صفحات سورية

آراء شخصيات معارضة حول الأزمة والمخارج الممكنة

دمشق يزن كركوتي

اتفقت معظم شخصيات المعارضة السورية على أن مفتاح الحل للخروج من الأزمة التي تشهدها سورية منذ نحو أربعة أشهر هو “ترك الحل الأمني” الذي أرسى العديد من السلبيات على واقع الأزمة. ورأت هذه الشخصيات خلال استطلاع أجرته “الخليج” حول المخارج المطلوبة والحلول المعمول بها للخروج من الأزمة أن الحل السياسي هو البديل من خلال إطلاق الحريات العامة والسماح بالتظاهر السلمي وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمعتقلين على خلفية الأحداث.

* تيزيني: الحل بإصلاح حقيقي يعادل وجود سورية ذاته

الدكتور طيب تيزيني قال: سأضع رأيي في هذا الإطار من خلال ورقة تقدمت بها إلى اللقاء التشاوري للحوار الوطني بعنوان “ميثاق وحوار تاريخي في الإصلاح الوطني الديمقراطي، الإصلاح الذي يعادل الآن وجود سورية ذاته” والذي جاء فيه:

تتعاظم الأزمة النوعية الآن في سورية إلى حد نقول فيه إن حلها عبر إصلاح حقيقي يتم الآن، وليس غداً، وإن إنجاز ذلك بعادل وجود الوطن السوري نفسه.

ذلك أنها أزمة بنيوية شاملة أولاً، وذات مستويات متحدرة من الماضي (على الأقل منذ نصف قرن)، ومن الحاضر، ومن الآفاق المستقبلية الضبابية ثانياً، ناهيك عن اضطراب العلاقات بين فرقاء الداخل من طرف، وبين الداخل والخارج من طرف آخر.

ينطلق العمل على (مفهوم الإصلاح الوطني الديمقراطي) المعني هنا من الإقرار بأن هنالك حاجة تاريخية موضوعية قصوى للقيام بإعادة بناء سورية من الداخل، وفق مناهج البحث العلمي واحتمالاته المفتوحة. كما يعني ذلك اعترافاً وطنياً واضحاً بكل الأطراف الوطنية المعنية بذلك، وعلى أساس صريح من الندية.

ويتأسس المشروع المذكور على أن ضرورات التأسيس له والحوار فيه تتحدر من الداخل السوري وفق جدلية الداخل والخارج، بحيث يكون الحسم للأول من هذين، مما يجعلنا نرى فيه منطلق بحثنا: ليس في الأحداث الجارية الآن في سورية وغيرها، ما يعبّر عن مؤامرة خارجية، وإنما هي تعبّر عن الداخل أولاً وأساساً، بالاعتبار السياسي المنهجي. ولذلك، خطأ أن نفسر ذلك بمصطلح زائف، في هذه الحال، هو المؤامرة الخارجية.

وإذا اعتبرنا هذا الإصلاح أحد الطرق لإنجاز مهمة التغيير التاريخي، فإن هذا الأخير يتجلى بطرق أخرى منها الثورة الاجتماعية، والنهضة، والتقدم، والحداثة، وغيره.. مع الاحتفاظ بخصوصية نسبية لكل من هذه الطرق بعضها حيال بعض، ونذكر الآن ما نراه رئيسياً في طريق الإصلاح على النحو التالي:

1- إن الدعوة للقيام بإنجاز هذه العملية تستدعي تشكيل لجنة عليا ذات خصوصية محايدة سياسياً.

2- تكون مهمة هذا التأسيس من شأن كل الأطياف الوطنية، التي حددناها في إطار الحامل الاجتماعي لمشروع الإصلاح المعني.

3- هؤلاء جمعياً هم الذين يضبطون محاور الحوار وينسقون قضاياه وحيثياته.

4- يدير الحوار أفراد يمثلون كل أطياف المشروع الحواري المعني، وهم، في هذا، يستخدمون ما يلزم لذلك، مثل مكتب إعلامي مركزي ينظم ذلك على سبيل التداول الديمقراطي. ومثل توصيل وتنشيط وتعميم الحوارات عن طريق كل وسائل الإعلام، وكذلك بتأسيس صحيفة يومية تكون في خدمة العمل الحواري الشامل. كما تخصص أوقات لبث ما يتم من حوارات، ولتفعيل ذلك إعلامياً، بحيث تنشأ شبكة بين أطراف الحوار وبين أجهزة الإعلام بإشراف مجموعة من الإعلاميين المحايدين.

أما المشاريع الحاسمة، التي يمكن أن تمثل المطالب التي يطرحها المثقفون والناشطون في حقل التغيير الإصلاحي المطلوب، فيمكن أن تتجلى في أمرين اثنين، يتمثل أولهما في (مدخل إلى المشروع الحواري)، في حين يظهر الثاني في تحديد ما يعتبر (أساس المشروع الحواري الوطني الديمقراطي).

أما هذه الأسس فتنقسم إلى مبادئ وحيثيات.

والآن نحدد المدخل إلى المشروع الحواري، ويتجلى في النقاط الآتية:

1- تأكيد مطلق على العيش المشترك بين كل مكونات الشعب السوري، من دون أي استثناء.

2- النظر إلى الحل السياسي السلمي على أنه الإطار الوحيد الممكن لإنجاز المشروع الحواري المذكور ومن ثم سحب السلاح من الجميع.

3- إفراج غير مشروط عن كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي أو الضمير.

4- تشكيل لجنة وطنية تحدد أسماء كل من تورّط في قتل أو عطب أو جرح أي سوري في سياق الأحداث، من أمر بذلك، ومن خطط له، ومن نفذه.

لكن المبادئ الخاصة بهذا المشروع تظهر على النحو الآتي:

1- إلغاء العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية.

2- إصدار قانون أحزاب يتسم بالوطنية الديمقراطية والعصرية الحداثية.

3- إطلاق حرية الإعلام بكل أنماطه المقروء والمكتوب والمسموع، وكل ما ظهر في سياق ثورتي المواصلات والاتصالات.

4- البدء بتفكيك الدولة الأمنية على قاعدة الانتقال منها إلى (أمن الدولة).

5- إلغاء المادة رقم (8) من الدستور، التي تتحدث عن حزب البعث بمثابة قائد الدولة والمجتمع.

6- فصل السلطات الثلاث، والبدء بالتهيئة لانتخابات تشريعية جديدة.

7- العمل كلّياً بمقتضى (بيان حقوق الإنسان) التاريخي، ومعاقبة من تجاوزه ويتجاوزه.

أما على صعيد حيثيات المشروع المعني فيمكن التنويه ببعض المسائل ذات العلاقة، مثل التأسيس لمركز بحوث استراتيجي تشرف عليه نخب من الباحثين والمفكرين والمثقفين تكون مهمته الأولى قائمة على البحث في كيفية مواجهات مشكلات ومعضلات الواقع الكبرى والوسطى والصغرى، وذلك عبر النظر إلى هذه جميعاً بصيغة التضايف، أي على نحو جدلي مركب. أما البدء بذلك فيكون ماثلاً في الملف السياسي، ملف الحرية والديمقراطية، الذي يؤسس للملفات الأخرى ويكون منطلقاً لها.

* حسين: الحل بإلغاء المنهجية الأمنية لدى المخابرات

المعارض لؤي حسين قال: لا أعتقد أن هناك أي إمكانية للخروج من هذه الأزمة التي تعيشها سورية الآن، ولكن هناك إمكانية واحدة موجودة في يد السلطة، وحلّها أيضاً موجود مع السلطة وليس بيد المعارضة أو الشارع السوري أو حتى المتظاهرين.

والحل الأمثل بنظري هو استيعاب وفهم السلطة السورية أن هذه الجماهير التي خرجت لتتظاهر وضحت بحياتها وسلامتها تريد الحرية وفقط الحرية، ولن تتراجع عنها أبداً، وهذه الحرية التي يتحدث عنها الشارع السوري والمتظاهرون تتعلق بالمخابرات السورية، وعلى السلطة مبدئياً وبشكل سريع أن تنهي العملية الأمنية، وما أقصده بالعملية الأمنية ليست العملية الأمنية الموجودة في الشارع السوري وإنما المنهجية الأمنية لدى المخابرات السورية بما تقوم به من اعتقال وضرب وقتل و… و… إلخ.

وهذا هو الشيء الوحيد الذي سينقلنا إلى ميدان الصراع السياسي، والصراع السياسي دائماً آمن.

* سارة: المطلوب الاتجاه من الحل الأمني إلى السياسي

قال الكاتب المعارض فايز سارة: في اعتقادي أن المخرج الأساسي يتمثل ب”ترك الحل الأمني” الذي أثبت أنه حل فاشل، فبعد نحو أربعة أشهر من هذا الحل لا تزال التظاهرات تزداد والشعارات تتجذر، وهذا ما أسميه “الانسداد”.

ونحن مطالبون، إذا كنّا بالفعل راغبين في معالجة الأزمة وإنهائها، بأن نتجه من الحل الأمني إلى الحل السياسي، وبطبيعة الحال فإن الخروج أو الانتقال من الحل الأمني يتطلب سحب الجيش من المدن وإعادته إلى مواقعه وعودة القوى الأمنية إلى أماكنها ووقف إطلاق الرصاص على المتظاهرين وعلى التجمعات السكنية، وإطلاق سراح المعتقلين كافة على خلفية الأحداث، والسماح بالتظاهر السلمي والمحمي من قبل الشرطة، وأيضاً إشاعة جو من الثقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين، وذلك بالامتناع عن عمليات المطاردة والملاحقة، وهذا سيمهد الاتجاه إلى الحل السياسي وبالتالي إيجاد مخارج أخرى من هذه الأزمة التي لا شك أنها آذتنا جميعاً كسوريين.

وطالما أننا نريد حلاً سياسياً فإن هذا الحل يتضمن إصدار مجموعة من القرارات والمراسيم التي تمهد لتحول النظام القائم في البلد من النظام الأمني إلى النظام الديمقراطي، وفكرة النظام الديمقراطي أصبحت فكرة عامة وهي الناظم المشترك الذي يجمع بين متظاهري الشارع وبين مطالب المعارضة وبين الأفق الذي يراه النظام لتطور سورية التي تتجه إلى الديمقراطية.

إذن، ينبغي إصدار مجموعة من القرارات والمراسيم والقوانين التي تغير بما في ذلك الدستور الأمر الذي يؤدي إلى تغيير التركيبة العامة للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في سورية وبطبيعة الحال هذا يحتاج إلى إجراءات عملية أخرى منها إقامة مؤتمر حوار وطني أو مؤتمر إنقاذ وطني مضمونه إشراك السوريين في رسم ملامح المرحلة المقبلة، إضافة إلى ذلك أعتقد أنه مطلوب بالفعل إجراءات عملية أكثر، منها تقييد التدخلات اليومية في حياة الناس والسماح بإعلام حر وتحقيق انفراج على مستوى البلد وأيضاً يمكن تشكيل حكومة أو هيئة انتخابية تؤمن الانتقال بصورته الهادئة والسلمية.

الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى