صفحات العالم

التمسّك الروسي بسوريا

 


سميح صعب

ليست العلاقات التقليدية والتاريخية بين روسيا وسوريا هي وحدها التي تملي على موسكو موقفها المساند لنظام الرئيس بشار الاسد. والركون الى هذه المقولة وحدها فيه الكثير من التبسيط للامور.

وللإحاطة بالموقف الروسي لا بد اولا من التوقف عند حسابات الربح والخسارة بالنسبة الى روسيا منذ انتهاء الحرب الباردة في المنطقة.

فحرب الخليج الثانية التي قادها جورج بوش الاب عام 1991 لاخراج القوات العراقية من الكويت، تزامنت مع التفكك الدراماتيكي للاتحاد السوفياتي، وتالياً فقدت روسيا دورها التاريخي في العراق مع الحصار الاقتصادي الذي فرض على نظام صدام حسين بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء.

وأتى الغزو الاميركي للعراق عام 2003 ليخضع العراق كاملا للنفوذ الاميركي، مما قضى على أي فرص روسية لاستعادة دور معتبر في هذا البلد على المدى المنظور. كما ان أي دور تطمح اليه روسيا في العراق سيمر حكماً عبر النفوذ الاميركي.

واستمرت قصة الاقصاء الاميركي لروسيا عن المنطقة. وعبثاً حاولت موسكو استضافة مؤتمر مكمل لمؤتمر انابوليس الذي انعقد في رعاية بوش الابن عام 2007 من اجل احياء عملية التسوية الفلسطينية – الاسرائيلية.

كما وجدت روسيا نفسها بعيدة عن التأثير في ما يسمى بـ”الربيع العربي”. واذا كانت تونس ومصر من الدول غير الدائرة في الفلك الروسي أصلاً والتي تنتهج سياسة موالية للغرب، فإن ما حصل في ليبيا كان مختلفا. فالوجود الروسي في ليبيا كان أقوى بكثير من الوجود الغربي لأسباب كثيرة.

لكن موسكو وجدت نفسها فجأة خارج ليبيا. وعلى رغم انها امتنعت عن استخدام الفيتو ضد قرار مجلس الامن رقم 1973 الذي اجاز استخدام القوة لحماية المدنيين، فإنها اختلفت مع الغرب على تفسير القرار.

وكي لا تخسر روسيا ليبيا كاملة، ها هي تبحث الان عن دور من خلال الغرب نفسه، فأرغمت على الاتصال بالمجلس الوطني الانتقالي بعد تردد، محاولة العودة الى هذا البلد من طريق وساطة يبدو انها محكومة بالفشل سلفاً. والنتيجة هي ان ليبيا ما بعد القذافي ستكون غربية الهوى.

 

وكي لا تخسر روسيا دورها ومصالحها في الشرق الاوسط تماما، تجد نفسها اليوم في الموضوع السوري مضطرة الى عدم تكرار الخطأ الليبي. فالخروج من سوريا يعني خروجاً روسياً كاملاً من المنطقة او البحث عن دور من خلال الغرب نفسه.

لذلك يصير مفهوماً الاعتراض الروسي في مجلس الامن على أي قرار يمهد الطريق لتدخل دولي ستكون حصيلته مشابهة لما جرى في العراق او في أحسن الاحوال لما يجري في ليبيا.

النهار

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى