صفحات العالم

الشعب السوري يقارع الدكتاتورية الفاشية والعالم يتفرج !!


كاظم حبيب

اليوم يدخل الشعب السوري بكل فئاته الاجتماعية وقواه الوطنية والديمقراطية غير المشوهة وغير الملوثة بفساد الدكتاتورية البعثية الفاشية الشهر السابع في مقارعة الظلم والجور والتعذيب وإهانة كرامة الإنسان والقتل اليومي, اليوم ارتفع عدد ضحايا الإرهاب اليومي الحكومي إلى أكثر من 2500 قتيل, إضافة إلى أكثر من ضعف هذا العدد من الجرحى والمعوقين, وإلى أكثر من 15 ألف هارب من الإرهاب الحكومي ضد المتظاهرين وعائلاتهم.

وكل يوم يحمل الشعب السوري جنائز الكثير من أبنائه القتلى إلى مثواهم الأخير. وكل يوم تقوم السلطات المتوحشة في سوريا باعتقال المزيد من الرجال والنساء والصبية وتدفع بهم إلى المعتقلات والسجون وأقبية الأمن ليواجهوا أجهزة الأمن والشرطة والقوات الخاصة التي تقوم بتعذيبهم على الطريقة التي كان يمارسها نظام صدام حسين وأجهزته المتوحشة في العراق ضد معارضيه.

واليوم يبرهن حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا إنه المولود الأصيل والشقيق الفعلي للفاشية التي تجلت في سياسات حزب البعث في العراق والفاشية العربية المناهضة لكل ما هو ديمقراطي ومدني وكل ما هو إنساني.

إذا كان البعض يميز بين بعث العراق وبعث سوريا لصالح الأخير, فأنه اليوم يتيقن دون أدنى ريب بأن حزب البعث واحد سواء أكان في السلطة أم خارجها وسواء أكان في العراق أم سوريا أم لبنان أم في موريتانيا..الخ, وبالتالي فأن هذا الفكر الذي تجلى في سياسات حزب البعث في كل من العراق وسوريا رغم التباين في التسميات (يمين ويسار) فهو من حيث الجوهر واحد. فكر قومي يميني شوفيني متطرف ومناهض للقوميات الأخرى التي تعيش في الدول العربية ومناهض لمبادئ الحرية والديمقراطية والحياة الدستورية والنيابية وحقوق الإنسان وحقوق المواطنة. هذه هي الحقيقة التي لا بد من الاعتراف بها من جانب من كان غير متيقن منها.

إن ما يجري في سوريا يعتبر تجاوزاً فظاً ودوساً فعلياً وفي كل يوم على الشرعية الدولية وشرعة حقوق الإنسان من جانب الحكومة السورية ورئيسها الذي فقد شرعيته كلية, رغم إنه لم يكن أصلاً يمتلك الشرعية حيث ورث الحكم عن أبيه وبحد السيف لا غير, كما حصل عليها يزيد بن معاوية عن أبيه بحد السيف.

القوات العسكرية بمختلف أصنافها تقوم يوميا بقتل الناس, ولكن العالم لا يتحرك, العالم يتفرج بدم بارد أيضاً, لا يتخذ موقفاً موحداً ضد إرهابيي الحكومة السورية.

وتتخذ الحكومة في روسيا الاتحادية موقفاً مخزياً ومعادياً لكل المعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان, وهي محبوسة بمصالحها الاقتصادية الضيقة وبمنافسة غير مشروعة على سوريا مع دول الغرب. إنها الجريمة بعينها ويذكرني هذا الواقع بالشاعر العربي الذي قال:

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر                    وقتل شعب آمن مسالة فيها نظر

وإذ إن قتل الإنسان الفرد في الغابة أو في أي مكان جريمة فعلية لا تغتفر ويجب أن يحاسب عليها القاتل, فإن قتل الآلاف من البشر جريمة جماعية بشعة يفترض أن تعامل على إنها جريمة إبادة بشرية وضد الإنسانية وأن يحاسب الحكام الذين يمارسون هذا القتل الجماعي لا أن يقف العالم يتفرج على ما يمارسه الحكم السوري ضد الشعب السوري, فهؤلاء الحكام الجبناء ليسوا من هذا الشعب, بل هم غرباء عنه وينبغي إبعادهم عن الشعب وشل أيديهم من مواصلة ممارسة القتل بدم بارد. فإلى متى سيبقى العالم يتفرج والشعب السوري قد طالب في جمعة الحماية الدولية بالحماية من هذا النظام الدموي, فهل من حماية دولية فعلية لهذا الشعب المقدام؟

على العالم أن لا يقف متفرجا بدم بارد على ما يجري في سوريا لأن الجرائم التي ترتكب اليوم في سوريا

تفوق التصور ويمكن أن يتواصل القتل وسيل الدماء الساخنة ما لم تتخذ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي قراراً موحداً لدعم الشعب السوري سياسياً وبالطريقة التي يرتئيها هذا الشعب.

إن الشعب السوري سيحاسب بصرامة وحزم وعلى وفق القانون تلك القوى السياسية السورية, ومنها تلك التي تدعي اليسارية, على مواقفها البائسة والخانعة للدكتاتورية والساكتة عن الظلم والإرهاب والقتل لقاء فتات الموائد أو الخوف من جبروت النظام السائر إلى الانهيار. إن هذا النظام لم يفقد شرعيته فحسب, بل فقد كل أرضية يمكن أن يقف عليها لمواجهة الشعب السوري المناضل. إن النظام السوري يسير إلى مزبلة التاريخ. وهذا النظام الدموي قد مُنح التأييد من نظاميين سياسيين, من النظام الجمهوري الإسلامي في إيران ومن نظام المحاصصة الطائفية في العراق, وبشكل خاص من رئيس الوزراء نوري المالكي, ويبدو أن شبيه الشيء منجذب إليه.

أما الجامعة العربية فقد فشلت كلية في دعم الشعب السوري وأصبحت تعمل على إنقاذ النظام السوري من الموت, وهي تعرف أنه ميت سريرياً, وليس هناك من فائدة من حقنه بمصل “الإصلاح” غير المجدي, إذ أن هذا النظام الفاسد لم يعد قادراً ولا قابلاً لأي إصلاح حقيقي. فالنظام فاسد من قمة رأسه إلى أخمص قدميه, والحل الوحيد هو إسقاط النظام والاحتفاظ بالدولة وإعادة بناء الحياة السياسية الديمقراطية من غير حزب البعث الجائر والدموي.

لقد فقدت الجامعة العربية المعبرة عن النظم السياسية الفاسدة في الدول العربية مصداقيتها أمام شعوبها والرأي العام العالمي, ولم ينفع تغيير أمينها العام, إذ إنه لا يعبر عن رأيه بل رأي النظم التي تخشى على نظمها من ربيع الشعوب إن سقط نظام بشار الأسد.

لا نملك غير أن نقدم للشعب السوري اضعف الإيمان, ونعني به, إعلان التضامن مع نضاله البطولي من أجل كنس نظام الاستبداد والجور والقتل, وإقامة نظام وطني وديمقراطي علماني يعتمد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحياة الدستورية المدنية على أنقاضه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى