صفحات المستقبل

الثورة السورية: الحوار مع الدبابة

 


خضر سلامة

لا شك أن بشار الأوّل، ملك المملكة الأسدية، هو صاحب الميدالية الفضية في بطولة الاحتفاظ بحق الردّ على اسرائيل، بعد والده، الملك حافظ الأوّل، الذي تبنى خطة القضاء على اسرائيل عبر القضاء على المقاومة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية، ومات، ولكن، قام الملك بشار الأسد بابتداع خطة مواجهة جديدة من نوعها: أرسل الجيش بدباباته إلى المدن، وأرسل الشعب الأعزل إلى الجبهة!

ثلاثون شهيداً في الجولان في أقل من شهر، وألف شهيد في باقي الأرض السورية، وزارة الداخلية البعثية أدانت مقتل مواطنين سوريين على يد الجيش الاسرائيلي، بما أن الجيش السوري وحده يملك حق قتل مواطنين سوريين، ما حاجتنا للكرامة، ما دمنا نملك “الله بشار سوريا وبس؟”، وما حاجتنا للحرية، ما دمنا “غير تلاتة ما منختار، الله وسوريا وبشار؟”، ما هذا الربط المرضي، بين اله، ورئيس، ووطن بأمه وأبيه! هذا الفكر المتوارث برعاية دعائية من جزمة العسكر، خطير جداً، ومضر بالصحة وبالعقل، سوا سوا، من المضر صحياً وعقلياً ما يقال عن “سورية الأسد”، سوريا هي سوريا 750 ألف عامٍ من الحضارة، لا يختصرها هذا المؤقت في طغيانه، كخسوف شمس.

لا إزدواجية في دعم فلان وفلان للثورة المصرية وفي عدم عدمهم للثورة السورية، يقول، فعلاً لا ازدواجية، بل نفاق.

المتظاهرون ضد النظام سلفيون متحالفون مع السعوديين بتمويل من القطريين وبتحريض اسرائيلي امريكي، وبتدريب ربما من قناة ديزني، من يعلم؟ كأن ثمة حاجة لمؤامرة، لاسقاط الشرعية عن نظام منتخب ب97.7 بالمئة من الأصوات، (كأن التنازل عن درجتين، من رقم 99 بالمئة، يضفي شرعية على الانتخابات)

ما حاجة إعلام النظام لابتكار فيديوهات مزورة، أو تزوير وثائق وتعديلها على الكمبيوتر بطريقة بدائية، ما دام هناك مؤامرة؟

ما حاجة إعلام النظام لاصدار إشاعات عن المعارضين يساراً ويميناً، قبل أن تنكشف بعد دقائق، ما داموا خونة؟

ما حاجة النظام لاعتقال رموز في حركات يسارية وقومية عربية متطرفة، هل هم عملاء لاسرائيل ايضاً؟ سلفيون؟

أنا أتهم النظام بدم الشعب، سواء الشهداء الذين سقطوا برصاص النظام نفسه، أو من سقطوا على يد من يسميهم النظام عصابات، أليس هو الموكل بحفظ أمن مواطنيه؟ ثم أليس هذا النظام هو نفسه الذي يسحل المعارض من أذنيه منذ أربعين سنة ولو فكّر في سره، فكيف مرت هذه “العصابة”؟ اللهم إلا إذا كان الحديث عن عصابة البعث نفسها.

أنا أتهم من يدعم هذا النظام، في لبنان وفي العالم، بقلة الحياء وقلة الوفاء، شعبٌ أعزل أحبّكم لعقود، وعلّق صوركم وخريطة العالم فوق رأسه، وذرف فوقها شعراً وحباً وياسمين، كلّ من سكت عن قتلاه، خائن فاقد للشرعية، كسيّده الملك، وكل من لم يحسب حساباً لحق هذا الشعب بالكرامة الوطنية والحرية والتخلص من مخلفات القرون الوسطى، خائن أيضاً.

لا شك أن ثورة غير منظمة، وحراك لا رأس فيه، بفضل قضاء النظام على كل معارضيه في العقود الماضية وكل مشروع قيادي تغييري حقيقي، مثل هذه الثورة يشوبها الكثير من الملاحظات وبعض النواقص والأخطاء وربما التجاوزات، كي نبقى في حدود الموضوعية، ولكن أيضاً، مهما كانت هذه التجاوزات، يجب أن لا نغفل أنها ردود فعل على ظلم امتد لعقود، سكت عنه العالم كله لا سيما العالم “المتآمر” اليوم برأي النظام، كان من أشد داعميه وأصدقائه في مراحل معينة، هذه الثورة ليست ثورة ملائكة، ومن أخطائها ما سمته “جمعة العشائر” لأن في ذلك شعبوية خطيرة للخطاب المفترض أنه تقدمي، وعلى كلٍ لاقى ما لاقى من النقد من المعارضين أنفسهم، في الثورة أخطاء طبعاً، ولكن، فيها الكثير من الحق: الكرامة.

هذا ما يحدث في سوريا، نسخة معدلة عن مجازر نظام البحرين السافل، وخطاب النظام اليمني المحتضر، وسلوك النظام المصري البائد، فيه قذارات الأنظمة العربية كلها من الجحيم إلى الجحيم واختصار سيرتها، رئيسٌ يرى نفسه المواطن الوحيد في البلد وعصا الجلاد بيده، وملايين متهمة بأنها مندسة في أوطانها، جيوشٌ بنادقها لا تطلق إلا للخلف، على مواطنيها، مدنٌ يحتلها الجيش ليحررها من أبنائها، وفيها صوَرٌ لقصور تبنى باسم الاشتراكية الكذبة منذ اربعين عاماً، مثقّفون يصفقون عندما يرفع الضابط لافتة التصفيق، وحزب عجوز قبيح لا زال يرفض حتى حل نظام الحزب الواحد، ثم ينادي بالحوار! وفي المشهد السوري أيضاً “بعض يسارٍ قليل المروءة مستسلمٍ، ويمينٍ عميل”، يقول مظفر.

http://jou3an.wordpress.com/

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى