صفحات سورية

«أصلحنا» الخميس.. اقتلنا الجمعة!

 


إبراهيم توتونجي

زيّن لنا الخشب، لكنه خشب يبقى. زيّن لنا الكلمات، لكنها حروف تبقى. تمنطق، تنمّق، «تلقلق»، فكل الشعارات سقطت وسالت على الاسمنت كما الدماء، تبحث عن جسدها الطريد، لكي تقفل ثقوبه، فلا يرحل إلى مثواه جثة خاوية.

«أصلحنا» يوم الخميس، وأطلق رصاصك علينا يوم الجمعة. تحايل علينا يوم الخميس، وسرّح كلابك تنهش في لحمنا يوم الجمعة. أما السبت فشياطينك ستقفز فوق التوابيت، تخلّع الأغطية، تفك عرى الثقوب، يعود الدم إلى التدفق. يوم السبت ينبع الدم من التوابيت.

اضحك علينا يوم الخميس، احتقرنا في مجالسك واشتم أمهاتنا وسلالاتنا، وأطلق زبانيتك على «الفضائيات» يحللون الإصلاحات ويمدحونها. يحللون دماء الشهداء ويحتقرونها. يحللون ويتحللون دفاعاً عن هيبتك وسلطتك وسطوتك. لكنهم، قريباً، يتحللون، ويذوبون إلى الأبد. يسقطون معك ولا يذكرهم التاريخ، الذي سيكتب دوماً بخط أحمر عريض أنك «قاتل لشعبك».

أطربنا الخميس، بأسطوانات مشروخة عن القاعدة والإرهاب والأجندة الخارجية والوحدة الوطنية، واصدح بأهازيج قاذفات الدبابات والفناء يوم الجمعة، وبأناشيد الجنائز يوم السبت.

«غنّ، نحبك أن تغني»، فعلى إيقاع غنائك البائس الخائف، نرقص رقصة الشهادة، لكي تزهر أيامنا المقبلة ربيعا للحرية والعزة والكرامة.

لكننا قبل أن نموت، ونحن في غيض من فرح، في تلك اللحظة التي تتبدى لنا الحياة زائلة وجيزة، تذكرنا أمهاتنا يقبلن جباهنا، ويقلن إن الله حامينا وحامي البلد. الله حامينا وحامي البلد، وليس غيره.

وهو من يلعن القاتل الظالم. وقد لعنّاك في صدورنا قبل أن نتشهد، وطلبنا من الله أن ينتقم منك ويهوّن الفراق على أمهاتنا ونسائنا والأطفال.

اقتلنا يوم الجمعة، اقتلنا يوم الخميس، اقتلنا يوم السبت.. اقتلنا في كل يوم، فما من شعب حر يفنى، إنما تفنى سلالات الجبناء!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى