صفحات سورية

العالم مقلوباً

 


د.بهجت سليمان

عندما تكون مفارقات الإعلام الدولي والإقليمي, مغرضة بمعظمها, والمفاهيم مقلوبة, والاستنتاجات مسمومة… فما هي الحصيلة؟.

عندما يصبح القتلة (ثواراً) ويصبح الجيش (شبيحة) ويصبح الأمن (قناصة) في عيون ذلك الإعلام… وعندما يصبح النظام السياسي (مُحتلاً لبلاده) في تنظيرات بعض المثقفين المُستغّربين أو المتغرّبين (ولن نقول المغتربين), وتصبح القيادة السياسية التي تصل الليل بالنهار لكي تحمي شعبها من قاتليه, تصبح (قاتلةً لشعبها).. وعندما تضع حداً لمثيري الفتنة والشغب, تصبح بنظر معظم العالم, هي من يثير الفتنة والشغب… وعندما تواجه مشاريع البؤر المسلّحة والإمارات الظلامية التكفيرية التدّميرية, تصبح هي من يواجه الأبرياء والعُزّل والمجاهدين الذي لا يبتغون شيئاً إلاّ (الحرية) ولوجه الله؟!.

وعندما يحمي رئيس الجمهورية شعبه من قاتليه ومن الممثلين بجثثه, يصبح هو من يقتل شعبه… وعندما يصبح منْ باعوا أنفسهم للخارج منذ عشرات السنين, مرشدي ثورات وانتفاضات؟!. وعندما يصبح التكفيريون مفكّرين عصريين, ويصبح المهربون مجاهدين (وخاصة في تلكلخ), ويصبح المأجورون وطنيين, والمرتهنون قادة, والمتآمرون شعباً… وعندما يصبح أحفاد وحلفاء (سايكس بيكو), وداعمو ومحتضنو إسرائيل (في بلاد العم سام) على حساب ثلاث مئة وخمسين مليون عربي, ويصبح الذين قتلوا وشرّدوا ملايين العرب… لا ينامون الليل من فرط حِرصهم وألمهم على (الدم السوري)… في الوقت الذي لم يظهر فيه حرصهم على دم مليون ونصف مليون عراقي, تسببوا في قتلهم, ولا على مصير ستة ملايين فلسطيني تسببوا في طردهم, ولا على دماء مئات آلاف الضحايا العرب الذين قتلتهم طفلتها المدللة (إسرائيل)… وعندما تصبح فضائيات أصحاب السمو المتربّعة في أحضان أكبر القواعد العسكرية الأمريكية , عرّابةً للثورات… وعندما يصبح (العزيز جيف … جيفري فيلتمان) هو (غيفارا) الثورات العربية المنشودة .. في مثل هذا المناخ الموبوء إلى درجة التسرطن والمقلوب تماماً وكليّاً… فإلى أين تسير الأمة؟.

إنها تسير مع (حافظ إبراهيم) أيّ إلى (داهية) لولا وجود شعب حي وعظيم كالشعب السوري, لم تنطلِ عليه كل هذه الألاعيب الكونية, وإن كانت انطلت على قلّة قليلة منه… ولولا وجود قيادة حيّة ومبدئيّة وصلبة وواعية ومحنّكة ومِقدامة ومصمّمة على مواجهة الخطة الدوليّة وإجهاضها, بأقل الخسائر الممكنة… لولا ذلك لكانت الأمة العربية في آخر مراحل خروجها من التاريخ ومن الحاضر ومن المستقبل.

وبالمناسبة هناك (لازمة) صارت تتكرر كل يوم جمعة أو تحضيراً له, وهي اختلاق (خبطة إعلامية فضائية), تُوهِم أصحابها أنّها سوف تُشكّل ضربة قاضية لسورية, بدّءً من اختلاق (مقابر جماعية) إلى اختلاق (قصة الطفل المشوه الجثة من التعذيب) ومن هذه الاختلاقات, إضافةً إلى انعدام أيّ ذرة من الشّرف والأخلاق والمهنيّة والإنسانيّة لدى مفبركيها, فإنّ تتابع التلّفيقات والفبركات تُعرّيهم على حقيقتهم, وتُفقِدهم آخر شعرة من الصدقيّة, قد تكون موجودة حيالهم لدى الشعب السوري…ولكنّ هؤلاء الدّجالين غير معنيين بذلك, بل معنيون بفبركة مواد تُعطي حجةً وذريعةً لحماة “إسرائيل” ومحتضنيها في الغرب, من أجل اتخاذ مختلف الإجراءات الممكنة لديهم بحق سورية, من أجل ترويعها وتركيعها وتطويعها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى