صفحات الثقافة

أدعياء السياسة والثقافة في الشأن السوري


وليد يوسف عطو

يخرج علينا بين الفينة و الأخرى بعض الكتاب من متسولي السياسة و المتثاقفين من الذين يلبسون قميص العلمانية و الليبرالية و الحداثة و الديمقراطية من ( البرجوازية الوضيعة ) و يكتبون في الشأن السوري و يطلبون من الآخرين الكتابة في الشأن السوري . هؤلاء يشترطون لمن يكتب في الشأن السوري و في الأحداث الجارية فيه أن لا تنطلق مظاهرة احتجاج من جامع و لا يريدون منطقة عازلة آمنة تفرضها الأمم المتحدة و لا منطقة حظر جوي و لا تدخل عسكري إقليمي أو دولي و هم يرفضون تسليح الشعب و مواجهة النظام بالعمل المسلح و هم بالتالي ضد التيارات الاسلاموية و السلفية و يحذرون جمهور القراء إن سقوط نظام البعث في سوريا سيخلفه السلفيون و التكفيريون . إنهم ينظرون إلى الضحية و الجلاد بعين واحدة و يضعونهما في سلة واحدة فهم لم يستنكروا يوما أعمال القمع و التعذيب و الاغتصاب و التهجير و الإذلال التي يمارسها النظام الحاكم في دمشق ضد شعبه . هم يريدون مؤتمرات ذات طابع شكلي يجمع بين الثوار و السلطة ليجلسوا و يتحاوروا في النت و المناخ و في رضاع الكبير و أحقية علي في الخلافة . في تسولهم من النظام البعثي يحاولون صرف الأنظار عن ثورة الشعب السوري . هؤلاء المتسولين تجدهم كالقبور المبيضة ظاهرها نظيف و داخلها مليء بالعفونة و هم كقول المسيح يصفون الماء من البعوض و يبلعون الجمل !!! أين كانوا عندما احتل صدام حسين إيران ؟ لقد صفقوا له باعتباره بطلا قوميا و حارس البوابة الشرقية . أين كانوا عندما احتل صدام الكويت ؟ لقد هللوا له و شجعوه لأنه بنظرهم نظام يمثل جبهة الرفض و الممانعة . أين كان هؤلاء عندما قتل البعث العراقي بحدود أربعة ملايين مواطن ؟ و طبق على حزب الدعوة الإسلامية و على الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية ( جماعة عزيز الحاج ) قرار الإعدام بأثر رجعي . إن الشخص الذي كان من حزب الدعوة أو من الشيوعيين المنشقين و ترك التنظيم و لم يحمل السلاح , اعتقل بعد سنوات عديدة و اعدم و أنا اعرف من أقاربي الذي كان من جماعة عزيز الحاج و ترك التنظيم و لم يقم بأعمال عنف , اعتقل بعد سنوات في زمن البكر حيث أراد السفر خارج العرق و عندما راجع دائرة الجوازات طلبوا منه مراجعة مديرية الأمن العامة لغرض تحقيق الهوية و هناك اعتقل و اعدم و سلم إلى أهله جثة هامدة بعد قلع قرنية عينه . لقد وقف هؤلاء المتسولين ضد التغيير في العراق عام 2003 و قالوا إن ما بني على باطل فهو باطل , و تناسوا إن جميع الأنظمة القومية جاءت بانقلاب عسكري و بدون شرعية و بمباركة أمريكية . و هؤلاء الذين يتباكون على الوضع السوري اليوم من متسولي الثقافة و السياسة لم ينبسوا ببنت شفة عندما كان النظام البعثي في دمشق يرسل إلينا السيارات المفخخة و العبوات و الأحزمة الناسفة و الانتحاريين من المخربين و الإرهابيين باعتبارهم جهاديين و معارضة وطنية مسلحة . لقد قتل آلاف العراقيين بفضل التسهيلات التي كان يقدمها نظام البعث في دمشق لدخول المخربين إلى العراق , و إفشال تجربته الجديدة . طعن هؤلاء في تجربة الانتخابات العراقية و في حرية الصحافة و الإعلام و نحن نعرف جيدا كيف يدار إعلامهم و صحافتهم و كيف تجري الانتخابات لديهم . هؤلاء المتسولون لا يستطيعون رفض الثورة السورية بصورة مباشرة . و لهذا يحاولن تقزيمها و تسطيحها بالحديث عن مؤتمرات و لقاءات للمعارضة مع السلطة في حين إن آلة اقمع الأمنية و العسكرية تسحق الجميع . مؤتمرات في الداخل برعاية السلطة و مؤتمرات في الخارج لا تعرف مصدر تمويلها . إن من يقرر مسار الثورة السورية هو الشعب السوري و قد قال كلمته , آن الأوان للشعب السوري لتقرير الطريقة التي سيسقط بها النظام و لديه كل الاحتمالات المفتوحة بما فيها العصيان المدني الشامل و العمل العسكري و طلب فرض حظر جوي دولي أو تدخل دولي . ختاما أقول لكل المتسولين في السياسة و الثقافة ابحثوا لكم عن ممول جديد فالنظام بدا يلملم حقائبه للرحيل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى