صفحات العالم

الاحتفاء بالربيع


ساطع نور الدين

جلسة خاصة بالربيع العربي في مجلس الأمن الدولي، لماذا؟

الدعوة كانت بريطانية، والحضور كان على مستوى وزراء خارجية معظم الدول الـ١٥ الاعضاء، والهدف هو الاحتفال بما أنجزه العرب طوال العام الماضي على صعيد الحرية والديموقراطية، وما يرقى الى مستوى التحول العالمي، حسب بعض الكلمات الغربية التي لم تكن تخلو كالعادة من الخبث والنفاق.

أراد مجلس الأمن الدولي أن يعترف بشرعية هذا الفصل الجديد من تاريخ العرب، وأن يوحي بأنه كان شريكا في صنعه، مع أن الدول الغربية كانت متحفظة على كتابته، وصارت متوجسة من مفاعيله، كما ان روسيا والصين كانتا منذ اللحظة الاولى وما زالتا حتى الآن مناهضتين لفكرة الثورة الشعبية العربية ومطالبها، وعبرتا صراحة عن اعتراضهما على محصلاتها الإسلامية التي تقلق موسكو وبكين بقدر ما تخيف واشنطن وباريس ولندن…

لم يكن هناك مشروع قرار. كان القصد هو توجيه التحية ليس إلا. ولم يكن هناك شاهد عربي في الجلسة. كان الهدف أن يتم التخاطب عبر شاشة الفضائيات العربية التي نقلت الوقائع مباشرة على الهواء… وأن يتم الفرز في المجلس بين متحمسين بالنفاق للربيع العربي وبين مترددين في الاحتفاء به وطرح الأسئلة حول موقعه في الجغرافيا السياسية الدولية.

الربيع العربي من دون عرب، ومن دون قضية عربية. وزراء خارجية أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا يحيون الثورة في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن ونظيرهم الروسي يتحدث عن تلاعب وتحايل في المجلس هدفه تحقيق مكاسب غربية محددة، وعن تحقيق لا بد منه في مجريات الحرب الأطلسية على ليبيا… لكي لا يتكرر الأمر في سوريا أو في غيرها. الحرب الباردة تتجدد بطريقة مصطنعة ومثيرة للسخرية. والمؤكد ان الخدعة انطلت على الجمهور العربي.

كان وزراء الخارجية جميعا أشبه بأصحاب رأي أكثر من صناع موقف وقرار. أغوتهم المبارزة الخطابية الفارغة، ووقع الإعلام في الفخ: سوريا لم تكن موضوعا جديا، المساومة جرت وتجري خارج قاعة المجلس حول سبل تفادي البحث الجدي في المذبحة السورية، وكذا الامر بالنسبة الى فلسطين وقطاع غزه الذي كان يتعرض لحرب اسرائيلية معلنة، أحيلت الى اللجنة الرباعية التي أوصت الجانب الفلسطيني بالتهدئة وضبط النفس.

كاد الوزراء الغربيون يقترحون نخبا للربيع العربي، لولا الحذر من الإسلاميين العرب الذين استولوا عليه، وشرعوا في فرض برامجهم التي لا تحتمل الخمر، ولولا الحرج من ان تسيء روسيا او الصين فهم حركة رفع الكؤوس في جلسة جدية لمجلس الأمن الدولي… لا يمكن أحداً أن يشرح بدقة سبب الدعوة اليها والغرض من انعقادها على هذا المستوى الرفيع.

لعله الاستخفاف الدولي بالربيع العربي.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى