صفحات العالم

الدراما الروسية السورية

طارق الحميد
يوم أمس كان يوما حافلا من الدراما الروسية – السورية، سياسيا، وعسكريا، وإعلاميا، حيث أُعلن عن وصول فرقة من مكافحة الإرهاب الروسية إلى ميناء طرطوس السوري، ثم ما لبثت وزارة الدفاع الروسية أن نفت الخبر جملة وتفصيلا بحسب ما نقلته قناة «العربية» أمس.
هل كان الخبر صحيحا وتم نفيه خشية التداعيات السلبية التي أثارها؟ هل الخبر مؤشر على وجهات نظر متباينة داخل موسكو نفسها تجاه ما يحدث في سوريا؟ وإلا فكيف يعلن خبر وصول وحدة مكافحة الإرهاب الروسية في نفس اليوم الذي تعلن فيه موسكو عن تأييدها لطلب رئيس الصليب الأحمر ضرورة تأمين وقف إطلاق النار في سوريا لمدة ساعتين يوميا لأسباب إنسانية؟ بل وتقول موسكو إنها ستضغط على حكومة الأسد من أجل ذلك. هذا ناهيك عن كل المواقف الروسية الأخيرة، وتحديدا الأسبوع المنصرم. والقصة لا تقف هنا، بل إن باريس أعلنت أنها تنوي تقديم مشروع قرار أممي ملزم بدعم مهمة السيد كوفي أنان، التي تدعمها موسكو، فكيف تقوم موسكو بنفس الوقت باتخاذ خطوة علنية، عسكريا، بدعم الأسد، خصوصا أنه ستكون لها تبعات كبيرة جدا على المنطقة، وروسيا؟ أمر لا يمكن أن يستقيم بالطبع.
والأهم من كل هذا أن فحوى الخبر المنفي المتعلق بإرسال فرقة من وحدة مكافحة الإرهاب الروسية إلى سوريا، يقول بأن السبب وراء إرسال تلك الوحدة هو إجلاء الرعايا الروس في حال تطلب الأمر ذلك. والحقيقة أن هذه ليست رمزية دعم لبشار الأسد بقدر كونها مؤشرا على أن أمرا ما يدور في دمشق، ويبدو أن موسكو قلقة من سقوط مفاجئ لنظام الأسد، أو حتى عملية انقلاب، خصوصا إذا تذكرنا أن يوم أمس كان يوما حافلا خصوصا مع المواجهات التي استمرت قرابة 24 ساعة بين قوات الأسد وقوات الثوار السوريين في منطقة المزة في قلب العاصمة دمشق!
فهل ينوي الروس فعليا التدخل لإجلاء رعاياهم في حال سقط النظام فجأة، أم أن القصة متعلقة بالقلق الإسرائيلي، الأميركي، حول كيفية حماية الصواريخ، والأسلحة، التي تهدد أمن إسرائيل حال سقوط النظام الأسدي، خصوصا أن هذا أمر معلن، وسبق أن نقلت تقارير عن أن الولايات المتحدة تعمل على قدم وساق حول هذا الملف مع دول الجوار لسوريا، والدول المعنية، لضمان عدم وصول هذه الأسلحة إلى أيدي من وصفتهم بالإرهابيين في حال تمت عملية سقوط مفاجئة للنظام الأسدي في سوريا.
أسئلة كثيرة.. لذا، كان يوم أمس يوما دراميا روسيا – سوريا، على كل المستويات. لكن قناعتي هي أن نشر الخبر، ثم نفيه – ولا نعلم بالطبع ما الذي سيتم بعد طبع الصحيفة – يشير إلى أن أمرا ما يدور في سوريا، ولا أحد يعلم مدى جديته، وإلا فكيف ينتقد لافروف نظام الأسد في الدوما الروسي ثم تقوم موسكو بإرسال مجرد فرقة من وحدة مكافحة الإرهاب لحماية نظام بشار الأسد!
دعونا نرى.
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى