صفحات العالم

رهان الأسد على رفض المعارضة!

راجح الخوري
بعد 48 ساعة على “الرد الايجابي” الذي قال كوفي انان انه تلقاه من الرئيس بشار الاسد رداً على النقاط الست التي اقترحها عليه لحل الازمة الدامية في سوريا، كانت المدرعات ومدفعية الميدان تنشط في قصف أحياء حمص وحماه وادلب وقلعة المضيق، وكان المؤشر اليومي لعدد القتلى عند نسبة تجاوزت السبعين ضحية!
طبعاً ليس من المنتظر ان يبدأ النظام سحب الدبابات والأسلحة الثقيلة من المدن والمراكز السكنية، قبل ان يتم ادخالها في القاموس الدموي مثل بابا عمرو، ويذهب الأسد ليتفقدها تأكيداً منه للحل العسكري الذي يريده مقدمة للاصلاح!
وهذا ليس خافياً على انان الذي يقول ان الأمور تحتاج الى وقت، وربما هو تحديداً ذلك الوقت الذي يشتريه الروس بدماء السوريين فيقوم انان بتسويقه في البورصة الديبلوماسية التي يبدو انها ستحمله في جولة كونية متواصلة ريثما تتمكن الدبابات من انهاء الثورة، اذا تمكنت، وهو امر يزداد صعوبة مع كل ضحية تسقط!
واذا كان المدخل الى الحل المقترح هو سحب الاسلحة الثقيلة والقوات من المراكز السكنية، فإن ذلك سيبقى مرهوناً بشرط التزامن الذي تحدث عنه سيرغي لافروف، أي ان ينسحب المسلحون وقوات الجيش في وقت واحد، وهو امر مستحيل ربما لأنه يمثل دعوة الى انسحاب المواطنين من بيوتهم التي يدافعون عنها كما تقول المعارضة!
من الناحية السياسية، يبدو الواقع بعد عام من حمامات الدم اكثر صعوبة. اولاً: لأن الاسد ابلغ انان منذ البداية انه يتعامل معه كمبعوث دولي لا علاقة له بالجامعة العربية، وذلك تأكيداً لرفضه “المبادرة العربية” التي دعته في 22 كانون الثاني الى التنحي لمصلحة نائبه ليقوم بمحاورة المعارضة، وقد كرر النظام امس انه لن يتعامل مع أي مبادرة تصدرعن قمة بغداد، بمعنى ان الحوار يفترض ان يتم مع الاسد ولكن بعد سحق “الارهابيين”!
ثانياً: لأن المعارضة رفضت أي شكل من اشكال الحوار مع النظام منذ سبعة اشهر، وبعدما سخر الأسد من الخطة العربية الاولى في تشرين الثاني من العام الماضي، التي دعته الى الحوار وصعّد حملته العسكرية، ثم فشل المراقبون العرب… والآن بعدما تجاوز عدد القتلى العشرة آلاف ليس من المعقول ان يقبل المعارضون بالحوار إلا على اساس تغيير النظام!
هذا ليس خافياً على الأسد الذي اعلن قبول مبادرة انان مراهناً على رفض المعارضين القاطع لها، بحيث يكسب مزيداً من الوقت والحجة للمضي في حملته العسكرية وإن كانت قد اصبحت اشبه بحراك في الرمال الدموية المتحركة التي قد تبتلع الجميع في حرب اهلية تستمر زمناً طويلاً، فالنظام مدجج بالسلاح والدعم الروسي والايراني، والمعارضة مدججة بالضحايا وبالقتلى والكراهية المتصاعدة وبغليان المشاعر التي لم تعد ترى في الحياة إلا الثأر والخلاص من النظام!
النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى