صفحات سوريةفاضل الخطيب

-أشرف- يحكي وعاقل يفهم…

 


فاضل الخطيب

أشرف المقداد يحاول الإساءة أكثر من عمّه نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، أو الشرع نائب الرئيس. وكان نشر له موقع سوريون نت المعروف بتطرفه القروسطي موضوعاً موتوراً بعنوان “صمت دروز سورية المخجل أهو خيانة أم تذاكي الجبناء”، وحمّله تراهات لا تخدم انتفاضة شعبنا ووحدته الوطنية، ولا يخدم هذا الخطاب الموتور المتطرف إلاّ النظام، ويُعطي مبرراً لفزاعة النظام ضد الأقليات المذهبية. لا أعرف كيف يصف السيد المقداد الرؤساء مبارك وبن علي والقذافي وغيرهم من زعماء السياسة والأغلبية السنية لبلدانهم دعمت حكمهم عقوداً من الزمن! أعتقد أن هذا الخطاب لا يستند إلى منطق ولا أخلاق مهما حاول البعض إيجاد أمثلة صحيحة لإثبات رأيه، وأن كل المكونات السورية شاركت وتشارك في سلطة الأسد، وأقرب أمثلة هي نائب الرئيس ونائب وزير الخارجية ونخبة ليست قليلة من أقرباء وجيران أشرف المقداد، رغم أن أكثر شهداء الانتفاضة هم أيضاً من أقربائه وجيرانه. موضوع السيد مقداد تلقفه رأساً بعض المتشددين والشاذين عن سرب الوحدة الوطنية والتعايش الحضاري العصري، بعض القروسطيين الذين يحملون بصمات لا تُشرّف انتفاضة الحرية، وأعتقد أنها لا تُشرّف الإسلام المعتدل والذي يُحاول إيجاد لغة مشتركة مع روزنامة العصر.

كنت أريد تجاهل هذا الموضوع كما تجاهلت مواضيع عديدة كتبها لأنها لا تستحق الاهتمام، وكنت قد تجاهلته شخصياً ونهائياً منذ حذفته من قائمة “الأصدقاء” في الفيس بوك، وكان ذلك بعد هجومه على مجموعة من الكتاب والفنانين الذين قضوا جلّ عمرهم نضالاً وسجناً في الدفاع عن الحرية ومن أجل الديمقراطية وكرامة الإنسان، وكانوا قد انتقدوا أسلوب تعاطي البعض مع موضوع اعتقال الصبية الصغيرة طلّ الملوحي، وأعتقد أن المقداد وبعض أمثاله جعلوا منها بطلة كبيرة لم تنفعها إلاّ في رفع عقوبة سنوات السجن وهي لم تكن قد تخطت سن الطفولة. وأعتقد أنه كان للكثيرين رأيهم بالسيد أشرف المقداد بما فيهم بعض مثقفي بلده.

ما دفعني الإشارة وتوضيح بعض الملاحظات عن السيد أشرف المقداد هو تلقي موضوعه التخويني والذي يحتوي مفردات رخيصة لا علاقة لها بالسياسة وبالخطاب السياسي. لم يرتفع اسم سلطان باشا الأطرش وعائلته بسبب انقلاب عسكري، أو لكونهم كانوا شركاء في انقلاب عسكري، ولهذا صار سلطان الأطرش أقدس مقدسات الجبل لأنه استحق ذلك، وعارٌ على شاب درس في المدرسة أن يتناول الأطرش وأسرته بهذه السخافات يا سيد أشرف. تلقى موضوعه بعض شباب السويداء بالاهتمام وردود أفعال كثيرة، واعتبره أزلام النظام من أبناء السويداء مع مخابراته أنه الوثيقة التي ما فتئوا يُخوّفوننا بها وهي فزاعة المتشددين الإسلاميين ومازالت هي “عكّازتهم” الوحيدة لمنع قيام مظاهرات كبيرة في الجبل!.

يؤسفني أن يصل خطاب السيد أشرف المقداد إلى هذا الدرك، أن يلتقي في نتيجته مع خطاب السلطة وبدون أن يُريد ذلك. يؤسفني أن يقوم الأخ المسئول عن موقع سوريون نت بنشر هكذا خطاب لا يخدم حتى المتشددين الإسلاميين. يؤسفني أن دماء الشهداء خلطت بعض المفردات بدل إيضاحها. يؤسفني أن السيد المقداد يطعن في ظهر انتفاضة أبناء بلده كما النظام وبدون دراية..

حتى لو فرضنا أن بعض المكونات السورية للأقليات المذهبية لم تشارك في الانتفاضة –رغم مشاركة بعض أبناء جبلنا قولاً وفعلاً، في الداخل والخارج-، أقول لو فرضنا عدم المشاركة نهائياً، بل لو فرضنا دفاع البعض عن النظام حتى سقوطه، فما الحل؟ وكيف يجب التعامل معه/م؟ فعلاً لو فرضنا ذلك، كيف سيكون مصيرهم؟ ما هو مصير المستقبل ما بعد القضاء على النظام؟ يمكن طرح الكثير من الأسئلة، وأعرف الرد على أكثرها وربما عليها كلها، لكنني أعتقد وأشرت إلى ذلك أكثر من مرة أنه يجب التأكيد وتأكيد التأكيد مرات عديدة أن البديل عن النظام لا يمكن أن يكون إلاّ الأفضل، ولا وجود للإقصاء، ويجب التأكيد بالخط العريض أن ابن تيمية وابن الأسد وابن لادن لا ينفعون عصرنا وبلدنا، وعندها لا حاجة لنا ولا لغيرنا للرد على الصغار وعلى الخطاب الصغير..

وحدة شعبنا لا تكون إلاّ بوحدة كل مكوناته بلا استثناء، والمدافعون عن ثورة الاستقلال الثانية هم من كل فئات شعبنا بلا استثناء، والضحايا كذلك.

نتمنى على بعض أصدقائنا الارتقاء بتفكيره وكنزه اللغوي، وأقول لأصدقائنا في الجبل وأنا على قناعة أن قدرة الأخلاق على التحمّل أكثر وأطول من غيرها، وأخلاق الباشا وتراثه تدعونا أن نتجاوز الصغار، أن نبحث عن الأشراف حتى لو كان بينهم “أشرف” آمل أن يعتذر كي لا يبقى في إسمه بارادوكس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى