجىء، أحمد عفلق، مواطنه الخالدي المشاعر التي تختلج في صدور اللاجئين السوريين وحرمانهم من قضاء شهر رمضان المبارك في بلدهم بقوله: “إننا نواجه أزمات اقتصادية خانقة في الغربة، وللأسف لا توجد مصادر دخل لمعظم اللاجئين في ظل عدم توفر فرص عمل”.

وأضاف عفلق، لـ “العربي الجديد”، أن “العائلات السورية باتت تعيش في الشتات ما بين الأردن ومصر وبعضها في سورية وبلدان أخرى، وأن العلاقات الاجتماعية مع أسر أردنية لا تغنينا عن جمعات الأهل والأقارب”.

وقال إن معاناة اللاجئين السوريين تزداد للقاطنين في المخيمات، التي أقيمت خصيصا لهم، فإن الأمور أسوأ بكثير مقارنة بمن يعيش من السوريين في المدن والأرياف.

ولم يخف أن الأوضاع المعيشية الصعبة، التي يمر بها اللاجئون السوريون، تزداد مع حلول شهر رمضان، وما يصاحبه من ارتفاع في معدلات الاستهلاك وزيادة احتياجات الأسر.

وأطلق الأردن نهاية العام الماضي خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2015، والتي تضمنت الجانبين الإنساني والتنموي لمواجهة الأزمة السورية وآثارها عليه.

ويبلغ إجمالي التمويل المطلوب لتنفيذ هذه الخطة الوطنية ليصل حوالى 2.87 ملياري دولار موزعة لدعم مباشر لموازنة الحكومة بقيمة 1.061 مليار دولار، وتمويل برامج ومشاريع تنسجم مع أولويات وخطط التنمية الوطنية في القطاعات المتأثرة بتواجد اللاجئين السوريين بقيمة 916 مليون دولا،ر بالإضافة إلى الحاجة لحوالى 889 مليون دولار لتنفيذ مشاريع وتدخلات إنسانية تستهدف الأردنيين واللاجئين السوريين معاً.

وشملت الخطة مشاريع وبرامج تنموية في قطاعات التعليم، والطاقة، والبيئة، والصحة، والعدل، والسكن، والمياه، والنقل، والحماية الاجتماعية، وسبل العيش الكريم بالإضافة إلى متطلبات دعم الخزينة لتغطية الزيادة الحاصلة على التكاليف الأمنية والدعم الحكومي للسلع والمواد المختلفة جراء تداعيات الأزمة السورية، كما ستغطي الخطة الأنشطة التي تلبي احتياجات اللاجئين السوريين المتضررين من الأزمة السورية.

العربي الجديد

 

 

 

 

نجوم العالم يروون اللجوء السوري.. والمفوضية تهمل الترويج/ وليد بركسية

ترتدي كيت بلانشيت جينزاً بسيطاً وقميصاً أسود عادياً، مع نظارات كبيرة على وجهها الخالي من المساحيق متحدثة بعاطفة عميقة وهدوء. تبدو إنسانة عادية بعيدة عن هالة النجومية المرافقة لممثلات هوليوود. فالاطلالة الأخيرة للنجمة الأسترالية، انسانية بحتة، تأتي ضمن مساهمتها في حملة عالمية  بمناسبة اليوم العالمي للجوء والذي يصادف في 20 من الشهر الحالي.

غير أنه، من المخجل ألا يصل عدد مشاهدات الفيديو لنجمة عالمية بحجم ومكانة بلانشيت الى اكثر من 700 مشاهدة في 3 أيام كاملة منذ بث الفيديو عبر قناة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، في “يوتيوب”. لا تتحمل بلانشيت مسؤولية نشر الفيديو، بل مفوضية اللاجئين نفسها التي بدت مقصرة بالترويج للحملة ككل، وهو تقصير معيب غير مفهوم بتاتاً. اكتفت بلانشيت بظهورها ومساهمتها في العمل الإنساني، في وقت تأخرت المفوضية 5 أشهر قبل مواكبتها زيارتها للاجئين السوريين في لبنان، حيث أعلنت عن هذه الخطوة، عبر موقعها، بعد 5 أشهر من الزيارة.

تقول بلانشيت في الفيديو: “أحمد كأي فتى آخر في الرابعة عشرة من العمر، يحلم أن يصبح طياراً وهو يحب التمثيل، لكنه أيضاً لاجئ. أجبرت عائلته على ترك سوريا تاركين كل شيء خلفهم، وهو يعيش اليوم في ظل ظروف سيئة للغاية، أرجوكم تعرفوا على قصة أحمد”، ثم يختلط صوتها بصوت أحمد المرهق وهو يتحدث عن أحلامه المستقبلية وعن حنينه لسوريا في المنكوبة، مع فتح المجال لعرض أحمد أمام العالم كإنسان طبيعي يحلم ويمتلك هوايات ويحب ويكره، صفة اللجوء المسدلة عليه هي حدث طارئ وليست جزءاً من التكوين البشري.

الممثلة الأسترالية الحاصلة على الأوسكار مرتين تتصدر الأسماء الداعمة للحملة الجديدة التي تتخذ طابعاً إنسانياً بحتاً، فنراها في مقطع فيديو قصير تدعو العالم للتعرف على قصة أحمد. وهي حملة عالمية أطلقتها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة “UNHCR” لدعم اللاجئين حول العالم، وبالتحديد اللاجئين السوريين على اعتبار أزمة اللجوء السوري أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك لإيصال فكرة واحدة: “اللاجئ هو إنسان عادي يعيش ظروفاً استثنائية عصيبة”.

وفي مقطع فيديو  آخر، يظهر الكاتب الأفغاني – الأميركي خالد حسيني من أحد مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن، ويعرض لجمهور قصة الفتاة السورية “مزن” التي تؤمن بأهمية التعليم في المجتمع وتحاول نشره بين اللاجئين في المخيم، وتتحدى الكثير من العادات السورية البالية كالزواج المبكر. وبرغم أن عمرها 16 عاماً فقط، تبدو الشابة السورية بابتسامتها الدائمة، كقائدة ملهمة بروح مجتمعية عالية، وتقدم قصة مثيرة للإعجاب حول تجاوز خسارة كل شيء والتعامل مع الواقع الحالي بروح إيجابية من أجل صناعة مستقبل أفضل.

“إذا لم أعمل فعلى عائلتي أن تقترض مزيداً من المال، علي أن أفكر بنفسي كشخص ناضج الآن”، بهذه الكلمات يصف محمود (12 عاماً) حياته الجديدة لمغني الـ R&B الإسلامي سويدي الجنسية ماهر زين، الذي التقاه في زيارة إلى مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان. محمود يعمل حالياً في مجال البناء إضافة لعمله الآخر في مقهى.

وربما يكون مقطع المخرج والممثل البريطاني ديفيد موريسي مع عائلة “آلاء” في مدينة الزرقا الأردنية، هو الأكثر حساسية لتعامله مع عائلة كاملة وتناقضات الحياة السابقة مع الأحلام التي قد لا ترى النور، قبل التركيز على “آلاء” (12 عاماً) التي تحلم أن تصبح مهندسة ديكور. القصة المحزنة التي ينقلها النجم البريطاني إلى جمهوره تبدأ من رحلة التشرد الأولى في حمص وصولاً إلى أمل إعادة التوطين في مدينة جديدة ووطن جديد، مروراً بعرض سريع لهموم وأحلام عائلة كاملة دمرتها الحرب ومناظر القنص والقتل والدمار، وأجبرتها الحياة على الانكسار في مدينة غريبة وظروف حياة صعبة، دون أن يؤثر ذلك على الأمل بغد أفضل.

لا تتوقف الحملة عند كبار المشاهير الداعمين للعمل الإنساني الذي تقوم به مفوضية اللاجئين حول العالم، بل تفتح المجال أمام الناس العاديين للانخراط عبر دعم الحملة ومشاركة قصص اللاجئين ونشر بوسترات الحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لإيصال فكرة واحدة أن “اللاجئ هو إنسان عادي يعيش ظروفاً استثنائية عصيبة”.

لكن الهدف السامي للحملة، يفتقر الى الترويج، فتضيع جهود النجوم العالميين، هباء منثوراً!!!

 

 

http://www.unhcr.org/refugeeday/cate/?utm_source=YouTube-CateBlanchettAhmed&utm_medium=social&utm_campaign=WRD2015

المدن

 

 

لاجئون سوريون وأوهام الحياة الرغيدة في ألمانيا/ برلين – يارا وهبي

عندما تطأ أقدام اللاجئين السوريين أرض ألمانيا، يعتقد بعضهم منهم أن المعاناة إنتهت وستبدأ مرحلة جديدة من حياته مليئة بالمفاجآت السارة والتعويض عما خسره سواء من جراء الحرب في بلاده أو من جراء المعاناة التي عاشها في بلدان الجوار ريثما تمكن من تأمين لجوء رسمي من طريق الأمم المتحدة أو الوصول سالماً عبر «قوارب الموت».

الصدمات تبدأ بعد أيام قليلة من الوصول، ربما أولها هو أن مراكز الإستقبال مزدحمة باللاجئين الذين ينتظرون قبول أوراقهم، والذين دخلوا ألمانيا بطريقة غير شرعية، علماً أن الوضع مختلف إلى حد ما بالنسبة للقادمين عن طريق الأمم المتحدة. ثم يدخل طالب اللجوء بدوامة المراسلات الورقية والرسائل التي يتلقاها في شكل دائم، والمنصوصة غالباً من دون ترجمة إلى العربية. وتنجلي الصورة تدريجاً، إذ يكفي مبلغ من المال لبعض التنقلات والطعام. وقت طويل يمضيه اللاجئ في الإنتظار، وغالبية مراكز الإحتضان تعاني من مشكلة الانترنت، فهو إما غير متوافر أو على اللاجئ دفع مبلغ مالي ليس بقليل للحصول عل هذه الخدمة. زيارة الطبيب وشرح ما يشعر به المريض ووصف حالته قصة أخرى نظراً لعدم تكلّمه الألمانية، ومن ثم الإنتظار ليأتي دوره لدخول أحد معاهد اللغة التي تشهد طفرة إستثنائية في عدد الطلاب، ناهيك عن صعوبة تعلّم اللغة والحصول على فرصة عمل، ما يعني أن اللاجئ سيعيش وقتاً طويلاً معتمداً على المساعدات المالية المقدّمة من الحكومة، التي لا تسدّ أكثر من الحاجات الأساسية.

كما أن المشكلات التي تواجه السوري والموظف الألماني معقدة بعض الشيء لناحية الفكرة المأخوذة عن الحياة في ألمانيا، فالعائلة السورية المؤلفة من عشرة أطفال مع الأب والأم، قدمت لجوءها من طريق الأمم المتحدة، ولا تعرف الكثير عن آلية الحصول على موعد لزيارة طبيب لا سيما أن بعض الأطفال يعانون من «صرع» وآخرون من «حبة حلب» غير المعروف في ألمانيا، وبالتالي لا يملك الأطباء خبرة واسعة في معالجتهما، ما يجعل الأهل دائمي التأفف والشكوى.

وعموماً المقيمون في ألمانيا معتادون على البيروقراطية، لكن اللاجئ لا يعرفها ولم يعتدها، خصوصاً أن كل حق من حقوقه يخضع لسلسلة من الإجراءات الحكومية حتى يرى النور، ويصبح قابلاً للتطبيق. بالنسبة إلى الموظف الألماني فإنه يطبّق القانون، وبالنسبة لبعض السوررين فما يواجهونه مماطلة. وكما يؤكد أحد الآباء: «قال لنا موظفو الأمم المتحدة عندما تصلون إلى ألمانيا سيتولون أموركم جميعها: المسكن والطبابة والراتب الشهري، كل شيء هو من مسؤوليتهم». من حيث المبدأ الأمر صحيح، لكن الموظفة المسؤولة عن ملف عائلته توضح: «على سبيل المثال، لا يوجد في مدينتنا منزل كبير يتسع للعائلة، وبعد جهد حصلنا على عرض من مالك أحد الأبنية، بأن نفتح شقتين متقابلتين على بعضهما بعضاً لتصبح منزلاً كبيراً. وبعد أن جهّزنا الشقة ونقلنا إليها أثاثاً من متبرعين، زراها الرجل ورفضها، قال أنه يريد منزلاً منفصلاً كبيراً مع حديقة للأطفال. تبدو لنا بعض الطلبات تعجيزية، أوضحنا له مررا أنه لا تتوافر حالياً منازل كبيرة في المدينة، ردّ بأنه سينتظر ويبحث بدوره. أن بعض الأمور تحتاج إلى قليل من التسامح والتفاهم، وبعض الطلبات لا يحظى بها الألماني نفسه».

وتشير موظفة أخرى إلى أنه «يتعيّن على موظفي الأمم المتحدة أن يوضحوا أن المدرسة في ألمانيا أمر إجباري وليس خياراً، وعلى طالب اللجوء التوقيع على أوراق تؤكد موافقته على تفاصيل قبل أن يأتي. الروضة والمدرسة ودروس السباحة إجبارية، هذا جزء من مجموعة أمور يجب أن تُفهم».

سيدة منزل سورية تعبّر عن قلة معرفتها بالقول: «حصلنا على لجوء من طريق الأمم المتحدة، وأبلغونا فقط أنه علينا أن نفصل بين أنواع القمامة، البلاستيكية والمطبخية، وأكثر من هذا لا نعرف شيئاً». ويطالب آخر «العاملين في الأمم المتحدة بتزويدنا بمعلومات أكثر، لكن أيضاً على الأعلام أن يقدّم صورة حقيقة عن حياة اللجوء في ألمانيا، بسلبياتها وأيجابياتها، تخفيفاً للمشكلات التي قد نتعرّض لها عندما نأتي».

ويؤكد واصلون إلى ألمانيا عبر القوارب، أنه عندما ينطلق السوري في رحلة العذاب ينحصر أمله فقط بأن يضع قدميه على بر الأمان، لذا لا يركز أو لا ينتبه، وقد لا يقرأ كثيراً عن طبيعة الحياة هنا.

من جهة أخرى بدأ موظفون ألمان كثر يضيقون ذرعاً من بعض اللاجئين نظراً لكثرة الأسئلة والطلبات، خصوصاً ما يتعلّق بمواعيد الطبيب، والمراجعة، كذلك الإستفسار عن أشياء لا علاقة أصلاً للموظف الألماني بها، مثل لماذا رفض طلب لجوئي؟ لماذا تأخرت المحكمة في إرسال قرار القبول أو الرفض الخاص بأوراقي؟ هذا المحامي لم ينفعني؟ وما العمل؟ ما هي أفضل جامعة في ألمانيا وكيف لي أن أتسجل بها؟

كما يجمع سوريون المعلومات من سوريين آخرين سبقوهم في الوصول إلى ألمانيا أو حصلوا على اللجوء، ما يسهّل مهامهم من خلال الإطلاع على المستندات المطلوبة أو إرشادهم إلى مواقع الإلكترونية المتخصصة.

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى