صفحات العالم

السعودية إلى واجهة الإمساك بالأوراق الإقليمية.

روزانا بومنصف

على رغم ان التطورات الاخيرة في مصر تتصل بالثورة الاولى ضد نظام حسني مبارك وتشكل امتدادا لها في شكل من الاشكال، يرى مراقبون ديبلوماسيون ان الضربة المعنوية التي تلقاها المحور الاقليمي الذي كان داعما لحكم “الاخوان” في مصر ومن ضمنه دولتان غير عربيتين هما تركيا وايران وكل منهما من موقع مختلف، وضع المملكة العربية السعودية في واجهة قيادة العالم العربي من غير منازع. هناك من جهة على ما يقول هؤلاء المراقبون، انهيار دور العراق الذي تلاه انهيار دور كل من مصر ثم سوريا، علما ان الدولتين الاخيرتين كانتا الى جانب السعودية في محور عربي واحد في قيادة المنطقة العربية. وهناك من جهة اخرى القفزة التي حققتها المملكة تبعا للتطورات الاخيرة في مصر والتي اطاحت حكم “الاخوان المسلمين” مما دفع السعودية الى الواجهة مرجعية عربية معنية بما يجري في المنطقة وصاحبة دور اقليمي لا يمكن تجاوزه ان في مصر او في سوريا ناهيك بالبحرين او الاردن ووصولا الى لبنان.

فما حققته المملكة على هذا الصعيد في رأي المراقبين الديبلوماسيين هو استعادة لزمام المبادرة وافقاد توازن لقوى اقليمية تتنافس على مواقعها وحصصها في المنطقة. فازاء الاخطار التي شكلها التدخل الايراني الواسع في سوريا وترجمه التدخل العلني لـ”حزب الله” والميليشيات الشيعية العراقية المماثلة فضلا عن “الحرس الثوري الايراني” في سوريا والذي كان للمملكة موقف حاد منه ووصفته بالاحتلال، ثمة صعوبة في ترك حكم “الاخوان” يتساهل ازاء المد الايراني الى المنطقة. ولعل ما يتم التوقف عنده في شكل خاص في المدة الاخيرة هو مسارعة السعودية لتكون الدولة الاولى التي تهنئ باطاحة حكم محمد مرسي بعد ساعات على حصوله مما اربك الولايات المتحدة في شكل خاص والدول الغربية، باعتبار انه يصعب على هذه الدول مناقضة المملكة السعودية اقله وفق البعد الذي رتبه التحول المهم في مصر بالنسبة الى التوازنات الاستراتيجية الاقليمية في المنطقة. والامر نفسه ينطبق على ترتيب شؤون المعارضة السورية وتوحيد رؤيتها في اجتماع اسطنبول الاسبوع الماضي، في خط مواز للتطورات المصرية كأنها مد واحد سار على خطين منفصلين متكاملين. ولم يكن اقل اهمية الاعلان في حمأة هذه التطورات عن امتلاك المملكة صواريخ بالستية موجهة الى كل من اسرائيل وايران في وجه التهديدات التي تشكلها كل منهما على حد سواء، بالنسبة الى دول المنطقة وفق ما تشي الترجمة السياسية لهذا الاعلان خصوصا في ضوء التطورات الاخيرة.

فالصراع الاقليمي في اوجه، وما يراه المراقبون هو اقفال السعودية الباب على عدم وجود مرجعية وقرار عربي موحد في قضايا المنطقة وعدم السماح بخسارة كل من مصر وسوريا لايران كما حصل في العراق ودخول المملكة على نحو مباشر على خط المواجهة السياسية والديبلوماسية القوية في هذا الاطار، وتاليا تجميع اوراق اقليمية عدة تسمح لها بان تؤدي الدور الذي يعتبره كثر انه كان لها في الاصل ولكن في ظل سياسة او ديبلوماسية متحفظة، وقد اختلف الوضع راهنا مع سياسة اكثر فاعلية تستطيع ان ترسم الحدود بقوة لما تريد او لا تريد وفق ما تمليه المصلحة العربية. وهذا ما يعتقد المراقبون انه سيحتم مراجعة لمواقف دول عدة وحسابات مختلفة للحلفاء والخصوم على حد سواء.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى