صفحات سوريةعلي ديوب

إن كنت رايح؛ أو لأ

 


علي ديوب

من الذي يدافعون عنك؟ من الذي يبكون عليك؟ جنود يعانون مذلة التمييز العنصري( بكل معانيه)، و قد نخرتهم بثقافتك الطائفية، بل و العشائرية- ففي أضيق الدوائر المحيطة بك لا تعرف ثقافة الضابط ما يسمى حب الوطن. و يُمسخ إلى عنصر عدواني تجاه المختلف عنه عشائريا: حتى و إن كان هذا المختلف هو زوجته!

من يدافع عنك؟ جنود تمت تصفية زملاء لهم بريئين، أمام أعينهم؟ أو تم التفريط بهم في التدريب الذي تخولكم ثقافة الممانعة و المواجهة أن تفرطوا بعشرة بالمئة منه- بمثابة هرش عدة!؟

من؟ سجناء جرائم مخالفتك الرأي المنزّه عن الخطل و الهفوات؛ حرمتهم حتى من فرصة المشاركة في تشييع أمهاتهم اللواتي قضين قهرا عليهم!؟

من؟ سجناء رأي، لا يجيدون استخدام قبضة اليد للدفاع عن النفس؛ زججت بهم في حظيرة بلطجيتك مرتكبي الجنايات المأجورين؛ لكي يستمروا في تنفيذ أوامرك في تحطيم عزة نفس هؤلاء المفكرين بعقولهم، و ليس بجزمتك!؟

من؟ رجال صناعة وطنيين ناجحين، و قبل ذلك كرماء في إجزال الأجور لعاملاتهم و عمالهم؛ حاصرتهم، و أذقتهم صنوف المضايقات، و حكمت على صناعتهم بالموت و على منتوجاتهم بالبوار، و لم تكتف، بل اختلقت سببا لاعتقالهم و الحكم المزيف بسجنهم، إذ عصوك و فشلت في كسر شأوة الكرامة فيهم!؟

من؟ أتداع عنك أمهات حرمتهن من أولادهن في زهرة العمر، و لم يأنسن بهم حتى زرن المقابر!؟

 

من يدافعون؟ من سيدافعون عنك؟ من يبكون عليك؟ و من سيبكون؟؟ تلاميذ مدارس لا عبتهم و لعبت معهم بالسياط و الدواليب و الكرابيج و الصفع و اللكم؛ لأنهم ملوا لعبة طلائعك بعثك!؟

من؟؟ كتاب و صحفيون و معلمين شرفاء، نظرت إليهم بوصفهم جذام يهدد أعضاءك بالتساقط.. فتفننت في الحجر عليهم، و رحت- لكي تطمئن إلى انسحاقهم- تخضعهم لدورات رقصة السعادين، و تفريج العالم على تهريجهم الفريد!؟

من؟ من؟ سجينات و سجناء رأي ألحقت بهن-م أصدقاء و أهلين و محبين لهن-م، فقط بجريرة الاعتصام السلمي مع حقهن-م بالخروج إلى بيوتهن-م و أطفالهن-م!؟

من؟ شباب و صبايا ضربت بهم-ن عرض حائط البطالة و العطالة و اليأس و اللاجدوى.. و جعلت مجرد القدرة على استئجار شقة بسيطة تجمع من يجب منهم العيش بشراكة مع الآخر؛حلما عصي المنال!؟

من؟ العقول المبدعة لأفراد نوابغ و مخترعين، جلبت عليهم اختراعاتهم الويلات، إذ أعلنوا عنها، و قد ظنوا أنهم يردون الجميل للوطن؛ بدل أن تجلب لهم الشرف و الشهرة و الثروة، و لبلدنا التقدم و الازدهار!؟

من؟ أغلبية سكان المدن في أحزمة فقر، التي تفتقر للشروط السليمة للسكن، و فوق ذلك تكلفهم أضعاف تكلفة المساكن الصحية؛ و التي مع ذلك يبذلون دونها الدم رشاً لمتعيشي قوانينك الموضوعة لهذه الغاية!؟

من؟ الشعب بأسره، الذي يستحيل على أي من أفراده العيش في ظل قوانينك، إن لم يغامرو بخرقها- مرغما- ليجد نفسه مرميا في الفخ القانوني الذي نصبه له جهابذة رجال( قانونك)، لكي يضعوا المجتمع كله تحت رحمة مقصلة عقوباتك، فيكون مجبرا على  افتداء نفسه بالرشاوى: رشاُ، لا اسم لها غير التشليح- كما درج الناس على نعتها!؟

من؟؟ المحرومين في بلد غني بالثروات و الطاقات و القوى البشرية المنتجة.. تمنن عليهم( بعد أن تحضّر مصورو المكرمات، و صحفيو المديح، و الفرقة الاستعراضية لأوركسترا الشكر و الحمد)؛ كما يمنن طالب الحسنات على الشحاذ بالدريهمات، المنهوبة من  رأس المال الصافي، من خزينة الدولة، مباشرة؛ إذ النفط وحده لا يلبي البذل و التوظيفات على يدكم الكريمة التي تعرف من هو الحقيق بالعطاء، فتعطيه. و من هو الحري بالحرمان، فتحرمه!؟

من سيحزن عليك؟ الناس المخذولين، الذين تطعمهم و تسقيهم وعودا، تلوّح بها لهم، و لا تحققها- على مبدأ” ينتهي الأمل حال تحقيقه”، أو مبدأ ” الموعود مو محروم”- و تتركهم يزدادون ركوعا، حتى الزحف على البطون!؟

من؟ الناس الذين يحلمون بالسياحة داخل بلدهم، و قد صارت كلفتها مصدر تهديد لهم بالمديونية، عداك عن مخاطر التعرض لمزاجية الشبيحة المرتزقين من نهب الناس ( المنعمين!)!؟

قل لي من؟ غير شبيحتك، هؤلاء، و أدواتهم في مؤسسات الفساد التي بذّت مثيلاتها في أربع أطراف الأرض، و التي نجحت في أن تصبح- على عداوات زعاماتها- مؤسسة فساد واحدة موحدة، لا تتأثر فاعليتها الشريرة بتغير الظروف. و لا تتوقف سيرورتها التخريبية بإجراء تبديلات في بعض الرؤوس؛ و قد شبّت على الطوق، و صارت تمتلك قدرة ذاتية في الاستمرار و التطور!؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى