صفحات سورية

أوراق النظام السوري …فهل ينهي نفسه بورقة؟

 


محمد عزيزي

ريثما تحين الساعة ، يقف الغرب عاجزا عن ما تصنعه الثورات العربية، فما أن تنتهي ثورة حتى تبدأ أخرى في الجوار الذي يشترك بكل شي إلا اللهجة العامية، قد يقول بعضهم أن الثورات العربية هي من صنع الغرب والولايات المتحدة وربما إسرائيل بينما يناهض تلك الفكرة من هو طواق لانتشال كرامته من على حذاء أسرة تحكم بلاده منذ عقود…

تتعدد الروايات في ذلك، لكن كما تعودنا من الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل أن تصنع كل شي في بلادنا وتنقله من بلد إلى أخر وإن لم تصنعه وتخلقه فإنه تعمل على إضافة مايخلقه شارع دول العالم الثالث أو الشرق الأوسط أو المستهدفون في الأرض بما يناسبها…ولكن حقيقة تلك الثورات وانتشارها في خمسة أشهر فقط في معظم الأقطار العربية وانتزاع الثوار المصريين للرئيس الرئيس في العالم العربي يسقط تلك الروايات ويصنع سيناريوهات من عقلية الشاب العربي…

في سوريا، قبل ساعة فقط من قيام أهل درعا احتجاجاتهم على اعتقال أطفالهم لم يخمن حتى عائلات الأطفال بأن الأمور ستئول إلى ما آلت إليه، إلى أن استمرت الاحتجاجات وبدأ قنص وقتل وسفك من خرج للتظاهر والتنديد كتكرار لما فعله الأب في حماة، صحيح أن الرئيس السوري ورث عن والده السلطة إلا انه ومنذ مجيئه إلى السلطة حاول التخلص من الحرس القديم بأسرع وقت ممكن، ويبدو في ذلك وصية من الأب الذي يعرف أن بقائهم سيكون نهاية لطفله الذي لم يتجاوز في السياسية ست سنوات حينذاك، فتخلص بشتى الطرق من أركان نظام أبيه وترك من يخلد الأب في الاحتفالات، وجميع الحرس القديم دون استثناء لا يطيقون من يقود دفة الحكم في سوريا منذ تولي الطفل كما يسميه بعض أركان نظام الأب فبدأ يطبق الأسد الطفل ويستلهم نظرية شقيقه التونسي في الاقتصاد، إلا أن وصل إلى السوق الاجتماعي الحر وهو في الحقيقة اسم غير مفهوم لأغلب السوريين سوى رجال الأعمال الجدد الذين جلسوا على موائد زعماء بعض دول أوربا الشرقية ودول الإتحاد السوفيتي السابق ليعقدوا الصفقات بمباركة أسديه …لتأتي مرحلة السيطرة على كل شي في الاقتصاد السوري، ويستشري فساد الكبار من المسؤولين وأصحاب المنشآت الضخمة التي استجابت بالقصر لتوقيع الشراكة مع الرامي (رامي مخلوف) والذي يعتبر واجهه حقيقية لعائلة الأسد،

قامت الثورة واشتعلت وانتقلت من مدينة إلى أخرى ولم تكن كلمة الفصل للأسد الرئيس بل كانت على ما يبدو لأركان النظام والأسد الشقيق، فجرب كل أنواع التهدئة من القوة الأمنية وحتى تلبية طلبات كافة وجهاء المدن المتمثلين بتجار المخدرات وعناصر المخابرات …وهنا لإيلام الرئيس الأسد في استقباله لهم لأنهم وحسب الأجهزة الأمنية تُركوا لتلك اللحظة ليقوموا مااستطاعوا في قمع أي حركة تمرد تقوم في البلاد …

قبل عام من الآن خرج مسلسل تركي غريب من نوعه سمي بوادي الذئاب ، يحكي ذلك المسلسل عن مصلحة دول الشرق الأوسط في مجرمي تهريب المخدرات والسلاح ، فلاقى قبولا واسعا في الشارع العربي ورفضا واسعا لدى الكثير من الأجهزة السلطوية العربية، لكن ذلك المسلسل كان حقيقة ما يدور في الشارع العربي ولاسيما السوري، حيث اعتمد النظام على تربية هؤلاء الأشخاص ودمجهم بالسلطة بطريقة لا تتخيلها الإنسانية، فهم- أي تلك العناصر- تكاثروا في صلب المجتمع السوري وتسلموا مناصب كما هم أعضاء مجلس الشعب الذين اعتمدوا على الحصانة لتمرير كل شيء فاسد…وقد تمكن النظام السوري مؤخرا كطرحهم في الشارع السوري ومحافظة حلب أكبر برهان على ذلك..

لا يخفى على أحد أن حلب ذاقت الآمرين خلال أحداث الثمانينات، لكن ما حصل اليوم أن تم تسليح مهربو المخدرات والسلاح وغيرهم من أدوات النظام وانتشروا في الشوارع على الملأ ليحموا النظام الذي أنجبهم فهم فوق القانون في السابق ومن الذي يمنعهم أن يصيدوا شاب في مقتبل العمر أو عجوز هرم من النظام السوري قبل أن يهرم ، تلك الورقة التي طرحها النظام السوري بقوة لم تستخدم حتى الآن، وذلك لأن أماكن تجمعهم لم تخرج في مظاهرات، ما عدا شبيحة الأسد المعروفين بطبيعة الأحوال منذ أن خلق نظام الأب…

ورقة أخرى استخدمها النظام وقد تكون أكثر غباء في هذه الظروف وفي زمن السرعة والتكنولوجيا.. وبسيطرته على الاقتصاد واحتكاره كل شي تمكن من إيقاف الانترنت من خلال شركتي الهاتف المحمول ومراقبة المكالمة الخارجية وإغلاق الحدود الأردنية من جانب درعا حتى لا يتمكن الدرعاويون من استعمال الشبكة الأردنية أو تهريب خطوط الثريا، لكن الفيديوهات مازالت تصل حتى يومنا هذا على الإنترنت ففشلت وسقطت ورقة النظام تلك…

ورقة ثالثة لعبها النظام السوري من خلال حملاته الإعلامية وتكذيب ما يحصل على أرض الواقع وإقناع الشعب بنظرية المؤامرة مكررا ما قاله أسلافه الحكام، ومن يعتقد أن فيديوهات الجزيرة القليلة التي خرجت للشاشة دون تمحص والتي طبل لها النظام السوري وزمر هي من فعل الجزيرة، فالجهاز الأمني الإعلامي حاول بشتى الطرق خلق فيديوهات مفبركة وإرسالها للقنوات حتى يتمكن من عرض الثغرات على التلفاز الرسمي ويخون كل من عرضها وهو ما حصل أيضا في قضية شهود العيان الذين استخدم الجهاز الأمني بعضهم لكشف الثغرات ومحاولة إقناع السوريين بنظريته المتمثلة بالمؤامرة وبالطبع مع استخدام كل نجوم الشاشة الرسمية السورية ليقولوا نعم للنظام لا للمندسين لكنه فشل أيضا …

ورقة رابعة وخامسة وسادسة وسابعة وكلها فشلت..

أوراق تبقى في المجهول لكن الورقة التي بدأ يدور رحاها في الكواليس السياسية ..ورقة لم يستخدمه النظام السوري من قبل وهي ورقة خطيرة لن يسكت عنها الغرب وربما يمحوا النظام على إثرها في خلال ساعات متجاهلين التباطؤ في قضية القذافي ، ألا وهي ورقة الجولان التي يضحك المحللين لاستخدامها من قبل نظام يستمر لعدم استخدامها …لكن المحللين يعرفون ما قام به نظام الأسد قبل أيام حين أرسل الأشقة الفلسطينين إلى مجدل شمس فقتلت إسرائيل من قتلت وعاد من عاد فلا عجب أن يقوم النظام السوري باستخدامها كورقة أخيره في الرابع والعشرين من حزيران كما روج لها الإعلام الرسمي من خلال ضيوفه اللبنانين بطريقة غير مباشرة، وليكن إعلان وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو خلال مقابلته بصحيفة نيورك تايمز إنه يتعين على الرئيس السوري بشار الأسد إجراء إصلاحات تشكل “علاجاً بالصدمة” في حال كان يأمل بإنهاء الأزمة التي تشهدها سوريا.هي المقصود بذلك ….وكررها في ردٍ على سؤال حول ما سيحصل في حال لم يجر الرئيس السوري إصلاحاً دراماتيكياً، حيث قال داوود أوغلو “لا ندري، ولهذا السبب نقول علاجاً بالصدمة” فلاعجب من النظام السوري مما يفعله ….ولاعجب في حقيقة واحدة لاغير علها جوهر التوصيف وهي أن مدرسة الحكم العربية انتهت مدتها و أصبحت غير قابلة للاستهلاك السياسي مثل ما انتهت مدارس أنظمة حكم معروفة .

صحفي سوري مقيم في الإمارات

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى