صفحات سورية

الرأي الآخر

 


عبد الرحمن ريا

قضيت يوم الجمعه –كما الأغلبيه السوريه الصامته- في البيت، متنقلاً بين القنوات الفضائيه التي تنقل تطورات الأحداث في مختلف المدن السوريه، بجمعة العشائر.

وفقاً لمقاطع الفيديو، ولإجماع القنوات الفضائيه المختلفه –باستثناء قنوات سوريه الحكوميه أوشبيهتا- فقد ازدادت أعداد المتظاهرين، وازداد الإصرار، وازدادت شعارات إسقاط النظام التي يرددها المتظاهرون، وضوحاً.

بعد الظهر تابعت لقاءً أجرته محطة ب.ب.سي مع السيد بسام العبدلله (استاذ بالمواضيع الاستراتيجه في جامعة دمشق) حول الأوضاع التي تعيشها سوريه، وعن ما يجري في جسر الشغور، كان السيد بسام واضحاً جداً، فقد بدأ بتلقين قناة ال ب.ب.سي درساً في أصول مهنة الإعلام وبديهياتها، التي لا يعرفها العاملون بها، كما اتهمهم بالعمالة والتخلف والجهل، وطلب منهم أن يبثوا شهادات شهود العيان التي يبثها التلفزيون السوري الرسمي إن كانوا حياديين، كما يمكنهم أن يبثوا أيضاً مقاطع الفيديو التي تبثها نفس القناة السوريه الرسميه، لكي يظهر للجميع أن ما يحدث في سوريا ما هو إلا مؤامره سلفيه أصوليه، راديكاليه، صهيونيه، كافره، عميله، ليبيراليه، فاشستيه، سوبرافونيه، ميتافيزيقيه، فوتونيه، نوويه…

تأثرت بكلام السيد بسام (الأستاذ الجامعي)، لماذا لا أتابع القنوات الحكوميه، لماذا أتابع ما يحدث في بلدي من قنوات الجزيره والعربيه والفرانس24 وال ب.ب.سي

والحوار واورينت والقنوات المصريه، والخليجيه، والتونسيه والألمانيه والروسيه وغيرها بينما أترك إعلام بلدي الرسمي، أنا إذاً لا أسمع الآخر، أنا إذا متطرف وقد أكون مندساً، يجب أن أسمع الرأي الآخر…

تناولت الريموت، وأخذت وضعية المتأهب، وبحثت عن إحدى القنوات المحليه، وتوقفت عند أول محطه وقع عليها الريموت، محطه محليه خاصه، اعتذر لكم عن ذكر اسمها من أجل أصول البريستيج الإعلامي، كان لقاءاً مع دكتور من بيت “- – -“…… أعتذر ثانية عن ذكر الاسم من أجل أصول السينييه البروتوكولي، كان يحلل ما يجري في البلد، وبانفعال شديد أخذ يصرخ ويصرخ، طالباً من الجميع أن يقولوا “لا إله إلا الله محمد رسول الله” وكرر ذلك مراراً، مستحلفاً الجميع أن ينفذوا ما يقول، طلب منه المذيع أن يشرح للمشاهدين ما يحدث “بالألم نشرح”، فأوضح قائلاً:

“الموضوع بسيط… أعطيكم عليه مثال واضح لا يقبل التأويل: أحد جيراني متزوج من اثنتين، ولديه غرفتين، في كل يوم ينام عند واحده، ويطرد الأولاد إلى الغرفة الأخرى، وهذا الجار يبحث الآن عن زيجة ثالثه، هل فهمتم المشكله”؟؟؟…

بكل أمانه وصدق، أنا لم أفهم، ويبدو أن المذيع نفسه فات بالحيط، فقد عاجله معقباً بأن الدكتور نفسه متزوج من اثنتين، ولديه 12 ولداً، إلا أن الدكتور عقب بأن الخلفيه السيكولوجيه في المثالين تختلف (شو يعني سيكولوجيه؟).

سألتني ابنتي: “بابا شو يعني؟ عن شو عم يحكي؟”…

لم أرغب أن أظهر كالجاهل بنظرها، فسارعتها بالإجابه، بعدين بعدين بقلك، اقلبي على قناة سوريه الرسميه هلأ، ما في وقت…

تظهر الأخبار، والمقدمه تتحدث عن عمليه يقوم بها الجيش في جسر الشغور للقضاء على العصابات المسلحه، بينما الصور المرافقه، تُظهر طائره هيليكوبتر في وسط السماء، يتدلى منها حبل ينزل منه بعض الجنود، لم أتبين أين كانت الطائره تحلّق، ولكن من لون السماء والغيوم يمكن أن أتكهن بأن التصوير قد تم في فصل الربيع أو الصيف، إما في سوريا أو في صحاري تكساس أو في مجاهل الكونغو، لا أستطيع أن أجزم!!!.

تلا ذلك، خبر هام وعاجل غير شكل، يكشف الحقائق ويعرّي المندسين الخونه، إنه لقاء مع شخص في بداية الخمسينات، عرّف عن نفسه بأنه سائق شاحنه، كان ينقل بعض الحيوانات إلى منطقة ادلب، عندما أوقفه بعض المسلّحين، وطلبوا منه -هيك ومن الباب للطاقه-، أن يمثّل دور ضابط منشق عن الجيش، ويصوروه بدورهم لينشروا الخبر في وسائل الإعلام المغرضه، وعرضوا عليه ما يشاء من اموال مقابل ذلك… عندما سألهم السائق عن السبب وراء ما يفعلونه، سارعوه بالإجابه، بأن الأموال من الحريري، والعمليه هي مؤامره ضد سوريه، واعترفوا له أثناء شرب فنجان شاي على ما يبدو، بأنهم عملاء، وأن العمليه مؤامره بشعه يقودها الحريري، وأميركا وإسرائيل، وتدعمها السعوديه ودول الخليج، وتساعدها لوجستياً دول أوروبا، وتنظّر لها تركيا، وباقي دول العالم، بينما يقوم الملائكة والجان ومخلوقات السماء والأرض والكواكب والمجرّات، بدعمهم روحياً، ويدعون لهم لينالوا من سوريا، دولة الممانعه الوحيده في هذا الكون…

– “شو بابا” قالت لي ابنتي…

– “روحي جيبيلي ابريق مي بارده”….

شربت عدة كؤوس…

– “اقلبي عالجزيره، اقلبي”…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى