أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الثلاثاء 28 تشرين الثاني 2017

 

تحفظات دمشق تعرقل انعقاد جنيف

نيويورك، لندن – «الحياة»

 

مُنيت جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى تحقيق اختراق في مفاوضات جنيف للسلام في سورية المقررة اليوم، بنكسة تراجع مع إعلان الحكومة السورية تأجيل إرسال وفدها المفاوض احتجاجاً على لغة البيان الختامي لاجتماعات المعارضة السورية في الرياض. وكان المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا وقوى دولية أعربوا عن تفاؤل حذر بعد توافق منصات المعارضة على التوجه إلى جنيف بوفد موحد، غير أن تلك الآمال تراجعت أمس مع إعلان دمشق تحفظاتها على بيان المعارضة. وأفادت مصادر ديبلوماسية بأن دمشق «كانت مستاءة بعد قراءة مجهرية لبيان اجتماع الرياض والتفسير الملتبس لقرار مجلس الأمن 2254 تجاه تمثيل كل أطياف المعارضة. وتحدثت المصادر عما سمته «العودة إلى المربع الأول في المفاوضات»، بعد فرض شروط مسبقة، مثل عبارة «سقف المفاوضات رحيل الرئيس بشار الأسد عند بدء المرحلة الانتقالية» .

 

وعشية توجه وفد المعارضة إلى جنيف، التقى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» ورئيس وفد المعارضة إلى جنيف نصر الحريري.

 

وأفادت وكالة الأنباء السعودية بأنه «تم خلال اللقاء البحث في المستجدات على الساحة السورية، وسبل تحقيق تطلعات الشعب السوري». ويتألف وفد المعارضة إلى جنيف من 8 أعضاء من «الائتلاف السوري» و7 من الفصائل و8 من المستقلين و5 من «هيئة التنسيق» و4 من «منصة موسكو» و4 من «منصة القاهرة».

 

وأعلن دي ميستورا أن الحكومة السورية «لم تؤكد بعد مشاركتها» في الجولة الجديدة المقررة اليوم، قائلاً إنها وجهت رسالة إلى الأمم المتحدة تبلغها فيها بأن وفدها لن يحضر الإثنين إلى جنيف، وسط تقارير عن أن دمشق قد ترسل وفداً لمدة يوم واحد فقط لتوضيح موقف الحكومة السورية. وقالت مصادر ديبلوماسية إن «المواقف التي تطلقها الحكومة السورية عشية موعد المفاوضات قد تؤدي إلى إرجاء بداية الجولة التفاوضية ليوم أو اثنين، كما أن على المفاوض الدولي دي ميستورا ألا يتوقع التمكن من عقد مفاوضات مباشرة بسهولة».

 

وقال دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع مجلس الأمن الدولي، إن «الحكومة السورية لم تؤكد بعد مشاركتها».

 

وأضاف: «لقد وجهوا إلينا رسالة مساء أمس تقول إنهم لن يصلوا الإثنين إلى جنيف»، مؤكداً أن الأمم المتحدة لن تقبل «أي شرط مسبق» للمشاركة، سواء من الحكومة السورية أو المعارضة.

 

وتابع: «إذا حضر الطرفان إلى جنيف سنتمكن من إجراء محادثات معمقة».

 

وعلى رغم عدم تأكيد دمشق مشاركتها، بدا دي ميستورا متيقناً من أن جولة المفاوضات ستنطلق بالفعل بمشاركة الحكومة السورية ووفد المعارضة الموحد، وأبلغ مجلس الأمن بأن جولة المفاوضات «يجب أن تدخل في صلب العملية الانتقالية، لا سيما الدستور والانتخابات بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤».

 

ورحب دي ميستورا بتشكيل وفد موحد للمعارضة، وأكد دعمه جهود السعودية لتوحيد الوفد المفاوض. وقال إن هدف المفاوضات بناء على قرار مجلس الأمن، هو «انتخابات حرة ونزيهة تحت رعاية الأمم ومجلس الأمن بما يتوافق مع أسس النزاهة ويشمل من هم خارج سورية».

 

من جانب آخر، أعلن دي ميستورا أن اجتماعاً للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي سيعقد اليوم في جنيف بمبادرة من فرنسا، موضحاً أنه سيشارك في «هذا الاجتماع التحضيري».

 

ويندرج هذا الاجتماع في إطار رغبة القوى الكبرى التحرك بنشاط في المسار الديبلوماسي لمواجهة الديبلوماسية الروسية- الإيرانية- التركية النشطة في الملف السوري.

 

إلى ذلك، أعلنت مصادر ديبلوماسية روسية أمس، تأجيل مؤتمر الحوار الوطني السوري في مدينة سوتشي الروسية إلى شباط (فبراير) المقبل.

 

ونقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر ديبلوماسي مطلع قوله: «في الوقت الحالي يتم التحضير للمؤتمر. ولن يعقد قبل كانون الثاني (يناير). وعلى الأرجح في شباط».

 

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن مؤتمر الحوار الوطني السوري يُراد منه أن يساهم في الإصلاح الدستوري في سورية والتحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

 

ودعا مركز حميميم للمصالحة في سورية، جميع أطراف النزاع إلى التقيد بـ «نظام هدنة» في منطقة «خفض التوتر» في الغوطة الشرقية اليوم وغداً، خلال انعقاد جنيف.

 

وقال رئيس المركز الفريق سيرغي كورالينكو: «من أجل تجنب أي انتهاكات لوقف الأعمال العدائية، يدعو المركز جميع أطراف النزاع إلى إجراء نظام هدنة في 28 و29 تشرين الثاني في المنطقة رقم 3 بالغوطة الشرقية».

 

إلى ذلك، أعلن الرئيس المشترك لهيئة العلاقات الخارجية (وزير الخارجية في المناطق الكردية) عبد الكريم عمر، أن واشنطن ستجري «تعديلاً» بخصوص تسليم الأسلحة إلى «قوات سورية الديموقراطية»، إلا أنه أكد أن لا تغييرات طرأت على سياسة واشنطن تجاه هذه القوات. وأوضح عمر لـ «فرانس برس» في مقر الوزارة في مدينة القامشلي: «طبعاً سيكون هناك تعديل بخصوص تقديم الأسلحة إلى قوات سورية الديموقراطية بعد القضاء على داعش»، لكن «ليس هناك أي تبدلات في سياسة الولايات المتحدة الأميركية بخصوص التنسيق بينها وبين قوات سورية الديموقراطية وفي الجانب السياسي في الإدارة الذاتية، أو مع قيادات في فيديرالية شمال سورية».

 

وفد الحكومة السورية يرجئ السفر إلى مفاوضات جنيف

بيروت، موسكو – رويترز

 

أرجأ وفد الحكومة السورية السفر إلى مفاوضات السلام في جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة والتي من المقرر أن تستأنف غداً (الثلثاء). بحسب ما ذكرت صحيفة «الوطن» الموالية.

 

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا اليوم إن الحكومة السورية لم تؤكد حتى الآن أنها ستحضر جولة المفاوضات، لكنها أشارت إلى «أننا سوف نتلقى إفادة منهم قريبا».

 

وقال دي ميستورا لمجلس الأمن اليوم: «تلقينا الليلة الماضية رسالة مفادها أن الحكومة لن تتوجه إلى جنيف اليوم. نأمل بالطبع ونتوقع حقيقة أن تسافر الحكومة (إلى جنيف) خلال فترة وجيزة».

 

ونقلت «الوطن» عن مصادر ديبلوماسية أن دمشق «مستاءة» من بيان صدر عن اجتماع للمعارضة السورية في الرياض الأسبوع الماضي.

 

وقالت المصادر للصحيفة أن دمشق ترى في بيان الرياض «عودة إلى المربع الأول في المفاوضات». وتصر جماعات المعارضة السورية على مطلبها برحيل الرئيس بشار الأسد قبل مرحلة الانتقال السياسي.

 

إلى ذلك، قالت وسائل إعلام رسمية إن الحكومة السورية ترحب بتشكيل لجنة لمناقشة مواد الدستور الحالي من المتوقع أن تتشكل خلال مؤتمر يعقد في سوتشي الروسية.

 

ويمثل المؤتمر مسعىً روسياً للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب السورية الدائرة منذ ست سنوات والتي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف وأرغمت ملايين على الفرار في أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.

 

وقالت الحكومة السورية في بيان صادر عن وزارة الخارجية «ترحب حكومة الجمهورية العربية السورية بمؤتمر الحوار الوطني الذي سيعتقد في سوتشي بمشاركة واسعة من شرائح المجتمع السوري وتعلن موافقتها حضور هذا المؤتمر».

 

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن بيان الخارجية أن سورية رحبت بـ «مشاركة الأمم المتحدة» في الانتخابات التشريعية التي ستجري بعد مناقشة مواد الدستور.

 

وفي موسكو، ذكرت «وكالة الإعلام الروسية» نقلاً عن مصدر ديبلوماسي اليوم أن مؤتمراً الحوار الوطني السوري المقرر في مدينة سوتشي تأجل حتى شباط (فبراير) المقبل.

 

وكان من المقرر أن يعقد المؤتمر، الذي يسمى «المؤتمر السوري للحوار الوطني»، في تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، لكن بعض جماعات المعارضة رفضت فكرة الاجتماع الذي اقترحه الرئيس فلاديمير بوتين.

 

وفد الحكومة السورية المفاوض يتوجه غداً إلى جنيف

واشنطن، جنيف ـ أ ف ب

 

أعلنت الأمم المتحدة أن الحكومة السورية أكدت أن وفدها سيصل غداً (الأربعاء)، إلى جنيف حيث تنطلق الجولة الثامنة من مفاوضات السلام.

 

وقالت الناطقة باسم الأمم المتحدة اليساندرا فيلوتشي للصحافيين اليوم إن «الوفد الحكومي لم يصل بعد لكن (الموفد الأممي إلى سورية ستافان دي ميستورا) تلقى رسالة مفادها أنهم سيصلون غداً (الأربعاء)».

 

واعتبر الرئيسان الأميركي والفرنسي أمس، أن مفاوضات جنيف حول مستقبل سورية «المسار الشرعي الوحيد للوصول الى حل سياسي في سورية»، بالتزامن مع انطلاق الجولة الجديدة المقررة اليوم.

 

واتفق دونالد ترامب وايمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي على ان المفاوضات التي تنطلق اليوم بدعم من الأمم المتحدة هي السبيل الوحيد للمضي قدماً في حل الأزمة، بحسب ما ذكر بيان للبيت الأبيض.

 

وقال مبعوث الأمم الامتحدة الى سورية ستافان دي ميستورا في وقت سابق من اليوم إن «الحكومة لم تؤكد بعد مشاركتها»، مضيفاً: «اذا حضر الطرفان الى جنيف، فسنتمكن من اجراء محادثات معمقة». وتابع: «ندرك جيداً وجود تباعد بين المواقف المعلنة وما يجري في المفاوضات»، مؤكداً «ضرورة عدم فرض شروط مسبقة على الطرف الآخر ورفض محادثته. فهذا هو جوهر التفاوض».

 

في المقابل، اتهم رئيس وفد المعارضة نصر الحريري، الوفد الحكومي باتباع «تكتيكات المماطلة»، قائلاً: «تأتي قوى المعارضة بوفد واحد وتتجاوز العقبات (…) نرى اليوم أن النظام لا يأتي في تأكيد لسياسته القديمة الجديدة المعرقلة للتقدم السياسي».

 

ورأى أن رفض النظام حتى الآن للحل السياسي «يعكس حقيقة موقف الدول التي تدعم النظام». وطالب الحريري روسيا بالضغط على دمشق. وقال: «اذا كانت لدى روسيا نية بالوصول الى حل سياسي فهي الجهة الوحيدة القادرة على أن تأتي بالنظام الى طاولة المفاوضات»، معتبراً أن البديل عن ذلك «إرادة دولية جماعية تضغط على الروس والنظام» للمشاركة.

 

وأعلنت الحكومة السورية أمس تأجيل إرسال وفدها المفاوض احتجاجاً على لغة البيان الختامي لاجتماعات المعارضة السورية في الرياض.

 

وأفادت مصادر ديبلوماسية بأن دمشق «كانت مستاءة بعد قراءة مجهرية لبيان اجتماع الرياض والتفسير الملتبس لقرار مجلس الأمن 2254 تجاه تمثيل كل أطياف المعارضة.

 

وتحدثت المصادر عما سمته «العودة إلى المربع الأول في المفاوضات»، بعد فرض شروط مسبقة، مثل عبارة «سقف المفاوضات رحيل الرئيس بشار الأسد عند بدء المرحلة الانتقالية».

 

مقتل 14 في تجدد القصف على الغوطة … وروسيا تنفي تنفيذ غارات في دير الزور

لندن – «الحياة»

 

قتل 14 مدنيا أمس جراء تجدد قصف الجيش السوري على الغوطة الشرقية المحاصرة، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق والمشمولة باتفاق خفض التوتر، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

 

وصعدت قوات النظام منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) قصفها مناطق في الغوطة الشرقية برغم تصنيفها ضمن «مناطق خفض التوتر» التوتر الأربع التي يشملها اتفاق توصلت إليه موسكو وطهران حليفتا دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة في آستانة في أيار (مايو). وبدأ سريانه عملياً في الغوطة في تموز (يوليو). لكن على رغم الاتفاق تضاعف العنف في المنطقة في الأيام الأخيرة.

 

واستهدفت غارات جوية وقصف المدفعية عدة مناطق في الغوطة الشرقية أمس ما أدى إلى مقتل 14 مدنياً على الأقل بحسب «المرصد». وجاء ذلك غداة مقتل 23 مدنياً في المنطقة نتيجة غارات لطائرات النظام ونيران المدفعية، بينهم 4 أطفال. وفاقت حصيلة القتلى جراء قصف قوات النظام للغوطة الشرقية خلال الأسبوعين الماضيين 100 شخص وفق «المرصد».

 

ورداً على هذا التصعيد، قصفت الفصائل المعارضة مرات عدة بالقذائف مناطق في دمشق، ما أسفر أيضا عن سقوط قتلى.

 

وتعاني الغوطة الشرقية، حيث يعيش نحو 400 ألف نسمة، من حصار خانق منذ العام 2013، ما أدى إلى نقص كبير في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.

 

إلى ذلك، نفت وزارة الدفاع الروسية تنفيذ قاذفات روسية غارات على قرية الشعفة في ريف دير الزور أول من أمس، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى.

 

وشددت الوزارة على أن القوات الجوية الروسية تنفذ ضرباتها في سورية خارج المناطق المأهولة بالسكان «وتستهدف حصراً الجماعات الإرهابية الدولية».

 

وأوضحت أن الأنباء عن غارة على قرية في دير الزور أوقعت عشرات القتلى «محض ادعاءات كاذبة».

 

وأفاد «المرصد» أمس، بارتفاع حصيلة القتلى جراء القصف الروسي إلى 53 مدنياً على الأقل بينهم 21 طفلاً.

 

وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس»، إن «القصف الجوي الروسي استهدف فجر الأحد أبنية سكنية في قرية الشعفة» التي تقع بمحاذاة الضفة الشرقية لنهر الفرات. وأضاف: «ارتفعت حصيلة القتلى بعد إزالة الأنقاض خلال عملية إنقاذ استمرت طوال اليوم، لتصل إلى 53 مدنياً على الأقل بينهم 21 طفلاً».

 

وكان المرصد أفاد في وقت سابق بمقتل 34 مدنياً بينهم 15 طفلاً. ووثق المرصد إصابة 18 آخرين بجروح.

 

وتقع الشعفة على الجهة المقابلة من المنطقة التي تخوض فيها قوات النظام السوري بدعم جوي روسي، معارك ضد تنظيم «داعش» على الضفة الغربية لنهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى قسمين.

 

سليماني تعرض لإصابة في إحدى المعارك بسورية

 

كشفت مصادر إعلامية إيرانية أن اللواء قاسم سليماني قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الإيراني، أصيب في وقت سابق في إحدى جبهات القتال في سورية. وذكر مراسل «قناة العالم» الإيرانية في مدينة البوكمال، شرق سورية أمس، أن سليماني لم يشارك فقط في معركة البوكمال على الحدود مع العراق، بل كان مرات عدة على جبهات القتال في سورية، وجرح في إحدى المرات، وتعالج من إصابته.

 

ولفتت «قناة العالم» إلى أن سليماني حضر أكثر للإشراف على سير العمليات في البوكمال، وذلك لأن المعركة حول هذه المدينة السورية تعتبر «أم المعارك» وفق تعبيره.

 

وأشارت إلى أن بقاء سليماني فترة طويلة في البوكمال، وإشرافه على العمليات العسكرية هناك كان يحركه رغبة طهران في الوصول أولاً إلى البوكمال قبل أميركا وحلفائها في سورية وعلى رأسهم «قوات سورية الديموقراطية».

 

وتفتح استعادة السيطرة على البوكمال الباب أمام إيران لتأمين ممر طهران- بغداد- دمشق- بيروت الإستراتيجي الذي تحتاج إليه إيران للوصول إلى المتوسط وضمان دعم «حزب الله» اللبناني.

 

المتحدث باسم وفد المعارضة السورية إلى جنيف لـ«القدس العربي»: النظام يختلق الذرائع لوقف العملية السياسية

هبة محمد وعبد الرزاق النبهان:

دمشق – حلب – «القدس العربي»:اتهم المتحدث الرسمي باسم وفد المعارضة السورية المفاوض والذي يتحضر لجولة محادثات السلام في جنيف، النظام السوري بأنه يختلق الذرائع من اجل افشال أي عملية سياسية تقود الى الحل وينهي الكارثة في سوريا. وقال الدكتور يحيى العريضي الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض الى جنيف في اتصال هاتفي مع «القدس العربي» ان بشار الأسد يتحرى اختلاق الذرائع من اجل تقويض العملية التفاوضية، الأمر الذي يعطي دلالة دامغة على قدر «اهتمامه» بسوريا ومستقبل السوريين.

جاء ذلك في وقت تباينت آراء السياسيين السوريين خلال حديثهم مع «القدس العربي»، حول مدى إمكانية نجاح مؤتمر «جنيف8» المزمع عقده اليوم، حيث رأى البعض أن المؤتمر سيفشل كما سابقه في إيجاد حلول سياسية، في حين اعتبره آخرون خطوة جيدة من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية.

وقال «الحجة المتكررة التي كان النظام السوري يقدمها ليبرر عدم التزامه بالعملية السياسية قد سحبت بعد الإعلان عن وفد مفاوض يضم أطياف المعارضة، مما اضطره الى اختلاق حجة جديدة، وسوف يختلق غيرها أيضا».

وأضاف العريضي: «النظام السوري بقراره الأخير حول إعلانه ان وفده الذي كان من المقرر أن يصل يوم أمس إلى سويسرا، قد أرجأ موعد وصوله إلى تاريخ لاحق لم يحدد بعد، قد خلق مشكلة له مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن والقرارات الدولية».

 

«مصير الأسد على الطاولة»

 

وقالت عضو الوفد المفاوض الى مباحثات السلام في جنيف أليس مفرج الممثلة لكتلة هيئة التنسيق الوطنية، ان الوفد المفاوض على اتم الاستعدادات والتحضيرات لخوض الجولة القادمة من المفاوضات، وسنضع مصير الأسد على الطاولة.

وأكدت «مفرج» في لقاء مع «القدس العربي» ان الوفد المنبثق عن الهيئة العليا للمفاوضات خلال اجتماعها الموسع في العاصمة السعودية الرياض، يملك «استراتيجية صلبة بتكتيكات مرنة بحيث تجعلنا ندخل في عمق العملية التفاوضية ونحن جاهزون لاي تجاوب بشرط ان ندخل بمفاوضات مباشرة مع النظام لان انجاز هذا الشرط هو انجاز التسوية السياسية بنسبة 50 في المئة» حسب تعبيرها.

وأضافت المتحدثة ان المرجعية الأولى للمفاوضين هي بيان «الرياض 2» مشيرة الى ان الوفد «سيدخل الى المفاوضات بدون أي شروط مسبقة، وهذه عبارة تفسر هذه على أوجه عدة حسب الايديلوجيات المتعنتة التي لا تريد الدخول بعملية سياسية، لان الحل الوحيد والاستراتيجي هو الحل السياسي لانهاء الكارثة السورية».

وتابعت عضو الوفد المفاوض الى جنيف: تحدثنا في نهاية البيان ان سقفنا التفاوضي انهاء نظام بشار الأسد ومغادرة الأسد في بدء المرحلة الانتقالية، ما يعني اننا سنضع مصير الأسد على الطاولة وعلينا أيضا التعامل مع هذا الشرط بطريقة سياسية محنكة بحيث ان كل ما سنقوم به هو آليات من اجل تقويض صلاحيات نظام الأسد ومغادرته، وابعاده عن هيئة الحكم الانتقالي، واقصاء كل من تلوثت ايديهم بدم الشعب السوري.

وحول دور موسكو التي هددت باستخدام «فيتو» على اعتبارها جزءاً من الوفد المفاوض، وخاصة بعد ان أصر قدري جميل على تسمية منصته بالجزء «المعطل» للقرارات التي لا تخدم الأسد، وتصر على رحيله المبكر، إضافة الى الإشارة حول ايران وبقائها في سوريا كدولة ضامنة قالت المتحدثة «منصة موسكو أصبحت جزءاً من الهيئة السياسية التفاوضية ونحن اصبحنا وفداً موحداً بمرجعية موحدة تتلخص في بيان الرياض 2 ويجب ان تلتزم بهذا البيان ولدينا مرجعيتنا هي القرارات الدولية».

 

خلاف مع منصة موسكو

 

وأضافت مفرج: ذاهبون الى جنيف بناظم وحيد هو بيان الرياض 2 إضافة الى القرارات الأممية أولها بيان جنيف 1 و قرار جنيف 2254 الذي نتعامل معه على انه واحد من المرجعيات الدولية وهذه نقطة خلافنا مع منصة موسكو التي تعتبره المرجعية الوحيدة، فيما نؤكد نحن ان كل القرارات الدولية التي تقر بالانتقال السياسي وضرورة الوصول اليه هي مرجعية شرعية.

فيما رأى المتحدث الرسمي باسم الوفد المفاوض الى جنيف الدكتور يحيى العريضي خلال حواره مع «القدس العربي» ان «قدري جميل» استمد هذا المسمى الجزء «المعطل» من الحكومة اللبنانية واعجبه الاسم ثم اطلقه على منصته ليعطل الحل السياسي في سوريا، مضيفا «هناك بيان قد وقعت عليه منصة موسكو وعند خروجها عنه سيكون هناك حل من نوع آخر».

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات قد اختارت وفدها المفوض بخوض جولة المحادثات مع النظام السوري في جنيف، والمؤلف من 18 شخصاً، يضاف اليهم 12 آخرون موزعين ما بين استشاريين واعلاميين، ويضم وفد هيئة التفاوض إلى جنيف الذي يترأسه نصر الحريري، ونوابه خالد محاميد، وجمال سليمان، وهنادي أبو عرب، إضافة الى هادي البحرة، وعبد الأحد اسطيفو، وحواس خليل، وصفوان عكاش، وأليس مفرج، وأحمد العسراوي، وفراس الخالدي، ومنير درويش، وقاسم الخطيب، وعمار النحاس، وياسر عبد الرحيم، وبسمة قضماني، وطارق الكردي، ويحيى العريضي الناطق الرسمي باسم الوفد».

الكاتب والمحلل السياسي السوري حسن النيفي يرى غياب المعطيات التي تشير الى امكانية حصول اي تقدم في لقاء جنيف، حيث أن نظام الاسد لن يقدم على التفاوض او التعاطي مع القضايا الجوهرية كمسألة الانتقال السياسي، وسيحاول استئناف كسب الوقت من أجل السيطرة على الغوطة والمزيد من الاراضي الأخرى.

وأضاف لـ «القدس العربي» ان احراز أي تقدم في المفاوضات مرهون بجدية النظام والتزامه بالقرارات الدولية، لكنه حتى الوقت الراهن ليس هنالك أي مؤشر يدل وجود نية لدى النظام.

وأشار إلى أن كل المعطيات تشير إلى مجمل التوافقات الاقليمية والدولية التي تتماهى الى حد بعيد مع الرؤية الروسية للحل، لكن السؤال الجوهري إلى أي مدى يستطيع الوفد التفاوضي السوري الحفاظ والصمود امام الضغوطات الاقليمية والدولية؟

وأوضح النيفي «ليس الوضع الدولي او الاقليمي ولا الوضع الميداني داخل سوريا مناسباً لخوض مفاوضات متكافئة»، مما يفسر استعجال الروس الى سوتشي لاستثمار جميع نقاط القوة التي يمتلكها النظام وحلفاؤه.

 

حلم الشعب

 

وأكد الأمين العام لحزب التضامن السوري، عماد الدين الخطيب على أن جنيف8 لا يزال حلم الشعب السوري بانهاء الصراع ووقف شلالات الدماء والتهجير والتدمير.

وأضاف في حديثه لـ«القدس العربي» أنه لا يمكن التكهن بنجاح جنيف8 بالوصول الى اتفاق نهائي حيث سيصطدم الاجتماع بالرغبة الروسية بان تكون الاجتماعات خارج جنيف وبرعايتها هي المخرج لانهاء الصراع لانها تدرك انها حينها تستطيع فرض ما تريده من شروط قد لا تتطابق والقرار الأممي 2254.

وهو يعتقد أن اجتماع جنيف8 لن ينطلق بسلاسة، لان النظام سيعود للتأكيد على سلة الارهاب والمطالبة بأن تكون هي الاولوية بدعم ايراني، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الامريكية رغم نيتها ايفاد مساعد وزير خارجيتها الى مباحثات جنيف8 الا انها حتى الآن لم تؤكد جديتها باتخاذ القرار الضاغط لانهاء الصراع.

ورأى أن النظام سيغرق المجتمعين بالتفاصيل والمشاورات، ولاسيما قصر المدة التفاوضية التي اعلنها دي مستورا الذي سيجد نفسه يرفع الاجتماع الى موعد آخر، وبالتالي بقاء الوضع على ما هو عليه وافساح المجال لروسيا لتفعيل الاستانة وكذلك مؤتمر سوتشي.

وقال السياسي السوري عيسى ابراهيم، إن جميع الأطراف في جنيف، خاصة الأسد الابن ومنظومته، أصبحوا رهينة بمآل الأمور لصراع مصالح إقليمي – دولي، حيث لا يمكن حتى الآن تبين مخرج مقبول في هذا الصراع للأطراف الأكثر انخراطاً فيه.

 

خطوة جيدة للحل

 

وهو يعتقد أن مجرد انعقاد مفاوضات جنيف في الوقت الحالي خطوة جيدة وسياق مهم لإيجاد حل خلال الوقت القادم الذي قد يحمل مفاجآت، لكنه استدرك بالقول إن طرح مسألة الدستور في مؤتمر جنيف والتملّص من تبعات نقاش هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحية من أجل تمييع مسألة رحيل الأسد والتمهيد لمحاكمته.

وأضاف لـ«القدس العربي» أن هذا الطرح حق لجمعية وطنية سورية بعد مغادرة الأسد الإبن وليس جنيف، وحتى تكون جنيف بالطريق الصحيح يجب طرح آليات للبدء بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية تحظى برضا الطرفين، لأنه بطبيعة الحال لن يكون الأسد الإبن طرفاً فيها لاعتبارات عدة تبدأ من كونه متهماً بارتكاب جرائم حرب.

 

دي ميستورا لمجلس الأمن الدولي: قلق بسبب التصعيد الهائل للعنف في الغوطة

عبد الحميد صيام:

نيويورك (الأمم المتحدة) – «القدس العربي»: استمع مجلس الأمن الدولي إلى إحاطة عن طريق الدائرة التلفزيونية المغلقة من ستافان دي ميستورا المبعوث الدولي المعني بسوريا في الوقت الذي يتم التحضير للجولة الثامنة للمحادثات السورية في جنيف.

وقال دي ميستورا في مستهل مداخلته: «هذه الأزمة التي تعد من بين الأسوأ على مدى تاريخ الأمم المتحدة، تشهد الآن إمكانية حقيقية للتوجه نحو عملية سياسية حقيقية… هناك إجماع دولي، ويجب أن نبدأ في تحويل العملية إلى نتائج ملموسة لتمكين السوريين من تقرير مستقبلهم بحرية». وأكد دي مستورا على أهمية اتحاد المجتمع الدولي في تقديم الدعم كي تتحرك المفاوضات السورية قدماً. كما أعرب عن القلق البالغ بشأن تصاعد العنف في الغوطة الشرقية خلال الأسابيع الأخيرة واستمرار القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة. وقال: «فيما تتم هزيمة داعش يتعين ألا يعيد أي من الجانبين تصويب أسلحتهم تجاه المناطق التي شهدت التهدئة. لذا أود أن أحث رعاة اجتماعات أستانة على التعامل مع هذا التحدي من أجل تجنب هذه المشكلة في المناطق التي اتفق على تخفيف التصعيد بها». وبالنسبة للعملية السياسية قال دي ميستورا إنه ما فتئ يطالب بعملية دبلوماسية حقيقية تتضمن النقاط التالية:

أولاً- أن يكون وفد الحكومة السورية (النظام) على استعداد حقيقي للتفاوض؛

ثانياً- أن يكون هناك وفد موحد من المعارضة وأن يكون لديه موقف مشترك واستعداد للتفاوض؛

ثالثاً: يجب أن تجري المفاوضات في جنيف دون شروط مسبقة؛

رابعاً: يجب أن يتفاوض الأطراف بشأن خطة عمل تركز في البداية على المبادئ الأساسية الإثني عشر والسلال الدستورية والانتخابية من أجل تنفيذ القرار 2254؛

وخامساً على جميع المبادرات أن تدعم دور الوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة والتي تتم بتكليف من مجلس الأمن ولا أحد آخر غير الأمم المتحدة.

وقال: لم تؤكد الحكومة السورية بعد نيتها المشاركة في اجتماعات جنيف لكنها قالت إنها سترسل رداً قريباً.

 

معبر “جوبان باي”.. شريان تجاري جديد بين تركيا وسوريا

كليس- الأناضول: تستعد السلطات التركية لفتح بوابة “جوبان باي” الحدودية مع سوريا، أمام الحركة التجارية، بعد تحويلها إلى معبر رئيسي بين البلدين.

 

وصادقت وزارة التجارة والجمارك التركية، مؤخرًا، على تحويل البوابة الواقعة في بلدة “إلبيلي” بولاية كليس (جنوب) إلى معبر رئيسي؛ ليكون شريانا جديدا للأنشطة التجارية في المنطقة.

 

وتطل البوابة على بلدة جوبان باي (الراعي) بريف محافظة حلب شمالي سوريا، التي جرى تطهيرها من عناصر تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) الإرهابي، بفضل عملية “درع الفرات”، التي أطلقتها تركيا بالتعاون مع الجيش السوري الحر.

 

ونفذت قوات الجيش التركي خلال الفترة من أغسطس/ آب 2016 وحتى مارس/ آذار 2017، عملية “درع الفرات” دعما للجيش السوري الحر.

 

ونجحت العملية في طرد تنظيم الدولة “داعش” من مناطق واسعة شمالي سوريا، بلغت مساحتها ألفين و55 كيلو مترًا مربعًا.

 

ومع توجه السلطات التركية لصيانة معبر “أونجو بنار” في ولاية كليس المقابل لمعبر “باب السلامة” بالجانب السوري قريبا، تكتسب بوابة “جوبان باي” أهمية كبيرة، كونها تشكل خيارا بديلا.

 

وفي تصريح للأناضول، قال والي ولاية كليس، محمد تكين أرسلان، إنه جرى توفير الأمن والاستقرار في المناطق المحررة شمالي سوريا بفضل عملية “درع الفرات”.

 

وأشار إلى انتعاش الحياة التجارية في تلك المناطق بعد استتباب الأمن فيها؛ ما أدى إلى بروز حاجة لفتح معبر إضافي.

 

ولفت أرسلان إلى تقديمهم دعما فنيا وخدمات استشارية لإدارة المعبر على الجانب السوري.

 

وأكد الوالي أن سلطات الولاية تعمل على تطوير الحركة التجارية بين كليس من جهة، ومدينتي أعزاز والباب السوريتين من جهة أخرى.

 

ونوه إلى أن معبر “جوبان باي”، سيفسح المجال أمام مرور البضائع بشكل سلس، بدءا من الأغذية وصولا إلى مواد البناء الضرورية لإعادة إعمار المدن في مناطق “درع الفرات”، التي يقطنها نحو مليون سوري.

 

وأردف قائلًا: “عندما نفتح المعبر قرييا، سيرى الجميع النتائج الإيجابية لذلك، سواء مواطنونا أو من يعيشون في سوريا”.

 

وأفاد الوالي بأن أعمال صيانة معبر “أونجو بنار”، ستستغرق نحو عام، وبالتالي سيكون مغلقا أمام الحركة التجارية.

 

وأوضح أنه بعد الانتهاء من أعمال صيانة المعبر، سيتم التركيز على تطوير وتحديث بوابة “جوبان باي” أكثر.

 

وذكر أرسلان أن البوابة تضم حاليا كافة الوحدات الضروية لتعمل كمعبر رئيسي، حيث ستكون هناك عناصر شرطة، وكوادر صحية، وإدارة جمركية، وموظفو المالية.

 

وأعرب الوالي عن ثقته بأن المعبر سيسهم في تنشيط الحركة التجارية في ولايات مثل “كليس″ و”غازي عنتاب” و قهرمان مرعش”، وتعزيز صادرات البلاد بشكل عام.

 

وتوقع أرسلان أن يدخل معبر “جوبان باي” حيز الخدمة بحلته الجديدة في غضون نحو 10 أيام.

 

وجدير بالذكر أن تركيا أسهمت بشكل كبير في تقديم خدمات صحية وتعليمية وأمنية في المنطقة؛ حيث بنت العديد من المدارس والمراكز الصحية، كما قامت بتدريب المئات من عناصر الشرطة ليتولوا توفير الأمن.

 

كما تواصل مؤسسة البريد التركية استعداداتها لفتح فروع لها في مناطق “درع الفرات” شمالي سوريا، التي تم تطهيرها من تنظيم “داعش”.

 

جنيف 8 يبدأ اليوم: 3 اجتماعات على أجندة المعارضة

ريان محمد

تنطلق، اليوم الثلاثاء، أولى لقاءات الجولة الثامنة من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، في مدينة جنيف السويسرية، مع آمال متضائلة بإحداث اختراقٍ في الأزمة، عبّرت عنها أطراف مختلفة. وتقام هذه الجولة من المفاوضات بعد اجتماع الرياض، الذي انتخبت فيه المعارضة السورية نصر الحريري، رئيساً للوفد المشارك، ومنسقاً للهيئة العليا للمفاوضات.

 

وحول أجندة اجتماعات اليوم، قال عضو الوفد التفاوضي والقيادي في “هيئة التنسيق الوطنية” أحمد العسراوي، لـ”العربي الجديد”، إن “الوفد التفاوضي الرئيسي يتكون من ممثل واحد عن كل مكون من مكونات الهيئة العليا للمفاوضات، في حين يبدأ يوم عملنا باجتماع خاص بأعضاء الوفد التفاوضي الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت جنيف، ومن المزمع أن يتم بحث تشكيل وفود مختصة بكل محور من محاور المفاوضات، إضافة إلى تحديد اختصاصيين وخبراء لكل محور”.

 

وأشار العسراوي إلى أنه “في الساعة الـ12 من ظهر اليوم، يعقد لقاء بين المبعوث الدولي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا وفريقه، ورئيس وفد التفاوض نصر الحريري ونوابه”، مضيفاً أن “هناك لقاء رسمياً تفاوضياً، الساعة الرابعة من عصر اليوم، إلا أنه غير معروف إلى الآن ما هو جدول أعماله، ومن المتوقع أن نتبلغ بذلك، في وقت لاحق من اليوم”.

كما لفت إلى أنه “من المتوقع أن تستمر الجولة لمدة أربعة أيام، حيث سيتم ترميم بعض الثغرات، والإعداد لجدول أعمال الجولة القادمة، التي يتردد عن احتمال عقدها في وقت قريب”.

 

وفد النظام يصل غداً

 

على الجانب الآخر، تأخر وصول وفد النظام السوري إلى جنيف، حيث من المتوقع وصوله غداً الأربعاء.

 

وذكرت متحدثة باسم الأمم المتحدة أن دي ميستورا تلقى رسالة، أن النظام السوري يعتزم الوصول إلى جنيف يوم غد للمشاركة في محادثات السلام.

وكان المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، قد شدّد على أنه يجب أن تجري مفاوضات جنيف التي تبدأ اليوم دون شروط مسبقة.

 

واعتبر خلال مؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع مجلس الأمن الدولي، أمس الإثنين، أن خطة العمل يمكن أن تبدأ بالتركيز على تنفيذ القرار 2254 الذي خلص لهدف نهائي هو تنظيم انتخابات عادلة بإشراف الأمم المتحدة، مؤكداً أنه يجب أن تجري المصادقة العامة على دستور جديد ويجب التوصل للدستور من خلال عملية جامعة. وأكد أن وفد النظام السوري لم يصل إلى جنيف أمس، لكنه أعرب عن أمله أن يصل في القريب العاجل للمشاركة في المفاوضات.

 

بدوره، قال رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات، نصر الحريري، مساء أمس، إنّ “التوقعات من جنيف 8 ضئيلة ونظام الأسد يواصل عرقلة المفاوضات”.

 

وحمّل الحريري، في مؤتمر صحافي بعد وصوله مع وفد التفاوض إلى جنيف، المبعوث الأممي ومجلس الأمن المسؤولية في إجبار النظام على التقدم في الحل السياسي، كما أشار إلى أن “الهيئة تسعى إلى عملية انتقال سياسي تتضمن رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية”، لافتاً إلى أن “الوفد المفاوض يتطلع إلى دعم أصدقاء الشعب السوري الدوليين والإقليميين والعرب لدعم العملية السياسية في سورية”.

 

وكانت المعارضة السورية قد شكلت وفدها التفاوضي الجديد مع ممثلين أقل عن الفصائل المسلحة، ومندوبين أكثر عن المستقلين ومنصتي موسكو والقاهرة، مبدية رغبة في التفاوض المباشر مع وفد النظام وفق القرارات الدولية التي تنص صراحة على تحقيق انتقال سياسي في البلاد، لا يزال النظام يحاول التهرب منه تحت ذرائع مختلفة.

وأفادت مصادر مطلعة، لـ”العربي الجديد”، أن وفد هيئة التفاوض إلى جنيف “مؤلف من 23 عضواً من مكونات الهيئة العليا للمفاوضات، بما فيها منصتا موسكو والقاهرة، يترأسهم نصر الحريري، ويضم أيضاً كلاً من خالد محاميد، وجمال سليمان، وهنادي أبو عرب، وهادي البحرة، وعبد الأحد اسطيفو، وحواس خليل، وصفوان عكاش، وأليس مفرج، وأحمد العسراوي، وفراس الخالدي، ومنير درويش، وقاسم الخطيب، وعمار النحاس، ومحمد الدهني، وأحمد العودة، وياسر عبد الرحيم، وبسمة قضماني، وطارق الكردي، ومهند ديقان، وسامي بيتنجانة، ويوسف سلمان، ويحيى العريضي وهو الناطق الرسمي للوفد”. وكانت جولة جنيف السابعة، منتصف يوليو/تموز الماضي، قد انتهت من دون تحقيق نتائج واضحة في التفاوض حول سلال المبعوث الأممي إلى سورية، بسبب رفض وفد النظام الدخول في مناقشة الانتقال السياسي الذي تعتبره المعارضة السورية “جوهر العملية التفاوضية”.

 

ماذا يقول السوريون في إدلب عن جنيف ومصير الأسد؟

جلال بكور

فيما تنطلق الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف اليوم الثلاثاء، جالت كاميرا “العربي الجديد” في محافظة إدلب، وسألت السوريين عن موقفهم من المفاوضات السورية عامة، وتوقعاتهم، وماذا يريدون من أي تسوية سياسية.

 

وعبّر مواطنون سوريون عن تأييدهم للحل السياسي في البلاد، لكنهم أكدوا على رفضهم بقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في أي تسوية، ورفضهم تقسيم سورية وتحويلها إلى كانتونات ودويلات صغيرة.

 

ويؤكد المواطن أحمد الإدلبي على أن المفاوضات في جنيف ليست في صالح الشعب السوري، موضحا أن ما يهم السوريين هو عدم بقاء الأسد في سورية، والمحافظة على مطالب الثورة السورية”.

 

وبدا عماد الشمالي متفقا، إذ قال إن المفاوضات منذ “جنيف 1” وإلى الآن لم تؤد إلى شيء حقيقي وملموس على الأرض، وكل مفاوضات تؤدي إلى رحيل الأسد نحن معها، وأي مفاوضات تقر ببقاء الأسد نحن ضدها، نحن شعب قدم كل شيء من أجل رحيل الأسد ولن نرضى ببقائه، مضيفا: “هناك من يسعى إلى تقسيم سورية، ونحن نرفض ذلك”.

 

ولفت أبو حازم إلى أن الكثير من السوريين في الداخل لا يعلمون من يمثلهم في المفاوضات في الخارج، مؤكدا على أن مطلبهم هو إزالة بشار الأسد، ووقف نزيف الدم في سورية، وعدم تقسيم سورية.

 

ولم تختلف مطالب جهاد البنشي، حيث وجه نداء إلى “الذين يفاوضون في جنيف وغيرها من المؤتمرات بأن يحافظوا على مطالب الشعب السوري، وأهمها رحيل الأسد، وعدم تقسيم سورية، وعدم التفريط بالدماء التي قدمها الشعب السوري في سبيل نيل الحرية والعدالة والكرامة”.

 

بينما قال محمد المعري “إن الذين يفاوضون مرتبطون بأجندات خارجية، نحن مع الحل السياسي، لكن كل المؤتمرات لم تقدم شيئا للشعب السوري لا في جنيف ولا غيرها”.

 

وبوضوح مشابه، بين سعيد الهاشم: “نحن كسوريين نؤيد الحل السياسي ونرفض بقاء الأسد وتقسيم سورية، ونطالب بحل يحافظ على مبادئ الثورة السورية، وعلى رأسها محاكمة بشار الأسد ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها”.

 

وقال سامر المشهدي: “نحن لا نعلم من الذي يفاوض عنا لكن ليكن من كان المفاوض، نحن لا نرضى ببقاء الأسد في حكم سورية أبدا”.

 

ومن المتوقع أن تنطلق الجولة الثّامنة من مفاوضات جنيف حول الانتقال السياسي في سورية صباح اليوم الثلاثاء، برعاية الأمم المتحدة، وسط انخفاض سقف التوقعات بتحقيق اختراق من شأنه التوصل إلى حل سياسي وفق القرارات الدولية الخاصة بالملف السوري، والتي بقيت من دون تنفيذ، على الرغم من مرور سنوات على صدورها، وأبرزها بيان “جنيف1” الذي صدر منتصف عام 2012، وتعتبره المعارضة المرجع الرئيسي للتفاوض.

 

 

حصار الغوطة… جوع وبرد وموت أمام أنظار العالم/ جلال بكور

سنوات مرّت وما زالت الغوطة الشرقية لمدينة دمشق محاصرة، وما زال من بقي من أهلها فيها يعانون من ذلك الحصار الذي يخنقهم، ولا سيّما مع الاستهدافات العسكرية المتكررة وإن بصورة متقطّعة

منذ نحو أسبوعين، تستمرّ حملة القصف التي تشنّها قوات النظام السوري على الغوطة الشرقية، مخلّفة عشرات القتلى بين المدنيين. يأتي ذلك وسط الحصار المطبق منذ سنوات على المنطقة، فالنظام يمنع إدخال المساعدات الإنسانية، ولا سيّما الأدوية والمواد الغذائية لنحو 350 ألف مدني. ويأتي البرد اليوم ليهدّدهم إلى جانب الجوع والمرض والقصف والغارات.

أبو هاني واحد من هؤلاء، يجد نفسه في حيرة، إذ لا يعرف كيف يطعم أطفاله الأربعة. حيرة تتكرّر يومياً، فهو من دون عمل بسبب عدم توفّر فرص في المنطقة، بالإضافة إلى أنّه يعاني من إصابة في إحدى ساقَيه. ويخبر “العربي الجديد” أنّه “قبل أربعة أعوام، أصبت بطلق ناري مباشر من قبل عناصر حاجز قوات النظام السوري خلال توجّهي من حيّ جوبر الواقع شرق مدينة دمشق إلى بلدة زملكا في الغوطة الشرقية. كنت أحاول النزوح مع عائلتي هرباً من القصف الذي طاول حيّ جوبر حينها”.

تلقّى أبو هاني العلاج في مستشفيات ميدانية في الغوطة، قبل أن يستقرّ في منزل لا يصلح للسكن في بلدة زملكا مع زوجته ووالدته وأطفاله الأربعة. فيقول: “كبروا وسط الحصار ولم يعرفوا ولم يروا أيّ شيء غير حصار الغوطة الشرقية والقصف والدمار”. ويشتكي من “هموم الحياة”، فهو بالكاد يجد ما يطعم به أطفاله لمرّة واحدة في اليوم، وأحياناً لا يجد. ويخبر كيف يقضي نصف يومه وهو يبحث عن الطعام، ونصفه الآخر وهو يفكّر في كيفية تأمينه في الغد. والطعام يكون غالباً حساء مصنوعاً من العدس أو دقيق القمح الذي يؤمّنه لهم “أهل الخير” بحسب ما يصفهم أبو هاني. وحتى يضمن طهي الحساء وتدفئة المنزل في البرد، يجمع أعواد الخشب والورق والنايلون والبلاستيك من أجعل إشعالها.

أحياناً، تتوفّر سلع غذائية معيّنة في الغوطة، لكنّ أبو هاني يعجز عن شرائها بسبب ثمنها المرتفع وعدم توفّر المال أو العمل الذي يدرّ المال. وفي حال توفّرت فرصة عمل ما، فإنّه لا يستطيع العمل كما يجب نتيجة الإصابة التي تعرّض لها. ويشير أبو هاني إلى أنّ الشتاء حلّ ولا يمكنني شراء كيلوغرام واحد من الحطب أو السكر أو الطحين بسبب غلاء أسعارها الفظيع”.

صغار يشتهون الطعام

تجدر الإشارة إلى أنّ أبو هاني يعيش مع زوجته وعائلته في منزل من دون أبواب ونوافذ. وتقول أم هاني إنّ “الأولاد يشتهون الطعام كثيراً، لكنّني أعمد دائماً إلى إلهائهم والضحك عليهم عبر وضع الماء على النار وإشعال الحطب ريثما ينامون”. وتشير إلى أنّ مطبخها في ذلك الذي يسكنونه، “لا يشبه المطابخ الحقيقية ولا يمكن أن يُطلق عليه اسم مطبخ”.

وتعبّر أم هاني عن استيائها الشديد من الوضع المتردّي الذي وصلوا إليه نتيجة الحصار، لافتة إلى أنّ “أطفالي لا يتلقون التعليم بطريقة جيّدة في الغوطة. هم يذهبون إلى المدرسة من دون طعام”. يُذكر أنّ حماتها المتقدّمة في السنّ، فقدت نظرها بسبب المرض.

وتتحدّث أم هاني عن وفاة شقيقها على خلفيّة مرض كان يعاني منه، إذ “منعتنا قوات النظام من إخراجه ونقله إلى مدينة دمشق لتلقي العلاج هناك. مرضه لم يكن عضالاً، وكان ثمّة دواء له في دمشق، لكنّ عدم توفّره في الغوطة نتيجة الحصار تسبّب بوفاته ويتّم أطفاله”. وتصرّ أم هاني على توجيه رسالة إلى الأمم المتحدة والمعنيين بقضيّة حصارهم، بأن يتوجّهوا إلى الغوطة الشرقية ويجبروا النظام على فكّ الحصار وإدخال الطعام والدواء إلى المحاصرين وفتح طريق لخروج المدنيين.

استغلال للحصار

في السياق، تخطّى سعر كيلوغرام السكر عشرة آلاف ليرة سورية أي نحو 23 دولاراً أميركياً، وذلك بسبب استغلال التجّار للحصار المفروض على الغوطة الشرقية، فضلاً عن الإتاوات المفروضة كذلك من قبل النظام على التجار الذين يُسمح لهم بإدخال مواد غذائية وبيعها في الغوطة.

وتوضح مصادر مطلعة في الغوطة الشرقية لـ”العربي الجديد”، أنّ “حواجز النظام السوري التي تحاصر الغوطة تعمد إلى فرض غرامة مالية كبيرة تقدّر ما بين ألف وألفَي ليرة سورية (ما بين 2.3 و4.5 دولارات) على كلّ كيلوغرام واحد من المواد الغذائية التي يدخلها التجّار إلى الغوطة. وهو الأمر الذي ينعكس سلباً على المدنيين العاجزين عن تأمين مستلزمات المعيشة اليومية”.

وتشير المصادر نفسها إلى أنّ “معدّل دخل الفرد في الغوطة لا يتجاوز 25 ألف ليرة (نحو 56 دولاراً) في الشهر، وهو دخل يستحيل على المواطن السوري أن يؤمّن من خلاله مستلزمات معيشته، وذلك على الرغم من الدعم التي تقدّمه منظمات دولية والمجالس المحلية من مواد أساسية كالقمح على سبيل المثال”.

تنافس على الاستغلال

إلى ذلك، تتحدّث مصادر مطّلعة أخرى لـ”العربي الجديد” عن تاجر مقرّب من قوات النظام يُدعى أبو أيمن المنفوش، يدير معبر مخيّم الوافدين الذي يصل مناطق النظام بالغوطة الشرقية من جهة مدينة حرستا، بالتعاون مع قوات النظام. وهو لا يسمح لأيّ طرف غيره بإدخال مواد مختلفة، وهو الذي يتحكّم بأسعار تلك المواد في مقابل إخراج مواد معيّنة من الغوطة. وتوضح هذه المصادر أنّ المنفوش هو من أبناء مدينة مسرابا التي تقع في الغوطة الشرقية المحاصرة، وقد دخل على خط التنافس معه تاجران آخران من مدينة دوما من آل حسابا وآل الوزير، وهو الأمر الذي جعل النظام يطمع في زيادة الإتاوات التي راحت تتخطّى في الشهر الواحد ربع مليار ليرة سورية (نحو 556 ألف دولار) وتُدفع من جيوب المواطنين الفقراء.

من هو المنفوش؟

أبو أيمن المنفوش أو محي الدين المنفوش يقطن في بلدة مسرابا الواقعة تحت سيطرة “جيش الإسلام”، وهو كان يشتهر في السابق بتربية المواشي وصناعة الألبان والأجبان، ليصير لاحقاً أبرز التجّار في غوطة دمشق وريفها. وقد توسّعت تجارته لتشمل الفواكه والخضار والهواتف المحمولة والمعلبات والمحروقات.

والمنفوش يعمل على إخراج العملة الصعبة من الغوطة إلى دمشق بالتنسيق مع معارفه من ضباط النظام في مقابل إدخال بضائع إلى الغوطة الشرقية وإخراج أخرى. فهو يعمد إلى إخراج الألبان والأجبان من الغوطة وإدخال مواد لازمة بأسعار خيالية. وأكثر المواد التي يؤمّنها هي القمح والشعير لتشغيل فرن يملكه، بالإضافة إلى أعلاف لقطيع أبقار يملكه.

ويؤكّد مطّلعون لـ”العربي الجديد” أنّ “المنفوش هو الذي كان متحكماً في إدخال المواد الغذائية إلى مدينة التلّ في ريف دمشق الشمالي ومدينة قدسيا جنوب غرب دمشق. وهو الرجل الوحيد المتحكّم بأسعار المواد الغذائية في الغوطة، والمتحكم بمعبر الوافدين الذي يسيطر عليه جيش الإسلام، ويملك مكاتب شحن في مناطق سيطرة النظام في مدينة دمشق”.

ويوضح هؤلاء المطّلعون الذين فضّلوا عدم الكشف عن هويتهم لأسباب أمنية، أنّ “المواد التي تدخل عبر مخيّم الوافدين تدخل إلى مدينة دوما حيث يسيطر جيش الإسلام، وتوزّع منها على مناطق أخرى في الغوطة”، مشيرين إلى أنّ “أيّ مادة تدخل إلى الغوطة يجب أن تدخل عبر التجّار الثلاثة المذكورين حصراً (المنفوش والتاجران من آل حسابا وآل الوزير)”. يضيفون أنّ “التجار الثلاثة يتحكّمون كذلك بمحلات تصريف العملة والحوالات الخارجية، وذلك من خلال عملاء لهم في الخارج ولدى النظام”.

تجدر الإشارة إلى أنّ النظام يسمح في بعض الأحيان بإدخال مواد غذائية بحدود مئتي طن، وذلك في مقابل إتاوات وغرامات تبلغ أضعاف أسعار المواد الحقيقية، الأمر الذي يؤدّي إلى ارتفاع أسعارها بطريقة هائلة وبالتالي عدم قدرة المدنيين على شرائها. كذلك فإنّ احتكارها من قبل بعض التجار يزيد من سعرها، إذ يعمد الجشعون منهم إلى احتكار مواد وبيعها عند تعطيل المعبر.

من يشتري المواد التي يدخلها المنفوش؟ يقول أبو عامر وهو من المحاصَرين، إنّ “المدنيين الذين يتمكنون من شراء المواد التي تدخل إلى الغوطة هم الذين لديهم أقارب خارج سورية ويحوّلون لهم عملة أجنبية عن طريق محلات الصرافة التابعة للتجار في دوما وفصائل المعارضة في مناطق الغوطة الأخرى. فيمكّنهم فرق صرف العملة المحلية من شراء تلك المواد في حين يعجز المواطنون الآخرون عن شرائها، بسبب الفقر. وهؤلاء يعتمدون بصورة كبيرة على المساعدات”.

ونسبة البطالة في الغوطة مرتفعة جداً نتيجة القصف وعدم توفّر فرص العمل. أمّا المواطنون الباقون فيعملون بمعظمهم كناشطين وموظفين لدى منظمات ومؤسسات مدنية وعسكرية تابعة للمعارضة السورية، ويتقاضون أجوراً متفاوتة. هؤلاء ينضمّون إلى الفئة القادرة على شراء المواد الغذائية.

يُذكر أنّ البطالة العالية في الغوطة الشرقية أدّت إلى انتشار التسوّل بصورة كبيرة كذلك عمالة الأطفال. هؤلاء الصغار راحوا يعملون في مجالات صعبة وخطرة بهدف تأمين لقمة العيش.

طمع ثمّ تسمم ووفيات

ولأنّ طمع التجار في الغوطة لا حدود له، فقد تسبّب أخيراً بعد خلطهم مادة مجهولة بملح الطعام بوفاة ثلاثة أطفال وإصابة 15 آخرين بحالات تسمم في بلدة سقبا. وكشفت مديرية صحة دمشق وريفها التابعة للمعارضة السورية أنّ خلط مادة النتريت مع ملح الطعام هو الذي أدّى إلى ذلك. وأكّدت المديرية أنّها “حصلت على عينة من المادة المسببة للتسمم ثمّ حوّلتها إلى مخبر تحاليل متخصص لمعرفة ماهيتها، فتبيّن بعد فحص المادة وإجراء التحاليل اللازمة أنّها ملح النتريت المخلوط بملح الطعام. وقد جرى تحديد الترياق المناسب للمادة السامة وتبليغ مراكز العناية المشددة به من أجل اتخاذ الإجراءات الطبية الضرورية”.

وحمّل المجلس المحلي لمدينة زملكا مسؤولية وفاة الأطفال للنظام السوري وحليفته روسيا نتيجة الحصار الذي يفرضانه على الغوطة الشرقية، فضلاً عن انعدام المقوّمات الأساسية للحياة وهي الغذاء والدواء. وجاء في البيان الذي أصدره المجلس في السياق، أنّ ندرة المواد الأساسية (الطحين والسكر والملح) وارتفاع أسعارها، يدفع الناس إلى شراء أيّ مادة تعرض من قبل الباعة المتجولين، ومن الممكن أن تكون غير صالحة للاستهلاك البشري.

ويفيد مصدر مطلع “العربي الجديد” بأنّ “الجهات الأمنية في المنطقة تعقّبت مصدر المادة التي جرى بيعها مخلوطة بملح الطعام من قبل أحد التجار في المنطقة وألقت القبض عليه، ليتبيّن أنّه هو من خلط المادة مع ملح الطعام وباعها للمدنيين”.

العربي الجديد

 

واشنطن: نعيد النظر بالدعم العسكري لبعض الجماعات في سورية

إسطنبول ــ باسم دباغ

أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة هاكابي ساندرز، الإثنين، أنّ واشنطن بصدد إعادة النظر في الدعم العسكري لبعض الجماعات المسلحة في سورية، بعد الانتصار الذي تحقق ضد  تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية.

 

وردًا على سؤال بشأن موقف واشنطن من بقاء رئيس النظّام السوري بشار الأسد، خلال الموجز الصحافي اليومي، أكدت المتحدثة، أن الإدارة الأميركية “ليس لديها أي تغيير في موقفها حالياً”.

 

بدورها، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إنها تجري حالياً النظر في إنهاء مساعدات الأسلحة المباشرة للقوات الكردية بسورية، بعد استعادة محافظة الرقة، مؤكدةً بالوقت ذاته مواصلة التعاون معها.

 

وفي تصريحٍ لـ”الأناضول”، تطرق المتحدث باسم الوزارة، إريك باهون، إلى مسألة دعم  حزب “الاتحاد الديمقراطي” (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في سورية، التي تناولها الرئيسان الأميركي دونالد ترامب، والتركي، رجب طيب أردوغان، هاتفياً يوم الجمعة الماضي.

 

وقال باهون إن بلاده قد أوضحت “بشكل دائم لتركيا أن الأسلحة المقدمة لقوات سورية الديمقراطية، بما فيها العناصر الكردية، ستكون محصورة بالمهمة المحددة، وتقدم بشكل متزايد من أجل تحقيق الهدف العسكري”.

 

وأضاف “وفقاً لهذه السياسة، فنحن نعيد النظر ببعض التغييرات المعلَّقة، ذات الصلة بالدعم العسكري المقدم إلى شركائنا الأكراد، قدر ما تحتاج المتطلبات العسكرية من أجل هزم “داعش” وتوطيد الاستقرار”.

 

إلى ذلك، شدد المتحدث على أن “الولايات المتحدة ملتزمة بهزم “داعش” وجماعات إرهابية أخرى في سورية، من أجل ضمان عدم عودتهم إلى المناطق المحررة”. وأكد أن بلاده ستواصل شراكتها مع حزب “الاتحاد الديمقراطي” والمنضوي تحت ما بات يُعرف باسم “قوات سورية الديمقراطية”.

 

وأضاف “سنواصل شراكتنا مع قوات سورية الديمقراطية لإكمال الهزيمة العسكرية لـ”داعش” واستقرار المناطق المحررة، من أجل السماح لعودة النازحين السوريين واللاجئين، والسعي من أجل ضمان عدم عودة عمليات داعش المسلحة”.

 

والأسبوع الماضي، أعلن البيت الأبيض، أن ترامب، أوضح في مكالمة هاتفية مع أردوغان، أن إدارته ستجري “تغييرات” على المساعدات العسكرية المقدمة لـ”شركاء” واشنطن في محاربة داعش داخل سورية.

 

من جهة أخرى، أكد أردوغان اليوم، أن المكالمة التي أجراها مع نظيره الأميركي شهدت لأول مرة منذ فترة طويلة تلاقياً في ما يخص العلاقات الثنائية، بينما أشار المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، إلى أن مجلس الأمن القومي التركي، سينعقد اليوم لتقييم تصريحات وزارة الدفاع الأميركية في ما يخص استمرار الدعم لقوات الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني).

 

وخلال كلمته في الاجتماع الأسبوعي لكتلة العدالة والتنمية البرلمانية، قال أردوغان “هذه هي المرة الأولى منذ فترة طويلة التي تمكنا فيها من الوصول إلى تردد مشترك في ما يخص العلاقات التركية الأميركية، سوف نواصل الحديث الذي بدأناه مع ترامب في ما يخص الاتحاد الديمقراطي وحركة الخدمة الإرهابية والعديد من المواضيع الأخرى، قد نقوم بمكالمة هاتفية أخرى هذا الأسبوع أيضاً”.

 

في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، خلال زيارته لإحدى ثانويات الفنون الجميلة في العاصمة التركية أنقرة برفقة وزير التعليم، عصمت يلماز، أن اليوم سيشهد انعقادَ مجلس الأمن القومي التركي، سيتم خلاله مناقشة كل الأمور التي تتعلق بالجناح السوري للعمال الكردستاني.

 

وفي تعليقه على تصريحات البنتاغون بخصوص استمرار الدعم المقدم للاتحاد الديمقراطي، قال كالن “سنقوم بتقييم كل ذلك، اليوم لدينا اجتماع مجلس أمن قومي، وبعد قليل سيجتمع الرئيس بالكتلة البرلمانية، سنقوم بتقييم كل ذلك، وبعدها سندلي بالتصريحات”.

 

ويستمر التوتر الأميركي التركي حول تمسك واشنطن بدعم الجناح السوري للعمال الكردستاني رغم الاعتراضات الشديدة من قبل الحليف في حلف شمال الأطلسي أي تركيا، وكذلك تستمر مؤسسات الدولة الأميركية في اتخاذ المواقف المتباينة بل وأحياناً المتعارضة من قضايا الشرق الأوسط.

 

جنيف 8″ السوري: محاولة إنعاش لمسار يهمشه النظام وروسيا/ محمد أمين

تدخل القضية السورية منعطفاً سياسياً جديداً مع انطلاق جولة جديدة من مفاوضات جنيف بين المعارضة، المصرّة على تطبيق قرارات دولية تنص على انتقال سياسي في البلاد، والنظام الساعي دائماً إلى إفشال هذه المفاوضات، مستنداً على دعم روسي وإيراني لا محدود، وعدم اتخاذ الإدارة الأميركية موقفاً حازماً يدفع النظام للدخول في مفاوضات جادة.

وفيما تؤكد المعارضة السورية جهوزيتها للشروع في مفاوضات مباشرة مع النظام للتوصل إلى حل وفق قرارات الأمم المتحدة، لا يزال النظام يبتز المجتمع الدولي، محاولاً خلط أوراق التفاوض قبل انطلاقه في محاولة لتغيير معادلات دولية واضحة، إذ لا مناص من تغيير عميق وجذري في سورية. وربما كان النظام يعوّل على تغيير في خطاب المعارضة السورية، خصوصاً لجهة مصير بشار الأسد، لكن بيان المعارضة في الرياض منذ أيام أوضح أنه لا تنازل عن انتقال سياسي من دون وجود للأسد فيه، وهو ما أثار استياء لدى النظام، يحاول ترجمته من خلال إفشال مساعي الأمم المتحدة في تفاوض حقيقي في جنيف.

وعشية انعقاد مفاوضات “جنيف 8″، شدد المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، على ضرورة أن تجري الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف بين وفدي النظام والمعارضة، من دون شروط مسبقة، موضحاً أن خطة العمل يمكن أن تبدأ بالتركيز على تنفيذ القرار 2254 الذي خلص لهدف نهائي هو تنظيم انتخابات عادلة بإشراف الأمم المتحدة، مؤكداً أنه يجب أن تجري المصادقة العامة على دستور جديد ويجب التوصل للدستور من خلال عملية جامعة. وأكد أن وفد النظام السوري لم يصل إلى جنيف أمس، لكنه أعرب عن أمله بأن يصل الوفد إلى جنيف في القريب العاجل للمشاركة في المفاوضات. وقال، خلال مؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع مجلس الأمن الدولي، أمس الإثنين، إن “هدفنا النهائي هو تنظيم انتخابات عادلة يشارك فيها جميع السوريين”، مضيفاً أن “جميع السوريين، بمن فيهم اللاجئون، سيشاركون في الانتخابات المرتقبة بسورية”. وأعلن أن “إعادة إعمار سورية ستكلف نحو 250 مليار دولار على الأقل”. وأشار إلى مشاركة نحو 200 ممثل عن المجتمع المدني في مفاوضات جنيف. وسيشارك دي ميستورا، اليوم، في اجتماع للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي سيعقد في جنيف بمبادرة من فرنسا.

وفي الوقت الذي تمسك فيه رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم برحيل رئيس النظام بشار الأسد، مؤكداً أن السلام الدائم في سورية “احتمال غير واقعي” في ظل بقاء الأسد في السلطة، كشف مصدر دبلوماسي لوكالات إعلام روسية أن “المؤتمر السوري للحوار الوطني” في سوتشي تأجل حتى فبراير/ شباط المقبل. وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن المؤتمر يراد منه أن يساهم في الإصلاح الدستوري بسورية والتحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

ومن المنتظر أن تنطلق اليوم الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، في ظل مؤشرات على أن الجولة الجديدة ستكون كسابقاتها من جولات عقدت على مدى أعوام، ونجح النظام وحلفاؤه في تحويلها إلى لقاءات إعلامية لا أكثر، وذريعة لتعديل موازين القوة على الأرض، وحشر المعارضة في زوايا ضيقة عسكرياً وسياسياً. وبدأ النظام أولى محاولات إفشال مسار جنيف برمته من خلال إرجاء سفر وفده إلى جنيف، تحت مزاعم “الاستياء” من مخرجات مؤتمر المعارضة الموسع في العاصمة السعودية، الذي انتهى الجمعة الماضي. ونقلت صحيفة “الوطن”، الموالية للنظام، عن مصادر دبلوماسية إن دمشق “مستاءة بعد قراءة مجهرية لبيان الرياض 2، والتفسير الملتبس لقرار مجلس الأمن 2254 تجاه تمثيل المعارضات كافة”. كما نقلت الصحيفة عن المصدر نفسه “أن دمشق ترى في بيان الرياض 2 عودة إلى المربع الأول في المفاوضات، خصوصاً تجاه فرض شروط مسبقة، مثل عبارة سقف المفاوضات رحيل الرئيس بشار الأسد عند بدء المرحلة الانتقالية”. واعتبر النظام أن بيان الرياض تضمن ما يسميه بـ”الألفاظ النابية”، خصوصاً تلك المتعلقة بمصير الأسد، إذ أكد البيان أن المرحلة الانتقالية تبدأ مع رحيل بشار الأسد و “زمرته” عن السلطة. كما يرى النظام أن بيان الرياض 2 يتضمن “شروطاً مبطنة”، معتبراً ما جاء في البيان “تجاوزاً للقرار 2254 ولا يليق بمسار سياسي من شأنه التوصل إلى حل لحرب مستمرة منذ 7 سنوات، تم خلالها القضاء على آلاف الإرهابيين”، وفق المصدر الذي تناسى أن قوات النظام ومليشيات إيرانية، بدعم من الطيران الروسي، قتلت وشردت ملايين السوريين.

من جانبها، شكلت المعارضة السورية وفدها التفاوضي الجديد مع ممثلين أقل عن الفصائل المسلحة، ومندوبين أكثر عن المستقلين ومنصتي موسكو والقاهرة، مبدية رغبة في التفاوض المباشر مع وفد النظام وفق القرارات الدولية التي تنص صراحة على تحقيق انتقال سياسي في البلاد، لا يزال النظام يحاول التهرب منه تحت ذرائع مختلفة. وأفادت مصادر مطلعة، لـ”العربي الجديد”، أن وفد هيئة التفاوض إلى جنيف “مؤلف من 23 عضواً من مكونات الهيئة العليا للمفاوضات، بما فيها منصتا موسكو والقاهرة، يترأسهم نصر الحريري، ويضم أيضاً كلاً من خالد محاميد، وجمال سليمان، وهنادي أبو عرب، وهادي البحرة، وعبد الأحد اسطيفو، وحواس خليل، وصفوان عكاش، وأليس مفرج، وأحمد العسراوي، وفراس الخالدي، ومنير درويش، وقاسم الخطيب، وعمار النحاس، ومحمد الدهني، وأحمد العودة، وياسر عبد الرحيم، وبسمة قضماني، وطارق الكردي، ومهند ديقان، وسامي بيتنجانة، ويوسف سلمان، ويحيى العريضي وهو الناطق الرسمي للوفد”. وكانت جولة جنيف السابعة، منتصف يوليو/تموز الماضي، قد انتهت من دون تحقيق نتائج واضحة في التفاوض حول سلال المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا الأربع، بسبب رفض وفد النظام الدخول في مناقشة الانتقال السياسي الذي تعتبره المعارضة السورية “جوهر العملية التفاوضية”.

وحاول الروس والإيرانيون، حلفاء النظام، حرف الاهتمام السياسي والإعلامي عن مسار جنيف، من خلال عدم تحقيق أي تقدم في المفاوضات أولاً، وتركيز الاهتمام على مسار أستانة ثانياً لتمرير رؤيتي موسكو وطهران بما يتعلق بالحل النهائي، في ظل تراخٍ أميركي واضح، إذ لم تتضح بعد الرؤية الأميركية للحل في سورية، في ظل مؤشرات على إطلاق يد الروس في الملف السوري. ولم يتضح بعد جدول أعمال هذه الجولة، ولكن نائب المبعوث الأممي إلى سورية، رمزي رمزي، أكد الالتزام بالتعامل مع “السلال التفاوضية الأربع” (الحكم، والدستور، والانتخابات، ومحاربة الإرهاب) خلال الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف، مع التركيز على سلتي الانتخابات والدستور، وفق المسؤول الأممي.

من جانبها، تبدو المعارضة متفائلة بعودة الزخم السياسي والإعلامي إلى مسار جنيف مرة أخرى، خصوصاً أنها سدت ذريعة الوفد الواحد التي كان دي ميستورا يتخذ منها شماعة يعلق عليها فشله في تحقيق تقدم في المفاوضات، متماهياً في ذلك إلى حد بعيد مع خطة روسية تستهدف خلط الأوراق، وتسعى وراء تشتيت تمثيل المعارضة من خلال منصة موسكو، التي ترى المعارضة أنها أقرب إلى النظام، وتنفذ أجندة روسية، لكنها اضطرت لضمها إلى الهيئة العليا للمفاوضات، وتالياً إلى الوفد المفاوض، تحت ضغوط إقليمية ودولية. وربما يدفع فشل المساعي الروسية في عقد مؤتمر “الحوار الوطني السوري” حتى اللحظة في سوتشي  إلى “عودة الروح” إلى مسار جنيف، الذي لم يحقق عبر جولات متعددة أي تقدم يذكر على صعيد التأسيس لحل سياسي في سورية، إذ تبدو الأمم المتحدة مشلولة أمام مأساة لا تزال تتصاعد.

وأبدى نائب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، جمال سليمان، تفاؤلاً حذراً في الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف. وقال، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إنه “لا يحق للسوريين، بعد سبع سنوات، إلا التفاؤل الحذر كحد أقصى”. وتذهب المعارضة السورية إلى جولة جديدة من المفاوضات متسلحة بقرارات دولية، تصر المعارضة على التمسك بها وتطبيقها، رغم أن هذه القرارات لا تحقق الحد الأدنى من مطالب الشارع المعارض السوري الذي يرى أن رحيل الأسد وأركان حكمه من السلطة من دون محاكمة أمام محاكم دولية، جراء ما ارتكبوه من جرائم طيلة سنوات، يعد بحد ذاته تنازلاً سياسياً كبيراً. وأشار الناطق الجديد باسم الهيئة العليا للمفاوضات والوفد المفاوض، يحيى العريضي، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إلى أن المعارضة تتجه هذه المرة إلى مفاوضات بوفد واحد وموحد، مقراً، في الوقت ذاته، بوجود تباين بالأفكار داخل الوفد، مضيفاً أنها “تباينات مقدور عليها”. وأكد أن المعارضة تركز خلال الجولة المقبلة على القرارات الدولية، خصوصاً بيان “جنيف 1” والقرار 2254، مضيفاً “يجب ألا يكون تطبيق القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية انتقائياً، أو كما تشتهي السياسة، والأغراض المخبأة”. وأعرب عن اعتقاده بأن الزخم الإعلامي والسياسي سيعود إلى مفاوضات جنيف “في حال ابتعاد الروس عنه، كي تكون هذه المفاوضات في جنيف مساراً سياسياً واضحاً يأخذ أبعاده للتأسيس لعملية انتقال سياسي في سورية”، وفق العريضي.

العربي الجديد

 

الوعد الأميركي حول تسليح الأكراد: إعلان تركي مشكوك بفاعليته/ إسطنبول ــ باسم دباغ

استمر التوتر بين تركيا والولايات المتحدة في ظلّ إصرار الأخيرة على استمرار تقديم الدعم لقوات حزب “الاتحاد الديمقراطي” (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في سورية، رغم انتهاء الحرب عملياً على تنظيم “داعش”، ورغم حديث وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، عن تعهد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال المكالمة التي أجراها مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، بـ”وقف تقديم السلاح للحزب”، إلا أن فقدان الثقة بدا واضحاً من خلال تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي، بكير بوزداغ، أمس الإثنين.

وفي المقابلة التي أجراها مع إحدى القنوات الخاصة التركية الموالية للحكومة، دعا بوزداغ الإدارة الأميركية إلى “اتخاذ خطوات واضحة في إطار وقف تقديم السلاح للاتحاد الديمقراطي”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة ستخدع العالم إن لم تتوقف عن تقديم الأسلحة لمليشيات الاتحاد الديمقراطي”. وأوضح قائلا “نحن بحاجة إلى أن نرى انعكاساً ملموساً على الأرض فيما يتعلق بالبيانات”، في إشارة إلى بيان البيت الأبيض حول إبلاغ الرئيس الاميركي لنظيره التركي، حول “قيام واشنطن بتعديل للدعم العسكري للشركاء على الأرض في سورية”.

وبدت تصريحات بوزداع انعكاساً واضحاً لفقدان الثقة بين الجانبين، بعد الوعود الكثيرة التي قطعتها الولايات المتحدة لتركيا ولم تلتزم بها، وكان أكبرها، الوعود التي تناولت انسحاب قوات “الاتحاد الديمقراطي” من منطقة منبج بعد طرد “داعش”، الأمر الذي لم يتم رغم الضغوط التركية الكبيرة.

وعلى الرغم من إعلان وزير الخارجية التركية عن تعهّد الإدارة الأميركية بـ “وقف تقديم السلاح لمليشيات الاتحاد الديمقراطي، التي تمكنت من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية بدعم من التحالف الدولي ضد داعش”، إلا أن بيان البيت الأبيض حول المكالمة بين الرئيسين، حمل عددا من الإشارات المتناقضة في هذا الأمر.

وبحسب بيان البيت الأبيض، فقد “أكد الجانبان على الشراكة الاستراتيجية بينهما، وعلى التعاون في محاربة جميع التنظيمات الارهابية، مشدّدين على حلّ الأزمة السورية عبر الطرق السياسية بموجب قرار مجلس الأمن 2254، وبدعم المفاوضات بإشراف الأمم المتحدة في جنيف”. وعلى خلاف حديث وزير الخارجية التركي، لم يشر البيان إلى “وقف تقديم السلاح لقوات الاتحاد الديمقراطي أو قوات سورية الديمقراطية”، بل إلى تعديلات منتظرة في الدعم العسكري “لشركائنا على الأرض”، من دون الخوض في هذه التعديلات. أما أردوغان فاكتفى بالتعليق على المكالمة على حسابه على موقع “تويتر”، بالقول “أجرينا مكالمة هاتفية مثمرة مع رئيس الولايات المتحدة ترامب”.

وعلى الرغم من أن الرئاسة التركية لا تشارك، عادة، صورا لمكالمات الرئيس التركي مع زعماء الدول الأخرى، كان من اللافت مشاركة الرئيس التركي لصورة لمكتبه في القصر الرئاسة للعاصمة التركية أنقرة، خلال إجراء المكالمة، صورة حملت العديد من الرسائل. وأظهرت الصورة حضور المكالمة كل من جاووش أوغلو، ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن، ومدير مكتب أردوغان، حسن دوغان، ومستشار الرئاسة حمدي كليتش.

ومن بين رسائل الإصرار التركي على ضرب “العمال” الكردستاني مهما كلف الأمر، ظهرت في المكتب راية الفرقة 57 من الجيش العثماني، التي قتل جميع أفرادها خلال معركة جناق قلعة 1915 (حملة غاليبولي) في الحرب العالمية الأولى (1014 ـ 1918). معركة تمكن خلالها الجيش العثماني من هزم القوات البريطانية والأسترالية والنيوزلندية والفرنسية، التي حاولت احتلال مدينة إسطنبول، إضافة إلى ذلك، ظهر تمثال مصغّر لنصب شهداء 15 يوليو/تموز 2016، الذين سقطوا خلال مقاومة المحاولة الانقلابية.

ورأى مراقبون، أن “بيان البيت الأبيض لا يعني بداية تغيير في الاستراتيجية الأميركية في سورية، المعتمدة بشكل أساسي على تحالفها مع قوات الاتحاد الديمقراطي، لأنه لم يتحدث عن وقف تقديم السلاح، فالمرحلة المقبلة لا تستوجب، بطبيعة الحال، أي تقديم إضافي للأسلحة، خصوصاً أن قوات الاتحاد الديمقراطي تملك ما يكفيها من الأسلحة، ولم تضطر للدخول في معارك حقيقية تستوجب استهلاك السلاح. كما لا تلوح أي معارك حقيقية في الأفق مع داعش، الذي فقد قدرته على المناورة تحت وطأة سلاح الجو الأميركي، الذي تولى معظم مهمة تدمير التنظيم”.

في غضون ذلك، بدت تحركات الإدارة الأميركية، كمحاولة لامتصاص غضب الأتراك، ومنعهم من الانسياق بشكل أكبر نحو المحور الإيراني الروسي، الآخذ بالتبلور في محادثات أستانة وقمة سوتشي، والذي منح أنقرة العديد من المكاسب، في ظل تشدّد واشنطن في منح أي مكاسب على الأرض لحليفتها في حلف شمال الأطلسي، كان أهمها عملية درع الفرات”.

كذلك علم الأميركيون استحالة استمرارهم في سورية دون إرضاء الأتراك، لأن تحالف أنقرة مع كل من واشنطن وموسكو، مع تلويح الرئيس التركي بالتحالف مع النظام السوري ضد الجناح السوري للعمال الكردستاني، قد يحوّل مكاسب واشنطن في سورية خلال الحرب على “داعش” إلى كابوس لن يقل عن الكابوس الأميركي بعد غزو العراق (2003). ومناطق سيطرة “الاتحاد الديمقراطي” والأميركيين تكاد تكون محاصرة بكل من إيران وتركيا وروسيا، وسط موقف عراقي واضح برفض أي فيدرالية في سورية قد تقوي في المستقبل إقليم كردستان العراق.

وما عزز عدم الثقة التركية بالإدارة الأميركية الحالية، هو أن الأخيرة، ورغم المجاملات التي سوّقها ترامب لأردوغان في كل مناسبة، خذلت أنقرة، وبدت إدارة برؤوس عدة في عدد من أزمات المنطقة وكان آخرها أزمة حصار قطر، مع تصرف البيت الأبيض بشكل منفصل عن كل من وزارة الدفاع والخارجية الأميركية، فبينما دعم ترامب دول الحصار على قطر، اتخذت الدفاع والخارجية موقفاً مخالفاً لموقف البيت الأبيض. الأمر الذي تكرر بعد مكالمة ترامب ـ أردوغان.

وبما بدا استمرارا للرسائل المتضاربة، نقلت قناة “سي أن أن” الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن “عدد القوات الأميركية في سورية يصل إلى 2000 فرد، معظمهم من أفراد القوات الخاصة”، مشيرة إلى أن “البنتاغون سيعلن في الأيام القريبة المقبلة بشكلٍ صريح عن عدد العسكريين الأمبركيين في سورية”. وكان ممثل هيئة الأركان المشتركة الأميركية، كينيث ماكينزي، قال في تصريحات سابقة إن “عدد القوات الأميركية في سورية يبلغ نحو 500 فرد”.

العربي الجديد

جنيف-8″:وفد النظام يصل الأربعاء..والمعارضة تتهمه بالخوف

تنطلق الثلاثاء مباحثات “جنيف-8” بغياب وفد النظام السوري عن يومها الأول، في حين رحّب رئيس وفد المعارضة بدعوة المبعوث الدولي لمناقشة السلة الأولى من السلال الأربع؛ الانتقال السياسي.

 

المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أعلن الثلاثاء، أنه تلقى رسالة تفيد بأن “وفد الحكومة السورية سيصل الى جنيف الأربعاء”. وقالت وكالة الأنباء السورية “سانا” إن “الخارجية السورية تؤكد مشاركة وفد الحكومة في محادثات جنيف غداً (الأربعاء)”.

 

وشنّت صحيفة “الوطن” الموالية، الثلاثاء، هجوماً على “الشروط غير الواقعية” لوفد المعارضة بعدما أكد بيان مؤتمر “الرياض-2” على تنحي بشار الأسد مع المرحلة الانتقالية. “الوطن” أوردت أن الوفد “لا يزال حتى الآن في دمشق ولم يغادر إلى جنيف”، مرجحة في حال حسم قراره بالمشاركة، أن يصل صباح الأربعاء. وانتقدت الصحيفة تصريحات رئيس وفد المعارضة نصر الحريري في جنيف، معتبرة اياها مؤشراً على “رغبة المعارضة في إفشال مسار جنيف وعرقلته من خلال شروط مسبقة غير واقعية”.

 

في المقابل، اتهم رئيس “الهيئة العليا للمفاوضات” نصر الحريري، وفد النظام باتباع “تكتيكات المماطلة”، وقال: “تأتي قوى المعارضة بوفد واحد وتتجاوز كل العقبات (…) نرى اليوم أن النظام لا يأتي في تأكيد لسياسته القديمة الجديدة المعرقلة للتقدم السياسي”.

 

وهي المرة الاولى التي تشارك المعارضة في المفاوضات بوفد موحد، يضم الإئتلاف الوطني وهيئة التنسيق ومنصتي القاهرة وموسكو، وممثلين عن التنسيقيات ومستقلين وممثلين عن الفصائل المُسلحة.

 

ورأى الحريري أن رفض النظام حتى الآن للحل السياسي “يعكس حقيقة موقف الدول التي تدعم النظام”. وطالب روسيا بالضغط على دمشق، قائلاً “إذا كانت لدى روسيا نية بالتوصل الى حل سياسي فهي الجهة الوحيدة القادرة على أن تأتي بالنظام الى طاولة المفاوضات”، معتبراً أن البديل عن ذلك “إرادة دولية جماعية تضغط على الروس والنظام” للمشاركة.

 

وأكد الحريري أن جدول أعمال المعارضة في “جنيف-8” سيتمحور حول ملفات الانتقال السياسي والقضايا الإنسانية ثم الدستور وإجراء الانتخابات. واتهم الحريري النظام بالخوف من المحادثات المباشرة، مطالباً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على نظام الأسد لتحرير الشعب السوري من قبضته. وأوضح الحريري أن نظام الأسد هو الوحيد الذي يستطيع الإجابة عن مصير مؤتمر سوتشي، مؤكداً أن المعارضة رفضت الذهاب إلى “سوتشي-1″، لأنه لا يخدم العملية السياسية في سوريا.

 

ويبدأ وفد “الهيئة العليا للمفاوضات”، جدول أعماله الثلاثاء، باجتماع لأعضاء الوفد الساعة العاشرة بتوقيت جنيف لبحث تشكيل وفود مختصة بمحاور المفاوضات، وتحديد اختصاصيين وخبراء لكل محور. ويلتقي الوفد ظهيرة الثلاثاء المبعوث الدولي وفريقه.

 

ويتوقع أن تستمر محادثات “جنيف-8” أربعة أيام.

 

وكان دي ميستورا، قد أعلن خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، الإثنين، أن النظام وجه رسالة إلى المنظمة الدولية، يبلغها أن وفده لن يحضر إلى جنيف، الثلاثاء، للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات السياسية حول سوريا، رافضاً أي “شروط مسبقة” من الطرفين. وأضاف: “ندرك جيداً وجود فوارق بين المواقف المعلنة وما يجري في المفاوضات”، مؤكداً “عدم فرض شروط مسبقة على الطرف الآخر ورفض محادثته. فهذا هو جوهر التفاوض”.

 

وفي مؤشر على دعم عملية جنيف، اتفق الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والفرنسي ايمانويل ماكرون، الإثنين، خلال محادثة هاتفية، على أن محادثات جنيف هي “المسار الشرعي الوحيد للتوصل إلى حل سياسي في سوريا”، وفق بيان للبيت الأبيض.

 

وتعقد الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن اجتماعاً الثلاثاء في جنيف بطلب فرنسي. وأعلن دي ميستورا أنه سيشارك في “هذا الاجتماع التحضيري”.

 

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في لندن الإثنين، إن محادثات استانة “ليست بديلاً عما يجري في جنيف”، مضيفاً “ما نحاول القيام به هو اعداد بُنية من أجل حل ينبثق عن محادثات جنيف”. وأكد يلدريم أن بلاده ما زالت متمسكة برحيل الرئيس السوري، قائلاً: “على المدى الطويل لا يمكن للأسد البقاء في سوريا. يجب تقبل هذا الواقع”.

 

إدلب:”تحرير الشام” تعتقل قادة “القاعدة” الأردنيين

خالد الخطيب

شنّت “هيئة تحرير الشام” حملة اعتقالات واسعة، الإثنين، طالت عدداً من الشخصيات السلفية الجهادية التابعة لتنظيم “القاعدة” في إدلب وحلب وحماة. وشملت الاعتقالات قادة من الصفّين الأول والثاني، وعشرات العناصر من المُهاجرين، خاصة الأردنيين منهم.

 

وجرت اشتباكات متقطعة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في مناطق مختلفة، على خلفية المداهمات التي نفذها الجهاز الأمني التابع لـ”الهيئة” لمقار ومنازل المطلوبين في الحملة. الاشتباكات تسببت بجرح عدد من عناصر الجهاز الأمني الذي تمكن من اعتقال بعض الشخصيات المطلوبة، بينما تمكن عدد من المطلوبين من الفرار، ويرجح أنهم لجأوا إلى مدينة سرمين جنوب شرقي مدينة إدلب.

 

الجهاز الأمني التابع لـ”الهيئة”، استنفر قواته، فجر الاثنين، ونشر عدداً كبيراً من عناصره على الحواجز المحيطة بإدلب وريف حلب الغربي، وتمكن من القاء القبض على الشخصيتين الأهم في قائمة المطلوبين في الحملة الأمنية؛ المسؤول الشرعي العام السابق في “جبهة النصرة” سامي العريدي، والقيادي السابق في “جبهة فتح الشام” إياد الطوباسي “أبو جليبيب الأردني”. وتم اعتقالهما ومن معهما من مرافقة شخصية، قبل فجر الإثنين، على حاجز لـ”الهيئة” شمالي مدينة دارة عزة قرب الحدود السورية التركية. ولم تحصل أي اشتباكات تذكر أثناء اعتقالهما، وقيل إنهما كانا في طريقهما الى مقر زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، تلبية لدعوة من أجل حلّ الخلاف المتصاعد بين تيار الداعمين لإحياء فرع “القاعدة” في سوريا الرافضين لفك ارتباط “فتح الشام” عن “القاعدة” من جهة، و”هيئة تحرير الشام” المتمسكة بقرارها من جهة ثانية.

 

العريدي والطوباسي، المعتقلان لدى “الهيئة”، هما أمير جماعة “أنصار الفرقان” ونائبه. وهذه الجماعة هي فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، الذي أعلن عن تشكيله بعد الانتشار العسكري التركي المباشر في الشمال السوري. وقاد الرجلان اللذان يحملان الجنسية الأردنية، تيار المنشقين عن “جبهة النصرة” بعدما أعلنت فك ارتباطها بتنظيم “القاعدة” في تموز/يوليو 2016، وتشكيل “جبهة فتح الشام”. وأكد أحد أبناء إياد الطوباسي “أبو جليبيب الأردني” نبأ اعتقال والده، في تسجيلات صوتية قال فيها: “أؤكد اعتقال أبي من قبل الهيئة، وكان هذا على آخر حاجز بيننا وبين الأكراد، وذلك عند الساعة السادسة والنصف صباحاً”.

 

وداهم الجهاز الأمني التابع لـ”الهيئة” مقار ومنازل قياديين آخرين في “القاعدة”، قرب أطمة وسرمدا والدانة وسلقين، من قادة الصف الأول في “أنصار الفرقان”، وبينهم نائب سابق لأبو مصعب الزرقاوي يُعرف باسم “أبو القسام الأردني”، وكذلك “أبو همام العسكري” أو “أبو الهمام الشامي”، العسكري العام لـ”جبهة النصرة” سابقاً والمرشح لتسلم منصب القائد العسكري لـ”أنصار الفرقان”، وكذلك بلال خريسات “أبو خديجة” الأردني المسؤول الشرعي في “أنصار الفرقان”، وكذلك “أبو هاجر الأردني” الذي التحق بـ”جبهة النصرة” مطلع العام 2012 وعمل عسكرياً في الغوطة الشرقية قبل أن ينتقل أوائل 2015 الى ريف ادلب ليصير أميراً على قطاع البادية، إلى أن انشق عن “النصرة” رفضاً لفك ارتباطها بالـ”القاعدة”.

 

وداهمت القوة الأمنية مقر “أبو سليمان السوري”، الذي كان مقيماً في الأردن، والمحسوب على التيار الجهادي الأردني الذي يتصدر قيادة “أنصار الفرقان”، وكان قائداً عسكرياً في “جبهة النصرة”. “السوري” و”أبو هاجر” هما قائدان عسكريان في “أنصار الفرقان”، وجرت اشتباكات خلال اعتقالهما مع عناصر حمايتهما.

 

حملة الاعتقالات التي شنتها “الهيئة” طالت أيضاً قيادات من الصف الثاني، وهم في الغالب أردنيو الجنسية أيضاً، ممن كانوا ضمن صفوف “جبهة النصرة” في قطاعات البادية في ريفي حلب وادلب. ومن بينهم “أبو الليث” و”أبو زكريا” و”أبو مسلم”. كما اعتقل عدد كبير من عناصر الحماية، والمرافقة الشخصية للشخصيات البارزة التي تم اعتقالها، وهناك جزء كبير منهم من الجنسية السورية.

 

مصدر عسكري معارض أكد لـ”المدن”، أن الحملة الأمنية التي تقوم بها “الهيئة” موسعة، شملت عدداً كبيراً من الشخصيات داخلها، من المهاجرين تحديداً، وقد تم استغلال إطلاق الحملة الموجهة أصلاً لقادة “أنصار الفرقان” من قبل الجولاني للتخلص من بقايا المعارضين والمنافسين له داخل “الهيئة”. وهذه الخطوة التي يقوم بها الجولاني هي بمثابة ضربة استباقية لمنع حدوث انشقاقات خلال الفترة القادمة المليئة بالمتغيرات التي ستكون فيها “الهيئة” شريكاً أساسياً.

 

وأصدرت “الهيئة” بياناً تزامن مع حملتها الأمنية ضد “أنصار الفرقان”، عنونته: “وللقضاء كلمة الفصل”، واتهمت فيه الشخصيات المستهدفة بحملة الاعتقالات بتقويض بنيان “الهيئة” وزعزعته: “سعت هيئة تحرير الشام منذ انطلاقتها لإقامة كيان سني يحشد طاقات أهل الشام لدفع العدو الصائل ويمثل ثورة أهل الشام بما يليق بهم، وبذل في سبيل تحقيق تلك الغايات النبيلة الغالي والنفيس؛ إلا أن فئاماً من الناس،  هداهم الله وغفر لهم ، بنظرتهم القاصرة وتصورهم الضيق المحدود كانوا منذ البداية ضد هذا التوجه ولم يكتفوا بمجرد ذلك بل أخذوا يسعون جاهدين لتقويض هذا البنيان وزعزعته وبث الفتن والأراجيف فيه”.

 

وتابع البيان: “نتيجة لتزايد الضرر والفساد الذي تسببه هذه المجموعات فقد تم إعلامهم مسبقاً وتنبيههم أن الأمر سيحال للقضاء بعد فشل مساعي الصلح، وأن الأمر لا يمكن أن يبقى معلقاً دون حسم، فإن قيادة الهيئة وانطلاقاً من واجباتها تجاه الساحة وتجاه جنودها، ومنعاً لانزلاق الساحة إلى مآلات خطيرة، وبعد تعثر مساعي الصلح المنشودة قامت بتقديم لائحة ادعاء تجاه رؤوس الفتنة لكي يقدموا لمحاكمة شرعية عادلة تظهر عبرها الحقيقة وإن الأمر الآن لدى القضاء ليقول كلمته الفصل”.

 

القائد الاداري في “هيئة تحرير الشام” أبو مالك الشامي، أصدر بياناً دافع فيه عن الحملة الأمنية التي تشنها “الهيئة”، شارحاً فيه أهمية التحول الذي قامت به “جبهة النصرة” حين فكت ارتباطها بـ”القاعدة”، الذي اعتبره اجراءً شرعياً. وقال الشامي: “استطاعت الحركة الجهادية ولأول مرة في التاريخ المعاصر أن تنتقل إلى حركة تعيش آلام الناس، وأوجاعهم وتحاول جهدها إيصال هم نصرة الدين إلى عموم المسلمين، وقد ظهر نجاح هذه الحملة النوعية في أرض الشام جلياً والحمد لله”.

 

وأضاف بيان الشامي: “إن ما حصل اليوم هو نتاج لمرحلة مضت، ولكن لم يستجب الأخوة لمقترحاتنا، والذي ينظر لمصلحة الساحة، ومصلحة أهل السنة في الشام يعلم أن الخطب جلل، فسنعمل جاهدين على إخماد هذه الفتنة”.

 

“جبهة النصرة” التي تتزعم “هيئة تحرير الشام” حالياً، حاولت ثني التيار المنشق عنها عن مواصلة مشروعه الذي يهدف لإعلان فرع لتنظيم “القاعدة” في سوريا. والجهود الرامية لتخفيف التصعيد بين التيارين فشلت، على الرغم من أن شخصيات محسوبة على التيار السلفي الجهادي، من بينها المقدسي وأبو قتادة، كانت أصدرت قبل مدة مبادرة للصلح بين الطرفين.

 

“الهيئة” فشلت أيضاً في إقناع المنشقين، على الرغم من عروضها المغرية كتنصيب بعضهم في مواقع قيادية مقربة من الجولاني. وتتخوف “الهيئة” من تنامي دور هذه الجماعة التي أصبحت تمثل تهديداً حقيقياً لها في إدلب، في ظل تمدد تنظيم “الدولة الإسلامية” في ريف حماة، ومعه طيف واسع من عناصر “لواء الأقصى” المقربين من “أنصار الفرقان”.

 

ولعل إعلان “لواء الأقصى”، على لسان أحد الإعلاميين المقربين منه، عن استعداده لتأمين الحماية للملاحقين من قبل “الهيئة” حال توجههم لمدينة سرمين، خير دليل على أن الطرفين؛ “لواء الأقصى” و”أنصار الفرقان”، على تنسيق يهدف إلى الانقلاب على “هيئة تحرير الشام”.

 

الحملة الأمنية لـ”الهيئة”، مستمرة حتى اللحظة. وأحدثت الاعتقالات موجة عارمة من الاعتراضات داخل صفوف “الهيئة” على اعتقال المهاجرين وطالبت بالإفراج عنهم فوراً. “قوات النخبة/القطاع الغربي” التابعة لـ”جيش النصرة”، أصدرت بيان إدانة للحملة الأمنية، وكذلك مجموعة من القيادات العسكرية والشرعية في “الهيئة”. وطالبت الأصوات المعترضة بإطلاق سراح المعتقلين، وأعلنت عن تعليق عملها داخل صفوف “الهيئة” ممهلة الجولاني 24 ساعة للاستجابة للمطالب.

 

استنفار واسع تعيشه “هيئة تحرير الشام” في ظل تنامي التيار المناهض داخلها للحملة الأمنية التي تشنها على أتباع “القاعدة”. فهل ستستجيب “الهيئة” لمطالب المناهضين لها، وتوقف حملتها الأمنية؟ أم أن الأمور تتجه نحو التصعيد، وربما ستشهد انشقاقات كبيرة في صفوفها تؤدي لاقتتال شرس بين أبناء البيت الواحد؟

 

واشنطن وأنقرة”على الموجة نفسها”بشأن تسليح الوحدات الكردية؟

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الثلاثاء، إن محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، كانت أول مرة منذ فترة طويلة يكون فيها البلدان على “نفس الموجة”، وإن الاتصالات ستستأنف خلال الأيام المقبلة. وأضاف أردوغان في كلمة لنواب حزب “العدالة والتنمية” في البرلمان، إن المناقشات ستستمر بشأن القوات الكردية السورية، والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية، والخلاف بشأن شبكة رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.

 

وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، كانت قد قالت الإثنين، إنها بصدد مراجعة تعديلات متعلقة بالأسلحة المقدمة للقوات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا، لكنها لم تصل إلى حد إعلان وقف نقل الأسلحة، وأشارت إلى أن قرارات من هذا القبيل ستستند إلى متطلبات المعركة.

 

ونقلت وكالة “رويترز” عن المتحدث باسم البنتاغون إريك باهون، قوله: “نراجع تعديلات وشيكة للدعم العسكري المقدم لشركائنا الأكراد بقدر ما تسمح المتطلبات العسكرية لهزيمتنا لتنظيم الدولة الإسلامية وجهود إرساء الاستقرار بمنع عودة التنظيم”.

 

باهون، قال لوكالة “الأناضول”: “الولايات المتحدة ملتزمة بهزم داعش وجماعات إرهابية أخرى في سوريا من أجل ضمان عدم عودتهم إلى المناطق المحررة”. وأكد أن بلاده ستواصل شراكتها مع “الاتحاد الديموقراطي”، وجناحه العسكري “وحدات حماية الشعب” المنضوية تحت “قوات سوريا الديموقراطية”.

 

واستطرد باهون بالقول: “سنواصل شراكتنا مع قوات سوريا الديموقراطية لإكمال الهزيمة العسكرية لداعش، واستقرار المناطق المحررة، من أجل السماح لعودة النازحين السوريين واللاجئين والسعي من أجل ضمان عدم عودة عمليات داعش المسلحة”.

 

وقال باهون إن بلاده قد أوضحت “بشكل دائم لتركيا أن الأسلحة المقدمة لقوات سوريا الديموقراطية بما فيها العناصر الكردية (وحدات الحماية) ستكون محصورة، بالمهمة المحددة وتقدم بشكل متزايد من أجل تحقيق الهدف العسكري”. وتابع: “وفقاً لهذه السياسة، فنحن نعيد النظر ببعض التغييرات المعلقة، ذات الصلة بالدعم العسكري المقدم إلى شركائنا الأكراد قدر ما تحتاج المتطلبات العسكرية من أجل هزم داعش وتوطيد الاستقرار”.

 

وشدد على بقاء واشنطن “ملتزمة بأمن حليفنا في الناتو، تركيا”، بما في ذلك دعم جهودها في مكافحة التهديدات القادمة من حزب “العمال الكردستاني”.

 

المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، قالت بدورها، إن الولايات المتحدة تعتزم خفض الدعم العسكري لجماعات تقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، وأوضحت أنه في ظل تقلّص الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد “فإننا في وضع يمكننا من وقف تقديم العتاد العسكري لجماعات معينة لكن ذلك لا يعني وقف كل الدعم لتلك الجماعات”.

 

وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي، قال الإثنين، في تعليقه حول عملية عسكرية محتلمة لبلاده ضد “التحاد الديموقراطي” في مدينة عفرين السورية: “من يدري ربما غداً، وربما قبله”. ولم يقدم جانيكلي، مزيداً من التفاصيل حول موعد العملية، مبيناً أن هذه العبارة من بيت شعر لكاتب النشيد الوطني التركي الشاعر محمد عاكف أرسوي.

 

وأشار الوزير التركي إلى أن بلاده “أسست 3 مراكز مراقبة في سوريا بموجب مباحثات أستانة وسيرتفع العدد في الفترة المقبلة إلى 12”. وشدد على أن “مباحثات أستانة لا تعد بديلاً عن مفاوضات جنيف التي تقودها الأمم المتحدة وإنما بمثابة دعم لها”.

 

نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداج، قال الإثنين، إن الاتصال الهاتفي بين إردوغان وترامب، الجمعة، “مثّل نقطة تحول في العلاقات المتوترة بين البلدين”، لكنه حثّ واشنطن على أن تفي بوعدها بالكف عن تزويد المقاتلين الأكراد السوريين بالسلاح. وقال بوزداج: “تصريح (لن نقدم أسلحة) الذي أدلى به رئيس أميركي للمرة الأولى، مهم، لكنه سيفقد قيمته إذا لم ينفذ. سيكون بمثابة خداع للعالم”.

 

أولويات السعودية ضد إيران.. في سوريا ولبنان

منير الربيع

وفق المعطيات المتوافرة، لا تبدو جولة المشاورات التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون للبحث عن مخرج للأزمة الحالية، ستخرج بما هو استثنائي، أو ستتخذ قرارات مصيرية. وتشير مصادر متابعة فإن أقصى ما يمكن أن تصل إليه هذه المشاورات، هو إصدار بيان رئاسي يعلن نهاية المشاورات، والتزام لبنان بالاجماع العربي، وبأنه عربي الهوية والانتماء، وحريص على عدم إدخال أي جهة في شؤونه، كما أنه ينأى بنفسه عن الصراع الإقليمي. لدى حزب الله استعداد لتليين موقفه ووقف الحملات الإعلامية التي من شأنها إلحاق الضرر بالرئيسين عون وسعد الحريري معاً، بشكل يريح رئيس الحكومة في إعادة تفعيل عمل حكومته. أما على الصعيد العملي، فحتى الآن ليس هناك ما يشير إلى متغيرات ستحصل على الأرض.

 

عملياً، تلخص يوم المشاورات في مواقف رؤساء الكتل، ويمكن استشراف المرحلة المقبلة، من كلام النائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع. فالأول اعتبر أنه لا بد من النأي بالنفس والبحث في كيفيته، داعياً على عدم فتح السجال بشأن سلاح حزب الله، لأنه يعتبر أن هكذا سجال يؤزم الوضع بدون تحقيق أي خرق إيجابي، بل سيعيد الإنقسام إلى البلد. أما جعجع فاعتبر أن التسوية مستمرة، ويجب تصويبها، مشدداً على بقاء وزراء القوات في الحكومة. وهي إشارة إلى أن الحكومة ستعود إلى العمل.

 

وقد اختتم عون يوم المشاورات بلقاء الرئيسين نبيه بري والحريري. وتفيد المصادر بأنه جرى الإتفاق على كسب مزيد من الوقت لبلورة صورة الحلّ والمخرج من الأزمة. وهذا ما رمى إليه بري حين قال: “تفاءلوا بالخير تجدوه”. ولاحقاً، وضع القصر الجمهوري الأمور في نصابها، إذ اعتبر أن نتائج المشاورات ستبلّغ للمؤسسات الدستورية بعد عودة عون من زيارته إلى إيطاليا.

 

يعتبر البعض أن الكرة في ملعب حزب الله. ولا شك أن الحزب يطرح تساؤلات عن كيفية التعاطي مع هذا الوضع، وهو يزن أي خطوة سيتخذها بميزان الجوهرجي. لم تمرّ مرحلة مشابهة لهذه المرحلة. وهو يقرأ ما بين سطور التطورات الخارجية، رغم غلبته الواضحة في لبنان. لا شك أن لديه تحسب للتحولات التي ستحصل، لأن هذه المرحلة هي مرحلة المقدمة لبداية تكوين معادلات جديدة في المنطقة، وقد تؤدي إلى متغيرات جذرية، تسعى لإحداثها دول عدة.

 

لكن السؤال يبقى، ماذا ستفعل السعودية، بعد انتهاء المهلة التي منحتها للبنان، لوقف تدخل الحزب في عدد من الدول العربية؟ الجواب غير واضح بعد، لكن السعوديين يعتبرون أنهم أعطوا تنبيهات، ومنحوا مهلة لتطبيق ذلك والإلتزام العملي بالنأي بالنفس، وبما أنه لم يتم الالتزام بذلك، فهذا يعني أن السعودية ستبرر أي خطوة قد تتخذها.

 

هنا، ثمة من يطرح سؤالاً جديداً: هل ستحمل الأيام المقبلة، تغييراً في أداء الحريري؟ ثمة من يعتبر أن الحريري سيتجيب في الفترة المقبلة وبعد انقضاء فترة التريث، التصعيد السعودي، ويعود إلى نبرة التصعيد ضد حزب الله. وما قد يشجع الحريري على ذلك، هو تهيّب حزب الله للحظة، وبعض المؤشرات التي تفيد بأن القضية أكبر من السعودية والحريري، خصوصاً أن في السابق، كان حزب الله يواجه كل هذا الكلام بالتصعيد. أما اليوم فتجنّب التصعيد بوجه السعودية يعود لتوجسه من خطوات خطرة ربما في المستقبل، بناء على معطيات دولية.

 

تعمل السعودية الجديدة وفق منطق أساسي، هو استقطاب الرأي العام السنّي، بالإشارة إلى عدم السماح بالتفريط بحقوقهم. هذا ما تستند إليه السعودية، مقارنة مع عدم وجود أي حاضنة شعبية لإيران في سوريا. بالتالي، فإن مطلب استعادة حقوق السنّة، لا يمكن لإيران أن تقف بوجهه. وهذه ما تراهن عليه السعودية مع روسيا، لأجل محاصرة إيران، انطلاقاً من أن المجتمع السوري لا يميل إلى القوات الحليفة لإيران. بالتالي، تستثمر السعودية اليوم بالبنية الاجتماعية السنية في سوريا. وهو ما يشكل نقطة قوة لها، مقابل نقطة ضعف لإيران. مع الإشارة إلى أن العلويين في سوريا، لا يشكلون حاضنة لإيران، بل إن الولاء لروسيا.

 

لا يمكن لروسيا أن تعارض هذا التوجه ولا أن تكون تركيا بعيدة عنه، وتوافق عليه واشنطن. لذلك، مهما كان الحلّ في سوريا، وإن كان يقضي بقاء بشار الأسد، إلا أن الهم الأساسي للسعودية هو ضرب الوجود الإيراني، من خلال الاستثمار في البنية المذهبية وفي الهوية المذهبية الإيرانية. ونظراً لضعف المشروع الإيراني خارج البيئة الشيعة، فهذا سيمنح السعودية فرصة استعادة قواها. وسيكون العنوان الأساسي للمواجهة التي تطرحها.

 

دمشق قد لا تحضر “جنيف-8”..وموعد مؤتمر سوتشي لم يحدد

أكد المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الاثنين، أن وفد الحكومة السورية لم يؤكد مشاركته بعد في جولة المحادثات التي تبدأ في جنيف الثلاثاء، وكشف أن دمشق وجّهت رسالة إلى الأمم المتحدة أبلغت المنظمة فيها أن وفدها لن يحضر إلى جنيف الاثنين.

 

وقال دي ميستورا خلال مؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية، في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي: “لقد وجهوا لنا رسالة مساء أمس (الأحد) تقول انهم لن يصلوا الاثنين الى جنيف” مؤكداً أن الامم المتحدة لن تقبل “أي شرط مسبق” للمشاركة سواء من قبل الحكومة السورية أو المعارضة. وتابع “اذا حضر الطرفان الى جنيف، فسنتمكن من اجراء محادثات معمقة”.

 

وأعلن المبعوث الدولي أن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ستعقد اجتماعاً في جنيف، الثلاثاء، بطلب فرنسي. وقال إنه سيحضر “هذا الاجتماع التحضيري”، وطالب دمشق بالحضور إلى جنيف “في ضوء التزامات الرئيس السوري بشار الأسد خلال قمة سوتشي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.

 

وخلال إحاطته التي قدمها في مجلس الأمن، أشار دي ميستورا إلى أن “أكثر من 200 ممثل عن المجتمع المدني السوري سيحضرون الى جنيف في الاسابيع المقبلة”، وأكد حضور خبراء في مجال حقوق الانسان، سيتولون مهمة بحث الاعتقالات وحالات الاختفاء القسري في سوريا. كما أنه لفت إلى إمكان حضور خبراء في القضايا الدستورية.

 

وأعلن دي ميستورا أن جولة “جنيف-8” ستبحث في جدول الأعمال المحدد مسائل، إقامة “حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية” وصياغة دستور جديد، والتحضير لانتخابات “تحت اشراف الامم المتحدة” واجراء مباحثات حول الارهاب.

 

في غضون ذلك، حسم وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف مصير مؤتمر “الحوار الوطني السوري” المزمع عقده في مدينة سوشتي الروسية، وأكد أن تحديد موعده ما يزال صعباً.

 

ونقلت وكالة “إنترفاكس” عن لافروف قوله “الآن كما تعرفون، تقدمت قمة سوتشي للرؤساء بوتين وروحاني وأردوغان بمبادرة عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي ستكون المسألة الأهم فيه إصلاح الدستور والتحضير للانتخابات على هذا الأساس، أي الانتخابات البرلمانية والرئاسية”.

 

وأضاف “ولكن لا يمكن أن يقرر ذلك إلا الشعب السوري. والمؤتمر الذي نقترح عقده هو أحد أشكال التحرك نحو هذا الهدف (..) نأمل بأن يكون ذلك مساهمة في المفاوضات التي من المقرر استئنافها في جنيف برعاية الأمم المتحدة”.

 

وشدد لافروف كذلك على أن موسكو تعتبر “وحدة أراضي سوريا ضرورة مطلقة. وحتى الآن لم يقل أحد، وأتمنى ألا يقول أبدا، إن هذا المبدأ يمكن التشكيك فيه”.

 

سباق دولي وإقليمي على تقاسم النفوذ السوري في غياب التأثير العربي

وفد النظام السوري يبلغ المبعوث الدولي إلى سوريا دي ميستورا رفضه حضور الجولة الثامنة من جنيف.

 

عندما يغيب العرب

 

دمشق – تنطلق الثلاثاء الجولة الثامنة من مباحثات جنيف، وسط مشاركة المعارضة السورية للمرة للأولى بوفد موحد، لعبت السعودية دورا واضحا في التوصل إليه خلال اجتماع الرياض 2 الذي عقد الأسبوع الماضي.

 

بالمقابل أبلغ وفد النظام السوري المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أنه لن يحضر الجولة، في سابقة من نوعها تعكس رغبة في وضع العصا في دواليب جنيف.

 

ويرىّ محللون أن الجولة الجديدة محكومة بالفشل على ضوء موقف النظام، الذي ما كان ليتخذ خطوة مقاطعة المباحثات لولا وجود ضوء أخضر روسي.

 

وتتولى الأمم المتحدة الإشراف على المحادثات التي ستحضرها بالتأكيد وفود من الدول المنخرطة بشكل مباشر وغير مباشر في النزاع السوري، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران، فيما الحضور العربي لن يتجاوز السقف المأمول وربما يقتصر على وجود سعودي وأردني على أبعد تقدير.

 

وهناك اليوم حالة تململ من ضعف التأثير العربي على الملف السوري، رغم أنه من المفروض أن يكون للدول العربية اليد الطولى في هذا الملف، فسوريا هي عمق الوطن العربي، وترك تقرير مصيرها بيد القوى الكبرى وإيران وتركيا في غاية الخطورة ليس فقط عليها بل على الأمن القومي للمنطقة بشكل عام.

 

وتزاحم اليوم دول مثل إيران وتركيا كل من روسيا والولايات المتحدة على لعب دور رئيسي في صياغة مستقبل سوريا، وتقاسم النفوذ على أراضيها، فيما المجموعة العربية في مجملها باستثناء بعض الجهود تفضل البقاء على الربوة بانتظار ما تؤول إليه الأمور.

 

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الإمارات أنور قرقاش في تغريدات على موقعه على تويتر الاثنين “المؤسف في التطورات الدولية للأزمة السورية تهميش الدور العربي، فباستثناء جهود الرياض في توحيد صفوف المعارضة، نرى أن التوافق الروسي الإيراني التركي هو الغالب والدور العربي ثانوي”.

أنور قرقاش: المؤسف في التطورات الدولية للأزمة السورية تهميش الدور العربي

 

وشدد قرقاش على أن “الحلّ السياسي في سوريا هو الطريق الوحيد لأزمة دموية مشتدّة، ولكنه، وبكل واقعية، لا يمكن أن يكون حلاّ إيرانيا أو تركيا وأن يغيب عنه الدور العربي”.

 

ويرى محللون أن ضعف الحضور العربي في الأزمة السورية يعود بالأساس إلى غياب رؤية موحدة لحلها، فضلا عن أن بعض الدول وعلى رأسها قطر كان لها دور هدام من خلال مساهمتها بشكل واضح في تحريف الثورة السورية عن مسارها عبر ضخ الدعم لمجموعات متطرفة على غرار جبهة النصرة (فتح الشام حاليا)، وقد استغل النظام السوري وحليفتيه إيران وروسيا هذا الوضع لقلب المعادلة.

 

ويرى خبراء أنه لا يمكن فهم التهميش العربي في الملف السوري دون العودة إلى بدايات الأحداث، ففي الأشهر الأولى من اندلاع المسيرات الاحتجاجية في عدد من المحافظات السورية في العام 2011 بدا واضحا الإرباك على باقي الدول العربية، كما أن دولا محورية منها مصر آنذاك سبقها “طوفان الربيع العربي” وبالتالي هي في وضع لم تكن تستطيع معه الاضطلاع بدور في حل المعضلة السورية.

 

وبعد مضي نحو العام من الأزمة وتحولها إلى مسلحة بدأت تبرز رؤى ومواقف عربية متناقضة لحسابات داخلية وإقليمية، حيث خيّرت دول تبني الحياد فيما خيرت دول أخرى دعم المعارضة السورية المعتدلة، لكن الإشكال الأبرز هنا كان عندما تصدرت دولة قطر المشهد في سوريا وتحالفت مع تركيا على مدار الثلاث سنوات الأولى من الحرب وراهنت على دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين وعلى وجه الخصوص حركة أحرار الشام والنصرة.

 

وانحصر دور الأردن المجاور لسوريا على تأمين حدوده الشمالية، عبر دعم مجموعات تنتمي بالأساس إلى العشائر، وفصائل من الجيش السوري الحر، التي نجحت في السيطرة على معظم محافظة درعا وجزء مهم من القنيطرة والسويداء، جنوب البلاد.

 

وشكل الرهان القطري التركي على الإسلاميين خاصة في شمال سوريا وغربها الطامة الكبرى بالنسبة للثورة السورية، حيث نجح النظام في استثمار ذلك للترويج إلى أن من يقاتلهم هم مجموعات إرهابية، وليس هناك “معارضة معتدلة”.

 

ويشير الخبراء إلى أن قطر وبعد سنوات من الحرب وفشل رهانها خيرت التخفيف من حضورها في المشهد مع الاستمرار في تقديم الدعم المادي للمتطرفين، لتتولى المملكة العربية السعودية الدور الأكبر عبر دعم المجموعات المعتدلة مع التركيز على المعارضة السياسية حينما فتحت أبوابها لاحتضانها لتشجيع الوصول إلى تسوية، ولكن حضور الرياض كان سبقه تعقد المشهد بانخراط روسي مباشر في الأزمة في 2015.

 

واستطاعت روسيا بالفعل قلب موازين القوى بشكل جذري لصالح النظام لتتحول إلى متحكم بزمام الحرب في هذا البلد.

 

ويرى مراقبون أنه لا يمكن تحميل كافة المسؤولية عن ضعف الحضور العربي على دول العربية، فالمعارضة السورية نفسها التي ساندتها تلك الدول لم تكن على قدر التحدي وانخرط بعضها في حسابات لصالح دول إقليمية مثل تركيا دون أن تكون البوصلة الأساس سوريا.

 

ويقول المراقبون ليس الحضور العربي فقط هو الضعيف في سوريا اليوم، فحتى الدول الغربية والأمم المتحدة تراجع دورها وتأثيرها مع أنها كانت هي الأخرى متصدرة للمشهد، وهذا يعود إلى أن موسكو من باتت المتحكم الفعلي في المشهد.

 

ويشير هؤلاء إلى أنه لا يمكن توقع الكثير في جولة جنيف، حيث أنه من الواضح أن روسيا تسعى لضرب هذه المنصة والاستعاضة عنها بمنصة سوتشي، وليس أدل على ذلك من التعاطي الباهت مع استحقاق جنيف، ورفض وفد النظام حضوره. والاثنين أعلنت موسكو تأجيل مؤتمر سوتشي إلى فبراير.

 

ويرى مراقبون أن الخطوة ترمي إلى إعطاء مساحة أكبر للمشاورات مع الدول الفاعلة في الأزمة حول خطوط التسوية، قبل أن يتم عرضها في سوتشي الروسية. فماذا يستطيع العرب فعله ضمن هذا الهامش من الوقت؟

 

واشنطن للأكراد: اللعبة انتهت… وهذه استراتيجيتي الجديدة

الحرب على «داعش» في الشرق السوري شارفت على نهايتها. الأميركيون الذين أوقفوا عمليات حلفائهم الأكراد شرق الفرات، وأنهوا طلعاتهم الجوية فوقها، استخلصوا النتائج، وجمعوا قادة «وحدات حماية الشعب» الكردية والقوات العشائرية العربية التي تشاركهم الحرب لا قيادتها، وأبلغوهم أن لا أسلحة ثقيلة بعد اليوم، وأن عليهم إعادة ما بحوزتهم منها، والتفاهم مع العرب لتسليمهم إدارة المجالس المحلية في مناطقهم

محمد بلوط

 

موسم الأخبار الأميركية السيئة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، يبدو أنه قد بدأ يضع حداً لصعود القوة الكردية في الشمال السوري، وإحداث توازن عربي ــ كردي، وطمأنة تركيا ـ رجب طيب أردوغان.

فمن «البنتاغون» أولاً، حيث منح الناطق العسكري باسمه، إريك باهون، صدقية غير مسبوقة، وللمرة الأولى لتصريحات الرئيس التركي عن تلقيه تعهدات من نظيره الأميركي دونالد ترامب، وبأنه أصدر تعليمات بعدم تقديم أسلحة إلى المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة تهديداً.

 

الأتراك تحدثوا منذ أشهر عن تعهدات مماثلة، لكن من دون أن يصدر عن البيت الأبيض ما يشي بقرب تنفيذها. إريك باهون تحدث أيضاً عن «مراجعة جارية لتعديلات وشيكة للدعم العسكري المقدم لشركائنا الأكراد، بقدر ما تسمح المتطلبات العسكرية لهزيمة داعش، وإرساء الاستقرار». طائرات «الهركيليس» الأميركية الضخمة، سلّمت شحنة أخيرة من الاسلحة الثقيلة أول من أمس في مطار الرميلان، بحسب ما قالت مصادر معارضة في المنطقة لـ«الأخبار».

الأخبار الأسوأ جاءت من الرقة، إذ قال مسؤول عشائري عربي كبير في الشمال السوري لـ«الأخبار» إن اجتماعاً واسعاً عُقد في القاعدة العسكرية الأميركية على أطراف مدينة الرقة، قبل أربعة أيام، وكُرّس لقضايا الدعم العسكري الأميركي، شارك فيه مسؤولون عسكريون أميركيون وأكراد وعرب في قوات «قسد». وأبلغ الأميركيون من حضر أن «العمليات ضد داعش تشارف على الانتهاء، وأن المهمة الأساسية لـ(قسد) قد أنجزت، ولم يعد بوسع الجانب الأميركي تقديم أي أسلحة ثقيلة لكم، وعليكم أن تغيروا استراتيجيتكم». العمليات العسكرية الكردية ضد «داعش» توقفت بالفعل منذ خمسة أيام شرق الفرات، قبل أن تُستأنف، أول من أمس، لساعات بالقرب من الحدود العراقية السورية، لتعود فتهدأ مرة ثانية، من دون تفسير من الجانب الكردي.

ولم تتوقف البلاغات الأميركية عند هذا الحد، إذ طلب الأميركيون من القادة العسكريين في «قسد» الاستعداد لتسليم الأسلحة الثقيلة التي تسلموها خلال المعارك ضد «داعش»، في مهلة ستحدد قريباً. وخاطب الأميركيون المسؤولين العرب العسكريين بأن عليهم العودة إلى مناطقهم في منبج والرقة ودير الزور والحسكة، لتسلُّم «المجالس المحلية»، وإدارتها. وقال المسؤول العربي إن ورشات عمل مدنية بدأت في تركيا، لتشكيل مجالس محلية عربية، وإن تدريبات ستستمر من أربعة إلى ستة أشهر، لتشكيل وحدات دفاع مدني وأمن وشرطة.

الخطوة الأميركية لا تعني التحضير لأي انسحاب من الشرق السوري. على العكس من ذلك. يقول خبير دولي يعمل في إحدى منظمات الوساطة إن الهدف الأميركي «هو إحداث توازن بين العرب والأكراد في الجزيرة السورية، تمهيداً للبقاء فيها، وفق استراتيجية جديدة». ويقول الباحث الفرنسي فابريس بالانش الذي يعمل في معهد «هوفر» للأبحاث إن الأميركيين «توصلوا إلى استراتيجية جديدة، وإن القول إنهم لا يمتلكون استراتيجية واضحة، أو أهدافاً في سوريا ما بعد داعش، ليس صحيحاً».

يبدو خيار البقاء في سوريا، قراراً للبنتاغون، قبل أي أحد آخر، بعد تراجع دور وزارة الخارجية في آلية اتخاذ القرار داخل الإدارة الاميركية. القرار توصلت إليه أيضاً مراجعات وكالة المخابرات الوطنية، التي تضم 18 جهاز استخبارات في الولايات المتحدة. البنتاغون مع البقاء، لأن العسكريين قاتلوا طوال الأعوام الثلاثة الماضية إلى جانب الأكراد. أما وكالة المخابرات الوطنية، فهي على خط وسطي واقعي، يفهم المخاطر الجيوسياسية، ويعي المشاكل التي تثيرها مع الأتراك السياسة الأميركية بدعم الأكراد. الـ«سي آي إي»، أقرب إلى الموقف التركي، وهي التي أوقفت منذ عام برنامج تسليح المعارضة وتدريبها، كما يقول بالانش «لأنها تتفهم المخاوف التركية، وتتقاسمها، وتعرف أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، هو امتداد لحزب العمال الكردستاني (الإرهابي)، وهي لا تزال تتبادل المعلومات مع الأتراك بشأنهم، لكن قرارها لا يزن إزاء تحالف البنتاغون، وهي مجبرة على تنفيذ السياسة التي يقررها البيت الأبيض».

ويبدو أن الولايات المتحدة تتجه إلى البقاء حتى عام ٢٠٢١، وانتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد: «القرار بالبقاء حتى انتهاء ولاية الأسد يهدف إلى الضغط على المسار السياسي في دمشق من وادي الفرات، وفرض تنازلات سياسية على دمشق والتأثير على التسوية التي ستحدد مستقبل سوريا». يعتقد الأميركيون أنهم حازوا عبر عمليات «قسد» أوراقاً مهمة جداً في سوريا. كذلك إن السيطرة على أكبر حقول النفط والغاز في العمر والجفرة والصبيخان ومنشأة الكونيكو والرميلان، تجرّد دمشق من ورقة ضرورية للسيطرة على مواردها النفطية، وتجعلها أكثر مرونة في التعاطي مع المطالب الكردية.

الأميركيون يعتقدون أن بقاءهم ضروري في الشرق السوري لإغلاق الممر بين دمشق وبغداد وطهران. يقول فابريس بالانش إن «الأميركيين يتعرضون في قرار البقاء لمواجهة إيران من سوريا واحتوائها في الشرق إلى ضغوط اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، لإعطاء ضمانات أمنية لتل أبيب بالسيطرة على خط إمداد إيراني استراتيجي إذا ما تطورت المواجهة مع إيران في المنطقة». إن «إغلاق الممر الإيراني ــ العراقي سيكون صعباً» يقول خبير دولي، لكن بوسع الأميركيين إبطاء التمدد الإيراني، وعرقلته لطمأنة حلفائهم لا أكثر، كذلك إن استمرار الحضور الأميركي سيمنع العشائر ومقاتليها من العودة إلى أحضان دمشق، خصوصاً أنهم «تلقوا خلال معارك دير الزور ضمانات بألّا يسيطر الأكراد على مناطقهم، وهي ضمانات قابلة للنقاش».

ويبدو القرار بالتوقف عن تسليح الأكراد متعدد الجوانب، ولا يهدف إلى إرضاء الأتراك فحسب، فهو أيضاً تمهيد لشق الجناح العربي الذي يمثل أكثر من 27 ألف مقاتل عربي من أصل 50 ألفاً تضمهم «قسد»، وتشكيل جيش عشائري عربي في الجزيرة السورية، يتبع قرار البقاء الأميركي. كذلك إن قرار تسليم الإدارات المحلية التي يسيطر عليها الأكراد إلى العرب والعشائر المحلية، يهدف إلى خلق سلطة محلية عربية تناوئ دمشق، وتشكّل نقطة ارتكاز إضافية لفرض تنازلات سياسية على دمشق، ما بقيت القوات الأميركية في المنطقة. لكن الحفاظ على ولاء العشائر لن يكون سهلاً، إذ بمجرد انطلاق مرحلة إعادة الإعمار لن يكون بوسع الأميركيين ولا الأكراد تنفيذ أي إعادة بناء مع رفض الأتراك ودمشق تسهيل العملية على فَرَض «موافقة الاتحاد الاوروبي، الذي تضغط عليه واشنطن لتمويل إعادة ترميم أو إعمار جزئي للمدن المدمرة شرق الفرات» يقول خبير دولي.

وسترفض العشائر في المنطقة العودة إلى مدن مدمرة، ولا سيما في الرقة التي تحولت ركاماً، فيما تشهد المناطق التي تسيطر عليها دمشق عمليات إعادة اعمار وخدمات، لن يتمكن الأميركيون من منافستها.

ويدير الأكراد تحت المظلة الأميركية منطقة تتجاوز مساحتها الخمسين ألف كيلومتر مربع، وبحسب تقييم فابريس بالانش، وهو عالم جغرافيا أيضاً عمل سنوات طويلة في الشمال السوري، لا يزال ثلاثة ملايين سوري يقيمون فيها، أقل من النصف هم من الأكراد. ويعكس صعود العرب في قلب القوات الكردية عدم تجانس المشروع الفيدرالي الكردي من الآن فصاعداً مع تركيبته العسكرية والسكانية، خصوصاً أنه بات يستند للسيطرة على العرب إلى قوة عسكرية تطغى عليها أكثرية عربية، ولا تشاركها الخطاب الإيديولوجي ولا الأهداف، وكانت قد التحقت بها بسبب غلبة القوة الأميركية ولمواجهة «داعش» التي دمرت حواضرهم واقتصادهم.

لكن استراتيجية البقاء الأميركية تصطدم أيضاً بجملة من العوامل والديناميكيات المحلية الاجتماعية والاقتصادية التي تشغل الشمال السوري، والتي لا يمكن السيطرة عليها، خصوصاً أن الحرب على «داعش» قد انتهت. كذلك بدأ التحالف العربي الكردي يواجه اختبارات صعبة، في ظل رفض الأكراد «لاستقلال المجالس المحلية العربية». إذ واجهت حملة تجنيد إجبارية نظمها «مجلس منبج العسكري» تظاهرات واحتجاجات في المدينة التي لم تتعرض لتدمير كبير، بعد أن خرجت منها «داعش» دون قتال تقريباً.

كذلك إن الدعوة الأميركية إلى تسليم المجالس المحلية تشمل مناطق سيكون صعباً على الأكراد التخلي عنها في العمق العربي الذي وفّر لها مجالاً حيوياً اقتصادياً وعسكرياً بعيداً عن الممر الحدودي الطويل، ويعني القرار الأميركي الانكفاء إلى الممر الضيق الذي لا يتعدى عرضه الخمسين كيلومتراً في موازاة انتشار الجيش التركي على طول خط السكك الحديدية الحدودي بطول ٥٠٠ كيلومتر.

وخلال الأسبوع الماضي تزايدت احتمالات تخلي التحالف الدولي عن «وحدات حماية الشعب» مع تصاعد وتيرة التهديدات التركية حول عملية وشيكة لمحاصرة عفرين. وكان الناطق باسم التحاف الدولي، ريان ديلون، قد أنذر «الوحدات» فيها قبل أيام بأن «التحالف لن يقدم أي مساندة عسكرية في المنطقة لأي قوة لا تقاتل داعش»، في رسالة واضحة للأتراك الذين يتجمعون في المنطقة، وتعبيراً عن استياء أميركي قديم من الدور الذي لعبه أكراد عفرين في دعم عملية الجيش السوري ضد المعارضة المسلحة في مدينة حلب.

كذلك فإن الاستراتيجية الأميركية لا يتهددها فحسب احتمال اشتعال مواجهات عربية كردية خلف خطوط التماس الجديدة التي يحاول الأميركيون تثبيتها، بل إن خيارات الإيرانيين والسوريين لمواجهتها وإفشالها متعددة ومفتوحة. إذ إنّ الممرات الخارجية والمعابر إلى الشمال الذي يسيطر عليه الأكراد مغلقة على طول الخط التركي، و«الحشد الشعبي» العراقي يسيطر، ومن خلفه الإيرانيون، على معبر «فيشخابور» باتجاه الداخل العراقي، أما معابر التعامل مع دمشق فيمكن إغلاقها، إذا ما قررت الذهاب إلى محاصرة النفوذ الكردي ـ الأميركي فيها. ويقول خبير دولي في المنطقة إن خيار المواجهة العسكرية ممكن إذا ما تعرّض الجنود الأميركيون لهجمات: «يقول الأميركيون إنهم سيقصفون قواعد الحرس الثوري في سوريا إذا ما تعرض جنودهم لهجمات».

 

جنيف8″ تنطلق بمعارضة موحدة وغياب النظام السوري

تنطلق اليوم الثلاثاء في مدينة جنيف السويسرية الجولة الثامنة من المفاوضات السورية بغياب وفد النظام السوري ومشاركة المعارضة السورية بوفد موحد للمرة الأولى بعد ضم منصتي موسكو والقاهرة إلى الهيئة العليا للمفاوضات.

 

وبينما وصل وفد المعارضة لجنيف لم يصل وفد النظام الذي يرأسه السفير السوري في الأمم المتحدة وكبير المفاوضين بشار الجعفري، وأشارت الأمم المتحدة إلى أن وفد النظام سيصل غدا الأربعاء إلى جنيف.

 

وقالت وسائل إعلامية مقربة من النظام إن الوفد أرجأ سفره إلى وقت لم يحدده، وذلك بعد إصرار المعارضة على وضع شروط مسبقة للمفاوضات.

 

وأوردت صحيفة الوطن المقربة من دمشق أن وفد النظام “لا يزال حتى الآن في دمشق ولم يغادر إلى جنيف”، مرجحة في حال حسم قراره بالمشاركة أن يصل صباح الأربعاء.

 

من جانبه، قال رئيس وفد المعارضة نصر الحريري إن غياب وفد النظام عن الجولة الحالية يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية لإجباره على التفاوض.

 

المرحلة الانتقالية

وقال الحريري إن “قوى المعارضة حضرت بوفد واحد تتجاوز كل العقبات، ونرى اليوم أن النظام لا يأتي في تأكيد لسياسته القديمة الجديدة المعرقلة للتقدم السياسي”، مضيفا أن “روسيا هي الكيان الوحيد القادر على جلب النظام إلى مائدة المفاوضات”.

 

وعن أهم قضايا النقاش، أوضح أن وفد المعارضة في محادثات السلام يعتزم الدخول في مفاوضات جادة ومباشرة مع وفد النظام، وقال إنه لا يمكن تحقيق انتقال السياسي في سوريا من دون رحيل بشار الأسد.

 

وأكد رئيس وفد المعارضة أن “الانتقال السياسي الذي يحقق رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية هو هدفنا”.

 

وبحسب مصدر في المعارضة، فإن وفدا مصغرا ضم رئيس الوفد ونوابه التقوا ديفد ستارفيلد القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي، كما سيلتقي وفد المعارضة الموفد الأممي الخاص إلى سوريا ستفان دي ميستورا بعد ظهر اليوم.

 

وكانت المعارضة السورية اختارت في ختام مؤتمرها الثاني بالرياض نهاية الأسبوع الماضي أعضاء وفدها المفاوض في جنيف، وأكد البيان الختامي للمؤتمر على ضرورة رحيل الأسد وأركان نظامه في بداية المرحلة الانتقالية.

دي ميستورا يأمل نقل المفاوضات خلال هذه الجولة إلى مستوى أكثر عمقا (الجزيرة)

 

مهمة دي ميستورا

ويأمل دي ميستورا تحقيق تقدم حقيقي في هذه الجولة ونقل المفاوضات إلى مستوى أكثر عمقا رغم الاتهامات المتبادلة بين النظام والمعارضة بعرقلة تقدم المفاوضات وفرض شروط مسبقة.

 

وقال دي ميستورا خلال مؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع مجلس الأمن الدولي إن وفد النظام ” لم يؤكد بعد مشاركته”. وأضاف “ندرك جيدا وجود فوارق بين المواقف المعلنة وما يجري في المفاوضات”.

 

وفي الشأن نفسه، اتفق الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الاثنين خلال محادثة هاتفية على أن محادثات جنيف هي “المسار الشرعي الوحيد للتوصل إلى حل سياسي في سوريا”، وفق بيان للبيت الأبيض.

 

وفي سياق متصل، نقلت وكالة نوفوستي الروسية للأنباء عن مصدر دبلوماسي أن التحضيرات جارية لعقد مؤتمر الحوار السوري في مدينة سوتشي في فبراير/شباط المقبل، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات لوكالة إنترفاكس الروسية إن موعد المؤتمر سيعلن لاحقا.

 

وأضاف لافروف أن المؤتمر مبادرة روسية تركية إيرانية تهدف إلى المساعدة في إجراء إصلاحات دستورية وانتخابات بسوريا كما يريدها السوريون، حسب تعبيره.

المصدر : وكالات,الجزيرة

 

النظام يغيب عن أول أيام جنيف ودي ميستورا يحاور المعارضة

نصر الحريري: الهدف من المفاوضات هو تحقيق انتقال سياسي يستند على رحيل الأسد

دبي – قناة العربية

 

أعلنت المعارضة السورية أنها تبلغت بشكل رسمي من الأمم المتحدة أن وفد نظام بشار الأسد سيصل صباح الأربعاء إلى #جنيف.

 

وتنطلق اليوم الجولة الثامنة من مباحثات جنيف بغياب وفد النظام السوري عن يومها الأول.

 

وكان المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، قد أعلن خلال الاثنين أمام مجلس الأمن أن النظام وجه رسالة إلى المنظمة الدولية، يبلغها أن وفده لن يحضر إلى جنيف، الثلاثاء، للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات السياسية حول سوريا.

 

وقال دي ميستورا إن النظام لم يؤكد بعد مشاركته في المفاوضات، مؤكداً أن الأمم المتحدة لن تقبل أي شرط مسبق للمشاركة، سواء من قبل النظام أو المعارضة.

 

رئيس وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف، نصر الحريري، قال إن الوفد سيجتمع اليوم في أول لقاء رسمي مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، مشيراً إلى أن الهدف من المفاوضات هو تحقيق انتقال سياسي يستند على رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية.

 

هذا ورحب الحريري بدعوة المبعوث الأممي إلى مناقشة السلة الأولى من السلال الأربع، وهي سلة الانتقال السياسي. وأكد الحريري أن جدول أعمال المعارضة في جنيف 8 سيتمحور حول ملفات الانتقال السياسي والقضايا الإنسانية ثم الدستور وإجراء الانتخابات.

 

واتهم الحريري النظام السوري بالخوف من المحادثات المباشرة، مطالباً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على نظام الأسد لتحرير الشعب السوري من قبضته، على حد تعبيره.

 

الحريري أوضح من جنيف أن نظام الأسد هو الوحيد الذي يستطيع الإجابة عن مصير مؤتمر سوتشي، مؤكداً أن المعارضة رفضت الذهاب إلى سوتشي واحد، لأنه لا يخدم العملية السياسية في سوريا.

 

الائتلاف السوري: وفد النظام حضر جنيف بضغط من روسيا

دبي – العربية.نت

 

صرّح عضو #الائتلاف الوطني السوري المعارض، فؤاد رشاد عليكو، في مداخلة له مع قناة “الحدث”، أن #النظام السوري سيماطل في جداول ومقررات المجتمع الدولي.

 

ونوّه عليكو بأن جولة مفاوضات “جنيف 8” لن تخرج بأي تقدم يذكر، وأكد أن وفد #الأسد قرر حضور المفاوضات بضغط من روسيا.

 

وأوضح عليكو أن ذلك الضغط قد تجلى واضحا بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأميركية أن مفاوضات #جنيف هي المسار الشرعي والوحيد للوصول إلى حل في سوريا.

 

كما أشار عليكو إلى أن المبعوث الأممي إلى #سوريا، ستيفان دي ميستورا، كان حازماً أثناء التفاوض.

 

وعن الهدنة في الغوطة الشرقية، ذكر عليكو أن #روسيا تحاول بشتى الطرق والوسائل خفض الأعمال التصعيدية في تلك المناطق، إلا أن محاولاتها تصطدم بالقرار الإيراني الذي من جهة أخرى غير راضٍ عن تخفيف العنف، فطهران تأمل أخذ حصتها من “الكعكة السورية”، وهذا مرفوض تماما، بحسب تعبيره.

 

الاتفاق على هدنة يومين اقترحتها روسيا في الغوطة الشرقية

نظام الأسد يتجاهل اقتراح موسكو ويقصف حرستا

دبي – العربية.نت

 

تم الاتفاق على #هدنة مدتها يومان اقترحتها روسيا في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية #دمشق. إلا أن مناطق في مدينة حرستا وأماكن أخرى قد تعرضت لقصف بأكثر من 10 قذائف رغم اقتراح وزارة الدفاع الروسية وقفاً لإطلاق النار مدة يومين في الغوطة الشرقية، ما تسبب بأضرار مادية، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

 

فيما تجددت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، وهيئة تحرير الشام من جانب آخر، على محاور في محيط منطقة تل بردعيا، بريف دمشق الجنوبي الغربي، إثر هجوم من قبل قوات النظام في المنطقة القريبة من ريف القنيطرة الشمالي.

 

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد اقترحت وقف إطلاق النار في #الغوطة_الشرقية بريف دمشق مدة يومين.

 

وقال مدير مركز الروسي للمصالحة بين الأطراف السورية المتنازعة، سيرغي كورالينكو إن مثل هذه الإجراءات تخفف من التوتر في الجزء الغربي من مناطق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية.

 

فيما أعلن المسؤول العسكري الروسي أن الوضع في مدينة حرستا الواقعة في الجزء الغربي من مناطق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية، يبقى متوترا نوعا ما بسبب التصرفات الاستفزازية من قبل جماعتي أحرار الشام وجبهة النصرة، كما قال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى