صفحات سوريةغسان المفلح

إنها حمص قلبنا السوري.


غسان المفلح

عندما اعتبر المجلس الوطني السوري مدينة حمص مدينة منكوبة، إنه أراد للعالم أن يقف على مشارف تلك المدينة التي تتعرض صامدة لابشع صور القتل، والتدمير ونهب الممتلكات الخاصة من قبل عصابة، تفوق كل أنواع العصابات في العالم إجراما، ومع ذلك مع كل هذا الاجرام هنالك من يطالب حمص أن تقدم له ضمانات بأنها ستحمي القاتل!! وحمص على قدر المسؤولية إنها تقوم بثورتها وتضحياتها ليس من أجل عصبية مدينة واحدة بل من أجل كرامة شعبنا السوري بكل اطيافه ومكوناته، وحمص قادرة بعد أن تسقط هذه العصابة على أن تكون ضامنا لسورية وللشعب السوري، إنها حمص، حمص الذي سيخلدها تاريخنا الجمعي والفردي، حمص التي كان يتغنى فيها الاكراد السوريون قبل العرب السوريين، حمص قبلة السماحة، إنهم يحاولون قتل ما يعتقدون أنه روح المواطنة السورية، ما يعتقدونه أن حمص الآن بعد درعا ودير الزور وحماة هي الحائط الجمعي الذي يستند عليه الشعب السوري بما فيه مدينة حلب والسويداء وريف ساحلنا ومخرم حمص نفسه، يستند لكي يبنى عليه سورية المستقبل أنها تضحيات الشعب السوري عموما وحمص بشكل خاص، نعم إنها حمص ولن أكمل بقية العبارة..حمص هي الآن قلب سورية جغرافيا وحرية وكرامة وتضحيات، لست بصدد خطاب مداح بل أنني أمام شعب يسجل اساطيره الخاصة والتي لم يسجلها شعب من قبل، عندما سيعاد الحديث عن البنى الأسطورية للشعوب لدى الاجيال القادمة سيتحدثون عن أسطورة الحرية في حمص، أو عن أسطورة حمص في الحرية. وهذه ليست مبالغة، بل هي حقائق مهما حاولت هذه العصابة إخفاءها سينبشها أبناء حمص ويقدمونها للعالم أجمع. عندما تتحول الحقيقة والوقائع إلى حبكة أسطورية يكون المعنى قد امتد إلى اللانهاية، لأن الاساطير التي تعيش هي التي تنتج معنا خصبا وجديدا للبشرية وحمص الآن تكتب معنانا جميعا.

حمص مدينة منكوبة ليس فقط بحجم الدمار والقتل الذي يجري فيها، بل حمص مدينة منكوبة عندما يحاول النظام- العصابة جر ابناءها للاقتتال الطائفي، وهي تعض على جراحها وترفض، تخرج لتغني وترقص لحرية سورية مطالبة هذا النظام العصابة بالرحيل..

يتصنعون الكذب كي يشاركوا في الجريمة ويتحدثون عن عصابات وعن وهابيات وعن سلفيات، كله من أجل أن يستمر القاتل في القتل، يتحدثون عن خيانة من يطالب بحماية مدننا وقرانا وشعبنا من هذا القتل، بأنه مشروع خيانة بينما يجلسون هم في مشروع القتل آخذين مواقعهم، في الدفاع عن قاتل شعبنا.

إن المجلس الوطني السوري لايملك سلاحا ولا يملك جيشا بل يملك فقط صوتا، صوتا نريده تمثيليا حقيقيا، والمجلس حاول وجاهد من أجل من يدعو للحوار مع القاتل، ويرفض انشقاق الجيش الحر، من اجل ان يبقى الجيش موحدا في القتل، حاول أن يقول لهؤلاء أعطونا ما عندكم، وما أعطتكم الدعوة للحوار. وأشد ما يزعج هؤلاء هو أن الشعب المنتفض اعطى صوته للمجلس تقريبا، وسنعمل بكل ما نملك من أجل أن يكون هذا المجلس أكثر صونا لهذه الثقة، وأكثرة قدرة لكي يجسد هذا التمثيل بصوت، من أجل مؤسسة تكون نموذجا مصغرا لما يريده الشارع لمستقبل شعبنا السوري، مؤسسة لها نواظمها وآليات عملها البعيدة عن الشخصنة، والبعيدة عن الفرديات التي يغرق فيها الآن دعاة الحوار، كفرديات أصابها النفاج حتى يكاد يخنقها. لهذا الشارع قال لهم أخيرا ارتاحوا من مرضكم، فنحن لانريدكم ولا نريد منكم شيئا. هذا تحد أمام المجلس تحد علينا ان نكون جدارا استناديا لصوت سورية وصوت شعبنا، كما هي حمص العدية.

حمص المدماة وهم يخونون كل من يرفض الحوار مع القاتل، حسنا قولوا لنا ماذا فعلت لقاءاتكم مع حلفاء النظام، ومع رجالات من النظام، إذا كان مؤتمر الحوار الذي رأسه فاروق الشرع نائب رئيس نظامكم، قد تم رمي كل نتائجه في أول سلة مهملات، فعن اي حوار تتحدثون؟

الآن تتعالى أصوات من هنا وهناك للحديث هكذا بحيادية، تفوح منها روائح غير مستحبة، عن أعمال طائفية، بين سنة حمص وعلوييها…هكذا يريدون بجرة قلم أن يقولوا أن أعمال القتل الطائفي متبادلة!!

من يعرف حمص جيدا يعرف ايضا، بتواجد الجيش وشبيحة النظام وجهازه الامني، بكثافة قل نظيرها، تواجد قطع أوصال المدينة، أقام الحواجز بالدبابات وحاملات الجند، والجميع يعرف أيضا أن السلاح قد وزعته السلطة، أو تحت إشرافها على السكان في الاحياء التي ينتمي غالبية سكانها لأبناء الطائفة العلوية، بينما الاحياء الأخرى لايوجد فيها سلاح هذا أولا، وثانيا المنشقون من الجيش لا يستطيعوا الهجوم، بل هم يتوارون عن الانظار من أجل حماية أنفسهم من القتل من جهة، وحماية المدنيين كلما تسنى لهم ذلك من جهة أخرى، من أين خرجت بدعة الاقتتال الطائفي إذا؟ وهل مقاتلي الفرقة الرابعة التي تقتل وتقوم بكل مجازرها في وضح النهار في مدن أخرى وينتمي الغالبية الساحقة من جنودها للطائفة العلوية، هل ما قاموا ويقومون به في محافظات أخرى من درعا هل هي قتل طائفي؟ ماهذه المحاولات في خلط الأوراق؟ لم يقل أهل درعا وأدلب ودير الزور وتلكلخ وتلبيسة والرستن أن قتلهم على يد جيش العصابة الحاكمة أنه اقتتال طائفي..وكما علق أحد القراء على بيان من مثقفين سوريين يدعو الشعب الحمصي ليوقف هذه الاحداث!! بالقول” والله يا ريت تعيرونا سكوتكم….يعني أهل حمص شايفينهم على ظهور الدبابات وعم يقصفوا القرى المجاورة.. ولا لايكون عندهم نووي؟؟ وجهو كلامكم لعصابات الأسد الطائفية وشبيحته في بعض قرى حمص يا …بعض القرى الطائفية اللي تحولت لمراكز اعتقال وتعذيب واغتصاب، ومع ذلك أعطونا بيناتكم من وقائع فيها هجوم من ابناء حمص على تلك الاحياء العلوية، كي نصدقكم”

نعم المجلس عليه ان يطالب بحماية شعبنا وأن يفعل كل ما من شأنه أن يفرض هذا الأمر، لأن أسوأ من هذه العصابة لن يأتي احد..لأنه لا أحد أسوأ منها، بكافة المعايير والمقاييس التي تقيسون فيها. كان نظام مبارك وجيشه خونة!! وفرحتم بسقوطه ولكن لم تسألوا أنفسكم لماذا الجيش المصري والتونسي حميا شعبيهما؟ فرحتم لسقوط مبارك وبني علي، وتريدون للشعب السوري أن يبقى تحت الذل..لماذا؟

تكالبتم جميعا على شعبنا، روسيا وإيرن والصين وحزب الله وإسرائيل وميشيل عون ومثقفي الممانعة، ويسار مهزوم وعقيم، وعلمانية يعلوها الصدأ لكثرة تبجحها وانحيازها الفج للقاتل. هؤلاء هم اكبر عدو للحرية الآن لأنهم أعداء لشعبنا. لوكنتم أكثر خصوبة من هذا لكنتم الآن تمونون على الأقل على جزء من الشارع، لهذا افلاسكم التاريخي من يدفعكم لطلب الحوار مع النظام، فأنتم ضد الحرية كنتم داخل أحزابكم ولاتزالون فهل ستؤمنون بها لغيركم؟

امناء عامون من الازل لأبد، وزعماء حقوقيون من الازل إلى الابد. مثقفون يبحثون عن مريدين. فإذا كانت مدن درعا ودير الزور وحماة واللاذقية وبانياس والرستن وجبلة وادلب وجسر الشغور وعامودا مشعل التمو قد كشفن الجميع فإن حمص قد عرتهم من آخر ورقة توت.

أعطونا سلوكا سياسيا مارسه هذا النظام منذ بداية الثورة وحتى الآن، يعبر بشكل ولو ضئيل جدا عن نية ما لدى هذه العصابة، بأنها يمكن أن تتقبل ولو مجرد تقبل الحل السياسي، وأنا سأشد على أيديكم في دعوتكم للحوار. هل هذا طلب صعب؟

المجلس لن يخون ثقة شعبنا فهو طالب ويطالب بحماية المدنيين، واستخدام كافة الوسائل المتاحة من أجل هذا الهدف. والمجلس لن يقبل بفكرة الحوار مع القاتل تحت أية ذريعة كانت…لكن تأخر المجلس الوطني السوري عن الاعلان عن مؤسسته ووثائقها لايخدم الثورة..

نعم حمص مدينة منكوبة بحجم التآمر على شعبنا السوري، وعلى حمص قلبه بالذات.

غسان المفلح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى