صفحات العالم

المستبد الإيراني ودعم الطاغية السوري


عبدالعظيم محمود حنفي

يثير الموقف الايراني من الثورة السورية مفارقة بين اعتبار الخطاب الرسمي الإيراني أن الحراك الشعبي العربي استلهم “روح الثورة الإسلامية الإيرانية” في إشارة إلى حالات مصر واليمن وتونس وليبيا, وبين استثناء ذلك الحراك الذي جاء بتحريض من الخارج في إشارة إلى حالة سورية. كما ستبدو المفارقة أشد بين التعاطف الفوري والمطلق مع مطالب المحتجين في البحرين, والتلويح باحتمال التدخل العسكري ردا على تدخل قوات درع الجزيرة, وبين الاكتفاء المبهم بالمطالبة بعدم استخدام القوة ضد المدنيين مع تأكيد أن ما يجري في سورية هو شأن يخصها وحدها, والتحذير من أن إطاحة النظام السوري تخدم مصالح إسرائيل.ولم تكتف بذلك بل قدمت الدعم المباشر لنظام الأسد ونقلت معدات مكافحة الشغب وتكنولوجيا لمراقبة الانترنت إلى سورية. كما إن جنوداً من “حزب الله” و”فيلق الحرس الثوري الإسلامي” قد انخرطوا مباشرة في أعمال قمعية داخل سورية. كما قدمت خبرتها القمعية ضد الشعب الايراني وضد الحركة الخضراء المطالبة بالديمقراطية في ايران لتطبيقها في سورية  والثابت إن الإيرانيين متواطئين في “انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الشعب السوري” التي يرتكبها نظام الأسد. كما ان بعض المحللين يشيرون الى تناقض فج بين الشعارات الايرانية والممارسة الواقعية,  ويسوقون مثالا على ان ذلك الموقف ليس جديداً بل انه قديم  وانه ”  في عام 1980, أي بعد عام واحد من اندلاع الثورة الإيرانية, انطلقت حركة احتجاجية في بلدة جسر الشغور السورية أضرم المشاركون فيها النيران في المؤسسة الاستهلاكية واقتحموا مقر حزب البعث, فأرسل الرئيس حافظ الأسد تعزيزات عسكرية إلى البلدة, وجرت مواجهات سقط فيها 50 قتيلاً, وفُرض حظر التجول في جسر الشغور. وبعد ذلك بعامين أي في عام 1982, وعلى خلفية اتهام نظام الأسد جماعة الإخوان المسلمين بتدبير حادثة كلية المدفعية, جرى التعامل بعنف مفرط مع معقل الجماعة في مدينة حماة, فدكت المدينة دكاً, وبلغ عدد الضحايا وفق أقل التقديرات عشرة آلاف شخص. في الحالتين كان الموقف الإيراني عصيباً وحرجاً; لأن قمع مستضعفين على هذا النحو في ذروة الزخم الثوري الإيراني, وفي ظل إمامة الخميني الذي كان يعد بلاده لقيادة العالم الإسلامي, من دون أن تتحرك الجمهورية الإسلامية لنصرة هؤلاء المستضعفين, بل تحتفظ بعلاقات وطيدة مع نظامهم الحاكم, كان يشير بوضوح إلى الفجوة العميقة بين شعارات الثورة الإيرانية وسياساتها” “وتفسير ذلك الموقف الايراني ليس لغزا واحجية واهمها ان المتظاهرين في سورية يطالبون نشطاء الديمقراطية في إيران على مضاعفة جهودهم, فسوف يجد النظام الإيراني نفسه في خطر محدق والاخطر هنا ان الثورة السورية تمثل لنشطاء الديمقراطية في إيران على مضاعفة جهودهم, ومن ثم سوف يجد النظام الإيراني نفسه في خطر محدق.

ويساعدنا التاريخ  في فهم تلك العلاقة عبر وجود  رباعية مفاهيمية هي الهيمنة والاستغلال والاستبداد والاستعباد لعلاقة الطاغية السوري بالمستبد الايراني الذي تغلغل في سورية حتى اضحت الهيمنة الايرانية لا تخطئها العين  فتلك العلاقة  وما يصاحبها من استغلال وقهر ينعكس محليا في عملية معقدة من ممارسة الاستبداد على المواطن واستعباده, فإلغاء حرية الوطن تعني إلغاء لحرية المواطن, وممارسة القهر والضغوط على النظام التابع  يؤدي مباشرة إلى متوالية داخلية من القهر والضغط على المواطن, عبر الاستبداد والسيطرة, وغياب حكم القانون, واستمرارية حالات الطوارئ والقوانين الاستثنائية, وعدم الاكتراث بحقوق الانسان, والتراجع التنموي الذي شكل حالة نادرة من حالات ارتكاس التنمية وتدهور المجتمع السوري إلى مراحل من الركود والفشل الاقتصادي والانسداد السياسي وانعدام الأمل الاجتماعي. وفي ظل تلك الاجواء يسعى المهيمن الايراني الى تشييع المجتمع السوري و هناك دراسة  للمعهد الدولي للدراسات السورية, قالت انه رغم ان مظاهر التشيع بدات مع بدء العلاقة الخاصة بين البلدين بعد الثورة الايرانية 1979 . والحرب العراقية الايرانية (1980- 1988 ) الا ان المخاوف من زيادة التشيع لم تبلغ يوما المستوى الذي بلغته اليوم, ففي  ست سنوات من عام 2001 -2006  تم انشاء ثلاثة اضعاف ما انشئ خلال ربع قرن حيث انشئت في قرية “السيدة زينب” بدمشق اثنتا عشرة حوزة علمية, وثلاث كليات للتعليم الشيعي, كما حصلت اول جامعة اسلامية شيعية متخصصة بالعلوم الدينية على ترخيص امني للعمل داخل سورية عام 2003.وخلصت الدراسة انه في المدى المنظور فإن خطر التغيير الديموغرافي في سورية بسبب التشيع غير واردلكنها حذرت من الخطر السياسي والامني الكامن وراء الظاهرة.والسؤال المطروح  اذا فقد الايرانيون رأس جسرهم الى العالم العربي, هل يوجد لديهم بديل? هناك مراقبون يعتقدون ان الايرانيين يفكرون بتحويل الاردن الى مركز النفوذ الجديد لهم في العالم العربي. في الماضي, مع تغير الديموغرافيا في الاردن كنتيجة للحرب في العراق في 2003.  مع وجود قرابة مليون لاجئ عراقي دخلوا الاردن في السنوات الثماني الاخيرة, منهم مئات الاف اللاجئين الشيعة. معظم العراقيين الشيعة موالون لزعمائهم الدينيين مثل آيات الله السيستاني وليس للزعماء الذين في ايران .

السياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى