بدرالدين حسن قربيصفحات سورية

الأرض والثور والشرق الأوسط


بدرالدين حسن قربي

مما ورد في الأساطير القديمة أن أرضنا الجميلة بما فيها وماعليها محمولة على قرن ثور، وعندما ينال منه التعب يقوم بحركة مناسبة، تتسبّب بنقلها إلى قرنه الآخر، فتحدث الكوارث الطبيعية تبعاً لقوة النقلة وسرعتها.  وهو تفسير بدائي لحدوث الزلازل بات من تاريخ الخرافات وقصصها، وإنما الغريب أن يبقى من الناس من يعتقد بنفسه أو بغيره أن له تأثيرات مماثلة بأهمية هذا الثور وقَرْنَيه على العالم لأنه اعتقاد هو أقرب للتخريف.

نقول هذا الكلام في معرض مانسمعه هذه الأيام من النظام السوري رئيساً وجوقة عبر الصحافة والفضائيات معاداً ومكروراً بقرع طبول التهديد والوعيد وكأنها بداية حرب نووية تنذر بنهاية العالم، وهو مايكذّب قبل كل شيء كلاماً لهم قالوه مراراً بأن الأصعب من الأزمة السورية بات وراءهم ومن الماضي وأن المسألة قاربت على الانتهاء.

مَزْمورهم ووعيدهم بأن سوريا بمركزيتها في المنطقة وبمجتمعها المعقّد وبتحالفها العتيد مع إيران وحزب الله وحماس، لهي الفالق من الأرض الذي يعني اللعب فيه ( أي المساس بالأسد وترحيله) التسبب بزلزال يحرق منطقة الشرق الأوسط برمتها، فالنظام ورئيسه شخصياً يمثل القلعة الأخيرة للعروبة، وفي حال سقوطه سوف تنتهي العروبة والقومية العربية إلى الأبد، ولن يكون هناك سوريا، ولا بلداً ولا نظاماً لأن بديله الطوفان أو الخراب، بل رؤية أفغانستان أو أفغانستانات أخرى. يعني بالمشرمحي إما استمرار الأسد أو تحرق البلد.

إن هذه التهديدات بالزلازل وبعشرات الآلاف من الصواريخ العابرة والتوعدات بالأفغنة التي تريد أن تضعنا في مشهد الكواكب التي سوف تتصادم، والمحيطات التي سوف تتلاطم، والبراكين التي سوف تتحامم، والأرض التي سوف تتزلزل،  إنها ليست أكثر من كلام واسع وقرقعة لنظامٍ قاتلٍ لشعبه، وسارقٍ للقمة عيشه، تُذكر بقرقعات الراحل القذافي وتهريجاته وخطبه بما فيها تجهيزاته واستعداده لحربٍ إلى يوم القيامة، وبنهايته البئيسة كأحد طغاة العصر ومستبديه، وتبشر بنهاية وشيكة لنظام مافياوي أسقط من حساباته دولة المواطنة المدنية الديمقراطية التعددية، وجعل منها مذاهب وطوائف وجيشاً عقائدياً وشبيحةً لتكون الفالق الزلزالي الذي يتوهمه لإنقاذه ساعة العسرة ويوم الحساب.

قد نتفهم أن يكون لنظامٍ ما ثوره الذي يعتقد بأهميته، ولكن كلنا يعلم أن شيراك وبوش وغوردن براون في أعتى دول العالم قد رحلوا، وجاء من بعدهم ساركوزي وأوباما وكاميرون ولم يحصل عندهم شيء مما نُهدّد به من الزلازل ونتوعد به من الحريق وتسونامي الصواريخ.  وإنما سواء اتفقنا مع هؤلاء القادة السابق فيهم واللاحق أو اختلفنا على مواقفهم وسياساتهم، فإنه لاخلاف أنهم جاؤوا مناصبهم وخرجوا منها بطريقةٍ مميزةٍ وملفتة على وقع الابتسامات والتهاني والتبريكات وفلاشات الكاميرات، توديعاً ووداعاً وتسليماً واستلاماً فيصبح التالي رئيساً والأول رئيساً سابقاً، ويخرج وهو يلوّح لناسه ومواطنيه بيده مودعاً، ومتوجهاً إلى موقعٍ آخر من مواقع العمل الوطني لايحمل من منصبه أكثر من لقب رئيس سابق، وهو كما يحصل عندنا بالضبط ولكن بعد عشرات الآلاف من الضحايا والدمار وخراب الديار.

إن التصريحات الجديدة لرئيس النظام السوري عبر الإعلام العالمي صحافة وتلفزيوناً، تعني مرحلة جديدة بدأ يحس معها من بعد ثمانية أشهر، بدخوله في طريق مسدودة بقمعه لتظاهرات الحرية والكرامة المطالبِة برحيله، وأنه ماعادت تنفع معها آلات القتل والإرهاب، ولاسجون الترويع والاعتقال والتعذيب، في ظلال تعتيم ومنع لكل وسائل الإعلام العربية والدولية من تغطية مايزعم أنه عمل عصابات ومندسين وإرهابيين وسلفيين، وأن مخرجه من خوفه وهلعه هو صرخاته على العالم الخارجي المنذرة بالويل والثبور وعظائم الأمور، والتي تعني ابتداءً أنه مستمر في القتل وسفك الدماء، وأنه لم يعتبر بعد من سابقيه الهارب منهم والمتنحي، والمشوي منهم والراحل، بل هو يعيش أوهام القذافي قدرةً وتحطيماً، بأن ساعة العمل دقت، وعجلة الزحف بدأت، وأن لارجوع.. وإلى الأمام، ثورة ثورة، دار دار، وزنقة زنقة، فقد تحركت ماكنات الانتصار.

أن يعتقد من يعتقد بخرافة الأرض والثور فهذا شأنه، ولكن محاولته تسويقها في القرن الواحد والعشرين وفي الشرق الأوسط، فهذا ضرب من الإفك والدجل وباختصار.  فنظام من هكذا طراز يفترض أنه منقرض منذ زمن وإن تلبّسّ المقاومة والتحفَ الممانعة، فيكفيه ماقتل من شعبه بعشرات الآلاف وأضعاف أضعافهم من المعتقلين والمهجرين.

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=kjm5h-wrnVk

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=t-WGHOvYiJQ

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=8yRoQ6Sagtw

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=6jhk6Hiv2kA

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى