صفحات سوريةوهيب أيوب

الشعب يريد إسقاط المطر…!

 


وهيب أيوب

لي حيلة فيمَن ينمُّ فإنني…. أطوي حديثي دونه وخطابي

لكنما الكذّاب يخلق قوله…. ماحيلتي في المفتري الكذّابِ

لو لم يكن من سبب لإسقاط النظام السوري، سوى الأكاذيب التي ينضحها على مدار الساعة من تلفزيونه البائس ووسائل إعلامه المهترئة، واستهانته واحتقاره لعقول الشعب السوري والعالم، لكان هذا كافياً ويزيد.أُشفِقُ على الفضائيات التي تقوم بتغطية الأحداث والجرائم التي يرتكبها النظام بحق الشعب السوري الأعزل، بحيث يحرصون في كل نشرة على إظهار الرأي الآخر من أبواق النظام السوري. ومن لا يعرف تركيبة هذا النظام، يظن أن هؤلاء يقدّمون آراءً حول ما يجري، غير مُدرك أن النظام يحتقر هؤلاء أيضاً ولا يبغي منهم سوى تلفيق الأكاذيب وإيهام الرأي العام بما يروّج له النظام لتبرير الاستمرار بجرائمه وقتل الناس. وهم أيضاً لا يمتلكون المعلومات للإجابة على أسئلة المذيعين، فيجيبون على الأسئلة بخطبٍ عصماء، لا تأخذ منها حقاً ولا باطل. ولو تجرّأ أي منهم وتجاسر على الإدلاء برأي أو معلومة غير مقرّرة مُسبقاً من أجهزة الأمن لأصبح في أقل من ساعة في بيته يكشّ الذبّان، مع حزمة معتبرة من الشتائم تليق بمقامه الرفيع…! ولو أن اللقاءات تجري مع ضباط أمن صغار من المطابخ السوداء التي تُحاك فيها الخطط الأمنية لتصفية المحتجّين لكان أجدى وأنفع. فلربما كنا استنتجنا بعض الحقائق من سقطات ألستنهم وإيماءاتهم على الأقل.

أكثر من ذلك، فإن الواجهة السياسيّة في هذا النظام هي مجرّد ديكور للمشهد الخلفي والغرف المظلمة التي يتم فيها حياكة السياسة السورية الداخليّة منها والخارجيّة، والتي يمكن وصفها بالغرفة التجاريّة. وما الشعارات الوطنية والقومية والمقاومة والممانعة، سوى عدّة شغل للمتاجرة لا أكثر.إن شخصيات على شاكلة وليد المعلم، بثينة شعبان، فاروق الشرع وسواهم، ما هم إلا أبواق وببغاوات لا قرار لهم ولا رأي. هم مجرّد منتفعين من مناصبهم، ويستطيع أي رجل من أركان الأمن عزلهم عن كراسيهم، فكيف بالجبهة التقدّمية ومجلس الشعب الذي يخجل الأطفال من سلوكهم الصغائري المُحتقر. لهذا فإن عبد الحليم خدّام وزير الخارجية الأسبق ونائب الرئيس، وبعد انشقاقه عن النظام، لم يستطع الإدلاء بأي معلومات خطيرة أو ذات بال عن هذا النظام. فسياسة النظام السوري فيها الظاهر والباطِن، وهؤلاء الببغاوات مختّصون بسياسة الظاهر ليس إلاّ. لكنّهم في النهاية يتحمّلون ذات المسؤوليّة عمّا يجري في سوريا منذ خمسة عقود.

لا يتوقف التلفزيون السوري عن بثّ الأكاذيب وتلفيق الروايات الركيكة، عن مؤامرات وعصابات وحركات سلفيّة، لا تُقابل سوى بالسخرية والتهكم من السوريين والعالم لبؤسِ مفبركيها ومخرجيها، مسيئين بذلك لسمعة الدراما السورية المشهود لها…!الحقيقة، أن نظرة الاحتقار الذي يكنّها النظام السوري لشعبه، ظهرت جليّة في الفيديو الآتي من البيضا-بانياس، بحيث يظهر مجموعة كبيرة من رجال الأمن يقودهم ضبّاط كبار وهم يدوسون على رؤوس أبناء شعبهم، ويركلونهم على وجوههم بأحذيتهم وهم مُقيّدون إلى الخلف ووجوههم إلى الأرض، وهم يهلّلون ويصيحون ويرفعون شارات النصر المُبين…! هذا المشهد، كان يعكِس بوضوح ويختزل حقيقة علاقة الشعب بالنظام ونظرته الاحتقاريّة له دون مواربة.

وما زاد من غيض السوريين واستفزازهم، هو قلب التلفزيون السوري الحقائق رأسا على عقب، والادّعاء أن هذه الصور هي لرجال من البشمركا والمارينز، على الرغم من أن أهل البيضا يعرفون بالأسماء بعض رجال الأمن الذين نكّلوا بهم، مما يكشف عهر هذا النظام وأكاذيبه الوقحة “على عينك يا تاجِر”.

وتصل الأمور لدرجة أن يقوم التلفزيون السوري بنكران وجود مظاهرات في يومٍ سقط فيه أكثر من 120 شهيداً، بحيث يرفض بعض صحافيي النظام الاعتراف بالمشاهد التي تُبث أمامهم على إحدى الفضائيات على أنها مظاهرات تجري في سوريا! فأحدهم قال، إنّها في اليمن، وآخر ادّعى أنّها تسجيلات قديمة لأماكن أُخرى في العالم! ثُمّ يغلقون الحدود مع الأردن، وأبواقهم تنفي ذلكَ … إلى هذا الحد وصل احتقار الصحافي في النظام لنفسه ومهنته وضميره، في حقيقة تفقأ العيون. فكيف يمكن مناقشة هؤلاء الناس الذين ارتضوا الذلّ والمهانة على هذا النحو المُريع للإنسان وكرامته في أبسط حقوقه…؟وبالرغم من كل جرى ويجري من كشف واضح لأكاذيبهم وإعلامهم البائس هذا، نجد الكثيرين ما زالوا يطبّلون ويزمّرون لهذا النظام من داخل سوريا وخارِجها، مبررون له جرائمه وقتله الشعب السوري، ويعينونه على نشر الأكاذيب والتلفيقات وترويجها.

وآخر نكتة صدرت عن الفضائيّة الإخباريّة السورية، وبمنتهى خفّة الدم من مُذيعة الخبر، في توضيح عمّا جرى أثناء المظاهرة في حيّ الميدان، أن أهل الميدان خرجوا في ذاك اليوم ليبتهلوا ويشكروا السماء على هطول الأمطار…!

إذن فالشعب لا يريد إسقاط النظام، بل إسقاط المطر…!

وهيب أيوب/ الجولان السوري المحتل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى