أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأحد 20 أيار 2018

تجدد التوتر بين واشنطن وأنقرة بعد تكثيف التحالف دعمه أكراد سورية

دبي، واشنطن – «الحياة»، رويترز

بدا أمس أن التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا مرشح للتفاقم، على خلفية نية واشنطن تعزيز دعمها لقوات سورية الديموقراطية «قسد» شمال شرق سورية، على حساب فصائل المعارضة المسلحة الموالية لأنقرة والمتمركزة في شمال غرب سورية، وذلك بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية فرنسية جديدة إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد. في المقابل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن مهمة بلاده في سورية «لم تنته بعد»، وربط استمرار وجودها العسكري بـ «حاجة القيادة السورية الشرعية». بموازاة ذلك، أعلن فصيل مسلح مسؤوليته عن التفجير الذي وقع في مطار حماة العسكري وسط سورية، في وقت أفادت أنباء بأن قصفاً إسرائيلياً استهدف مواقع لـ «حزب الله» جنوب سورية، ومطار دير الزور شرقها.

 

وأوضحت «سرايا الجهاد في بلاد الشام» في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي، أن مجموعة من عناصرها المنتمين إلى خلية نائمة خلف خطوط القوات الحكومية، تسللت إلى مطار حماة وفخخت مستودعات ذخيرة وخزانات محروقات قبل تفجيرها، ما أسفر عن مقتل 50 عنصراً من قوات النظام والميليشيات الموالية له، في إشارة إلى الإيرانيين. ونشرت صوراً التُقطت داخل المطار.

 

كما نقلت وكالة «الأناضول» التركية عن مصادر محلية سورية أن دبابات إسرائيلية متمركزة في منطقة الجولان المحتلة، قصفت صباح أمس مواقع لـ «حزب الله» في منطقة التلول الحمر شمال القنيطرة جنوب سورية. وسُمع فجر أمس دوي انفجارات في مطار دير الزور العسكري شرقي سورية، يعتقد أنها ناجمة عن قصف إسرائيلي، علماً أن المطار يضم أعداداً كبيرة من المجموعات المسلحة التابعة لإيران.

 

ويأتي تزايد هذه الهجمات مؤشراً إلى رفع الغطاء الروسي عن الوجود الإيراني في سورية، في أعقاب تصريح الرئيس فلاديمير بوتين لدى لقائه الرئيس بشار الأسد، أن على المسلحين الأجانب الانسحاب من سورية.

 

وغداة اجتماع قيادات في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، مع قيادة مجلس منبج العسكري للبحث في الأوضاع الأمنية والسياسية في المدينة التي تطلع أنقرة للسيطرة عليها ضمن حملتها المعروفة بـ «غصن الزيتون»، كشف مسؤولون أميركيون مطلعون عن اعتزام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب مساعداتها من شمال غرب سورية، الخاضع لسيطرة فصائل إسلامية مواليه لتركيا، والتركيز على جهود إعادة إعمار المناطق التي استعادها التحالف من تنظيم «داعش». وكانت روسيا أيدت مطالب تركيا بنشر 12 نقطة مراقبة حول إدلب.

 

ونقلت شبكة «سي بي أس» الأميركية الإخبارية عن مصادر قولها إن قراراً اتُخذ خلال الأسابيع القليلة الماضية بخفض عشرات ملايين الدولارات من المجهود السابق المدعوم من الولايات المتحدة، «للتصدي للتطرف العنيف ودعم المنظمات المستقلة ووسائل الإعلام المستقلة ودعم التعليم». وأضافت: «يُنظر إلى المساعدات الأميركية في المنطقة الشمالية الغربية على أنها غير مؤثرة في شكل كبير في سورية على المدى البعيد».

 

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ «رويترز»: «جرى تحرير برامج المساعدة الأميركية في شمال غربي سورية لتقديم دعم متزايد للأولويات في المنطقة». وقال مسؤول ثان إن الإدارة تعتقد أنها تريد نقل المساعدة إلى مناطق تخضع لسيطرة أكبر للولايات المتحدة، في إشارة إلى مناطق سيطرة «قسد».

 

وكان وفد للتحالف الدولي يضم ممثل الخارجية الأميركية لدى التحالف ويليام وربيك، ومسؤول القوات الخاصة الضابط أريك، وبرفقتهم الجنرال جيمي جيرارد، عقد جلسة محادثات مع قائد مجلس منبج العسكري محمد مصطفى، ونائبه إبراهيم بناوي ناقشت «آلية تعزيز التنسيق والتعاون والعمل المشترك». ونقلت وسائل إعلام كردية عن جيرارد تأكيده «التزام التحالف بقاء قواته في منبج وتأمين الاستقرار والحفاظ على الأمن في المناطق والقرى المحرّرة من تنظيم داعش». وأشار إلى ضرورة العمل المشترك «بهدف التوصل إلى تسوية سياسية في سورية ترضي الأطراف كافة».

 

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصادر محلية قولها إن جنوداً فرنسيين نشروا بطاريات 6 مدافع قرب قرية «باغوز» التي تسيطر عليها «قسد» في محافظة دير الزور. كما نشرت القوات الفرنسية تعزيزات عسكرية في مناطق منبج والحسكة وعين عيسى والرقة.

 

وقال مصدر عسكرية في «قسد» إن رتلاً عسكرياً أميركياً يضم مساعدات عسكرية ولوجستية، دخل من إقليم كردستان العراق إلى محافظة الحسكة (شمال شرق سورية)، في وقت وقعت اشتباكات بين فصائل في «الجيش الحر»، المدعوم من تركيا، وعناصر في «وحدات حماية الشعب» الكردية شمال غرب مدينة عفرين (شمال سورية).

 

مقاتلون من «داعش» يغادرون آخر جيب للمعارضة قرب دمشق

بيروت – رويترز

أجلت حافلات مسلحين من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من جيب جنوب دمشق اليوم (الأحد)، تطبيقا لاتفاق انسحاب، إلا أن وسائل إعلام رسمية نفت التقرير وقالت، إن «الجيش السوري يقاتل للقضاء على المسلحين»، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

 

وفي بث مباشر، أعلن مراسل التلفزيون السوري الرسمي أن عمليات الجيش السوري في منطقة الحجر الأسود تشارف على نهايتها مع انهيار خطوط المسلحين، فيما تصاعدت أعمدة من الدخان من المنطقة الظاهرة خلفه.

 

وقال المرصد في وقت سابق إن «حافلات دخلت الجيب بعد منتصف الليل لنقل المقاتلين وأسرهم»، مضيفا أن «الحافلات غادرت باتجاه منطقة البادية ذات الكثافة السكانية المنخفضة، التي تقع إلى الشرق من العاصمة وتمتد إلى الحدود مع الأردن والعراق».

 

وأكد أن متشددي «داعش» أحرقوا مكاتبهم في جيب اليرموك.

 

وتقاتل قوات الحكومة السورية وحلفاؤها لاستعادة السيطرة على الجيب الواقع جنوب دمشق، منذ تغلبها على مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية قرب العاصمة في نيسان (أبريل) الماضي.

 

وتتركز المنطقة التي يقع فيها الجيب حول الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين المجاور.

 

وتصف المعارضة سياسة إبرام الاتفاقات بأنها «تهجير قسري» يصل إلى حد التغيير الديموغرافي لطرد معارضي الأسد، في حين أوضحت الحكومة السورية أنها لا تجبر أحدا على المغادرة، وأن على من يبقون القبول بحكم الدولة.

 

وأرسلت تركيا قواتها إلى شمال غربي سورية، لمواجهة ذات الجماعات الكردية لتشكل منطقة عازلة على حدودها أعاد فيها مقاتلون معارضون للأسد ترتيب صفوفهم.

 

تركيا تكمل نشر «نقاط خفض التصعيد» في إدلب: هل ستبدأ خطوة «محاربة الإرهاب»؟

منهل باريش: أتمت هيئة أركان الجيش التركي نشر نقاط المراقبة المتفق عليها في محافظة إدلب وأرياف حماة، حلب واللاذقية، مع انتهاء جولة مباحثات أستانة 9. وثبت الجيش التركي النقطة الـ11 في قرية شير مغار، على السفح الجنوبي الغربي لجبل شحشبو، وتشرف هذه النقطة على سهل الغاب بشكل شبه كامل وخصوصا مناطق سيطرة المعارضة في القسم الشرقي من سهل الغاب.

وأنهت تركيا الجدل المتعلق بمصير سهل الغاب، وجسر الشغور وسهله القريب (سهل الروج) بعد نشر النقطة الـ12 والأخيرة من نقاط «خفض التصعيد» التي جرت باتفاق الدول الضامنة الثلاث، روسيا، إيران، وتركيا. وتمركز الجيش التركي على مسافة 1.5 كم جنوب مدينة جسر الشغور، بالقرب من الطريق الدولي الجديد الذي كان يوشك على الوصل بين حلب واللاذقية مرورا بمحافظة إدلب، وبالتحديد على القمة الواقعة فوق جبل اشتبرق. وتمتاز النقطة أنها قادرة على رصد الحركة في سهل الغاب والروج شرقا ومدينة جسر الشغور شمالا والسفح الشرقي لجبال اللاذقية. وتشرف على الطريق الواصل بين سيطرة المعارضة في جسر الشغور وسيطرة النظام في جورين، وهو ما يعرف بطريق الغاب الغربي.

المفاجئ في انتشار نقطتي المراقبة الأخيرتين هو تمركز النقطة الـ11 في قرية شير مغار، إذ كان من المتوقع تثبيت هذه النقطة في مكان أقرب إلى قلعة المضيق من الجهة الشمالية. فالنقطة تبعد مسافة 8 كم شمال قلعة المضيق وكفرنبودة أكبر مدن ريف حماة الغربي التي تسيطر عليهما فصائل الجيش الحر، وأبرزها جيش النصر الذي يتخذ من قلعة المضيق معقلا له.

وعبر الناطق الرسمي في «جيش النصر» الملازم أول إياد الحمصي، عن ارتياحه بسبب انتشار نقطة المراقبة، إلا أن الخروقات استمرت مع انتشار النقطة الـ 12 وقصفت مدفعية النظام في معسكر جورين والحاكورة وحواجز شطحة ومرداش والكرين وقبر فضة والعزيزية مناطق سيطرة الفصائل، رغم كونها تحت رصد نقاط المراقبة. وأكد الحمصي، لـ «القدس العربي» أن قوات النظام استهدفت عددا كبيرا من السيارات بصواريخ الـ م/د. وكذلك قصفت مدفعية النظام تجمعات النازحين من ريف حمص الشمالي.

وانخفضت حدة عمليات القصف المدفعي للنظام عن الأيام الأولى للانتشار التركي وتثبيت النقطتين الأخيريتين. وجرت عادة قوات النظام على استفزاز أي رتل تركي يبدأ انتشاره في «منطقة خفض التصعيد» في إدلب. وهو ما شهدناه سابقا مع انتشار نقطة خفض التصعيد الرابعة في منطقة «تل العيس» في ريف حلب الجنوبي، إذ تأخر الرتل التركي ثلاثة أيام ليصل المنطقة المحددة، بعد أن أعاقته مدفعية الميليشيات الإيرانية وقوات النظام من خلال القصف المدفعي المركز أمامه، ما أجبره على العودة والانتظار مدة ثلاثة أيام بالقرب من بلدة الأتارب. وكادت عملية القصف تتطور لتصل إلى اشتباك محدود بسبب دخول المقاتلات التركية الأجواء السورية من أجل حماية رتلها المدرع. وحصل الأمر ذاته من انتشار النقطة الخامسة في بلدة تل الطوقان على الطريق الواصل بين مطار أبو الظهور العسكري وسراقب في ريف إدلب الشرقي. ويعتبر ما حصل في النقطة التاسعة المنتشرة في مورك واللطامنة أسوأ أوضاع في محيط نقاط المراقبة. فقوات النظام تستهدف محاصيل المزارعين في تلك المنطقة دون رادع، ما خلف حرائق كبيرة جدا في المناطق المرصودة من حواجز النظام السوري.

وتحصل تلك الخروقات دون ردع من الجانب التركي على اعتبار أنها «قوة مراقبة» فقط حسب اتفاق «مناطق خفض التصعيد» ولا يحق لها التدخل بالقوة بين الطرفين، وتنتشر أساسا خارج المدى المجدي للرشاشات الثقيلة لجيش النظام.

الانتشار التركي يعزز قوة تركيا ودورها في الشمال السوري دون أدنى شك، ويعطي ارتياحاً لدى القيادة التركية أن إدلب وجوارها ستبقى تحت نفوذها إلى حين إنجاز التسوية السياسية.

إنهاء تثبيت نقاط المراقبة يعني وقف تغيير خرائط السيطرة بين النظام والمعارضة، لكنه بالمقابل يرتب حملاً ثقيلا على أنقرة يجب إنجازه، وهو المتعلق بالملف الأمني أو مكافحة الإرهاب حسب الاتفاق القديم الذي اشترطته موسكو، وأكده الضامنون مجدداً في البيان الختامي لجولة أستانة 9، والذي تحدث صراحة عن أفراد وجماعات مصنفة إرهابية، إضافة إلى تنظيم «الدولة» و«جبهة النصرة». وهو يرجح ترتيباً عسكريا جديدا، تقوم من خلاله انقرة بفكفكة «هيئة تحرير الشام» وعزل المتشددين من المهاجرين غير السوريين، وقتالهم.

ومن غير المستغرب أن يقوم قائد «تحرير الشام» أبو محمد الجولاني، بحرب استباقية على «حراس الدين» التنظيم الذي تشكل من جماعة سلفية تبايع تنظيم «قاعدة الجهاد» الذي يتزعمه الدكتور أيمن الظواهري، وعلى ما تبقى من تنظيم «جند الأقصى» المقرب من تنظيم «الدولة الإسلامية». وفي حال قيامه بهذا الهجوم، فإن ذلك يعني أن قيادة «تحرير الشام» وزعيمها تعيد إنتاج التنظيم بشكل أكثر محلية، غير عابر للقارات على نمط التنظيم الدولي الأم. ومع الانتهاء من المتشددين داخل «تحرير الشام» ستصبح فصيلا أكثر قابلية للتكيف مع باقي الفصائل، وتصبح منزوعة الدسم الجهادي قياساً على أنماط الفصائل الإسلامية التي بدأت أكثر تشددا مثل حركة «أحرار الشام» الإسلامية التي كانت توصف بـ«القاعدة السورية» لتتحول شيئا فشيئا إلى تنظيم أكثر اعتدالا ويقبل بـ«القانون العربي الموحد» بديلا عن «تطبيق الشريعة».

وإن عدم استجابة الجولاني لحل تنظيمه سترتب حربا حاول الهروب منها دائما، والتي برزت مع بدء التدخل التركي في إدلب ونشر «نقاط المراقبة». وعليه الآن أن يختار بين تخفيف لحية تنظيمه، أو حرب تقودها الفصائل المقربة من تركيا على الفصائل الأكثر تشددا منه، بينما يستمر انعزاله وتحجيم دوره الذي بدأ مع كسر شوكته من قبل «جبهة تحرير سوريا».

 

أهالي الرقة ينعمون بالحرية في أول رمضان بعد تنظيم الدولة

الرقة: لم يعد أحمد الحسين مجبرا على الصوم خوفا من عقاب قاس بل هو يصوم اليوم بدافع الإيمان في أول رمضان يحل بعد طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) من مدينته الرقة في شمال سوريا.

 

برغم الدمار الكبير الذي يعم شوارع المدينة وحاراتها، يهنأ سكان الرقة هذه السنة بشهر صيام هادئ لا يتعرض المفطرون فيه للملاحقة أو الصلب أو الاحتجاز داخل أقفاص في العلن في مدينة شكلت لسنوات معقل تنظيم الدولة الإسلامية الأبرز في سوريا.

 

في دوار الدلة في وسط المدينة، يقول أحمد الحسين العامل الأربعيني “كان داعش يجبرنا على الصيام ويعاقب كل فاطر ويضعه في قفص من الحديد في ساحة النعيم تحت أشعة الشمس أمام المارة ليكون عبرة”.

 

أما اليوم، فبات السكان أحرارا في خياراتهم.

 

ويضيف الحسين “سابقاً كان الصيام خوفاً ولكن الآن الصيام إيمان”.

 

وسيتمكن الحسين وعائلته وأطفاله حتى من متابعة مسلسات رمضان على التلفزيون بعدما كان تنظيم الدولة “داعش” يمنعهم حتى من وضع أطباق استقبال الإرسال التلفزيوني.

 

ويقول الحسين “كنا مشتاقين لطقوس شهر رمضان ومشاهدة التلفاز (…) في زمن داعش لم نشاهد المسلسلات لأربع سنوات”.

 

في وضح النهار في اليوم الأول من رمضان، ينهمك موظفو مطعم في تقطيع اللحم وشيه ولف السندويشات وتحضير الوجبات لزبائن قلائل يشربون العصير وينتظرون الغذاء.

 

ويقول صاحب المطعم الصغير المقابل لحديقة الرشيد دخيل الفرج “في زمن داعش كان ممنوع علينا فتح المطعم الا قبل موعد الإفطار بساعتين” للبدء بتحضير الوجبات، مضيفاً أن “الحسبة” أي شرطة الدولة الإسلامية كانت تلقي القبض على كل من تراه يأكل.

 

لكن اليوم يفتح الفرج مطعمه “لاستقبال الزبائن منذ الساعة العاشرة صباحاً”، وفق قوله، “لأن الناس أحرار، من يريد أن يصوم فهو حر ومن يفطر فهو حر”.

 

– “السنوات العجاف”

 

ومنذ أن طردت قوات سوريا الديموقراطية تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة في تشرين الأول/ اكتوبر الماضي، عاد عشرات الآلاف من سكانها إلى منازلهم وإن كان معظمها متضررا أو حتى مدمرا تماماً جراء الغارات الجوية والمعارك الضارية.

 

في شارع تل أبيض التجاري، يضع بائع عصير السوس والتمر الهندي أمام بناء مدمر تماماً أربعة براميل زرقاء يملأ منها أكياساً بلاستيكية بالعصائر وينادي على الصائمين لشرائها.

 

وفي مكان قريب، ينتظر رجال ونساء في طوابير طويلة أمام “فرن الأندلس″، أحد أشهر افران الرقة حالياً.

 

وتقول ناديا الصالح، وهي امرأة أربيعينة تضع على رأسها حجاباً أسود براقاً، “اشترينا حلويات من أجل الأطفال لنفرحهم برمضان، حتى وإن كنا لا نزال من دون منازل، ولاجئين في بيوت الناس″.

 

عاود فرن الأندلس العمل وصنع المعجنات وخبز “المعروك” الشهير بعدما دمر مرات عدة بسبب المعارك، وفق القائمين عليه.

 

في القسم الخلفي من الفرن، ينهمك عامل بصناعة العجين ثم رش السمسم عليها قبل وضعها في الفرن، فيما تملأ الروائح الشهية المكان.

 

ويقول صاحب الفرن حنيف ابو بديع “لا يمكن مقارنة العام الحالي بالسنوات العجاف التي عشناها”، مضيفاً “لا توجد مقارنة ابداً، فبرغم الدمار والخراب الناس سعداء جدا لانهم استيقظوا من كابوس″.

 

– “نعيش بكل حرية”

 

يتجول الرجل الستيني بعباءته البيضاء بين عمال فرنه مشرفا على سير العمل، وهو الذي عانى من بطش تنظيم الدولة الإسلامية في شهر رمضان العام الماضي، إذ سجن ثلاثة أيام وتلقى 40 جلدة وأغلق محله 15 يوماً، والسبب ببساطة أن بعد إجبارهم على مغادرة المحل من أجل أداء الصلاة، بقي طفل صغير مختبئا في الفرن.

 

ويقول أبو وديع “حين أتذكر داعش أشعر تلقائيا بالغضب (…) لكننا هذا العام نصوم دون داعش وسوف نعيش كما نشاء وبكل حرية”.

 

في أحد أسواق الخضار القريبة، تقلب أمرأة بين الباذنجان بحثا عن الأفضل، وتختار أخريات بين البندورة والبطاطس أو البرتقال والموز والمشمش.

 

وبرغم سعادة الناس بأجواء الحرية، إلا أنهم لا يزالون يعانون من نقص كبير في الخدمات من مياه وكهرباء، ومن غياب فرص العمل بشكل أساسي.

 

ويقول حوران الناشف (52 عاماً) “هناك غلاء فاحش ولا عمل”، حتى أن اولاده يبحثون طوال االنهار عن أعمال يومية تمكنهم من تلبية حاجات العائلة.

 

ويضيف “من لديه أموال يحضر إفطاراً، والفقير مثلي يتحسر (…) يأخذ القليل من الخيار والبندورة والبطاطس لنسلقها”. (أ ف ب)

 

أنباء عن التوصّل لاتفاق لإخراج “داعش” من جنوب دمشق

عدنان علي

 

على الرغم من نفي كل من النظام السوري وتنظيم “داعش” الإرهابي الأنباء عن توصّلهما إلى اتفاق بشأن خروج التنظيم من منطقة جنوب العاصمة دمشق، باتجاه البادية أو الجنوب السوري، فإنّ ثمة مؤشرات على التوصّل إلى هذا الاتفاق، الذي تحدّثت عنه أولاً وسائل إعلام روسية، فيما أكدت أنباء أخرى بدء تنفيذه فعلاً.

 

وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فقد خرجت دفعة أولى من مقاتلي “داعش”، من جنوب دمشق نحو البادية السورية، إذ دخل عدد من الحافلات، بعد منتصف ليل السبت – الأحد، إلى مناطق سيطرة التنظيم، لتحمل على متنها مقاتلين وعائلاتهم، وذلك في سرية كاملة بعيداً عن نظر وسائل الإعلام.

 

ومع صعوبة التحقق من هذه المعطيات، بسبب خروج جميع الناشطين من منطقة جنوب دمشق باتجاه الشمال السوري، خلال عمليات التهجير الأخيرة، إلا أنّ مصادر إعلامية قريبة من النظام، أفادت بوصول عدد من الحافلات إلى دوار البطيخة شمال مخيم اليرموك، لنقل عناصر تنظيم “داعش” الموجودين في المخيم والحجر الأسود إلى البادية السورية، وفق الاتفاق.

 

وأشارت مصادر أخرى إلى تجمّع الدفعة الأولى من مقاتلي “داعش” في حي الزاهرة المجاور لمخيم اليرموك، تمهيداً لخروجهم إلى البادية السورية، في محافظتي دير الزور وحمص.

 

وسبق أن نفت قوات النظام وتنظيم “داعش” التوصّل إلى اتفاق بينهما، يقضي بخروج الأخير من جنوبي دمشق، وذلك بعد أن نقلت قناة “روسيا اليوم”، عن مصادر عسكرية قولها، إنّ “المواجهات بين الطرفين توقفت منذ الساعة 12 ظهراً أمس السبت، وحتى الساعة الخامسة فجراً اليوم الأحد، إذ أبدى التنظيم استعداده لسحب عناصره وعائلاتهم، البالغ عددهم 1700 شخص”، بحسب القناة.

 

في غضون ذلك، استمرّت حالة الهدوء في مخيم اليرموك، اليوم الأحد، بحسب مصادر مختلفة، فقد توقف القصف المدفعي والجوي والصاروخي وإطلاق النار في كامل المحاور، وسط ترقب التوصل إلى اتفاق نهائي وكامل، يتضمّن إخلاء منطقة المخيم والتضامن، من عناصر تنظيم “داعش”.

 

ويأتي ذلك بعد إعلان قوات النظام عن تمكّنها من السيطرة على كامل الحجر الأسود، والالتقاء مع “القوات الصديقة ومجموعات الكوش الرديفة”، لتحصر التنظيم في أجزاء من المخيم، وأجزاء من حي التضامن.

 

وكانت قناة “روسيا اليوم” الرسمية قد نقلت عن “مصادر ميدانية” قولها إنّه لم يتم الاتفاق بعد بشأن الجهة التي سينسحب إليها أفراد التنظيم مع عائلاتهم، موضحة أنّ “المجموعات المسلحة في البادية السورية سبق أن رفضت استقبال المسلحين من جنوب دمشق”، وهذا ما يفسر عدم الإعلان عن الاتفاق رسمياً لحد الآن.

 

كذلك تردّدت أنباء عن أنّ وجهة عناصر “داعش” قد تكون منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي جنوبي سورية، الخاضع لسيطرة “جيش خالد” المبايع للتنظيم، الذي تحاصره فصائل المعارضة في الجنوب من كل الجهات، ما يصعب بالتالي إدخال أحد إلى تلك المنطقة، من دون موافقة الفصائل.

 

وكان “جيش خالد” قد حاول، نهاية الشهر الماضي، السيطرة على بلدة الشيخ سعد في درعا، ومنطقة مساكن جلين المجاورة لها، بهدف ربط مناطق سيطرته بمدينة الشيخ مسكين، التي تسيطر عليها قوات النظام، وبالتالي تمكين الأخيرة من نقل مقاتلي “داعش” من جنوبي دمشق إلى حوض اليرموك، وفق ما ذكره ناشطون.

 

ويأتي الاتفاق بين قوات النظام وتنظيم “داعش”، بعد أسابيع عدة من الاشتباكات العنيفة بين الجانبين في جنوب دمشق، أسفرت عن مقتل المئات من الطرفين، إذ قال “داعش” إنّه قتل نحو ألف من قوات النظام، خلال المعارك التي بدأت منذ أكثر من شهر.

 

وقد أثار تأخر قوات النظام في السيطرة على مخيم اليرموك استياء مؤيدي النظام، لا سيما أنّ عدد مقاتلي “داعش” لا يتعدّى 300 مقاتل، إلا أنّ مواقع موالية بررت ذلك التأخير بـ”الطبيعة الجغرافية المعقدة والبنية العمرانية الصعبة” التي تمنع توغل العربات المدرعة الثقيلة والمصفحة الأساسية في عمليات الاقتحام البري، فضلاً عن كثافة الأنفاق.

 

غير أنّ ناشطين ومنظمات حقوقية أشاروا إلى أنّ هدف قوات النظام من إطالة المعركة مع “داعش” كان أخذ الوقت الكافي لتدمير مخيم اليرموك، ومنع الأهالي من العودة، وإدخال المنطقة، خاصة شارع الثلاثين، في المخطط التنظيمي لمشروع “باسيليا سيتي” العمراني، الذي أقرته محافظة دمشق، في 26 مارس/ آذار الماضي، ويمتد من جنوب المتحلق الجنوبي إلى القدم والعسالي وشارع الثلاثين.

 

وقد نشرت وكالة “أعماق” التابعة لتنظيم “داعش” صوراً تُظهر حجم الدمار الكبير الذي أصاب مخيم اليرموك، نتيجة الغارات الجوية والقصف الصاروخي اليومي، فيما تناقلت صفحات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر سيطرة قوات النظام على كامل شارع الثلاثين في مخيم اليرموك، وتظهر فيه بوضوح آثار الدمار الكبير الذي لحق به.

 

وقد ارتفع عدد ضحايا قصف قوات النظام أحد الملاجئ في مخيم اليرموك إلى 10 على الأقل؛ بينهم خمسة من عائلة النابلسي، ما يرفع مجمل القتلى المدنيين في المخيم، منذ بدء عملية قوات النظام، إلى 62 شخصاً؛ بينهم 16 طفلاً و9 نساء.

 

وقال ناشطون إنّ ثلاثة من الضحايا العشرة هم سوريو الجنسية، من محافظة دير الزور من مدينة موحسن، ومن سكان حي التضامن الدمشقي، وقد لجأوا إلى أحد الأقبية في مخيم اليرموك بعد استهداف القبو الذي كانوا فيه سابقاً في حي التضامن.

 

خناق الغلاء بالأردن …اللاجئون السوريون يواجهون ظروفاً الأشد قسوة

عمان ــ زيد الدبيسية

يواجه اللاجئون السوريون في الأردن ظروفاً معيشية هي الأصعب منذ نحو سبع سنوات، في ظل ارتفاع الأعباء مع قرارات الحكومة الأردنية بزيادة الأسعار والضرائب، والتي طاولت أغلب سكان الدولة، بمن فيهم اللاجئون.

 

ووفق وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، فإن التمويل الفعلي الذي حصل عليه الأردن لمواجهة أعباء اللاجئين السوريين بلغ نحو 5.36 مليارات دولار منذ بداية الأزمة في 2011 حتى سبتمبر/أيلول2017، معتبرة أن هذه المبالغ غير كافية ولم تغط سوى 40% من إجمالي الدعم المطلوب.

 

لكن بيانات صادرة مؤخرا عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أشارت إلى أن أكثر من 80% من اللاجئين يعيشون خارج المخيمات، وعدد كبير منهم استنزفت مواردهم ومدخراتهم وارتفعت مستويات ديونهم.

 

ويقول لاجئون سوريون إن الأوضاع المعيشية باتت صعبة للغاية، لا سيما في ظل تراجع حجم المساعدات الدولية، ما زاد من معاناة الكثيرين منذ بداية العام الجاري 2018.

 

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن حوالي 1.4 مليون لاجئ، يقيم بعضهم في مخيمات أقيمت خصيصا لهم في شمال الدولة، وأكبرها مخيم الزعتري الواقع في مدينة المفرق شمال شرق العاصمة عمان، ويقطنه حوالي 200 ألف شخص.

 

يقول زياد الصمادي لاجئ سوري ويعمل متطوعاً مع لجان الإغاثة للاجئين لـ”العربي الجديد” إن حجم المساعدات التي تقدمها المفوضية العليا للاجئين تراجع بشكل كبير خلال العام الحالي، حيث توقفت المساعدات كلياً عن بعض العائلات وتم تخفيضها على أخرى.

 

ويضيف الصمادي أن الدول التي كانت ترسل بعض المساعدات، خاصة الأغذية توقفت، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع المعيشية، وأصبح الكثير من اللاجئين يواجهون ظروفاً صعبة، مشيرا إلى أن شهر رمضان الحالي يعد الأصعب على اللاجئين الذين يحاولون تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية. ويؤكد أن ارتفاع الأسعار في الأردن أثر في الأوضاع المعيشية للاجئين، خاصة أسعار الخبز والسلع الغذائية الأخرى.

 

ورفعت الحكومة الأردنية أسعار الخبز بنسبة 100% منذ مطلع العام الجاري، معتبرة أن نسبة كبيرة منه تذهب إلى غير مستحقيه من الأردنيين، كما رفعت الضرائب على غالبية السلع الغذائية والمحروقات، ما أدى إلى زيادة أسعارها في الأسواق. ويقول الصمادي إن “بعض اللاجئين اضطروا تحت ضغوط المعيشة إلى العودة لسورية مؤخراً رغم ارتفاع المخاطر الأمنية”.

 

كانت البيانات الصادرة في وقت سابق من مايو/أيار الجاري، عن دائرة الإحصاءات العامة، قد أظهرت ارتفاع أسعار المستهلكين (التضخم) خلال إبريل/ نيسان الماضي، إلى نسبة 4.6%، مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي 2017.

 

أما على مستوى الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، فارتفعت نسبة التضخم بمعدل 3.9%، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

 

وطالبت وزارة الصناعة والتجارة، الأسبوع الماضي، التجار بعدم رفع الأسعار، والمحافظة على توازنات السوق المحلي، خلال شهر رمضان، وعدم استغلال ارتفاع معدل الاستهلاك من قبل المواطنين والمقيمين خلال هذا الموسم.

 

ويقول اللاجئ السوري أبو فهد “نتجرع مرارة الحياة وقسوتها اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالأوضاع المعيشية ضاقت بالكثيرين، ولم يقتصر الأمر على انقطاع المساعدات عن أكثر من نصف اللاجئين وتخفيضها على النصف الآخر، بل نتحمل بشكل مباشر تبعات قرارات زيادة الأسعار والضرائب في الأردن”. ويؤكد أنه لم يعد بمقدور اللاجئين تأمين متطلبات التعليم المدرسي لأبنائهم، بعد أن أوقفت مفوضية اللاجئين صرف حوالي 28 دولارا شهرياً لكل طالب لاجئ يدرس في المدارس الأردنية.

 

ويقول إن العائلة المستفيدة حتى الآن من برامج الدعم لا تحصل سوى على 160 دولاراً شهرياً، وهي لا تفي بالحد الأدنى لاحتياجاتها من الغذاء والدواء، مشيرا إلى تراجع كبير في مستويات معيشة اللاجئين عما كانت عليه خلال الأعوام الماضية.

 

ويشير إلى أن هناك مبادرة ناجحة لمنظمة العمل الدولية تقوم بتشغيل عدد من اللاجئين السوريين في المجالس المحلية (البلديات) كل شخص لفترة شهرين أو ثلاثة مقابل حوالي 15 دولاراً يوميا، حيث تم تطبيق هذه التجربة في عدد من بلديات محافظات الشمال بالأردن، لافتا إلى أن هذه الفترة وإن كانت قصيرة، إلا أنها تعطي فرصة للاجئ لتأمين احتياجات أسرته لمدة ثلاثة أشهر.

 

وبحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أكثر من 85% من الأسر السورية اللاجئة تعيش تحت خط الفقر في الأردن. وقالت المفوضية في تقرير لها مؤخرا، إنه على الرغم من اتخاذ الحكومة الأردنية بعض المبادرات الإيجابية في ما يتعلق باستصدار تصاريح عمل للاجئين، إلا أنه ما زال هناك حاجة لاتخاذ تدابير إضافية من أجل تسهيل الحصول على وظائف.

 

وأكدت المفوضية أنها ستواصل دعم سبل كسب العيش للاجئين والحق في العمل من خلال حشد الدعم والتنسيق والاستثمارات المحدودة.

 

في المقابل، تقول الحكومة الأردنية إن حجم الأعباء التي تحملتها نتيجة استضافة اللاجئين السوريين يقدر بأكثر من 10 مليارات دولار، إضافة إلى الضغط على البنية التحتية وخاصة الصحة والتعليم والمياه وغيرها.

 

وقالت فداء غرايبة، مديرة وحدة تنسيق المساعدات الإنسانية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، في تصريحت صحافية مؤخرا، إن حجم التمويل الفعلي الذي حصل عليه الأردن لمواجهة أعباء اللاجئين السوريين بلغ 5.36 مليارات دولار منذ بداية الأزمة في 2011 حتى سبتمبر/ أيلول 2017. وأضافت أن التمويل الذي حصل عليه الأردن غطى ما نسبته 40% من إجمالي الدعم المطلوب للحد من أثر استضافة اللاجئين السوريين، ودعم المجتمعات المستضيفة والبالغ 14.1 مليار دولار لنفس الفترة.

 

وتواصل الحكومة الأردنية خطط إلغاء الدعم نهائياً عن السلع والخدمات، مع توجيه دعم نقدي مباشر إلى المستحقين من المواطنين الأردنيين. وخصصت نحو 242 مليون دولار هذه السنة لدعم الشرائح الفقيرة، لتقليل تأثرها بقرارات رفع الدعم عن الخبز وزيادة ضريبة المبيعات.

 

وكانت الحكومة ترصد سنوياً نحو 2.8 مليار دولار لدعم بعض أصناف المحروقات والكهرباء والخبز والصحة والتعليم وشبكة الأمان الاجتماعي.

 

وتقول الحكومة إنها تواجه عجزا متزايدا في الموازنة العامة، وتشير بيانات صادرة عن وزارة المالية في وقت سابق من مايو/أيار الجاري إلى بلوغ العجز نحو 542.5 مليون دينار (765 مليون دولار) خلال الربع الأول من 2018، مقابل 241.8 مليون دينار (341 مليون دولار) في الفترة ذاتها من العام الماضي.

 

عمليات اغتيال وتفجير في إدلب شمالي سورية

عدنان علي

 

شهدت محافظة إدلب شمالي سورية، عمليات اغتيال وتفجير، على يد مجهولين، في حين شنّت قوات النظام والمليشيات المساندة لها، هجوماً على مواقع المعارضة جنوب غربي حلب، كما قصفت مناطق في سهل الغاب، بالريف الشمالي الغربي لمحافظة حماة.

 

وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، اليوم الأحد، إنّ مقاتلين اثنين من “جيش الأحرار”، أُصيبا بجروح، بعد رمي قنبلة يدوية من قبل مسلّحين مجهولين، على أحد حواجزهم في قرية عين الحمرا، بريف مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الجنوبي الغربي.

 

كما شهد مساء أمس السبت، تصاعداً ملحوظاً في عمليات الاغتيال والتفجير بإدلب، أسفرت عن مقتل وجرح 11 عنصراً من “هيئة تحرير الشام”، بحادثي إطلاق نار منفصلين، في مدينة إدلب وقرية الزعينية.

 

فقد قتل مجهولون، خمسة عناصر من اللجنة الأمنية في مدينة إدلب، خلال مهاجمتهم حاجز الرام التابع لـ”هيئة تحرير الشام”، على الأطراف الشمالية لمدينة إدلب، بينما أطلق مجهولون النار على حاجز تابع للهيئة، في منطقة الزعينية بالريف الغربي لمدينة جسر الشغور، قضى على إثرها عنصران وأُصيب 4 آخرون بجراح.

 

كما ألقى مجهولون، قنبلة على حاجز لفصيل مقاتل في منطقة عين الحمرا بسهل الروج، فيما استهدف آخرون حاجزاً لـ”الحزب الإسلامي التركستاني”، قرب مفرق مزرعة حاج محمود، في الريف الشمالي لجسر الشغور.

 

واستهدفت عبوة ناسفة سيارة قائد كتائب كانت عاملة في الزبداني بريف دمشق، وذلك على الطريق الواصل إلى منطقة المسطومة، ما تسبب في أضرار مادية فقط.

 

كما ألقى مجهولون قنبلة يدوية على حاجز تابع لحركة “أحرار الشام الإسلامية”، في محيط قرية عين الحمرا في منطقة جسر الشغور غربي إدلب، من دون ورود معلومات عن إصابات.

 

وفي السياق ذاته، ألقى مجهولان على دراجة نارية، قنبلة يدوية، على حاجز لـ”جيش الأحرار” في قرية عين الحمرا في منطقة سهل الروج غربي إدلب، مما أدى إلى جرح اثنين من عناصر الحاجز.

 

كما قام مجهولون بالاعتداء على فاروق قهرمان، على طريق إدلب معرتمصرين، وتمت سرقة سيارته وحقيبة مليئة بالذهب تقدّر بحوالي 6 كيلوغرامات.

 

من جانبها، قامت القوة الأمنية التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، بإعدام أربعة أشخاص رمياً بالرصاص، في ساحة الساعة وسط إدلب، بحضور عدد من أهالي المدينة، بتهمة زرع عبوات ناسفة وتنفيذ اغتيالات، ولا سيما التفجير الذي استهدف الساعة وراح ضحيته 34 قتيلاً وجريحاً، فضلاً عن اتهامهم بالتعاون مع قوات النظام.

 

من جهة أخرى، شنّت قوات النظام والمليشيات المساندة لها، في ساعات متأخرة من الليلة الماضية، هجوماً على مواقع المعارضة، في منطقة مستودعات خان طومان جنوب غربي حلب شمالي سورية.

 

ودارت اشتباكات بين الطرفين، بالتزامن مع قصف متبادل بقذائف الهاون، تمكّنت خلالها المعارضة من صد الهجوم.

 

وكانت مصادر عسكرية في المعارضة السورية قد ذكرت أنّ المليشيات الإيرانية الموجودة في المنطقة، تسعى إلى إفشال نقطة المراقبة في تلة العيس، رغبة منها في السيطرة على مواقع جديدة، والاقتراب من بلدتي الفوعة وكفريا في شمال إدلب.

 

وينتشر “حزب الله” اللبناني، والمليشيات الإيرانية الأخرى، في ريف حلب الجنوبي، بشكل كبير، لا سيما في منطقة جبل عزان والتلال المحيطة به، إلا أنّها بدأت بسحب عتاد عسكري وعناصر من المنطقة، خلال الأسبوع الماضي.

 

إلى ذلك، تعرّضت قرية الحويجة الواقعة في سهل الغاب بالريف الشمالي الغربي لمحافظة حماة، لقصف من قوات النظام بالقذائف المدفعية، بالتزامن مع قصف مماثل استهدف مناطق في قرية العمقية.

 

وقصفت قوات النظام، بأكثر من 20 قذيفة، بلدة اللطامنة ومحيطها، في القطاع الشمالي من ريف حماة، ما أدى إلى اندلاع نيران في محاصيل زراعية وفي ممتلكات المواطنين.

 

مفاوضات مع “داعش”جنوبي دمشق.. وإعلام النظام ينفي

دخلت جبهات دمشق الجنوبية، حيّز وقف إطلاق النار منذ ظهر السبت، بعد مفاوضات بين تنظيم “الدولة الإسلامية” والجانب الروسي، رعتها “لجنة مصالحة حي العسالي” التي يترأسها إيهاب السلطي، والذي قيل إنه اعتقل من قبل مخابرات النظام، قبل أيام، لأسباب مجهولة، بحسب مراسل “المدن” رائد الصالحاني.

 

مصادر “المدن” جنوبي دمشق أكدت أن الطلعات الجوية قد توقفت مع صباح السبت، تزامناً مع توقف الاشتباكات وعمليات الاقتحام، وتراجع عدد من مدرعات قوات النظام نحو نقطة الصفر على محاور العمليات العسكرية في محيط الحجر الأسود ومخيم اليرموك. وبدأ العمل على تثبيت النقاط العسكرية، من الطرفين، تخللها قصف بصواريخ أرض–أرض، بوتيرة قليلة.

 

المفاوضات التي جرت بين الروس و”داعش”، خلصت إلى خروج الأخير من معاقله جنوبي دمشق نحو البادية السورية، حيث تتمركز مجموعات تابعة له.

 

الوكالة السورية الرسمية للأنباء “سانا” نفت أمر التفاوض نهائياً، مشيرة إلى أن ما يتم تناقله في وسائل الإعلام غير صحيح. مصدر مطلع على سير عملية التفاوض قال لـ”المدن” إن النظام لا يريد للأمر أن يبدو وكأنه تفاوض مع أخطر تنظيم على مستوى العالم، بل يريد أن يظهر كاستسلام لـ”داعش” ورغبته بالخروج مهزوماً من معقله الرئيس جنوبي دمشق.

 

وأكد المصدر أن الاتفاق لا يزال غير نهائي حتى الآن بالنسبة للخروج، بسبب رغبة التنظيم في إخراج مدنيين وعوائل المقاتلين من مخيم اليرموك والحجر الأسود، ومن ثم إخراج المقاتلين. ويخشى النظام، بحسب المصدر، من أن يتم إخراج المدنيين، ومن ثم تتجدد المعارك بعد اطمئنان قيادات وعناصر “داعش” على ذويهم وأطفالهم.

 

ومن المفترض أن تحمل الساعات الـ24 المقبلة قراراً نهائياً بخصوص “داعش”، فإما الخروج والاستسلام، أو استئناف العمليات العسكرية مجدداً.

 

وقالت مصادر إعلامية إن طائرات روسية نفذت غارات جوية، الجمعة، استهدفت ملجأً يضم عشرات المدنيين، ما تسبب بمقتل بعضهم وجرح آخرين.

 

وتتواصل المعارك بين الطرفين، جنوبي دمشق، منذ قرابة شهر، مع انحسار مستمر للمساحات الخاضعة لسيطرة التنظيم، وخسائر كبيرة في صفوف مليشيات النظام كان آخرها مقتل أكثر من 20 عنصراً خلال عمليات تعفيش لمحتويات منازل كان عناصر التنظيم قد لغّموها قبل الانسحاب من أحد قطاعات حي الحجر الأسود.

 

واشنطن تجري فرزا لتحديد قائمة المستفيدين من مساعداتها في سوريا

الولايات المتحدة تعتزم وقف مساعداتها لمناطق تسيطر عليها فصائل إسلامية، والخطوة الأميركية تزيد الضغوط على تركيا.

واشنطن – تعمل الولايات المتحدة على ترتيب دورها في سوريا بشكل واضح بعد أن تراجعت عن فكرة الانسحاب التي طرحها الرئيس دونالد ترامب، وتحديد قائمة حلفائها المشمولين بالدعم، والتوقف عن توجيه المساعدات لأطراف أخرى موالية لدول إقليمية مثل تركيا، أو تلك التي تمثل امتدادا فكريا وسياسيا لتنظيم داعش وجبهة النصرة.

 

وقال مسؤولون أميركيون مطلعون إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعتزم سحب مساعداتها من شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة فصائل إسلامية وتريد التركيز على جهود إعادة إعمار المناطق التي استعادتها القوات التي تقودها الولايات المتحدة من تنظيم داعش.

 

وأوردت شبكة سي.بي.أس الإخبارية أن الإدارة ستخفض عشرات الملايين من الدولارات من الجهود السابقة المدعومة من الولايات المتحدة “للتصدي للتطرف العنيف ودعم المنظمات ووسائل الإعلام المستقلة ودعم التعليم”.

 

لكنّ مسؤولين أميركيين كشفوا لوكالة رويترز أن المساعدات الإنسانية لن تتأثر في الشمال الغربي حول محافظة إدلب وهي أكبر مساحة من الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة بما في ذلك الفرع السابق لتنظيم القاعدة.

 

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية “جرى تحرير برامج المساعدات الأميركية في شمال غرب سوريا لتقديم دعم متزايد محتمل للأولويات في هذه المنطقة”. واعتبر مسؤول ثان أن الإدارة تعتقد أنها تريد نقل المساعدة إلى مناطق تخضع لسيطرة أكبر للولايات المتحدة.

 

ويعتقد محللون أن القرار الذي يقضي بوقف المساعدات عن المناطق التي تقع خارج دائرة التعاون الوثيق مع واشنطن يأتي في سياق استراتيجية جديدة خلفت خطة ترامب للانسحاب من سوريا، لافتين إلى أن الهدف هو حصر مجال صرف تلك المساعدات، والقيام بفرز لقائمة الحلفاء والخصوم في المشهد السوري.

 

وأشار المحللون إلى أن إدارة ترامب تريد تقديم دعم أشمل وأكثر تأثيرا للمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بمقابل التخلي عن دعم مناطق مصنفة في خانة أعداء الولايات المتحدة حتى وإن كانت الفصائل التي تسيطر عليها معارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

 

ولفتوا إلى أن هدف الخطوة الأميركية هو توجيه رسائل قوية لأنقرة بأن واشنطن لا يمكن أن تقدم الدعم السخي لمنظمات وجماعات تعمل بالوكالة لفائدة تركيا واستراتيجيتها في التمدد للسيطرة على مواقع تحت نفوذ الأكراد، معتقدين أن وقف المساعدات يهدف إلى فرز قائمة الأصدقاء ودفع جماعات متذبذبة إلى حسم أمرها.

 

ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد من الضغوط على تركيا التي ستكون مجبرة على أن تزيد من مساعداتها للتحكم بوضع تلك المناطق كونها محسوبة عليها، وتدير فيها الكثير من مناطق خفض التوتر بالتنسيق مع روسيا وإيران.

 

وواضح أن وقف المساعدات لحلفاء أنقرة هو رسالة أميركية قوية ردا على التصريحات التركية الملوحة بالمواجهة في منبج ومحيطها بالرغم من معرفة تركيا بأن الولايات المتحدة لن تسمح باستهداف جنودها أو حلفائها تحت أي مسوغ.

 

وفي مارس الماضي، جمد ترامب ما يربو على 200 مليون دولار من أموال جهود الإعمار في سوريا بينما تعيد إدارته تقييم دور واشنطن في الصراع السوري. وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن المراجعة لا تزال جارية.

 

وقال ترامب وقتها إن الوقت قد حان كي تنسحب الولايات المتحدة من سوريا بعد الانتصارات على متشددي تنظيم الدولة الإسلامية. وتنشر الولايات المتحدة نحو 2000 جندي في سوريا. لكن الرئيس الأميركي كثف في أبريل الماضي التدخل الأميركي عندما أمر بشن ضربات صاروخية على سوريا ردا على هجوم بغاز سام أدى إلى مقتل العشرات من الأشخاص.

 

ولا تريد إدارة ترامب إعادة الأخطاء التي ارتكبتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما حين قدمت مساعدات لجماعات معارضة اكتشفت في الأخير أنها واجهة للتنظيمات المتشددة، أو هي تشتغل بالوكالة لفائدة دول إقليمية مثل تركيا وقطر.

 

وتعتقد إدارة ترامب أن عملية الفرز داخل القوى السورية المصنفة كمعارضة للأسد ستساعد على توضيح المواقف منها وترك الرد عليها ماليا أو عسكريا. لكن هذه المقاربة قد تسمح بترك مناطق غير مسيطر عليها والتشجيع على عودة أنشطة المتشددين إليها.

 

وقال مسؤول أميركي ثالث إن “الخطر هو تكرار ما انتقده الرئيس بشأن العراق.. ترك فراغ حيث يمكن أن يزداد العنف ويستطيع المتطرفون استغلال ذلك”.

 

وقدمت الولايات المتحدة على مدى سنوات دعما عسكريا لمقاتلي المعارضة في مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها أوقفت العام الماضي برنامجها للتدريب والإمداد بالعتاد بعد أن حولت تركيزها إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

 

وساعدت واشنطن تحالفا من مقاتلين أكراد وعرب لطرد المتشددين من أراض في شمال وشرق سوريا العام الماضي، بما في ذلك الرقة التي أعلنها التنظيم عاصمة له في سوريا، ونشرت نحو ألفي جندي أميركي في البلاد.

 

وتقدر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الدولة الإسلامية فقدت نحو 98 في المئة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها في العراق وسوريا لكن مسؤولين بالجيش الأميركي حذروا من أن المتشددين يمكنهم استعادة المناطق المحررة بسرعة ما لم تستقر.

 

روسيا والأسد و”داعش”.. من الحرب إلى التهجير

الاتفاق بين روسيا والنظام السوري من جهة وتنظيم الدولة من جهة أخرى دخل حيز التنفيذ اليوم الأحد (مواقع التواصل-أرشيف)

الاتفاق بين روسيا والنظام السوري من جهة وتنظيم الدولة من جهة أخرى دخل حيز التنفيذ اليوم الأحد (مواقع التواصل-أرشيف)

محمد النجار-الجزيرة نت

 

بسرية لافتة، تمضي روسيا والنظام السوري في تطبيق اتفاقهما لتهجير مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وعائلاتهم من جنوب دمشق إلى البادية السورية، في مشهد ينتقل بالحرب على “الإرهاب” إلى التفاوض معه وصولا إلى نقل مقاتليه لمناطق جديدة.

 

وحتى صباح اليوم الأحد، ظل النظام السوري ينكر وجود اتفاق مع مقاتلي التنظيم بعد نحو شهر من المعارك الشرسة معه في مخيم اليرموك وحي الحجر الأسود، لكن الأنباء الواردة من هناك تؤكد أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ فعلا.

 

وتشير مصادر متعددة إلى أن مفاوضات جرت بين ضباط روس ومقاتلي التنظيم عبر وسطاء من أهالي مخيم اليرموك، وأفضت لوقف القتال اعتبارا من ظهر أمس السبت، على أن يبدأ نقل المقاتلين وعائلاتهم من المنطقة بدءا من اليوم الأحد.

 

وبعد أن نقلت عن مصدر عسكري سوري نفيه وجود اتفاق مع مقاتلي “تنظيم داعش الإرهابي”، مارست وكالة الأنباء السورية “سانا” الصمت عن تغطية سير المعارك في جنوب دمشق منذ ظهر أمس.

 

التفاوض مع الإرهاب

وفسرت مصادر مطلعة النفي السوري لأنباء الاتفاق التي كانت قناة روسيا اليوم أول من بثها، بالحرج الذي تشعر فيه روسيا وقوات النظام، باعتبار أن الاتفاق يتم مع تنظيم الدولة الذي أعلنا مرارا أنهما يتصدران الحرب الدولية عليه.

 

وبحسب مصادر سورية مطلعة تحدثت للجزيرة نت، فإن من المرجح نقل نحو 1700 من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم إلى منطقتي ظاظا والسبع بيار في البادية السورية.

 

المصادر اعتبرت أن أحد أسباب استمرار المواجهات بين التنظيم من جهة وقوات النظام السوري والمليشيات الموالية له من جهة أخرى، يعود إلى عدم وجود منطقة متصلة بين مناطق سيطرة التنظيم والنظام السوري تسمح بنقل مقاتلي التنظيم إليها.

 

المصادر ذاتها اعتبرت أن هناك عوامل عدة ساهمت في عقد الاتفاق، كان على رأسها قناعة روسيا وقوات النظام باستحالة حسم المعركة عسكريا بعد أن تكبد النظام وحلفاؤه خسائر كبيرة تراوحت تقديراتها بين بضع مئات ونحو ألف من قوات النظام والموالين له.

 

تأمين العاصمة

عامل آخر، تمثل في رغبة قوات النظام بالإسراع في تأمين العاصمة دمشق ميدانيا بعد أن سقطت قذائف على منطقة المرجة قبل أيام، إضافة إلى رغبة إستراتيجية تتمثل في إعلان سيطرتها على العاصمة دمشق وضواحيها لأول مرة منذ عام 2012.

 

وحصلت الجزيرة نت على معلومات أفادت بأن الوجهة التي حاول تنظيم الدولة التفاوض لنقل مقاتليه إليها هي مناطق سيطرة جيش خالد بن الوليد في ريفي درعا والقنيطرة جنوب سوريا، وهو الأمر الذي لم يجر التفاوض عليه مع قوات المعارضة جنوب سوريا من الأساس.

 

وهذا الاتفاق ليس الأول بين النظام السوري وحلفائه وبين تنظيم الدولة، بعد أن عقد حزب الله اللبناني والنظام السوري في أغسطس/آب الماضي اتفاقا انتهى بنقل المئات من عناصر التنظيم وعائلاتهم من عرسال والقلمون الغربي إلى دير الزور.

 

وقبلها اتهمت قوات المعارضة النظام السوري بتمكين مقاتلي تنظيم الدولة من الانسحاب أثناء المعارك معه في ريف حلب الجنوبي والسيطرة على منطقتي أم الخلاخل واللويبدة بجنوب شرق إدلب، قبل أن تندلع معارك بين التنظيم وقوات المعارضة لتسيطر الأخيرة على المنطقة وتعتقل العشرات من عناصر التنظيم.

 

مهمة التنظيم

وبرأي الخبير العسكري والإستراتيجي السوري عبد الله الأسعد، فإن اتفاق اليوم بين النظام وروسيا من جهة وعناصر تنظيم الدولة من جهة أخرى، هو إعلان “انتهاء مهمة تنظيم الدولة في جنوب دمشق”.

 

وقال للجزيرة نت إن النظام السوري وروسيا “استخدما التنظيم لتدمير القوس الذي يبدأ من الميدان حتى مطار دمشق الدولي، وخلالها تم تهجير مئات الآلاف من سكان المناطق، وتدمير البنية التحتية، وإخراج كل فصائل المعارضة”.

 

وتابع أن “النظام وروسيا تركوا التنظيم حتى انتهت مهمته، واليوم يتم نقل مقاتليه بالحافلات المكيفة لمهمة جديدة انطلاقا من البادية السورية”.

 

وبرأي الأسعد فإن النظام سيستكمل مشروعه للتغيير الديموغرافي في دمشق والحزام المحيط بها بعد أن فرغه من سكانه الأصليين، وقال إن “النظام دمر كل البنية التحتية في كامل الحزام المحيط بالعاصمة، والذي لن يعود له سكانه، بل سيتم توطين سكان جدد موالين له”.

 

فضيحة جديدة

واعتبر أن الاتفاق الحالي بين النظام وروسيا “يفضح مرة أخرى علاقتهما بالإرهاب المتمثل بداعش”، وقال “الصيف الماضي قام النظام وروسيا بحماية عناصر التنظيم التي اتفق معها حزب الله على الانتقال لدير الزور”.

 

وزاد أن “الحافلات التي أقلت عناصر التنظيم سارت مسافة 450 كيلومترا من عرسال لدير الزور، واليوم ستنقل الحافلات آلافا من عناصر التنظيم وعائلاتهم من جنوب دمشق إلى عمق البادية السورية”.

 

وعن حرص النظام على تنفيذ الاتفاق سرا، قال الأسعد إن النظام “لا يريد أن يظهر أمام مؤيديه وحاضنته أنه يتفاوض ويعقد اتفاقات مع تنظيم داعش الذي أوقع خسائر كبير بحاضنته الاجتماعية”.

 

وأشار إلى أن الرئيس بشار الأسد حرص في وقت سابق على إقالة العميد عبد الكريم سليمان قائد المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، “نتيجة الخسائر الكبيرة من ضباط وعناصر أبناء الساحل السوري الذين خرجوا في تظاهرات غاضبة”.

 

ويخلص الأسعد لاعتبار أن نقل عناصر تنظيم الدولة إلى مناطق جديدة “يفضح علاقة النظام وحلفائه بالتنظيم”.

 

وأضاف “سيتم استخدام التنظيم عبر فتح ممرات له أو تسهيل معاركه مع عناصر ومناطق أخرى، وقد نشهد تدمير مناطق جديدة في الشرق أو الشمال السوري تحت لافتة الحرب على الإرهاب”.

 

يفتح الاتفاق على تهجير عناصر تنظيم الدولة الأسئلة الكبرى عن علاقة روسيا ونظام الأسد وحلفائهما بالحرب على الإرهاب، بعد أن انتقلوا من الحرب للتفاوض وصولا إلى نقلها لبؤر جديدة لا يعرف إن كانت ستستخدم في معارك جديدة شرق سوريا وشمالها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى