صفحات سوريةفايز ساره

روسيا وإيران والمعارضة/ فايز سارة

 

 

لعبت روسيا وايران منذ بدء الازمة في سوريا، دوراً محوريا في الازمة. فاتخذت الاولى دور المدافع السياسي في المستوى الدولي عن نظام الاسد وجرائمه ضد السوريين، ووقفت سداً مع الصين وآخرين في وجه المجتمع الدولي لمعاقبة نظام الاسد ووقف ممارساته، وزادت على ذلك بتقديم دعم عسكري وامني وتسليحي واقتصادي لنظام الاسد، فيما قامت الثانية بدور الداعم الرئيس سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، واضافت الى ما تقدم دفع انصارها الايديولوجيين من مليشيات حزب الله اللبناني والمليشيات العراقية للقدوم الى سوريا والقتال الى جانب قوات الاسد ضد السوريين مع بداية الازمة، ثم اضافت الى ذلك تنظيم حملات متطوعين للمجئ الى سوريا والقتال الى جانب النظام.

وثمة جانب لايقل اهمية عما سبق في موقف الطرفين الروسي والايراني من القضية السورية، وهو تبني مقولات نظام الاسد، ومنها وصف الثورة بالعمالة والارتباط بالغرب واسرائيل، والمتظاهرين بالارهابيين، وان تشكيلات الجيش الحر، عصابات مسلحة وجماعات ارهابية متطرفة، ينبغي القتال ضدها والقضاء عليها، وقد بدا الموقفان الروسي والايراني اكثر تشدداً وتطرفاً من نظام الاسد في بعض الاحيان على نحو ما ظهر موقف روسيا ازاء المبادرات الدولية من جهة، وموقف ايران من التحالف الدولي ضد ارهاب “داعش” وعملياته في سوريا.

لقد وضعت مواقف الطرفين الروسي والايراني، سياسة ومواقف البلدين في مواجهة الشعب السوري وثورته، مما دفع المعارضة السورية الى موقف متشدد ضد موسكو وطهران، وصار الاتصال بهما او التواصل معهما بمثابة جريمة، توازي تهمة الاتصال والتواصل مع نظام الاسد، مما اغلق بصورة شبه كاملة البوابة بين المعارضة وموسكو وطهران، وباعد بينهما أكثر، عبر اصرار كل منهما على الوقوف عند مستوى رؤيته للوضع السوري وتطوراته.

ومما لاشك فيه ان تباعد موقفي روسيا وايران وابتعادهما عن قضية الشعب السوري والمعارضة، افاد نظام الاسد الى ابعد الحدود، وجعله قادراً على الاستمرار في وجوده وممارساته، وايقاع المزيد من القتل والتشريد والتهجير للسوريين والتدمير لقدراتهم وبلدهم.

لقد سعت بعض اطراف وشخصيات في المعارضة السورية الى احداث خرق او تحول في الموقفين الروسي والايراني (رغم التمايز بينهما)، لكن النتائج كانت محدودة، والحق فان هذه النتائج، لم تكن تختلف كثيراً عن ثمار جهد المعارضة في اتصالاتها وتواصلها مع اطراف توصف انها في جملة “اصدقاء الشعب السوري” لان جهود الاخيرة لم تؤد الى معالجات وحلول للقضية السورية المستمرة في تردياتها، مما يعني ان الاهم في المشكلة هو جهد المعارضة وتقصيرها في ان تكون قوة مؤثرة وفاعلة في القضية السورية وعلاقاتها الاقليمية والدولية، وليست منفعلة فيها.

اليوم والثورة السورية قد تجاوزت الثلاث سنوات ونصف السنة من عمرها، والقضية السورية الى ترديات افظع مما ممر بها، صار من المطلوب اعادة النظر بكل ما يحيط بالوضع السوري وبالاوضاع الاقليمية والدولية المحيطة به، وبما ينبغي على المعارضة القيام به من اتصالات وعلاقات وسياسات، وقد يكون من الاهمية بمكان اعادة تقييم الموقفين الروسي والايراني ورسم خطوط جديدة للتعامل معهما دون ان يعني التسليم او التقارب مع رؤيتهما للقضية السورية، ومما لا شك فيه، ان الزيارة الاخيرة لوفد المعارضة برئاسة معاذ الخطيب رغم ما احاط بها من اعتراضات واشكالات خطوة في طريق تصحيح مسار المعارضة في التعامل مع بعض القوى الدولية المؤثرة في القضية السورية بالبدء من بوابة موسكو.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى