صفحات سورية

التكبير أسلوب جديد للتحريض والاستفزاز

 


الوطن السورية

ليل الخميس، فجر الجمعة، دخل إلى سورية أسلوب جديد في التحريض على التظاهر والاحتجاج، مضمون في استفزاز الصدور والتحريض الطائفي، أطلقه من ظلام بعيد ما يسمى بـ”الشيخ العرعور” من وراء شاشات إحدى قنوات الفتنة التي للأسف تبث من إحدى الدول العربية، ولها نصيب في المشاهدة من قبل بعض السوريين، ممن انطلقوا في الساعة التي حددها داعية الظلام هذا إلى شوارع بعض من المحافظات

، فخرجوا لـ”التكبير” في الشوارع ومن الشرفات والأسطح تنفيذاً لتعليماته، وقد تكرر الأمر ليل الجمعة وربما يستمر إذا ما استمر البعض في الاستماع ومشاهدة هذه النماذج من قنوات الفتنة ومشايخها الموتورين.

أسلوب العرعور مفضوح ومرفوض، وسبق لآخرين من خارج سورية أيضاً أن حاولوا تجييش المشاعر واللعب على “وتر” الطائفية وأخفقوا وتراجعوا لمعرفتهم المسبقة أن هذا الأسلوب مرفوض في سورية، ولا يمكن أن يكتب له النجاح وخاصة أن الشعب السوري مدرك جيداً لما يخطط له ويعرف هوية أعدائه وأساليبهم الرخيصة، وأغلبية السوريين باتوا يحكمون العقل لا العاطفة في تعاطيهم مع ما يحصل في سورية باستثناء قلة وهي تلك التي تابعت هذه القنوات وتقرر بناء على “توصياتها” التحرك على الأرض.

وفي الحديث عن “العقل” لا بد من التذكير بضرورة استخدام العقل ليس فقط في التعاطي مع الأحداث اليومية على الأرض بل أيضاً مع ما تبثه القنوات الإخبارية من صور وشهادات تعزف على لغة “الطائفية” دون أن تستخدمها مباشرة، ولعل القصة المحزنة للطفل “حمزة” التي خرجت للعلن يوم الجمعة الماضي واحدة من أكثر القصص طائفية في ما تحمله من معاني وخفايا واستخدام واستثمار.

السؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه الحالات: ماذا كان يفعل “الطفل” في ساعة متأخرة من الليل في ميدان معركة كانت تدور بين الجيش وعناصر مسلحة في محيط سكن الضباط في بلدة صيدا؟ حسب ما قالت مصادر الاعلام السوري أو ماذا كان يفعل بالشارع بشكل عام ونحن نريد جواباً على ذلك؟

ودون التفكير في الجواب انطلقت آلة التحريض الطائفي على “فيسبوك”، وفي قنوات التلفزة والمقاهي وبدأت الدعوات من هنا وهناك للتظاهر من جديد نصرة للطفل الشهيد في محاولة بشعة لاستثمار دمائه بتظاهرات لن تؤدي إلى أي مكان، وهدفها التحريض ثم التحريض والتحريض، خاصة حين نعلم أن هناك أطفالاً آخرين قتلوا ومثل بجثثهم لا بل قطعت أوصالهم ولم يتحدث عنهم أحد في تلك المنابر ولم يبك عليهم رواد “فيسبوك” المناصرون للحرية، كما لم يؤسس لهم أحد صفحات خاصة، ولم يدع أي مكون من مكونات الشعب السوري للتظاهر، والجميع اعتبر الأطفال شهداء الوحدة الوطنية وانتهت قصتهم المحزنة بالنسبة للعامة عند هذا الحد وبقي أهلهم مع مأساتهم وذكرياتهم وألمهم، مثلهم مثل أهل كل شهداء سورية من الطرفين.

منذ أيام نشرنا ترجمة لتحقيق أجرته مجلة “نوفل أبزرفاتور” الفرنسية وكانت تحاور فداء السيد مدير صفحة “الثورة السورية” على “فيسبوك” وجاء في التحقيق أن قناة «الجزيرة» نصحت السيد باستقطاب مزيد من صور النساء والأطفال إذا أراد أن تنجح قضيته، وها نحن نشاهد منذ ذلك مزيداً من صور النساء والأطفال في الأفلام الموزعة، ولا نعرف إن كانت صحيحة أو مزيفة لكن بكل تأكيد فإن استثمار هذه الصور والأفلام لا حدود له حتى إن كان استثماراً طائفياً أو لتجييش المشاعر واستفزاز النفوس.

لسنا بصدد الدفاع عن الدولة أو الأجهزة ونحن نضم صوتنا إلى صوت كل من طالب بقيام طبيب شرعي من خارج سورية (مع احترامنا للأطباء السوريين) لإجراء فحص للجثة واستخلاص النتائج لتكون الحقيقة جلية أمام الجميع، مع سؤالنا الوحيد: ماذا كان يفعل الطفل في هذا المكان وهذا الزمان؟ ونطلق نحن بدورنا السؤال: من القاتل الحقيقي لحمزة؟

وبالعودة إلى التحريض والتجييش وما تقوم به فضائيات الفتنة، نقول مجدداً لمن يشاهد وينفذ تعليمات “العرعور”: حكموا لغة العقل لا العاطفة، فكروا وأنتم تسمعون لهؤلاء وتشاهدون ما يبثونه من سموم، فلغة الطائفية ليست لغة سورية والاستفزاز لن يجدي نفعاً لأي قضية كانت، و”التكبير” ليس شعاراً يستخدم في عملية الإصلاح، وما يجب أن نذكره أن هناك تظاهرات خرجت في عدة محافظات يوم الجمعة الماضي، وعلى الرغم من أنها مخالفة لقانون التظاهر إلا أنها كانت حضارية وسلمية وانفضت دون أي مشكلات، وهذا يدل على وعي المتظاهرين الذين يطالبون بالإصلاح دون استفزاز أحد وخاصة الأمن الذي كان موجوداً من حولهم لكن لم يحتك بأي منهم لأن تحركهم كان سلمياً وحضارياً، في حين خرج بعضهم الآخر ليحرق ويخرب ويقتل وهذا غير مقبول وهؤلاء ليسوا دعاة إصلاح بل دعاة تخريب وقتل وتدمير، وفي لغة الدين التي يمعن البعض في استخدامها في أيامنا هذه فإن مصير هؤلاء النار كمصير أي مجرم أو كافر.

الوطن السورية

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى