صفحات المستقبل

أنا أؤمن بسوريا

متل كل هالسوريين تابعت أحداث الثورة ساعة بساعة من لما بلشت.. بدايةً كنت مالي مصدق أنه ممكن السوريين يتمردو عالوضع اللي هنن فيه.. أكيد هالشي لا ينبع من اعتقادي أنه وضع المواطن السوري جيد، وإنما كان بسبب تأكدي أنه نظام آل الأسد هو الأكثر ديكتاتورية وقمعية بين كل الأنظمة الأخرى وما بيضاهيه غير نظام القذافي.. نحنا كسوريين تربينا على الخوف.. عالخوف من أستاذ العسكرية، ومن الضابط بمعسكرات التدريب الجامعية، ومن أعضاء الحزب وعناصر الأمن ورجال المخابرات.. كيف هيك شعب بده يثور؟! مع هالشي تبينلي لاحقاً أني كنت مخطئ.. مخطئ لأنه في رجال بسوريا كسرت الخوف والرعب اللي عاشته سوريا 40 سنة، وطلعو لينادو بحرية سوريا والمواطن السوري.. ومتل ما قال الأخ غاندي.. “في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر”.. البداية كانت تجاهل رهيب.. باللحظات اللي كان عم يصير فيها الدبح بجامع درعا العمري، كان الخبر العاجل بسيريانيوز هو: “تغير بحالة الطقس”.. أما بسانا فكان مافي شي وكأنه الأحداث بساحل العاج مو بسوريا.. طبعاً وبفضل الانترنت والفيسبوك انتشرت الأخبار كالنار من الهشيم، وعرفو كل العالم أنه يا أخي في عالم عم تحتج بدرعا، وأنه الأمن عم يقابلهم بالرصاص الحي.. هون بلشت المرحلة التانية.. بمرحلة السخرية.. بلشو مؤيدي النظام يضحكو.. أنه كلهم كم واحد حوراني كلب (سامحوني عالجملة بس هاد اللي سمعتو حرفياً).. وأنه هدول جرذان وصراصير.. وأنه إذا في 200 واحد ضد بشار الأسد فهالشي لا يعني أنه كل الشعب السوري هيك.. وطلعت شعارات الانبطاح متل الشعب السوري بيحرق حاله مشان يخلي رئيسه بشار.. ومطرح ما بتدوس رح نركع ونبوس.. ومن هاد الكلام.. هون اتفاجأو الشباب بأنه لأ.. أهل حوران بالنسبة للشعب السوري مالهن كلاب وصراصير.. وطلعت المظاهرات بكل أنحاء سوريا عم تفدي درعا بالروح وبالدم بعد ما فدت حافظ الأسد وأبنه لـ 40 سنة عجاف.. هون السخرية ما بقى كتير تمشي.. فوصلنا للمرحلة اللي بعدها.. مرحلة الحرب هي أقسى مرحلة بكل ثورة.. والنظام السوري ما حب يخلي هالشي استثناء.. بلشت الحرب الشعواء بكل أنحاء سوريا.. وسقطو الشهداء بدرعا وبحمص وبجبلة وبالحسكة وبالقامشلي.. بدوما والتل والمعضمية وداريا.. وبدا بكل وضوح أنه النظام ماله مصلي عالنبي. كل المراحل السابقة رافقتها حرب إعلامية قذرة من الفضائية السورية والدنيا من أبواق النظام.. بلشنا بالمندسين، وبعدين انتقلنا للعصابات المسلحة ومن بعدها للجماعات السلفية.. بالبداية طبعاً كانت الروايات كتير سخيفة لتتصدق من أي سوري بيحترم حاله وبيشغل الدماغ اللي عطاه ياه ربه.. أنه كلنا منعرف أنه الطير الطاير ما بيطلع فوق سوريا بدون موافقة أمنية، وأنه أي ثغرة أمنية في حال وجودها فهي أكيد حتكون كتير صغيرة وأنه شباب الأمن الطيبة ما حتاكل معهن أكتر من 24 ساعة ليلمو أي خلية دخيلة عسوريا.. بس هالروايات استمرت.. وبلشت تاخد صدى داخل المجتمع السوري.. بلشو العالم يحكو عن غرف العمليات الأميركية، وعن مخططات الموساد لشرذمة سوريا إلى دويلات.. وعن الفكر الديني المتعصب اللي موجود بالمناطق النامية بسوريا.. واللي هلأ أخد مجده بعد الأحداث الأخيرة.. المشكلة كانت بالنسبة إلي هون أنه كتير من أصدقائي من معارضي النظام الشرسين كانو كتير مقتنعين بهالروايات.. هنن طبعاً ما صدقو قصة العصابات المسلحة.. بس كان برأيهم أنه النظام الحالي هو أحسن الشرور.. أنه فعلاً في فكر ديني متطرف بسوريا، وأنه الأميركان عم يدعمو الحركات السلفية.. وأنه في حال سقوط النظام فحيصير فينا متل اللي طلع من تحت الدلف لتحت المزراب.. عراق وليبيا واللذي منه.. هون بيني وبينكن صرت بحالة نفسية بتخري.. أنه العالم اللي عم تحكي هي عالم أنا متأكد من وطنيتها ومن كراهيتها للنظام.. وأنه عندهن وعي سياسي جيد للحالة السورية.. أكتر مني عالأقل أنا اللي بحياتي ما اتداخلت بالسياسة.. وكوني من الطائفة العلوية بلشت الأفكار السودا تلعب براسي.. أنه لو استلمو الأخوان مثلاً شو حتكون حالتي أنا وأهلي؟ أنه معقول تتحول سوريا لإمارة إسلامية؟ معقول نحنا كسوريين تكون خياراتنا هي أنه يا بيحكمونا آل الأسد للأبد يا بيجي فداء السيد بدال بشار الأسد؟ طبعاً مرة تانية بقلكن أني بدايةً كنت مقتنع أنه هي كلها من أكاذيب النظام.. بس بعدين اسمعت كتير كلام من أنه يا أخي مظبوط في عالم مثقفة وهدفها الديمقراطية والحرية هي اللي عم تطلع تتظاهر.. بس أنه السلفيين والإسلاميين رح يركبو عضهر هالحركة ويستغلو هالشباب ليوصلو للسلطة.. وأنه بالعلامة شوف شو صار بإيران.. تمردو عالشاه ليجي مين هو أخرى منه.. وبرز هالموضوع بشكل واضح بخطبة واحد من المشايخ تبع درعا لما طلع عم يسب عالدروز بالسويدا ويكفرهن.. بعد هالحالة من الشك بلشت اقرا بتاريخ سوريا المعاصر.. عن المخططات الأميركية عسوريا.. تحديداً من لما قرر بوش يشن حربه عالعراق بالـ 2003.. وعن السلفيين والجهاديين والدور اللي لعبوه بحرب العراق والضغوط الأميركية عسوريا.. وتوصلت لنتائج يمكن كتير منكم بيعرفوها بس لقيت من واجبي أذكرها للجهلة من أمثالي.. هادا يا جماعة الخير، بعهد حافظ الأسد شنت السلطات السورية حرب إبادة على أصحاب التفكير الإسلامي، وما تركو واحد بيتنفس من جماعة الإخوان.. لهون هالحكي كلنا منعرفه… الجميل بالموضوع أنه الجماعات السلفية ظهرت بسوريا مجدداً بعهد بشار الأسد.. النظام السوري تفاخر بالسنين الماضية بصموده بوجه المخططات الاستعمارية الأميركية الامبريالية.. بس يا ترى مين كان درعه الأساسي بوجه هالمخططات؟ الجواب هو الجماعات السلفية نفسها.. النظام السوري هو اللي خلق أو أعاد للحياة مجموعة من التكفيريين الجهاديين واستخدمهن وسيلة لينغص على سما الأميركان بالعراق.. خطة رائعة جداً ونجحت.. الشباب طلعو متل الشعرة من العجين من كلشي كان عم يتخطط ضدهن وضد سوريا.. هون فينا نسأل حالنا أنه من هداك الوقت لهلأ وين اختفت عالجماعات؟ وليش طلعو هلأ وبهالتوقيت؟ الجواب هو ببساطة أنهم صارو خلايا نائمة.. يعني باعتقادي متل ما في فرع أمن سياسي وفرع مخابرات جوية.. في فرع تنظيمات سلفية.. مو بشكل رسمي طبعاً وإنما على شكل خلايا تابعة لأفرع أخرى من أشاوسة الأفرع الأمنية تبعنا.. هي الخلايا لعبت دور ورقة الجوكر للنظام السوري.. الشباب تركو هالورقة نايمة بالسنين الماضية لوقت يحتاجوها.. وعلى ما يبدو صار وقتها.. هون فينا نسأل حالنا الأسئلة التالية: لما كانت أميركا بعز هجمتها على سوريا.. ليش ما حركت هالخلايا السلفية بالداخل السوري علماً أنه كان توقيت رائع لتحريكهن؟ الجواب ببساطة هو أنه هالخلايا دائنة بالولاء للنظام السوري ومو لحدا آخر.. إذا كان الداخل السوري مخترق وفيه مندسين، فليش ما اتحركو بحرب الـ 2006 علماً أنه صار فيه كتير حركة من لبنان عسوريا؟ ليش ما اتحركو لما كانت المحاكم الدولية عم تضغط على بشار الأسد والشلة تبعه؟ ليش ما صار أي حراك بالداخل ليصعب موقف بشار الأسد بوقتها؟ مجدداً الجواب وببساطة، هو أنه الشعب السوري شعب بطبعه مقاوم، ومتحد داخلياً ضد أي تدخل خارجي.. الشي اللي بيكذب أي تهمة من تهم النظام بأنه الثورة الشعبية السورية حالياً مدعومة من أي جهة خارجية.. على العكس تماماً.. لو ما كانو الأميركان حالياً راضيين أتم الرضا عن الزميل بشار الأسد، لكنا لقينا هلأ قوات الناتو عم حدود سوريا، خصوصاً أنه اللي عمله النظام لهاللحظة يمكن وبكل راحة ضمير تسميته جريمة حرب.. الشي المنطقي اللي فينا نفكر فيه، أنه الغرب وأميركا وإسرائيل شو بدهن أحسن من هيك نظام؟ نظام نهب سوريا وسجن أحرارها وهجر شبابها هو أحسن نظام لأي عدو لسوريا.. نظام حمى حدود الجولان لإسرائيل خلال 40 سنة، وباع لواء الاسكندرون، وقتل من أبناء سوريا أكتر مما قتلت إسرائيل من الفلسطينيين، هو نظام أميركا وإسرائيل مستعدين يقاتلو ويموتو مشان يضل ماسك الحكم بسوريا.. بعد كل هالسيل من الأفكار.. تذكرت شغلة خلتني حس بالاشمئزاز والاشمئناط وكل المشاعر الكريهة اللي فيكن تتخيلوها.. تذكرت صورة بشار الأسد وهو رافع إيده ومكتوب تحتها “أنا أؤمن بسوريا”.. كيف بتكون مؤمن بسوريا وبتطلع عالوول ستريت جورنال وبتقول أنه السوريين مالهن مؤهلين للديمقراطية وأنه لازمهن على الأقل جيل جديد؟ كيف بتكون مؤمن بسوريا وبتتهم السوريين بالعمالة والاندساس والسلفية؟ كيف بتؤمن بسوريا وبتقول أنه سوريا من غيرك رح يستعمروها الامبرياليين ويحكموها الاسلاميين وكأنو السوريين غنم؟ كيف بتؤمن بسوريا وبتخلي السوريين يسجدو لصورتك؟ كيف بتؤمن بسوريا وبتصدق أنه السوريين طائفين وبدهن يدبحو بعض؟ كيف بتؤمن بسوريا وبتحبس طل الملوحي؟ كيف بتؤمن بسوريا وبتقتل السوريين؟ عزيزي الدكتور بشار.. اللي رح قلك ياه أنه نحنا كسوريين كمان مؤمنين بسوريا.. بس إيمان حقيقي مو متل الإيمان الكاذب المتزلف تبعك.. نحنا كسوريين نؤمن بأنه سوريا كانت وستبقى دولة ممانعة، والسبب هو الشعب السوري العظيم وليس قيادتك الحكيمة.. نحنا كسوريين نؤمن بأن سوريا قادرة على أنه تكون ديمقراطية حقيقةً وتحكم من الشعب السوري وأنه ما تكون مجرد مزرعة لبيت الأسد ومخلوف.. نحن كسوريين نؤمن بأن الشعب قادر يواجه أي مخططات خارجية وأنه قادر يحافظ على وحدته الوطنية.. وأنه قادر يتعايش بكافة طوائفه بشكل سلمي متل برهن من سنين كتير طويلة من قبل ما يجي أبوك وبعثه المجرم ويحاولو يزرعو الحقد الطائفي بسوريا.. أنا كسوري مؤمن بأنه طالما في شباب متل الورد بسوريا مستعدين يواجهو دباباتك وشبيحتك بصدور عارية ويموتو كرمال سوريا، فمعناها سوريا لسا بخير.. أنا كسوري مؤمن أنه نحنا السوريين قادرين نعيش بدونك ونحافظ عوحدتنا الوطنية، ونعيش بكرامة من غير ما يقمعونا أجهزة أمنك، ومن غير ما يستعبدنا أمثال أخوك ماهر وابن خالك رامي وقرايبينك حافظ وعاطف وذو الهمة.. أنا كسوري مؤمن بأنه حق ولادي عليي أني قاتل لحتى ما يحكمهن حافظ الأسد التاني، بعد ما حكمنتي انت وأبوك طول عمري.. أنا كسوري مؤمن أنه السوريين قادرين يوصلو للمرحلة الأخيرة اللي قال عليها غاندي.. رح ننتصر http://www.the-syrian.com/?p=1660

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى