بدرالدين حسن قربيصفحات سورية

الانتفاضة السورية العظيمة وفريضة الوقت


بدرالدين حسن قربي

بعد أسبوع، تكمل الثورة السورية شهرها السادس أمثولةً في التضحية والفداء من طرف أهلنا وشعبنا في الداخل، وغاية في الإجرام والتوحش من جانب النظام، وحالةً من الاستعصاء على صعيد المعارضة، لتلتقي بقصد أو غيره مع بعض مايريده النظام لها.

قراءة المعطيات تجعلنا نعتقد أنه لن يكون هناك تدخل عسكري فيما يبدو من خارج سوريا سوى دول حلف الناتو بجملته أو أحد دوله، فالعرب ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودولها في إجازة، والتدخل الدولي بقرار أممي مازال بعيداً أو غير منظور.   ومع ذلك فإن أخوف مايخافه النظام السوري ويحذره هو التدخل الدولي أولاً والناتو ثانياً، ومن ثم فهو يعمل على منع ذلك وتعطيله بكل الوسائل والحجج، منها زعمه أن مايحصل في سوريا شأن داخلي بين النظام وشعبه من مجموعات من المندسين تارة والسلفيين حيناً، أومجموعات مسلحة وعصابات متآمرة حيناً آخر، وهو قادر على القضاء عليها بمعية قواته الأمنية وجيشه المقاوم وعون شبيحته ومجرميه، وإنما يريد وقتاً وهو متأكد من حسمها.

مايلفتنا حقيقة هو موقف بعض المعارضة المتوافق مع النظام نفسه في عموم هذه المسألة بشأن التدخل الخارجي رغم اختلاف قراءة كل منهما لهذا الأمر.  وهو موقف في منتهاه بقصد أو غيره، يصب في دلو النظام الذي ينام قرير العين هانيها، طالما أن التظاهرات الشعبية العارمة سلمية وإن زعم خلاف ذلك لأنه يعرف حقيقتها، وأنه لا أحد سوف يأخذ على يديه الباطشة والموغلة في القتل والدم فيما هو فاعله بشعبه، ومطمئن إلى أن المعركة مع الوقت محسومة لصالحه بسبب قوته ومعداته وأجهزته وطبيعة الإجرامية مما لامثيل لها، وهي أمور لايملك الطرف الآخر منها شيئاً.

إن التدخل الدولي أو الناتو في حده الأدنى لن يكون بدون طلب من الثائرين السوريين والمتظاهرين اليوميين في كافة أنحاء سوريا وموافقتهم، ممن يواجهون القتل وسفك الدماء والإجرام اليومي للنظام، وهو لاشك مبعث قلق له أيضاً في نفس المستوى.  وعليه، فإن لم نكن كمعارضين سلميين في الداخل السوري وخارجه قادرين بقوة ذاتية على إيقاف ممارسات فظاعات النظام وتوحش جرائمه وهو ماتأكد حقيقة وواقعاً، فليس علينا أن نطمئنه مجّاناً بأن التدخل الدولي أو الناتو مستبعد أو مرفوض من قبلنا، بل نترك أمر التدخل خياراً استراتيجياً في مواجهته ولانرميه، بل ونتمسك فيه ليومٍ نعدَم فيه وسيلة للخلاص من قامعنا ومستذلنا وقاتلنا، وينادي به الثوار بعد أن عجز طبهم ودواؤهم مع نظام متوحش.

فالصواب بأنه مالم تتوقف مجازر النظام اليومية، فإن الجميع عرباً وغير عرب ودولاً ومنظمات دولية وإنسانية مدعوون لحمل مسؤولياتهم لإيقاف جرائم السفّاحين.  قد يكون من واجب معارضة الخارج بمنطق العون والمساندة لثورة الداخل نيابة عنها لا أصالة، وربط دعوتها بدعوتهم وموقفهم وقناعتهم التي تنطلق ابتداءً منهم، ومن واقع معاناتهم ومواجهتهم للقتل اليومي والاعتقال والتعذيب، ولكن لايستقيم على أية حال أن تكون الدعوة من حيث المبدأ مرفوضة.

وعليه، فإذا كان النظام فيما هو ظاهر قد حزم أمره بقتل السوريين على أن يرحل.  فإن المعارضة في مواجهة عناده وإصراره مطلوب منها أيضاً أن تبقي خياراتها مفتوحة لاسقف لها، ومنها دعوة أهل الأرض والسماء أجمعين لضربه وإيقاف مذابحه والذهاب به إلى الجحيم.  كما أن فريضة الوقت للمعارضة والمعارضين تقتضي جمع جمعهم وحزم أمرهم، واعتماد خيارهم في طلب الحماية الدولية أو التدخل الأجنبي أو فرض السماح لوسائل الإعلام العالمية بالدخول لتكون شاهداً على جرائم النظام ونذيراً في الكشف عمّا يتستر عليه ويخفيه.

إن ستة أشهر من عمر ثورة عملاقة لم يرعوِ فيها النظام المقاوم والممانع عن قتل الآلاف من مواطنيه السلميين والزج بعشرات الآلاف منهم في معتقلاته، والإثخان في سفك الدماء وقتل الجرحى والترويع والإفساد في الأرض، كافية لإعادة النظر في قرار لا للتدخل الأجنبي، وأن يقول الشارع الثائر كلمته بئس النظام نظام لاخلاص لشعبه منه إلا بالتدخل الأجنبي، ويبلغ المعارضة الخارجية قراره باعتبارها صوته في العالم للمطالبة بإسقاط النظام وتأمين طلباته وحاجاته والمساعدة على إنفاذ كلمته للأخذ على يدي المجرم.

http://www.youtube.com/watch?v=dtHyLWExeaA

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى