صفحات المستقبل

إغـتسـلْ و تـطـيـّب … يا صّـديـقـي …

 


إغتسل و تطيب يا صديقي :

لطالما تبحّرنا في كتب التاريخ العتيقة … فكانت هناك صفحات ذهبّية موشاة بعطر رجالات و مواقف و أحداثٌ عن بطولات و معارك و حتى أشعارٌ و كلماتٌ . عن الحب و الحبيب و العيون السود … و تراب الوطن التي لا زال صداها يتردد و إلى الآن …

فإن قلبت صفحات ذلك الكتاب العتيق .. ستجد صفحات أُخْر .. شنيعة .. كريهة الرائحة .. تزكم الأنوف .. عطانة و عفونة … هي هكذا صفحات التاريخ .. إما لكَ .. أو عليك .

نحن الآن أحرّف في تلك الصفحات … و لك حرية إنتقاء مكانك يا صديقي … إما ديباج التاريج و حريره .. أو مرمى نفايته و قمامته ..  فاحسن اختيار صفحتك يا صديقي .. حتى لا يلعنك أولادك و أحفادك .. قبل الغرباء … فالتاريخ لم يرحم أحدٌ في يوم من الأيام … و لن يرحم في الأيام القادمة … فاغتسل و تطّيب يا صديقي … و اجلس ….. على عتبة الريحان و الياسمين و زهر الليمون …. إنّ شئتّ … أو … هناك .. إنّ شئت ؟؟! .

 

لا …. لسنا … واحد :

يقولُ صديقي المولودُ حديثاً … من أحد السراديب العربية … لا … لسنا واحد … يتابع كنت أعتقد ذلك .. حتى ولجت ذلك المكان فجأة … ثمّ متُ .. كـ عُزير الله ما شاء ليّ من الوقت … و هو مايكفي و زيادة لأقرّ .. و أنا بكامل ما تبقى ليّ من قوى عقلية .. بأننا و إياهم لسنا واحد …. لسنا واحد ……… لسنا واحد …. حتى يغيروا مابي أنفسهم … و لا أعتقد بأن ذلك ممكن أيضاً . فالمسافة بعيدة جداً و الهوة عميقة سحيقة و المعادلة .. بين أن تكون انسان … ولا إنسان …  مستحيلة التلاقي كالمستقيمان المتوازين في صفحة بيضاء ناصعة كيد موسى أمام فرعونه الخائب الغريق بعد حين .

 

وجوه بلا ملامح :

همّ أناس … لهم وجوه .. لكن بلا ملامح … سقط الأنف – رمز العزّة أولاً … و العيون – أم الحنان .. و الأهداب – صويحبات الغزل و الإغراء .. و الشفاه – بنات الشهوة , و الفم – صاحب الحقّ إنّ شاء صاحبه .. أو عكس ذلك …

سقطت كلها و أصبحت الوجوه بلا تراسيم مبينة … اشترى أصحابها أقلامٌ ملونة … و بدؤا يرسمون .. ما شئت .. أو شاء غيرك من ملامح .. حسب الطلب و الرغبة … و الثمن أيضاً …. و همّ كثر … أكثر ممّا تتصور

 

يقول عن الأمان :

يكفي أننا نعيش بأمان … نعم و الحمد لله … و هل الأمان .. نعمة خصنّا بها المولى عزّ و جّل لحسن سلوكنا و عبادتنا .. أم مكافئة لإنعدام الفساد و الرشوة و الخوة و المرابحة و المتجارة غير المشروعة و  العدالة القضائية التي كادت أن تتساوى و عدالة صاحبها .. أم إنعدام الفقراء بيننا لتراحمنا الفاضل .. لدرجة أننا نبحث عن عمر بن عبد العزيز ليوزع أموال زكاتنا على دول أوربا التي تعيش في فقر مدقع … على ماذا تعتقد بأنه خصّنا دون غيرنا بالأمان … يا صديقي ؟؟؟؟ و انّ غيرنا … لا يعرف ماهو : الأمان

 

لعنت أختها :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ

[الأعراف : 38]

 

 

Dr.Walid Sham

http://walidsham.wordpress.com/

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى