صفحات سورية

إنهاء حكم الأسد هو مفتاح الحل السياسي في سورية/ بدر جاموس *

يدافع «الائتلاف الوطني» السوري عن الغالبية العظمى من السوريين، الذين يطمحون نحو سورية آمنة، سالمة، حرة، لم يساهم استخدام نظام بشار الأسد لصواريخ «سكود»، والقصف المدفعي، والغازات السامة والعصابات الإرهابية، إلا في تعزيز صمود السوريين ومضاعفة إصرارهم على إنهاء دكتاتورية الأسد.

منذ قيامه عام 1971 أسس نظام الأسد في وعي السوريين معادلة واضحة: «المعارضة معاناة». لا يقتصر الأمر على المعارضين أنفسهم، بل يتعداه إلى عائلاتهم والمجتمع، وصولاً إلى الجماعة أو القومية أو الطائفة التي ينتمون إليها. في عام 2011، انتفض السوريون في مختلف أنحاء البلاد ضد النظام، وكانت النتيجة قرابة ثلاث سنوات من المعاناة القاسية طاولت كل مكان في البلد والصمود الأسطوري.

قد تمثل العملية التفاوضية الطريقة الأسرع للحل، وتحقيق إرادة السوريين، وإنهاء المعاناة والعودة إلى العمل وبناء سورية التي يحلم بها كل سوري، إلا أن ذلك يستدعي تحقيق الهدف الذي استشهد من أجله أكثر من مئة ألف من السوريين، وهو التحرر من دكتاتورية الأسد ونظامه الوحشي.

ليس بوسع السياسيين سوى أن يسعوا لجعل الحل السياسي ممكناً، حتى لو بدا أن دون ذلك عقبات وصعوبات كأداء، لكن هذا ليس لأن أحداً يريد منا ذلك، بل لأن وقف إراقة الدم السوري وتحقيق تطلعات الشعب السوري بأقل الخسائر هو أمر يحتم علينا المضي في هذا الطريق، إذا بدا لنا أن من الممكن بالفعل أن يحقق لنا ذلك. لا ينبغي أن ينظر إلى «جنيف 2» بأي حال على أنه مؤتمر تتفاوض فيه أطراف متصارعة على السلطة. في الواقع، هناك على أحد الجانبين عصابة تحترف النهب وتسيطر على كل مقدرات الدولة في كل مستوى من المستويات، وعلى الجانب الآخر هناك المواطنون السوريون العاديون، المعلمون والفلاحون والأطباء والمهندسون، يتصدون بإمكانات محدودة لجيش محترف يتم تدريبه وتسليحه بإشراف دولة عظمى ويتلقى مساعدة عسكرية ميدانية من قبل ميليشيا «حزب الله» ومن ورائها النظام الإيراني. إذاً يجب أن يكون واضحاً أننا نحن في مفاوضات لاستكمال ما أنجزته الثورة ونقل السلطات إلى الشعب السوري وإحداث تحول حقيقي نحو نظام ديموقراطي لفتح عهد جديد للسوريين.

إن «الائتلاف» يمثل المظلة السياسية الكبرى لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهو الجهة التي تملك الحد اللازم من الشرعية لإنجاز مفاوضات ناجحة. من المناسب هنا التذكير بقرار الهيئة العامة للأمم المتحدة رقم 262 الذي صدر في 15 أيار (مايو) 2013، والذي تنص المادة 26 منه على أن الائتلاف «يضم المحاورين- الذين يمثلون فعليا تلك القوى- اللازمين لعملية الانتقال السياسي» مع ملاحظة «الاعتراف الدولي الواسع، وبخاصة في الاجتماع الوزاري الرابع ﻟﻤﺠموعة أصدقاء الشعب السوري، بالائتلاف بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري». ولأنه لا ينبغي لأية مفاوضات أن تؤدي إلى خسارة أي من تضحيات السوريين فإن وفد المعارضة للمفاوضات ينبغي أن يكون موحداً، وحتى يكون كذلك ينبغي أن يكون «الائتلاف» هو الطرف الوحيد المعني بتشكيل هذا الوفد وقيادته في أي عملية تفاوضية محتملة، لأن تشتت الوفد وانقسامه في أي مفاوضات سيؤدي إلى فشل المفاوضات في أحسن الأحوال.

الإطار التفاوضي لأية مفاوضات محتملة هو اتفاق «جنيف 1» الذي أصبح جزءاً من القرار 2118 الصادر عن مجلس الأمن، وجوهر هذا الاتفاق تشكيل «هيئة حكم انتقالي» ذات صلاحيات كاملة، لكن السؤال عن مستقبل رأس النظام بشار الأسد بعد نزع جميع الصلاحيات منه ليس سؤالاً هامشياً، لأن مجرد بقائه حتى ولو من دون صلاحيات يعرقل عمل هيئة الحكم الانتقالي لأنه لا يوجد ضمانات بأنه سوف يتخلى عن جميع الصلاحيات فعلياً إذا ما انصاع للاتفاق وتخلى عنها نظرياً. إن ضمان أن تسير العملية بشكل صحيح يجب أن يؤدي إلى أن تكون سورية من دون الأسد بالمعنى الكامل للكلمة.

وإذ ندعم أيضاً بيان «لندن 11» الأخير مثلاً فيما نمضي بحذر باستكشاف آفاق التفاوض في «جنيف 2»، والذي يؤكد على عدم وجود مستقبل للأسد في سورية، وعلى رغم ذلك فإننا نحتاج إلى أن نلمس موقفاً قوياً من أصدقائنا، موقفاً ملتزماً يقوم بدعم هذا البيان من خلال إجراءات قانونية ملزمة تندرج تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة.

إن المبادئ والمثل العليا التي نلتزم بها بالإضافة إلى الأهداف التي نتطلع إليها هي العنصر الذي يعوض النقص الفادح الذي يخل بميزان القوى بيننا وبين النظام. إننا نؤمن بأن الشعب المناضل من أجل الكرامة والعدالة يتحول إلى قوة جارفة لا سبيل لوقفها، وهذا هو السبب الذي يدفع النظام للتردد تجاه المشاركة في محادثات جادة، فيما ندعم نحن بيان «جنيف 1» الذي يلزم النظام بوقف قتل المدنيين والسماح بالتظاهرات السلمية.

وفي مواجهة نظام يرفض حتى الاعتراف بأن لدى السوريين أي مطالب مشروعة، يصبح لزاماً على دول العالم الحر أن تعطي هذه البيانات الممهدة للمفاوضات بعداً إلزامياً، فبعد كل الدماء التي سفكها النظام، لم يعد من الممكن لنا بأي حال أن نأخذ كلمات ووعوداً خالية من أي صيغة تلزمه بالتنفيذ، وإلا فإن «جنيف 2» سيبقى مؤجلاً إلى وقت غير محدود.

* الأمين العام لـ «الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة»

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى