أحداث وتقارير اخبارية

أزمة بين أنقرة ودمشق بسبب الإخوان المسلمين

 


محمد نور الدين

داود أوغلو: التحرّكات ليست مؤامرة

تجاهد تركيا للخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه، من جراء تصريحات ملتبسة لمسؤوليها من جهة وعقد المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا محمد الشقفة مؤتمراً صحافياً في اسطنبول أشاد فيه بحكومة حزب العدالة والتنمية.

فقد تتالت خلال اليومين الماضيين تصريحات لمسؤولين أتراك ترسم علامات استفهام حول الإصلاحات التي أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أنه ينوي القيام بها تدريجياً.

وجاء موقف رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، في حديث لصحافيين أتراك على الطائرة التي أقلته عائداً من لندن إلى اسطنبول، ليفاقم من الحذر التركي إزاء نوايا الرئيس السوري.

وأعلن اردوغان انه سيتحدّث اليوم إلى الأسد مجدداً. وقال «أريد أن اعرف ما هي ردود الفعل على تصريحات الأسد، وما هي توقعات الشعب»، موضحاً انه، إضافة إلى تغيير الحكومة، «كانت توجد توقعات بإلغاء حال الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإعداد دستور جديد. وإذا لم تحدث هذه الخطوات فسوف أتصل به (الأسد) وأحدّثه».

وعما إذا كان قلقاً بشأن الوضع في سوريا على غرار ما هو جار في ليبيا، قال اردوغان «بالطبع نحن نتابع ذلك بقلق. لا أريد أن أكون قلقاً، لكن حدودنا الأطول هي مع سوريا. وتوجد علاقات عائلية وتزاوج عميقة في هاتاي (الاسكندرون) وحلب والقامشلي. حتى من مناطق قريبة من اللاذقية يطلبون مساعدتنا».

وحول ما إذا كان يخشى موجة هجرة من سوريا باتجاه تركيا تمنى اردوغان ألا يحدث ذلك، «لكن إذا حصلت فسيجلب هذا مصاعب لنا».

وعما إذا كان يتوقع تدخل العسكر في سوريا، قال اردوغان إنه «إذا بدأت مثل هذه المرحلة فإن الوضع سيختلف. أنظروا تأسس في تونس 50 حزباً وقد يتضاعف الرقم. وفي مصر تتأسس أحزاب جديدة. ورئيس المجلس العسكري (المشير حسين) طنطاوي قال لرئيسنا (عبد الله غول) إنه سيسلّم السلطة لمن يربح الانتخابات. وعد عسكري. وبعد ذلك لن يتولى العسكر أية مهمة. وقد تحدّدت خريطة طريق بعد ستة أشهر وبعد سنة. بعدها سيبتعد العسكر، ما يريح الجميع».

وجاءت تصريحات اردوغان بعد يومين على مواقف لوزير الخارجية احمد داود اوغلو رفض فيها نظرية المؤامرة التي تحدّث عنها الأسد. وقال داود اوغلو إنه «ليس من دليل على أن ما تعيشه الدول العربية هو نتيجة تدخلات خارجية». وأضاف «إذا آمنا بأن هذه الأحداث تدار من جانب طرف خارجي فهذا يعني أن المجتمعات والإنسـان العربي لا تتحرك بهدف التغيير. في حين أن الشبان العرب برجالهم ونسائهم يريدون حياة أكثر كرامة، وحريات أكبر مشاركة أوسع في الحياة السياسية. وقناعتي أن مطلب التغيير هذا صادق».

لكن التطور الذي كاد يثير أزمة كبيرة بين أنقرة ودمشق هو المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس الأول وفي اسطنبول بالذات المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا محمد رياض الشقفة والذي دعا فيه تركيا إلى التوسط في الأزمة السورية قبل إراقة المزيد من الدماء. وقال إن «البلد الأقرب إلينا هو تركيا، ولتخاطب تركيا الحكومة السورية وتقنع الأسد، والتوسط قبل إراقة المزيد من الدم. وإذا قامت تركيا بذلك فستصغي لها سوريا».

ودعا الشقفة إلى التغيير التدريجي، موضحاً أنه لن يعترض إذا فاز الأسد في انتخابات ديموقراطية. وقال إنه إذا لم يستجب الأسد لمطلب التغيير «فسنواصل التحركات السلمية».

والتقى موقف الشقفة مع موقف داود اوغلو من أنه لا أصابع خارجية في التحركات. ودعا إلى انتخابات حزبية حرة وانتخابات رئاسية وإلغاء قانون الطوارئ. وقال إنه ضد نظام الدكتاتورية وليس ضد شخص الأسد، مضيفاً أن الإخوان المسلمين لا يريدون دولة دينية مثل إيران بل هم معجبون بالنموذج التركي.

وأثار المؤتمر الصحافي للشقفة ضجة والتباساً بين أنقرة ودمشق، خصوصاً انه انعقد على أرض تركية وفي وقت حساس جداً مما يجري في سوريا. واستدركت السلطات التركية الوضع عندما نأت بنفسها عن تصريحات الشقفة وبادرت وزارة الخارجية التركية إلى إصدار بيان تدعم فيه بشكل «كامل وقوي» خطوات الأسد الإصلاحية. وجاء في البيان إن أنقرة تولي أمن الشعب السوري واستقراره ورفاهيته القدر نفسه من الاهتمام الذي توليه للشعب التركي.

وفي إشارة غير مباشرة إلى المؤتمر الصحافي للشقفة، قال البيان، الذي تلاه متحدث باسم وزارة الخارجية التركية، إن أنقرة «لن تقبل أي سلوك أو تصرف يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سوريا أو يلحق الأذى بإرادة الإصلاح في هذا البلد الصديق».

وجاء في البيان «إننا في تركيا نؤمن إيماناً راسخاً بمدى الاهتمام الذي توليه الدولة والقيادة في سوريا لتلبية مطالب الشعب، كما تعرب أنقرة عن دعمها الكامل والقوي لما قدمه الرئيس الأسد في ما يخصّ الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وثقتها التامة بأن القيادة السورية تقوم بدور ريادي في هذا المجال… ولا يمكن لتركيا في ظل هذه المرحلة الدقيقة والحساسة أن ترضى أو تقبل إطلاقاً بأي سلوك أو تصرف يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سورية، أو يلحق الأذى بإرادة الإصلاح في هذا البلد الصديق والشقيق».

وسارعت دمشق على لسان مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان إلى الترحيب بالبيان التركي. وقالت، في حوار مع قناة «التركية» الناطقة بالعربية، إن الأسد شخصياً عبّر عن ترحيبه ببيان وزارة الخارجية التركية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى