صفحات الحوار

أسامة المنجد: الخيارات مفتوحة لحماية المدنيين السوريين وعلى لبنان تبنّي مواقف مستقلة


لندن ـ “المستقبل”

أكد أسامة المنجد، مستشار الأمانة العامة لـ”المجلس الوطني السوري، والمستشار لدى رئيس المجلس برهان غليون، أن الخيارات مفتوحة لحماية المدنيين السوريين من القتل الذي يمارسه النظام ضدهم.

وفند المنجد المقيم في لندن لـ”المستقبل”، المطالب والتمنيات التي حملها غليون إلى المسؤولين البريطانيين واستعراضه وإياهم جميع السبل المتاحة لإنهاء حالة القمع في سوريا وحماية المدنيين من الانتهاكات والاعتداءات المستمرة للنظام.

وفي معرض الحديث انتقد المنجد بشدة موقف الحكومة اللبنانية إزاء معارضتها القرار ضد النظام السوري في الجامعة العربية، ودعاها في المرحلة المقبلة إلى تبني قرارات أكثر واقعية واستقلالية وإنسانية تعكس آراء الشعب اللبناني. وطمأن مسيحيي لبنان إلى مستقبلهم مبشراً إياهم بتذوق نكهة العيش في ظل دولة حقيقية مستقلة ذات سيادة للمرة الأولى منذ عقود. وهنا نص الحوار:

[ كيف كانت اجواء لقاءات الدكتور غليون في 10 داوننغ ستريت والخارجية البريطانية؟

ـ جرى عرض لآخر المستجدات ونتائج الاتصالات التي أجريت عربياً ودولياً في الفترة الأخيرة. وحمل المجلس الوطني عبر رئيسه الدكتور غليون عدداً من المطالب والتمنيات للجانب البريطاني نأمل أن يتم العمل بها خلال الفترة المقبلة.

[ هل بإمكانك إطلاعنا على فحوى هذه المطالب وإن بطريقة مقتضبة؟

ـ اللقاءات تركزت على عدد من المطالب:

أولاً: طلبنا من بريطانيا ممارسة المزيد من الضغط على روسيا والصين من أجل تغيير موقفيهما من الثورة السورية، موقف الصين بدأ يتغير بعد جهود للمجلس مع الدول العربية ودول أخرى فالصين كانت تعتبر ما يحصل شأن سوري داخلي لكن مع إبداء دول الجوار مواقف داعمة للثورة لم يعد بإمكان الصين تجاهل المواقف الإقليمية والتعلل بأن العنف الممارس في سوريا لا تهدد السلام والأمن الدوليين. نحن نواصل مساعينا لحشد المجتمع الدولي للضغط على الجانب الروسي لإقناعه بأن زمن الحوار مع نظام الأسد قد ولى وأن الجميع يتكلم اليوم حول مستقبل سوريا.

ثانياً: طلبنا من البريطانيين التعاون والتنسيق بشكل أكبر مع جامعة الدول العربية لا سيما في المرحلة القريبة المقبلة التي ستشهد انطلاقة مؤتمر يدعو له المجلس الوطني السوري تحت رعاية الجامعة العربية من أجل الاستعداد للمرحلة الانتقالية التي ستعيشها سورية من لحظة سقوط نظام الأسد إلى حين إجراء انتخابات ديموقراطية حرة تنتج حكما شرعياً في البلاد.

ثالثاً: عرض الخيارات المتاحة لحماية المدنيين في سوريا وذلك من خلال ملف كامل وزع على الدول. وطلبنا إدراج مضمون هذا الملف كبند في أي مشروع قرار مقبل يطرح للتصويت عليه في مجلس الأمن الدولي.

رابعاً: طلبنا من المسؤولين البريطانيين أن يوضحوا خلال تناولهم الشأن السوري من الآن فصاعدا أن الخيارات

للتعامل مع نظام الأسد مفتوحة ولا نستثني منها شيئا.

[ ماذا عن آلية عمل المجلس الوطني. ألم يطلب البريطانيون إيضاحات بهذا الشأن؟

ـ طبعا تم تناول هذا الموضوع وأكد الدكتور غليون على الاستمرار في خطة عمل المجلس واستكمال مؤسساته خاصة بعد طرح البرنامج السياسي للمجلس رسمياً الأسبوع الماضي. في أوائل شهر كانون الأول (ديسمبر) ستنعقد الهيئة العامة للمجلس في أول اجتماع رسمي لها منذ التأسيس. وأوضحنا الرؤيا الامثل للمجلس بشأن حماية حقوق الأقليات، وأشرنا إلى أن تركيز المجلس في المرحلة المقبلة سيزداد في اتجاه خلق شرخ بين النظام وقواعده الأساسية التي يتكىء عليها الجيش والطائفة ورجال الأعمال.

[ لماذا لم يحصل حتى الآن اعتراف دولي بالمجلس الوطني السوري على غرار ما حصل مع المجلس الليبي؟

ـ هناك اعتراف سياسي دولي واضح بالمجلس الوطني السوري. عندما تستضينا جميع الدول للحوار معنا بشأن المستقبل فهذا فيه اعتراف واضح. لا يمكن مقارنة الوضع السوري بالوضع الليبي لأن المجلس الانتقالي الليبي كان في وضع مختلف عندما تم الاعتراف به فقد كان يسيطر على جزء من الاراضي الليبية وكان ثواره مسلحون ويقومون بعمليات عسكرية منظمة وهذه الأمور لا تشبه في شيء مجلسنا الوطني. نطالب بالاعتراف الكامل بالطبع إلا أننا ندرك حجم العقبات القانونية والسياسية والدولية المرتبطة بهذا الإجراء.

[ ماذا تنتظرون من اجتماع وزراء الخارجية العرب الخميس بعد سلسلة من المهل؟

ـ عقوبات اقتصادية ومالية وسياسية. المهل المعطاة من قبل العرب ليست للنظام انما للسماح للعديد من الأطراف ذات الشأن بترتيب أوراقها. لا أحد في الأسرة الدولية يفكر الآن أو يظن بأن نظام الأسد قد ينجو بأفعاله ويستمر في الحكم. تجاوزنا هذه المرحلة منذ فترة. كل الحديث الآن هو حول سيناريوات التغيير، وشكل انتقال السلطة، وطبيعة وشكل إدارة المرحلة الانتقالية في سورية والتحديات المصاحبة لذلك. هناك سيرورة للأشياء يجب أن تأخذ مداها، وواجبنا في المجلس الوطني هو الإسراع بكل هذه الترتيبات لأن كلفتها بالنسبة للسوريين عبارة عن دماء تسيل وأرواح تزهق.

[ كيف كانت أجواء لقاء المجلس الوطني مع المسؤولين الروس في موسكو؟

ـ زيارة موسكو كانت خطوة لا بد من القيام بها. لقد قمنا بما علينا القيام به، وطرحنا وجهة نظرنا للجانب الروسي وفندنا لهم اداعاءات النظام وكذبه ومحاولاته التضليل إعلاميا عما يحصل فعليا في الداخل السوري. وأعربنا عن أملنا في أن يرى المسؤولون الروس مستقبل علاقة موسكو بدمشق من خلال الشعب السوري وليس من خلال العائلة الحاكمة في سوريا. لدى الروس تخوف من فقدانهم معقلاً آخر من معاقل نفوذهم في العالم وهم يدركون أن انهيار النظام في سورية يعني تقلص حجم نفوذهم في المنطقة العربية بشكل كبير، لكننا نعتقد بأن حجم الضغط السياسي الذي سيزداد على الروس (خاصة بعد تغير موقف الصينيين) سيدفعهم للقبول بتسوية ما حول الملف السوري في مجلس الأمن.

[ كيف تلقيتم التصويت اللبناني ضد قرار تعليق عضوية النظام السوري في مجلس جامعة الدول العربية؟

ـ موقف الحكومة اللبنانية مؤسف جداً. إنه موقف يظهر عجز الحكومة وعدم قدرتها على تمثيل الرأي العام اللبناني، لأن الشعب اللبناني يتمنى السلام والأمن لسوريا وموقف الحكومة لم يعكس الإستياء الشعبي في الشارع اللبناني من مجازر النظام السوري بحق شعبه. أتمنى أن تكون القرارات المقبلة للحكومة اللبنانية أكثر استقلالية وإنسانية، وأن يفكر المسؤولون اللبنانيون بسوريا الشعب لا بسوريا العائلة الحاكمة، وأن يدركوا أن سوريا بعد الأسد ستكون أفضل بمئات المرات من سوريا في ظل حكم الأسد. لقد عانى الشعبان اللبناني والسوري من جور هذا النظام وصلفه، وما ذاقه أشقاؤنا في لبنان على مدى عقود ليس سوى غيض من الفيض الذي عاشه إخوانهم في سوريا. يكفينا أن نعود بذاكرتنا إلى الماضي القريب، أي إلى العام 2004 وما تلاه ليتذكر اللبنانيون جميعا الأذى والترهيب الذي ألحقه بهم هذا النظام.

[ لكن هناك مواقف كنسية في لبنان وسوريا تتخوف من مستقبل متطرف في المنطقة يؤثر سلبا على حقوق المسيحيين ووجودهم. ما الرسالة التي توجهها لمسيحيي لبنان وسوريا؟

ـ المسيحيون في لبنان وسوريا قلقون، لكن يجب ألا يشعروا بقلق أو خوف أو تهديد وأعتبر بأن هذا القلق مبالغ فيه وتذكيه بعض الأطراف التي لديها مصلحة في إطالة عمر نظام الأسد. نقول للمسيحيين إن صون حقوق المسيحيين في الشرق نابع من حضارة شعب أصيل عمره آلاف السنين، فما يحمي مسيحيي سوريا ولبنان هو الطبيعة المتسامحة للشعبين المؤمنين بقيم ومبادىء العيش المشترك، والذين عاشوا جنباً إلى جنب لقرون طويلة، وليس النظام القاتل والمستبد. إن المجلس الوطني السوري يعمل بجد على صياغة قوانين وآليات دستورية تكفل حقوق الأقليات وعلى رأسها مدنية الدستور التي تتساوى عبرها جميع مكونات الشعب السوري أمام القانون والقضاء. ما ينتظر مسيحيي لبنان بعد الأسد هو العيش بهناء ورغد في دولة مستقلة ذات سيادة اسمها لبنان، ليست تابعة لوصاية دولة أخرى عبر شبكة من الانتهازيين تستبد بالبلد ومقدراته. وأود هنا أن أشير إلى أن عدداً كبيراً من أعضاء المجلس الوطني السوري هم من موقعي إعلان دمشق ـ بيروت بيروت ـ دمشق الذي أسهم في تخفيف حدة الاحتقان جراء تدخل النظام السوري في الشأن اللبناني في فترة خلت. كل ذي بصيرة يدرك بأن سقوط نظام الفساد والاستبداد في سوريا لن يأتي بالخير لسورية وحسب، بل ولدول المنطقة والعالم أجمع.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى