صفحات العالم

إلى الأبد .. بشار الأسد !


عدنان حسين

من خمسة استفتاءات وانتخابات رئاسية في سوريا فاز فيها الرئيس الراحل حافظ الأسد على مدى ثلاثين سنة، لمدة سبع سنوات لكل واحدة ( لم يكن هناك من ينافسه فيها على الإطلاق) حضرتُ اثنتين منهما هما اللتان أُجريتا في 1985 و1992. وبالطبع كانت النتيجة فيهما كاسحة(أكثر من 99 بالمئة).

انتخابات 1992 بالذات كانت نتيجتها 99.98 بالمئة، ويومها تداول السوريون نكتة تقول انه بعد إعلان تلك النتيجة لم ينم عناصر المخابرات السورية ليلهم، لماذا؟ لأنهم انشغلوا في محاولاتهم لمعرفة من هم الـ 00.02 بالمئة الذين خرجوا عن الطاعة ولم يصوتوا للأسد!

أتذكر أيضاً أن صحفية أميركية كانت تعمل لصحيفة “نيويورك تايمز”، هي الصديقة سوزان ساكس، اتصلت بي في تلك الأيام لتُعلمني بوصولها إلى دمشق من أجل تغطية حدث الانتخابات .. تمشينا في شوارع عدة كانت تغصّ باللافتات الكبيرة والصغيرة وبسلاسل مصابيح الكهرباء الملونة. كما كانت هناك صورة كبيرة للغاية لحافظ الأسد تغطي بالكامل واجهة مبنى حكومي من ستة أو سبعة طوابق يطل على ساحة يوسف العظمة في قلب دمشق. سألتني سوزان عما تقوله إحدى اللافتات الكبيرة غير بعيد عن تلك الصورة هائلة الحجم، فترجمت لها: “الى الأبد .. يا حافظ الأسد”. سألتني سؤالاً منطقيا للغاية: لماذا إذاً يعملون انتخابات؟ فأجبتها مقترحاً أن تسأل أحد المسؤولين السوريين الذين كانت تسعى لمقابلتهم. لا أظنها سألت لأنها تعرف أن سؤالاً كهذا لا جواب له عند هؤلاء المسؤولين.

منذ يومين أعلن النظام السوري أن الاستفتاء على الدستور الجديد الذي يُفترض انه سينتقل بالبلاد من النظام البعثي الشمولي طويل الأمد (منذ 1963) إلى النظام الديمقراطي، حقق نتيجة 89.4 بالمئة. لا أظن أن سوريي هذه الأيام قد أنتجوا نكتة مشابهة لنكتتهم في العام 1992. ومن أين لهم روح الدعابة والهزل وهم في حال الفجيعة يخوضون حمامات الدم التي تجتاح بلادهم من أقصاها إلى أقصاها منذ اثني عشر شهراً؟

ومن المؤكد أن ما يزيد من شعورهم بالفجيعة أن الدستور الجديد إنما وُضع لتكريس ولاية بشار الأسد 16 سنة أخرى زيادة على سنيه الاثنتي عشرة المنقضية حتى الآن، فمع أن المادة 88 من هذا الدستور تنصّ على أن الرئيس لا يمكن أن يُنتخب لأكثر من ولايتين، مدة كل منهما سبع سنوات، إلا ان المادة 155 تقضي بأن حكم المادة 88 لا ينطبق على الرئيس الحالي الا اعتباراً من الانتخابات الرئاسية المقبلة التي لن تجري الآن وإنما في 2014 بعد ان تنقضي الولاية الحالية لبشار.

باختصار ان شعار “الى الأبد .. يا حافظ الأسد” يترجمه الدستور الجديد على النحو الآتي: “إلى الأبد .. بشار الأسد”!

المدى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى