صفحات سورية

اسحبوا اللجان الشعبية من الشوارع

 


المحامي ميشال شماس

أفزعني ما قرأته على موقع “سيريا نيوز” الإخباري  تحت عنوان ” بالخطأ مقتل ثلاثة أشخاص في حمص  برصاص لجنة شعبية لحفظ الأمن” وفي تفاصيل الخبر قال مصدر مطلع لسيريانيوز ” إن ثلاثة أشخاص قتلوا في مدينة حمص خلال عبورهم الشاحنة التي كانت  تقلهم إلى سوق الهال لإيصال حمولة خضار بعد الاشتباه بوجود أسلحة و إطلاق نار على المحال في المنطقة “وحسب المصدر فإن الشاحنة وهي من نوع كيا بيضاء اللون كانت محملة بالبصل والفول ” تعرضت لإطلاق نار عند دوار العباسية بعد رفض سائقها الوقوف لحاجز أقامته لجنة شعبية لحفظ الأمن حيث انقلبت الشاحنة بعد إصابة سائقها بطلق نافذ في الصدر ووفاته فوراً.. وقام هؤلاء بالضرب المبرح لراكبيها الآخرين مما أدى إلى وفاتهما لاحقاً”. وقال الصدر إنه ” لم يعثر على أية أسلحة في حوزة الضحايا أو مخبأة في السيارة بعد تفتيش جهات أمنية لها حضرت فوراً إلى المكان ، ويبدو أن السائق لم يتوقف وتابع سيره بداعي الخوف حيث سمع دوي إطلاق نار في المنطقة أثناء ذلك  ”  وذلك دون أن يشير إلى توقيف أحد من مطلقي النار .”

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم إذا كانت التعليمات معطاة لرجال الأمن بعدم إطلاق النار، فهل يعقل أن يُسمح لعناصر تلك اللجان الشعبية باستخدام الأسلحة النارية على الشبهة، وهي أغلبها عناصر مراهقة لم تتعد العشرين من عمرها.. لا تدرك معنى الأمن وكيفية الحفاظ عليه .ومن هي الجهة التي سمحت لهؤلاء بالنزول إلى الشوارع واستخدام السلاح..؟

فبدل أن تحافظ تلك اللجان الشعبية على الأمن وتبعث الشعور بالطمأنينة بين الناس، فإن نزولها إلى الشوارع لم يعط النتيجة المرجوة، بل على العكس من ذلك ، فإن نزولها لوحدها وبلباس مدني دون أن يكون معها رجل أمن محترف أشاع جواً من الخوف والرهبة في نفوس المواطنين.

ومما يؤكد أن أفراد “تلك اللجان الشعبية” لا يعون أو يدركون معنى الحفاظ على الأمن وأهميته وخطورته، هو قيامهم بالاعتداء بالضرب المبرح على الشخصين مما أدى إلى وفاتهما  وفقاً للخبر الذي نشره موقع سيريا نيوز.. وهذا يؤكد على أهمية وضرورة محاسبة أفراد تلك اللجنة على فعلتهم الشنيعة ومحاسبة من سمح لها بالنزول إلى الشارع والسماح لها بإطلاق النار..

أعتقد لا بل أجزم أن مهمة الحفاظ على الأمن ليست لعبة نلهو بها، بل تحتاج إلى رجال بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى .. إلى رجال مدربين محترفين يعرفون كيف يحافظون على أمن الناس وأمانهم، ويعرفون متى وكيف يتم استخدام السلاح.. ولا يجوز بأي حال من الأحوال التنازل عن مهمة الحفاظ على الأمن لأناس لا يدركون معنى هذه الكلمة، وليست لديهم الخبرة الكافية في التعامل مثلا مع الحالات الطارئة..

أني أدعوا إلى سحب تلك “اللجان الشعبية” من الشوارع والأحياء أسوة بالقرار الذي اتخذته محافظة بحمص التي أنهت عمل تلك اللجان قبل ما تكثر الأخطاء وتكبر المشكلة .. ومحاسبة من سمح وأعطى الأوامر بنزولها إلى الشوارع والسماح لها باستخدام السلاح، فلدينا ما يكفي من رجال الأمن والشرطة، ولا داعي أبداً لتلك اللجان لأن مجرد مشاهدتها في الشوارع هو أمر يبعث على الخوف أكثر مما يبعث على الطمأنينة.لاسيما وأن الدولة لم تتنازل عن واجباتها ومهامها تجاه مواطنيها ولاسيما مسألة حماية المواطنين والمحافظة على أمنهم وأمانهم، مع التأكيد على أنه لا يجوز أبداً  أن تتنازل الدولة عن هذه المهمة لأحد مهما كانت صفته، أو تسمح لغير رجال الأمن والشرطة والجيش المكلفين بها وفق القوانين والأنظمة النافذة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى