صفحات العالم

الجريمة والعقاب الذي يستحقه النظام السوري

 


كاظم حبيب

يوماً بعد آخر يتساقط شباب وشابات سوريا بالرصاص الغادر لعصابات البعث والأمن السورية وأجهزة القمع ووحدات الجيش السوري التي أنزلت إلى الشوارع لتدافع عن نظام استبدادي قاهر يمارس الإرهاب والقمع اليومي ضد الشعب السوري والتجويع والحصار الاقتصادي والعسكري ضد مدينة درعا البطلة. لقد منع كل اتصال هاتفي دولي وإقليمي ومحلي عن درعا بأمل قهرها وفرض الركوع عليها!

لقد احرق النظام السوري كل قوارب النجاة التي كان يملكها مع الشعب السوري, فهو يخوض اليوم معركة حياته أم موته في هذه المعركة غير المتكافئة بين نظام مدجج حتى الأسنان بالسلاح والقوى الغاشمة وبين شعب أعزل يكافح بصدوره العارية وفي هذه الفترة الحرجة من تاريخ ونضال الشعب السوري ضد الدكتاتورية.

ولكن الشعب السوري ذاته يدرك إن هذه المعركة مهمة جداً ويفترض فيه أن يحقق النصر والتغيير الديمقراطي المنشود ضد حثالة المجتمع الحاكمة في سوريا والعابثة بكرامة الإنسان وحياته ومستقبله.

وفي الوقت الذي اتخذت شعوب العالم موقفاً شاجباً لأفعال النظام السوري وضد إجراءاته القمعية الموجهة ضد المحتجين والمتظاهرين والمطالبين بالحرية والديمقراطية, كما طرحت قضيته في المحافل الدولية وفي مجلس الأمن لاتخاذ القرار المناسب بشجب الجريمة الجارية ضد الشعب في سوريا, في الوقت ذاته وقف الحكام في كل من موسكو وبكين إلى جانب النظام السوري مدعين أن ما يحصل في سوريا هو شأن داخلي لا غير وعلى الدول والشعوب الأخرى أن لا تتدخل في ما لا يعنيها! والسؤال العادل الذي يواجه الجميع: ألا يشارك حكام هاتين الدولتين بالجريمة التي ترتكب يومياً في سوريا بسبب سكوتهما على القتل اليومي وبسبب تأييدهما لهذا النظام الجائر, وبسبب استمرار تزويدهما له بالسلاح والعتاد لقتل المزيد من الناس لكي يضمنوا لهم موقعاً مناسباً في سوريا بعد أن خسروا الكثير من المواقع في هذه الدول نتيجة سياساتهم المعادية عملياً لحركات التحرر الوطني والنضال في سبيل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي لشعوب هذه البلدان.

إن حكام سوريا يلعبون بالنار حين يراهنون على الصراع الدولي حول مناطق النفوذ في العالم بين الدول الأكثر تقدماً اقتصادياً وعسكرياً, بين الدول التي تسعى لفرض الهيمنة بأساليب أخرى وتعطيل عمليات التنمية والتصنيع والتحديث فيها, في حين أن شعوب الدول العربية كلها ودون استثناء تريد التحرر من دور وتأثير الدول الكبرى, تريد أن تعيش في أجواء الحرية والحياة الديمقراطية والتمتع, كالكثير من شعوب العالم, بحقوق الإنسان وحقوق المواطنة, وتمارس واجباتها وتستخدم صلاحياتها لصالح تقدمها الحر وبعيداً عن الاستبداد والإرهاب والقمع والظلم والبؤس والفاقة.

إن حكام سوريا يرتكبون خطأ فادحاً لا يغتفر حين يمعنون بارتكاب المزيد من الجرائم بقتل الناس الأبرياء وباختطاف المتظاهرين من الشوارع ومن البيوت وقتلهم أو اعتقالهم وتعذيبهم حتى الموت في أقبية النظام السوري. إنهم ينزلون لعنة الشعب السوري والشعوب العربية على رؤوسهم ويفقدون كل وهم بالبقاء سعداء وفي اطمئنان في الحكم.

إن الشعوب العربية وكل شعوب العالم تقف إلى جانب الشعب السوري في نضاله العادل وتشجب السياسات التي تمارسها السلطات السورية وتشجب مواقف العداء للشعب السوري الذي اتخذته حكومتا روسيا الاتحادية والصين الشعبية, وبعكس ما يدعون يومياً بوقوفهم إلى جانب حرية الشعوب وسيادتها واستقلالها, وكذلك بعض الحكومات العربية التي لم تعلن حتى الآن عن وقوفها إلى جانب الشعب السوري وإدانتها للجرائم التي ترتكب في سوريا.

إن الجامعة العربية تمارس سياسة الكيل بمكيالين, سياسة مناخين, صيف وشتاء, على سطح واحد وفي وقت واحد. فهي في الوقت الذي اتخذت قرار صائباً بشجب سياسات وقرارات القذافي المستبد بأمره, فإنها عجزت حتى الآن عن اتخاذ ذات القرار المناسب لتأييد الشعب السوري ضد نظام الأسد الاستبدادي. إن الشعوب العربية لم تطالب الجامعة العربية بطلب تدخل قوات حلف الأطلسي في سوريا كما فعلت ذلك مع ليبيا, بل تطالبها باتخاذ موقف الشجب والإدانة على قتل بنات وأبناء الشعب السوري يومياً حتى تراوح عدد القتلى حتى الآن بين 600-700 شهيد, إضافة إلى عدد أكبر بكثير من الجرحى والمعوقين أو الذين سيفقدون حياتهم لاحقاً بسبب إصاباتهم الثقيلة, وكذلك الآلاف من المعتقلين الذين امتلأت بهم السجون والمعتقلات السورية.

إن الشعب السوري يواجه اليوم عصابة من الأوباش تمارس القتل اليومي دون حسيب أو رقيب, وهو بحاجة إلى تأييد ودعم الشعوب العربية والرأي العام العالمي وإلى تأييد ودعم المجتمع الدولي بكل الطرق المتاحة التي تجنب بنات وأبناء هذا الشعب الموت اليومي على أيدي تلك العصابات المنفلتة من عقالها. إن أصوات الثائرات والثائرين في سوريا تستصرخ كل الضمائر الحية في العالم لشجب وإدانة الجرائم التي ترتكب في سوريا واتخاذ القرارات المناسبة لإيقاف نزيف الدم ومساعدة الشعب السوري لانتزاع حريته وإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية على أنقاض دولة الاستبداد الغاشمة.

إن الشعب السوري يطالب بشجب موقف كل من روسيا والصين وبعض حكام منطقة الشرق الأوسط, ومنهم حكام إيران والسعودية والسودان ” المسلمون جداً! ” وغيرهم ممن يساندون بمختلف السبل النظام السوري لكي يواصل ارتكاب جريمته البشعة بحق الشعب السوري ويواصل حكم البلاد.

كم كانت كلمات الشاعر كاظم السماوي قريبة من مهمات النضال الشعبي في سوريا اليوم حين قالها في خمسينات القرن الماضي:

وإذا تشابكت الأكف فأي كفٍ يقطعون

وإذا تعانقت الشعوب فأي دربٍ يسلكون

إن إرادة الشعب السوري ووحدة نضاله وعزمه على تحقيق الحرية والديمقراطية والتمتع بحقوق الإنسان والتقدم الاجتماعي ستنتصر على الحكم الظالم في سوريا. وسنحتفل عاجلاً أم آجلا بالنصر المبين وإن غداً لناظره قريب!

2/5/2011         كاظم حبيب

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى