صفحات العالم

أي سيناريو لسوريا؟


حسام كنفاني

من الواضح أن الملف السوري بات ذاهباً في مسار تصعيدي ينذر بالأسوأ في الأيام المقبلة، ولا سيما بعد فشل مساعي احتواء قرار وزراء الخارجية العرب بتعليق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة العربية، ما يضع الملف على أول طريق محاكاة السيناريو الليبي، من دون أن يؤدي بالضرورة إلى تكرار التدخل العسكري الخارجي .

لكن استبعاد التدخل العسكري الخارجي عبر حلف شمال الأطلسي أو أي تحالف دولي غيره، لا يعني أن السيناريو الليبي مستبعد في الأراضي السورية، وخصوصاً أن لمثل هذا السيناريو تفاصيل قد تكون متشابهة إلى حد كبير إزاء ما يجري في بلاد الشام . التشابه الأول قد يكون في ما يحكى عن انشقاقات في صفوف القوات السورية، والهجمات التي بدأ هؤلاء الجنود بشنها على القوات الحكومية، وهو ما يذكّر بمرحلة الانشقاقات التي بدأها الجنود الليبيون في الشرق، والذي تحوّل إلى “مقرّ للثورة” قبل أن تتمدد إلى سائر الأراضي الليبية .

في الأسابيع القليلة الماضية شهدت العمليات العسكرية للقوات المنشقة تصعيداً لافتاً، ولا سيما في درعا وحمص، قبل أن تصل إلى ريف دمشق، ما يؤشر إلى تطور في عملها وتوسع رقعة نشاطها . الكلام الكثير في الأوساط السياسية، التركية تحديداً، يعول على مزيد من الانشقاقات في الأيام المقبلة، غير أنه بانتظار إقامة منطقة عازلة على الحدود تسمح لألوية كاملة بالتحرك باتجاه “المناطق الآمنة”، التي من الممكن أن تتحول إلى “مقر للثورة المسلحة”، كما كان عليه في ليبيا .

المختلف عن السيناريو الليبي يتركز في جزئية التدخل العسكري المباشر، سواء عبر حظر جوي أو إنزالات برية . فالأكيد أن لا أحد في وارد التفكير بمثل هذا الأمر،  وأقصى ما يجري السعي إليه هو “تأمين شرعية” للمنطقة العازلة، وهو ما ألمح إليها الأتراك بشكل مباشر، حين أشاروا إلى أن مثل هذا الأمر ينتظر قراراً دولياً .

وفق هذا السيناريو فإن سياق ما تجري فيه الأمور بدأ بالتجلي شيئاً فشيئاً، فإذا كان التدخل الخارجي العسكري مستبعداً، يبدو أن الخيار البديل الذي يجري العمل عليه إقليمياً ودولياً هو التدخل العسكري الداخلي . تدخل يبدأ من تصعيد الضغوط الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية على النظام لتأمين أرضية واسعة لتقبل التغيير . أرضية تكون في الأساس مؤلفة من العسكريين ورجال الأعمال، وبالتالي الدفع نحو مزيد من الانشقاقات السياسية والعسكرية عن النظام تمهيداً لما يمكن أن يشكل انقلاباً داخلياً، لا سيما أن القناعة العامة، التي عبر عنها الصحافي البريطاني روبرت فيسك، هي أن “الأسد لن يرحل إلا إذا انقلبت عليه الدبابات” .

مثل هذه القناعة قد تكون أساسية في ما يخطط له في سوريا . لذا فالأمر يستدعي تبصر الأمور ومتابعة التحركات التي تجري في الداخل السوري وخارجه، بانتظار اكتمال الصورة التي لابد أن تتجلى في الأيام القليلة المقبلة، لأن المخططات وضعت على نار قوية جداً .

الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى