بيانات الانتفاضة

إلى الشعب السوري العظيم


لجان التنسيق المحلية في سوريا

في الثامن عشر من شهر آذار/مارس 2011، انطلقت انتفاضة الكرامة في سورية من أجل الحرية والمساواة والعدالة، متخذة من مدينة درعا نقطة البداية، انطلقت بعفوية الثائر على هدر كرامة الإنسان وحريته، لم يكن لهذه المدينة طريق آخر لنزع الخوف واسترجاع الحقوق المهدورة سوى التظاهر والتجمع متحدين آلة القمع وحالة الطوارئ المفروضة على البلاد والعباد وحالة الفساد المحمي من هذه السلطة. سبق هذه الانطلاقة تحرك شبابي بتاريخ 15 آذار فتح الباب للشباب السوري استنشاق نسيم الحرية وبعثها في كل ربوع سوريا الحبيبة.

كانت الشرارة التي انتقلت بسرعة انتقال المذابح والقتل والوحشية من أجهزة النظام من مدينة إلى مدينة، فما أن حل أسبوع واحد على الإنطلاق، حتى أصبحت كل المدن السورية درعا المنتفضة، استجابت المدن وتعالت الأصوات من منتفضيها كل مدينة تدعم الأخرى وتؤازرها، ومع انتشار كلمة الحرية على ألسنة المنتفضين عممت السلطة همجيتها وأساليبها اللانسانية فمارست القتل والدمار والحصار والخطف والتعذيب والتظليل لقمع وسجن الحرية من ضمير وألسنة المنتفضين .

منذ اللحظة الأولى لشرارة الانتفاضة غيبت السلطة الحلول السياسة والسياسيين إلا ماندر حيث تبين أن الدعوات الوهمية للحوار ليست سوى غطاء للتغول الأمني وكسب الوقت لقمع الانتفاضة، هكذا استحوذت الأجهزة الأمنية على كافة المعطيات الموجودة على الأرض فقبضت على كل مايتعلق بمعالجة الموقف في الوضع السوري بيدها منذ الانتفاضة. وقد تأكد لنا التالي:

1- رفض النظام القيام باصلاح حقيقي يتجاوز المشاريع الشكلية المزيفة، وفي الوقت نفسه تشديد انغلاقه على نفسه وتفرده بالسلطة والقرار وتأكيد جموده السياسي والفكري.

2- تصميم الشعب على الاستمرار في الكفاح حتى تحقيق مطالبه في الحرية، وإقامة سلطة ديمقراطية مدنية من اختياره، مهما كلفه الأمر.

لذلك نحن الشباب السوري في كافة المحافظات ومن كافة مشاربنا السياسية والفكرية والمدنية والأهلية المشاركة في انتفاضة الكرامة نعلن التزامنا بما يلي:

• سوريا دولة مدنية لكل مواطنيها المتساوين بالحقوق والواجبات بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس والتوجه السياسي. وبناءً عليه فإننا ندين بأشد العبارات ونشجب كل من يطلق أي شعار طائفي أثناء المظاهرات.

• صياغة دستور مدني مواطني يضمن المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع السوريين.

• يعتبر احترام الدستور السوري الجديد، المنسجم مع التزامات سورية في حقوق الإنسان والبيئة، الشرط الأساس لكل نشاط سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي أو مدني.

• المقاومة المدنية من أجل الديمقراطية والكرامة نهج سلمي مبدئي ينبذ العنف بكل أشكاله ومن أي طرف جاء. لقد ولدت الحركة المدنية للتغيير سلمية، ومهمتنا تطويق أي محاولة لجر المواطنين إلى العنف أو تخريب الممتلكات العامة والخاصة أو الإعتداء على الأشخاص. ولن نقبل بوجود المخربين بيننا.

• الشعب السوري، كما الشعوب في باقي الدول العربية الأخرى، مقاوم بطبيعته. وليس هذا الأمر جديداً علينا بل كان جلياً أثناء الحقب الاستعمارية لبلادنا وخلال عشرات السنين من احتلال الكيان الصهيوني للأراضي العربية. أننا سنتابع هذا التاريخ الوطني المشرّف، وسنعمل على تحرير الجولان والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ومنها إقامة دولته المستقلة. لذا نرفض اتهامنا بشكل مباشر أو غير مباشر بالتهاون في قضية التحرر الوطني باعتبارها في صلب مشروع الحرية والكرامة.

• التدخل الخارجي مرفوض بكافة أشكاله، التحول البناء سيكون سوريا في المعنى والمبنى ونرفض أية وصاية أو وكالة لأي طرف كان. مع التأكيد على القيمة العالمية لحقوق الإنسان والتعاون مع المنظمات العالمية لهذه الحقوق لوضع حد للانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان وللجرائم التي ترتكب بحق شعبنا في كفاحه السلمي لنيل حريته.

• لا يمكن فصل معركة الحرية عن النضال من أجل العدالة الاجتماعية. فقد أفقرت الدكتاتورية وهمشت قطاعات واسعة من المواطنين بحيث صار من الأولويات دعم البنية المجتمعية الأفقر وتوفير فرص العمل للجميع والتوزيع العادل لثروات البلاد بين المناطق وبين شرائح المجتمع المختلفة.

بناءً على ما تقدم، فإننا نؤكد أن الحل السياسي الذي يتشارك فيه كل أبناء الشعب السوري هو الوحيد الذي يمكن أن يوصلنا إلى بر الأمان، ويقطع الطريق على كل المؤامرات والمتآمرين (إن وجدوا) على وطننا. ولا يمكن للعنف المستخدم من السلطة والحلول الأمنية إلا أن تؤدي إلى مزيد من الاحتقان ومزيد من الدماء السورية الأغلى على قلوبنا. إن شعارات الحرية والكرامة ليست ضبابية، ونحن نفهم أبعادها ومتطلباتها جيداً من حيث الحقوق والواجبات. وهي تمر بطريق إعادة بناء النظام السياسي في سوريا على أسس المواطنة والمدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوزيع العادل للثروة الوطنية في دولة تعتبر من واجباتها احترام المواثيق الأممية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية والمدنية.

وبما أن تحقيق الإنتقال السلمي للديمقراطية مشروع شعبي سياسي بامتياز، فإن على السلطات السورية القيام بالإجراءات التمهيدية التالية كاعتراف من قبلها بأن الأزمة هي وطنية وليست ذات منشأ مؤامراتي خارجي من جهة، وكتعبير عن حسن النية من جهة أخرى:

1 – وقف كافة الأعمال القمعية ضد الشعب، والتي تتجلى قتلاً واعتقالاً وحصاراً من قبل الأجهزة الأمنية وشبيحتها، والتوقف مباشرة عن توريط وحدات من الجيش في معركة ضد الشعب، وفك الحصار المفروض على عدد من المدن والبلدات السورية.

2- وقف الحملات الإعلامية التضليلية التي تعمل على تشويه صورة التحركات الشعبية وإخفاء طبيعتها السلمية ومطالبها المحقة، وتغيير نهج الإعلام الرسمي إلى إعلام يتعامل باحترام ومصداقية مع الانتفاضة المطالبة بالحرية والكرامة.

3- الإفراج عن جميع الموقوفين منذ انطلاقة الانتفاضة، وعن جميع المعتقلين والسجناء السياسيين قبل هذا التاريخ.

4- تشكيل لجنة تحقيق مستقلة عن كل السلطات، ومكونة من عدد من القضاة والمحامين والمختصين النزيهين، للتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن القتل وإطلاق النار على المتظاهرين.

5- رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية فعلياً وليس لفظيا فقط كما هو الحال حتى اليوم، وسحب المرسوم /55/ المتعلق بتعديل المادة /17/ من قانون أصول المحاكمات، وعدم تقييد الحياة العامة بقوانين أخرى تقوم بالوظائف السابقة ذاتها لقانون الطوارئ.

6- الاعتراف بحق التظاهر السلمي وعدم تقييده بقوانين تسمح في ظاهرها بالتظاهر لكنها تمنعه أو تقيِّده فعليا، وسحب قانون التظاهر الأخير، ومنع الأجهزة الأمنية من التدخل في الحياة العامة، وقيام جهاز الشرطة المدنية حصرا بحماية المواطنين.

يتعاهد شباب 17 نيسان للتغيير الديمقراطي على التعاون والعمل بجميع الوسائل السلمية من أجل عقد مؤتمر وطني عام للحوار يضم الشباب وممثلي كافة القوى السياسية والهيئات والشخصيات العامة ذات الصلة في المجتمع باستثناء من تلطخت أيديهم بدماء السوريين أو الفاسدين، يكرس الوحدة المجتمعية ويهدف إلى الاتفاق على البرنامج والآليات المناسبة للانتقال بالبلاد (خلال مدة يحددها المؤتمر) إلى النظام الديمقراطي المدني المنشود الذي تتحدد ملامحه الرئيسية في :

 1 ـ دستور جديد يرسي عقداً اجتماعياً جديداً يضمن الدولة المدنية وحقوق المواطنة المتساوية لكل السوريين بصرف النظر عن المعتقد والعرق والإثنية والجنس، ويكفل التعددية السياسية، وينظم التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ويرشِّد مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية ويحدد عدد الدورات الرئاسية، ويضمن استقلال القضاء والفصل بين السلطات الثلاث.

2 ـ تنظيم الحياة السياسية عبر قانون ديمقراطي للأحزاب، وتنظيم الإعلام والانتخابات البرلمانية وفق قوانين توفر الحرية والشفافية والعدالة والفرص المتساوية.

3 ـ الإلغاء الفعلي لكل أشكال الاستثناء من الحياة العامة، بوقف العمل بجميع القوانين ذات العلاقة بالأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية، وإلغاء جميع القوانين والمراسيم التي تبرِّر للأجهزة الأمنية ممارسة التعذيب والقتل، وعودة جميع الملاحقين والمنفيين قسراً أو طوعاً عودة كريمة آمنة بضمانات قانونية، وإنهاء كل أشكال الاعتقال والاضطهاد السياسي،.

4 ـ ضمان حرية الأفراد والجماعات والأقليات القومية في التعبير عن نفسها، والمحافظة على دورها وحقوقها الثقافية واللغوية، خاصة الأكراد والآثوريين، وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة وأمن سورية أرضاً وشعباً، بما يضمن المساواة التامة للمواطنين السوريين الأكراد مع بقية المواطنين من حيث حقوق الجنسية والثقافة وتعلم اللغة القومية وبقية الحقوق الاجتماعية والقانونية، وهو الأمر الذي لا يتعارض البتة مع كون سورية جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية يرتبط واقعها ومستقبلها ارتباطاً مصيرياً بها وبقضاياها.

5 ـ تحرير المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية من وصاية السلطة والهيمنة الحزبية والأمنية، وتوفير شروط العمل الحر والمستقل لها كمنظمات لمجتمع مدني جدير بالتسمية ينظم نشاطاتها قانون عصري للجمعيات.

6- تشكيل هيئة وطنية للمصالحة والإنصاف ورد المظالم من أجل الكشف عن المفقودين السوريين وضمان الحقوق الأساسية الخاصة بالتعويض وإعادة التأهيل لضحايا التسلط والعنف السياسيين.

7- مباشرة إجراءات عودة المال العام المسروق لخزينة الدولة، وإعطاء اهتمام خاص للأحياء الفقيرة والجماعات المهمشة والعاطلة والمستضعفة وصغار صغار الكسبة، والسعي لتأمين حد أدنى للعيش لكل الفئات المظلومة.

 لتحقيق هذه الأهداف، ندعو القوة السياسية والشخصيات العامة والهيئات والمنظمات السورية, ومجموعات شباب الانتفاضة للعمل سويه علماً بأنه مهما طال واستفحل استخدام العنف والقمع من قبل النظام، فلن تكون هناك طريق أخرى نحو المستقبل غير الحوار والآليات الديمقراطية والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد لصنع مستقبلهم المشترك ، وستطرح هذه القوى للتغيير الوطني الديمقراطي تصوراته ورؤاه لكيفية التحرك و الانتقال من الواقع القائم في البلاد نحو تحقيق الأهداف المنشودة.

معا من أجل سورية حرة مدنية ديمقراطية قوية ، وطنا سيدا كريما لكل أبنائها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى