صفحات العالم

آلة القتل السورية؟


طارق الحميد

طالب البيان الصادر عن الاجتماع الوزاري العادي لدول مجلس التعاون الخليجي بـ«الوقف الفوري لآلة القتل» في سوريا، والسؤال هنا: هل تعبير «آلة القتل» هذا جديد أم سبق أن سمعناه من قبل تجاه ما يحدث في سوريا؟

بالتأكيد، التعبير ليس جديدا، فقد سمعناه في الخطاب التاريخي للعاهل السعودي تجاه سوريا، يوم طالب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وقتها بضرورة إيقاف «آلة القتل» في سوريا. وبالطبع، ليس القصد من التساؤل هنا عن هذا التعبير القول بأن دول الخليج للتو توافقت على موقف موحد تجاه سوريا، أو استعارت عبارة العاهل السعودي، بل المراد قوله هو أن مجلس التعاون يطالب اليوم بـ«الوقف الفوري لآلة القتل» في سوريا، وبعد مرور أكثر من 33 يوما على خطاب العاهل السعودي، مما يعني أن لا شيء قد تغير في سوريا، رغم الوعود التي قطعها الأسد لكل زوار دمشق، بل إن الأوضاع تزداد سوءا هناك.

لذا، فإن المطالب الملحة، والمتكررة، حول ضرورة سحب السفراء العرب من دمشق، وتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية ليست تسرعا، أو مطالب عاطفية، بقدر ما هي مطالب واقعية عطفا على سلوك نظام الأسد، حيث لا وعود تنجز، ولا عهود تحترم، بل ومجرد الاستمرار في إعطاء فرص للنظام الأسدي، وإضاعة الوقت بعربي «رايح»، وعربي «جاي» لدمشق، يعني وقوع مزيد من القتلى السوريين، مما قد يدفع الأمور هناك إلى مزيد من التوتر، وربما الانفجار، لا قدر الله.

فإذا ما كان من أمر يحسب للمتظاهرين السوريين فهو انضباطهم، وسلميتهم، وبعدهم عن الطائفية، طوال ستة أشهر من عمر الثورة السورية. لكن السؤال هنا هو: من يضمن أن يستمر هذا الحال؟ بالطبع هذا أمر لا يمكن الجزم فيه؛ فتأخر صدور المواقف العربية والدولية الحازمة تجاه الأوضاع في سوريا من شأنه أن يدفع الأمور إلى مزيد من التعقيد، خصوصا أنه من الواضح اليوم أن ليس هناك فرص أمام نظام الأسد لإخماد الثورة، كما أنه لا يمكن استيعاب ذلك النظام بأي حال من الأحوال، فهو نظام غير قابل للإصلاح، ويداه ملطختان بدماء السوريين العزل. لذا، فإن التأخير في التعامل مع الشأن السوري من خلال مواقف حقيقية في الجامعة العربية، والتحرك دوليا لدفع مجلس الأمن لاتخاذ قرارات حاسمة، يعني أننا نطيل أمد أزمة السوريين، مثل ما أننا نطيل معاناتهم.

على العرب اليوم اتخاذ موقف حازم تجاه سوريا مثلما اتخذوا موقفا حازما بحق القذافي في ليبيا، لا سيما أن السوريين اليوم يطالبون بحماية دولية. فالتأخير مضر، وواقع الأزمة السورية يتسارع، ويتفاقم، والمطلوب اليوم أكثر مما كان مطلوبا بالأمس. فقد حان الوقت، مثلا، لفرض حظر جوي على سوريا، وضرورة توفير منطقة منزوعة السلاح داخل الأراضي السورية، وعلى مقربة من الحدود التركية بغطاء من الناتو والجامعة العربية.

ملخص القول هنا أن «آلة القتل» السورية لم، ولن، تتوقف، رغم كل الفرص الممنوحة لنظام الأسد. وبالتالي، فعلى آلية حماية السوريين أن تتحرك، وبسرعة، وبجهد عربي مطور عما حدث في ليبيا.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى