صفحات سورية

الشعب السوري بين قانون الطوارئ و قانون مكافحة الإرهاب

 


سيروان ابراهيم

تكرر ذات المشهد البليد للعرض الإعلامي الذي قدمته مستشارة الرئيس السوري حول قتل السوريين، مستخدمة اللغة ذاتها التي يقدمها مهرجوا الإعلام في ليبيا، و اكتمل المشهد بعرض الفضائية السورية لاعترافات و صور أسلحة و مبالغ مالية و جبهة دفاع باسم التضليل الإعلامي و القنوات العميلة و غيرها من العبارات التي تتشاركها الفضائية السورية و الفضائية الليبية. غير أن موقف المستشارة الإعلامية للرئيس السوري كان أكثر سذاجة من خطاب القذافي ذاته،

بقولها أن قانون الطوارئ سيُتخذ القرار بوقف العمل به لكنها تجهل تاريخ تنفيذه. و من ثم تردف بأن الشعب مطيع للنظام و ما حدث لم يكن سوى عمل مجموعات إجرامية أصولية. و بحكم أننا جميعا على علم بقائمة العبارات الدفاعية المجترة من قبل مثيلها القذافي، فإنني سأكتفي بالإشارة إلى الخلاصة التي انتهت إلها هذه المرأة التي تقول بشرعية نظام يحكم عبر قوانين الطوارئ بلاده منذ نصف قرن في غياب مطلق للشرعية الدستورية. و الخلاصة التي نتلمسها من هكذا خطاب ، هو أن المتحدثة باسم النظام تؤكد على أن هذا النظام غير قابل للإصلاح و أن اجتثاثه ليزريا هو أفضل حل لإخراج الشعب السوري من جزيرة القتل العام للبعث الهمجي. فالشعب السوري لم و لن يثق أبدا بنظام لم يلتفت إليه يوما إلا ليقتله، و الشعب السوري أكثر ذكاءا لكي يخدع بهذه الخطابات الساذجة التي لا تعد بشيء سوى بالأوهام و الوعود المماطلة. لقد عشنا لسنوات طويلة جدا مضروبة بوقتها ألف مرة تحت حصار المداهمات و الشحط في الشوراع من قبل عناصر المخابرات المجرمة، و لم تكن حينها التهم ضرورية، فقانون الطوارئ يعدم الحقوق و يجعل الذل و الإباحة قانونا. أما اليوم حيث يدور الحديث حول تبديل قانون الطوارئ بقانون مكافحة الإرهاب، فإنه على الشعب السوري أن يستعد ليتحول إلى شعب إرهابي، علينا إذن أن نطئن هذه المرة إلى عقوبتنا الأزلية، فالجرم بات معروفا و هو الإرهاب، لذلك ما من قلق على غياب التهم، لقد تكرم علينا البابا بشار بمنحة التهم الإرهابية التي سيكافحنا بها. لنهتف معا للبابا بشار إلى الأبد مثلما فعلنا لوالده و مثلما سنفعل لإبن بشار الذي اسمه حافظ، نعم حافظ يا ماركس، لتعلم أن التاريخ يعيد نفسه ليس كمهزلة بل كمشهد جنائزي. لم أسمع أو أقرأ في حياتي مشهدا أكثر قرفا من مشهد عودة حافظ إلينا عبر ابن بشار. أليس في ذلك أكبر استخفاف بالشعب السوري.؟ . كيف يمكن لسيدة في عمر بثينة شعبان أن تحرك شفاهها للدفاع عن نظام اغتصب السلطة و يعمل على اغتصابها ـ بعودة حافظ الحفيد ـ . كيف لها أن تذكر اسم الكرد و النوروز و هي منذ نصف قرن تشهد قتل الكرد في كل نوروز، و هي تعلم بالمرسوم البشاري 49 الذي يمنع على الكرد شراء او بيع أو بناء عقار على ارضه. أتصدق هي و رئيسها بأن الكرد سيخدعون بتلك الكلمات، وبأن تهنئة هذا العام ستكفر عن جرائمهم على مدى نصف قرن. أيعقل أن نكون محكومين بثلة مجرمة ساذجة لهذه الدرجة منذ نصف قرن. يتحدثون عن استقالة الحكومة. لنضحك بكل أسى على استخدام هذه العبارات لتخدير ثورتنا. اتوجد حكومة في سوريا حتى تستقيل. من هو وزير التعليم و من هو وزير العدل و من هو رئيس البرلمان. أنهم ثلة بعثيين تربوا على الاستخفاف بكرامة الناس في اجتماعاتهم الحزبية. هل يوجد فرق بين جامعة دمشق و بين فرع الحزب في الحسكة و بين فرع الأمن السياسي في حماه.؟ أليست كلها تدار وفقا للآلية التدميرية ذاتها، التي تكرس يد البعثيين في أعناق الناس. متى استطاع وزير التعليم أو وزير التربية أن يمنع قرارا لمساعد في الأمن السياسي الذي يقضي بفصل الطالب الكردي لكونه كرديا و فصل الطالب الدرزي لكونه درزيا و فصل الطالب الحموي لكونه إسلاميا،أو فصل أي كان بتهمة خطر على أمن الدولة التي تسدخم كذلك عندما نشتري كيس اسمنت أو عند الرسوب في مادة القومية العربية التي ندرسها في سنوات التخرج الجامعية حيث يتم امتحاننا في خطابات السيد الرئيس الخالد و ننسى كتابة كلمة الخالد. هل تعرف السيدة شعبان عدد الطلبة الذين يتم اختطافهم من قبل أجهزة بشار الأمنية في مقاهي الأنترنيت.؟ هل تعلم عدد المجندين الكرد الذين يتم قتلهم منذ انتفاضة 12 آذار 2004.؟ طيب. البيعة التي أتت بالخليفة بشار إلى القصر الرئاسي، كانت بيعة تحت سلاح المخابرات الذين اقتحموا المدينة الجامعية لجرنا كالقطيع إلى مراكز البيعة و تحت أنظار كاميرة الفضائية السورية، قدمنا ابتساماتنا و نحن نقترع بدمنا للرئيس الذي غرس حربة مخابراته في ظهرنا و إبرة ممرضاته في إبهامنا و نحن نبتسم له على شاشة التلفاز. أهناك شعب يبايع بنسبة 99،99 و يبقى مع ذلك حيا، أليست البيعة بهذه النسبة تعبير عن قتل ذلك الشعب، عن تدميره بهمجية السلاح الموجه إلى صدور أبناءه.؟ لماذا لا توفر لكم بيعة التسة و التسعون جمهورا مؤيدا، و أنتم تجبرون الآن المجندين في الجيش على النزول بالزي المدني للمشاركة في التظاهرات البشارية.؟. لا ننتظر الآن أية إجراءات او وعود من هذا النظام الإجرامي، و لن نساوم على حريتنا. الزمن زمننا، و مصيرنا تحدده قبضتنا و ثورتنا. إنها الفرصة التي كنا نحلم بها حتى قبل ولادتنا، فقد ورثنا هذا الحلم من آبائنا و لن نورث أبناءنا غير الحرية. الحرية. الحرية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى