صفحات الناس

برومو “بصرى الشام”: تقاعد السلاح ونهوض مدني/ سالم ناصيف

 

 

بتكثيف لافت، وعرض رشيق استمر ثلاث دقائق ونصف، يحاول برومو “بصرى الشام: شهران من التحرير” أن يتجاوز الحديث عن  الحرب والموت فقط، ليسلط الضوء على الحياة كقيمة عليا، مستنداً إلى حكاية ما بعد تحرير بصرى الشام بتاريخ 25 مارس/آذار الماضي على يد الجبهة الجنوبية.

رسائل عديدة حملها البرومو (إنتاج الهيئة السورية للإعلام)، أهمّها محاولة تقديم الإجابة الأصعب التي يبحث عنها معظم السوريين الخائفين من أن تسقط مناطقهم في الفراغ والفوضى، بعد تحريرها من سلطة النظام. يضيء البرومو على ما جرى في بصرى الشام بعد التحرير، من تعاون وتضافر لجهود الهيئات المدنية والأهلية لتحقيق الإدارة التي أثبتت بأنها قادرة على أن تكون البديل عن النظام في تشغيل وتسيير عمل المؤسسات والمرافق العامة، مع التذكير بأن مهمة الجيش الحر لا تقتصر فقط على القتال والتحرير، بل تتعداها إلى المشاركة والمساهمة الفاعلة في الأعمال التطوعية، ذلك ان عناصر الجيش الحر، هم أناس من أبناء البلد قبل أن يكونوا مقاتلين حملوا السلاح لمواجهة ظلم النظام.

يقول عضو “الهيئة السورية للإعلام” ياسر الرحيل لـ”المدن” إن “ما حدث بعد تحرير بصرى الشام من شأنه أن يكون نموذجاً ناجحاً يحتذى به في باقي المناطق”، لافتاً الى أن فصائل الجبهة الجنوبية “باشرت بعد التحرير مباشرة، بمساعدة الأهالي والهيئات المختلفة، إعادة تأهيل المدينة عبر مبادرات أفضت الى تشكيل فرق تطوعية كانت أيادي المقاتلين فيها سباقة للعمل والمشاركة”. وكأنهم أرادوا أن يقولوا من وراء ذلك إنهم دعاة حياة وبناء، “لكن الظروف دفعتنا  لحمل السلاح ضد النظام الذي أمعن في قتل السوريين”.

ويضيف الرحيل: “بعد التحرير، سرعان ما شاهدنا أهالي المدينة وعناصر الجبهة الجنوبية قد تسابقوا للتطوع في أعمال التنظيف وتأمين الخدمات، حين بدأوا بتنظيف القلعة من بقايا النظام الذي حولها إلى قطعة عسكرية توحي بالموت بدلاً من أن توحي بالحضارة والتاريخ والعراقة”.

يعيد برومو “بصرى الشام” التذكير بالقيم الإنسانية التي انطلقت لأجلها الثورة، وهي ذاتها التي نص عليها ميثاق الجبهة الجنوبية. إلا أن ذلك العرض جاء بعيداً عن أسلوب التنظير والمباشرة، فكانت جمل قصيرة، تخللت زمن البرومو، لتقال على لسان أشخاص آمنوا بتلك القيم: “ثورة من أجل الإنسان”، و”ثورة من أجل الكرامة”. واتسم البرومو بسياقه الدرامي المتصل، حيث انتقل من المقدمة جاعلاُ من قلعة بصرى ومدرجها الأثري قيمة لا تستند إلى لحظتها التاريخية فقط، بل توحي ببداية الحاضر الذي تجلى بفعل تحرير القلعة من القوات الإيرانية وعناصر حزب الله. وكتبت لحظة الانتصار حين رفع علم الثورة على زوايا المدرج.

بعد ذلك انتقل العرض ليطوي صفحة الحرب التي دارت في بصرى الشام في أقل من ربع دقيقة، مع مراعات عدم البهرجة الحربية والاكتفاء باستخدام رموز للإيحاء بأطراف الصراع كالعلم الإيراني وعلم حزب الله من جهة، وعلم الثورة التي انتصرت فصائلها لتطوي صفحة الحرب في بصرى الشام. بعد ذلك ينتقل البرومو إلى لحظة الحاضر بوصفها الأهم، وضرورة أن تكتب الحياة الكريمة للسكان من خلال تأمين مستلزمات العيش الكريم من طبابة وإغاثة وخدمات، حتى تحقق ذلك في بصرى الشام.

يعتمد البرومو على الأسلوب الإيحائي باستخدام مزيج من الصور المتحركة والثابتة معاً،  وتوظيف موفق لمقاطع الموسيقية التصويرية التي حققت للبرومو الانتقال الرشيق ما بين مشاهده المتعددة. كل ذلك في سياق مدروس وهادف، مع الإصرار على عدم السقوط في المباشرة أو المبالغة أو سطحية العرض.

تحاول الهيئة السورية للاعلام، التي تعتبر النافذة الإعلامية للجبهة الجنوبية، أن تسلط الضوء على المنجزات الحقيقة الحاصلة في الداخل السوري، وبيان حقيقة الواقع الميداني في كل من درعا والقنيطرة ودمشق وريفها وصولاً إلى القلمون. وتولي الهيئة الأحداث الاجتماعية والخدمية والواقع الإنساني اهتماماً واسعاً من نشاطها الإعلامي، محاولة من وراء ذلك أن تشكل إختلافاً عن نهج الاعلام الباحث فقط عن الاحداث العسكرية.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى