صفحات الثقافة

أنجلينا جولي تعطي درساً قاسياً للفنانين العرب


كتب: بيروت – غنوة دريان

أثارت زيارة النجمة العالمية أنجلينا جولي أحد مخيمات اللاجئين السوريين وتبرعها لهم بمبلغ ضخم من المال علامات استفهام حول مواقف الفنانين العرب من معاناة الشعب السوري، لا سيما أن أحداً منهم لم يزر تلك المخيمات.

ما الأسباب التي تمنع الفنانين العرب من أن يحذوا حذو أنجلينا جولي؟ سؤال طرحته «الجريدة» على مجموعة من الفنانين والإعلاميين، وحصدت الإجابات التالية.

سفراء النوايا الحسنة من الفنانين العرب كثر من بينهم: هند صبري (سفيرة لمكافحة الجوع)، حنان ترك التي تزور بالتعاون مع منظمات أسلامية الأماكن المنكوبة في العالم الإسلامي وغيرهما… إلا أن معظم هؤلاء يلحقون الأضواء ويظهرون حيث تسطع ويختفون في الأماكن التي وجود لها فيها.

ما زلنا نذكر كيف هرع الفنانون المصريون إلى لبنان لمساندة الشعب اللبناني ضد العدوان الإسرائيلي (2006)، بسبب وجود عدسات مئات المصورين من أنحاء العالم، وتباروا في دعم غزة نقطة الضعف لدى كل عربي.

أما في مخيمات اللاجئين السوريين فلا كاميرات ولا صحافيين بدليل أن صورة واحدة فقط التقطت لأنجلينا جولي التي زارت هذه المخيمات. ربما لم تجد هند صبري وقتاً لتحذو حذو النجمة العالمية لانشغالها بتصوير مسلسلها «فرتيجو»، فيما كانت مستعدة لتتسلم جائزتها كأفضل ممثلة عربية في حفلة الـ «موركس دور» التي أقيمت في بيروت أخيراً. أما حنان ترك فمنشغلة بتصوير مسلسل «الأم تريزا»، وبدل أن يكون تجسيدها لشخصية راهبة فيه حافزاً لها لتقوم بخطوة ما، لم تصدر عنها أي مبادرة في هذا المجال.

يدافع الإعلامي وائل الأبراشي عن الفنانين موضحاً أن لكل واحد ظروفه، خصوصاً الفنانين المصريين لانهماكهم بما يحصل في بلدهم، «لكن لا يعفيهم ذلك من المسؤولية الأدبية تجاه الشعب السوري».

يضيف: «لست في وارد المقارنة بين الأحداث في سورية وبين الوضع في مصر، فنهر الدماء لا يحتمل، وربما يفضّل بعض الفنانين الذهاب إلى سورية نفسها لمواساة اللاجئين إنما الظروف لا تسمح بذلك».

بدوره، يرى مروان خوري أن للفنانين وجهة نظر، فهم يعتبرون أن أي خطوة يقومون بها قد تحسب عليهم، يقول: «عموماً، يفضّل الفنان أن يكون للناس كافة وأن ينأى بنفسه عن السياسة، حتى لو رغب في أن يساند أشخاصاً يرزحون تحت وطأة الظلم».

وتشير ليلى اسكندر من جهتها إلى أن الوقوف مع المظلوم واجب إنساني قبل كل شيء، «لكن المشكلة أن ثمة من يفسر موقف الفنان بأنه انحياز إلى هذه الفئة أو تلك ولا يفكر بأن الأخير يقوم بهذا العمل بدافع إنساني بحت».

يلفت الإعلامي تامر أمين إلى أن الفنان يجب أن يقوم بواجبه الإنساني كونه قدوة للجميع، «لكن المسألة السورية كانت في البداية غير واضحة المعالم فثمة من يقفون مع النظام وآخرون ضده، وليس كما هي الحال اليوم، لذلك وقع الفنانون ضحية هذه الضبابية».

يضيف: «شخصياً، أعرف فنانين يتعاطفون مع المواطنين السوريين إلا أنهم يخشون أن تفسّر أي خطوة بأنها محاولة لتسليط الأضواء عليهم. كذلك لا يمكن تجاهل الوضع المصري الضاغط على أعصاب الفنانين الذين يخشون على مصير بلدهم أولا».

أما دينا حايك فتلفت إلى أن الفنان اللبناني مظلوم من هذه الناحية لأن أي موقف يتخذه سينقلب ضده، لذا يفضل البقاء بعيداً.

تضيف: «لا شك في أن مشاهد القتلى التي تبثها الشاشات، خصوصاً الأطفال تدمي القلب. بالنسبة إلى أنجلينا جولي، فهي أولاً فنانة غربية وتحظى بحماية الأمم المتحدة لذلك لا تجد حرجاً في زيارة من تريد والتعبير عن رأيها كما تشاء».

رأي علم الاجتماع

حول موقف الفنانين من الثورة السورية، ترى الدكتورة مورين صليبا أن ثمة أمرين يتحكمان بسلوك هؤلاء: الأول الاعتقاد بأن الجمهور قد يفسر خطوتهم بالرغبة في تسليط الضوء عليهم فيحجمون عن اتخاذ أي خطوة، والثاني المجاهرة بإيمانهم بالثورة لإيمانهم بهذه القضية كما هي الحال مع أصالة وفضل شاكر اللذين ذهبا إلى أقصى حدود التطرف من دون الخوف من تبعات هذا الموقف.

تضيف: «عموما يتملّك الفنان خوف من أن يكون موقفه عكس مصلحته، لذلك يفضل الصمت وعدم اتخاذ موقف قد يؤخذ عليه، ثم لدى الفنانين قدرة على اقتناص الفرص، وفور شعورهم بأن الثورة السورية في طريقها نحو الانتصار سيهرعون إلى تأييد الثوار والتهليل لهم. وهذا أمر طبيعي لأن ما يهم الفنان أولاً وأخيراً مصلحته الشخصية وهذا نابع من الـ «أنا» عنده.

أما عن المقارنة بين تصرف أنجلينا جولي وبين تصرف الفنانين العرب فتجيب الدكتورة صليبا: «نظلم النجوم العرب في حال مقارنتهم بجولي، فهي حالة خاصة مندفعة تجاه الأعمال الإنسانية بشكل مثير للإعجاب، ولا تخشى إطلاق العنان لمواقفها السياسية لأنها تلقى مساندة من الجمهور والمنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني. على عكس الفنان العربي الذي يجد نفسه وحيداً في أي موقف يتخذه، وغالباً ما تنقسم الآراء حول موقفه بين مؤيد ومعارض، ما يؤثر في شعبيته. أما في أوروبا، فيفصل الجمهور بين ما يقدمه الفنان من إبداعات فنية وبين مواقفه الشخصية، سواء تعلقت بمسألة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية. هنا يكمن لب المشكلة، فشعوبنا تخلط بين العام والخاص على عكس الشعوب الغربية».

حسنا فعلت الفنانة إليسا التي تنازلت عن لقبها كسفيرة للنوايا الحسنة لأن الأمم المتحدة لم تنظم لها زيارة واحدة لأي مكان في العالم لتترجم لقبها إلى واقع عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى