صفحات الناس

لاجئو أوروبا.. تضخيم الارقام/ دينا أبي صعب

 

 

 

أظهر تقرير للمنظمة الدولية للهجرة، الثلاثاء، أن عدد اللاجئين الذين دخلوا أوروبا هذا العام عن طريق اليونان وايطاليا لم يتجاوز 681 ألف لاجئ، بينهم أقل من 300 ألف من اللاجئين السوريين. مشهد اللاجئين العابرين من البلقان الى اوروبا اجتاح القنوات الاعلامية العالمية، وتسبب بحال طوارئ في اوروبا، استدعت قمماً متتالية للاتحاد الاوروبي، كان آخرها الأحد الماضي، لمواجهة “التدفق غير المسبوق للاجئين” الى أوروبا الغربية.

يسلط هذا التقرير الضوء على حالة النزوح في العالم ويربط ما بين الهجرة والتنمية. وتعتبر المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة، ومعدة التقرير، جون لي لـ”المدن” أن الهدف من اعداده هو محاولة التوصل الى سياسات جيدة لاستيعاب المهاجرين، و”يمكن ملاحظة نجاح بعض التجارب في هذا الإطار فمدينة ماردين التركية مثلا استقبلت عددا كبيرا من السوريين، وبالعمل مع السلطات المحلية تمكنت من تأمين افضل الظروف لإقامتهم فيها، وهذا مثال علينا النظر الى تفاصيله ولمقومات نجاحه في هذه البقعة من العالم وتعميمها”. ويلفت التقرير الانتباه إلى معيشة المهاجرين في مدن جنوب الكرة الأرضية، في حين ينشط الاعلام العالمي على تكثيف الضوء على المهاجرين والمدن شمال الكرة الأرضية وسبل إدماج المهاجرين في اوروبا، مع الاعتراف بالفوارق الشاسعة بين سيناريوهات الهجرة الدولية والداخلية، وبين قدرات بلدان مختلفة على التعامل مع هؤلاء.

ويؤكد الناطق الرسمي باسم المنظمة الدولية للهجرة جويل ميلمان لـ”المدن”، وصول “ما يقارب 48 الف مهاجر الى اليونان الاسبوع الماضي”، ويضيف أن “اكثر من 150 جنسية مختلفة توافدوا هذا العام الى اوروبا، لكن الكتلة الاكبر بينهم هي من السوريين، والواضح ان اصحاب الجنسيات الاخرى انتهزوا فرصة فتح الابواب في اوروبا للسوريين وخاطروا بعبور البحر علهم يحصلون على حق اللجوء”.

وبحسب ميلمان فإن “النسبة الاكبر من السوريين ممن عبروا المتوسط خرجوا من تركيا، بعضهم عاش عامين او ثلاثة في تركيا قبل الانتقال الى اوروبا، والبعض الاخر بقي فيها اياماً قليلة فقط”. ويضيف “واجهنا كل الحالات بين اللاجئين، بعض الاشخاص سافروا من ماليزيا او مصر جواً الى تركيا ليعبروا منها الى اوروبا”، تركوا اماكن آمنة عاشوا فيها أعواماً عديدة وفضلوا المخاطرة بعبور البحر مع اطفالهم، لأنهم سمعوا بأن الوقت مؤاتٍ الآن للوصول الى اوروبا، و”نأمل ان نتمكن من الحصول على معلومات دقيقة حول حركة هؤلاء، لكن الازمة مازالت قائمة وضبط الحركة مازال صعباً لانها مازلت في أوجها”.

ولا يستبعد ميلمان أن ينضم لبنان ايضاً الى لائحة الدول التي ينطلق منها المهاجرون بعد تكرار حالات الهجرة من طرابلس، أو بعض القرى الجنوبية البحرية، ورأى في الامر “مسألة منطقية، لان اوروبا تجذبهم، ولبنان لعب دور الجار المثالي لسوريا خلال هذه الازمة، واستضاف اكثر من مليون لاجئ وهو دولة أصغر من تركيا وحال اللاجئين لديه لا يختلف عنه في أي مكان اخر”.

وتشير اعداد اللاجئين الى ان الشرق الاوسط هو المصدر الأول لهروب اللاجئين هذا العام، وتتوزع أولويات هؤلاء بين البحث عن الامن والمسكن وضرورات الحياة الاولية، لكن المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة لورينزو غاداغنو يرى “أن تنوع الجنسيات الطالبة للجوء في اوروبا أظهرت أن اولويات اللاجئين تختلف بحسب الجنسية”، لكن الاساس الذي يجمع معظم المهاجرين واللاجئين بعد الحاجات الانسانية الاساسية من مأكل وملبس وأمن هو “الحصول على عمل ومسكن لائقين يؤسسان لانطلاقة جديدة للفرد او للاسرة المهاجرة”.

ومع استمرار تدفق اللاجئين الى اوروبا التي تقف عند أبواب الشتاء والبرد القارس، عقدت المفوضية الاوروبية قمة مصغرة بحضور ثماني دول معنية بالهجرة (النمسا، بلغاريا، كرواتيا، ألمانيا، اليونان، رومانيا والمجر وسلوفينيا)، انضم اليها المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيرس، بحثت “التدفق غير المسبوق للاجئين” على طريق شرق البلقان عبر المتوسط، توصلوا الى خطة من 17 بنداً تتضمن تدابير قصيرة المدى ابرزها توفير 100 الف مأوى في مراكز الاستقبال الممتدة من اليونان الى المانيا، وتكثيف التعاون مع تركيا لتنفيذ خطة العمل التركية الاوروبية المشتركة لادارة ازمة اللاجئين، وانشاء نقاط اتصال دائمة للتنسيق المشترك والاستجابة السريعة للاحتياجات المطلوبة خلال مهلة 24 ساعة، وتوفير المأوى المؤقت والخدمات الاولية للاجئين، ورفع قدرة استيعاب اليونان الى 30 الف شخص حتى نهاية العام، والتعاون مع المفوضية العليا للاجئين لزيادة قدرة البلقان على الاستقبال، اضافة لتعزيز اجراءات ادارة الحدود.

ويشار الى ان اوروبا لن تمنح حق اللجوء الا لمن يستحقون الحماية الدولية، وهذه الصفة تنطبق على السوريين وسكان بعض المناطق العراقية، أما القسم الاكبر من الجنسيات الباقية فستعمل اوروبا على اخراجهم من اراضيها، باعادتهم الى بلادهم او الى الاماكن التي اتوا منها.

ورغم الاجتماعات المتكررة للاتحاد الاوروبي وتركيا لم تتوصل اوروبا الى اقناع تركيا بعد بالقيام بدور فاعل في منع انتقال اللاجئين من اراضيها الى اليونان، رغم الاغراءات والوعود المادية، حيث عرض الاتحاد الأوروبي تقديم مليار دولار لمساعدة تركيا في تسهيل ازمة اللاجئين، لكن يبدو الرقم غير كافٍ بالنسبة لأنقرة، التي تجد في ازمة اللاجئين مناسبة للضغط على الاتحاد الاوروبي في ملف انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى