بمثابة تحية إلى نساء سوريةخولة حسن الحديدصفحات مميزة

الأطفال و النساء وقود الثورة السورية و رحيقها ..: د.خولة الحديد

 

د.خولة الحديد577129_10151444557787656_12141211_n

يستغرب البعض أحياناً لماذا هذا الإستهداف المقصود للأطفال من قبل عصابة النظام السوري و شبيحته، و هذا العداء الكبير للنساء، و بلاشك لو عرفنا عن كثب واقع الثورة السورية منذ يومها الأول، فلن نستغرب أبداً ذلك الإستهداف و العداء ، فلآل الأسد و عبيدهم ثأر شخصي مع أطفال سوريا، لأنّهم هم من تجرؤوا عليه، و هم أول من كتب عبارات سقوط  نظامهم، و كانت المرأة – الأم . مربية هؤلاء الأطفال شريكة في هذا كله منذ البداية ، المرأة التي يتجاهل كثيرون حضورها و يحاولون تقزيمه بل إلغاؤه حتى !!. فيوم اعتقل أطفال درعا، اعتقلت أول إمرأة في درعا وهي طبيبة، و ذلك على خلفية حديث هاتفي تتمنى فيه قرب اندلاع الثورة في سوريا أسوة بمصر، و للأسف لم يذكر أحد تلك المرأة و لم ينوه لاعتقالها إلا قلة .

ليس غريباً أن تشير الإحصائيات أن أكثر من ستة آلاف طفل وامرأة إستشهدوا خلال الثورة، و ربما الرقم يكون مضاعفاً، و ليس غريباً أن تكون المرأة ألدّ أعداء النظام، لأن النساء السوريات كنّ سبّاقات في كل الميادين في مقارعة هذا النظام الباغي و التصدي لأفعاله. لكن الغريب هو أن يتجاهل القائمون على الثورة تضحيات المرأة هذه و يقللون من شأنها، و يصرّون على أن يبقى تمثيلها في الهيئات الثورية و الكتل السياسية الممثلة للحراك الثوري حضوراً خجولاً، لا يتجاوز أحياناً كونه تجميل للصورة العامة و لادعاء الديمقرطية ، كما أن غياب الإهتمام الحقيقي بالأطفال مستهجن و مستغرب، فقد فشلت كل القوى المعارضة و الهيئات الثورية في توصيل صورة حقيقية عن معاناة الأطفال في سوريا و العمل على رفع هذه المعاناة عنهم، بدءاً من القتل و السجن والإعتقال، مروراً بغياب أبسط مقومات الحياة، و فقدان الرعاية الطبية و التطعميم، و فقدانهم للتعليم، وصولاً إلى مآسيهم في التهجير و معاناتهم في مخيمات اللجوء. لم تثار حتى اللحظة بشكل إعلامي و حقوقي لافت قضايا إعتقال الأطفال، وإعتقال النساء، و لم تثار حتى اللحظة بشكل حقيقي قضية غياب التطعيم و الخدمات الطبية عن آلاف من الأطفال السوريين ، وهذا قصور لا يغتفر من قبل الجهات الفاعلة.

إنّ ما تعرضت له نساء سوريا خلال الثورة فوق طاقة البشر على الإحتمال، من التشرد و اللجوء و تحمل مسؤولية عائلاتهن بمفردهن بسبب غياب المعيل لأكثر من سبب ، إلى الإعتقال و الإغتصاب، و مطاردة الناشطات و حتى العاملات في مجال الإغاثة مما اضطر كثيرات للتخفي في ظروف صعبة جداً و لا إنسانية ، و غيرها من معاناة كبيرة يومية في كل المناطق الثائرة، معاناة أكبر من تروى لأنها يراد لها مجلدات لكثرة الحكايا و المآسي ، و القدرة على الصمود و المواجهة في الوقت نفسه، و كل هذا يتم تسخيفه من قبل رجال المعارضة، وممثلو الثورة بعقلية ذكورية مقيته، ويستكثرون وجود امرأة بينهم إلا بشروطهم، أو يقبلونه كصورة رمزية لا أكثر، و المرأة الفاعلة تستهدف بكل بساطة بسياط الحقد التي تمس الكرامة الإنسانية بشكل لا يقل وضاعة أحياناً عن طريقة استهداف شبيحة الأسد للنساء .و كأنّ المرأة تحت عدسة مراقبتهم الدائمة على كل خطوة و كلمة و على أي مظهر وسلوك، و كأنّهم يشحذون سكاكينهم الجاهزة للذبح في أي لحظة.

إنّ الثورة السورية المنتصرة بلا أدنى شك، و التي كانت النساء والأطفال وقودها ، و رحيقها الذي منحها أبعاداً إنسانية لم تكن لتمنح لها لولاهم ، ليس لها أن تتوج ببناء مجتمع حر حقيقي يحترم الإنسان و كرامته الإنسانية بدون أن تكون المرأة رائدة في كل مجالات المجتمع ، و بدون أن يخطط لمستقبل الأطفال بشكل واعٍ و متميز، يعوضهم كل خساراتهم و ما نالهم من غبنٍ و ضيم خلال الثورة، و هذا ما يجب أن تعمل عليه مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع السوري، و إلا لن تقوم لهذا المجتمع قائمة، و على من يتحسسون من تاء التأنيث الساكنة التي تحرك فيهم الشعور بالنقص مواجهة هذه الحقيقية، فالمرأة السورية التي كانت ركناً أساسياً من أركان الثورة، و في كافة المجالات لن تترك لهم الساحة، فزمن العبودية قد ولى، و لا تليق بالمرأة السورية إلا الحرية والكرامة و فتح الأبواب أمامها للعطاء، و لا يليق بأطفال سوريا إلا عالم حر منفتح لا يمكن توفيره بدون المرأة .

اللوحة للفنانة سلافة حجازي، وهي تشارك بلوحاتها في محور: بمثابة تحية إلى نساء سورية.

خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى