صفحات العالم

العراق وسوريا: العارّ المزدوج

 


واصف شنون

كان العراق ومنذ تولي العسكر للسلطة عام 1958 (كونهم شرٌ لابد منه وفقا ً لبعض التنظيرات والدراست التاريخية !! ) ،يعتبر مثالاً ونموذجاً متكاملاً للنظام الديكتاتوري الفاشي والدموي القمعي ،وقد ترسخ ذلك في شباط / فبراير عام 1963 ثم في تموز / يوليو عام 1979 حيث بزغت الديكتاتورية مثل شمس حمراء يقطر منها الدم ،فأصبح العراق بلداً ديكتاتورياً يعتمد القومية الفاشية المتمثلة بحزب واحد وزعيم أوحد وعقيدة واحدة وجيش عقائدي ونظام تعليمي ُيبجل الزعيم الأوحد والحزب الواحد على الصعيدين السياسي والإجتماعي مع الإعتماد الرئيسي الغبي على موارد النفط ،ثم وبعد خمسة عشر شهراَ شنَّ النظام الديكتاتوري حرباً اقليمية شاملة ،فتلونت شوارع العراق بلافتات سوداء وسرادق عزاء في كل حدب وصوب منه ، وحتى الأن من الصعوبة أن تجدَ عائلة عراقية أو فرداً عراقياً ليس لديه ضحية حرب او إعدام سياسي او ُمعاق او مريض نفسي بسبب الأسر الطويل أو شريد ومهجر ومهاجر …الخ، بل ُفجعت مدن ووقعت مجازر وحرقت حقول !! ،وبات العراق عاراً انسانياً كما سجله التاريخ الحديث ،فلأول مرة يسمع العالم بلاجئين عراقيين وعشائر عراقية لاجئة ومشردين عراقيين وعابري حدود عراقيين من الجنوب والوسط وبغداد ناهيك طبعاً عن مآسي الأكراد وبعض المسيحيين والتركمان، والذين ان وقع أحدهم بيد السلطات لأصبح نسياً منسيا ، وبعد عام 2003 وقبل أن يكون “التحرير الأميركي من الديكتاتورية ” قد أخذ صفة الإحتلال رسمياً ودولياً وشعبياً،ومع صعود الأمل وانطلاق الحريات بنظام ديمقراطي ،إلا أن تدخل المحتل –عراب الديمقراطية الدستورية في العالم – بالسماح للدين والقومية والأحزاب الطائفية والقومية بالتمرغ في وحل السياسة والتعارك الجبان المخنث والواطىء في تقاسم الفريسة العراقية،قد أدى ولحد الأن الى مآساة ليست إرهابية فقط بل اقتصادية واجتماعية وتربوية وبيئوية وعلى كافة أصعدة الحياة اليومية للفرد العراقي ، مما سهل لدول الجوارالعراقي المرتجفة – من فكرة الديمقر اطية العراقية الوافدة – أن تستخدم كل ما لديها من إمكانات شريرة لتكون ديمقراطية العراق – المزعومة – عبارة عن عارٍٍ ديمقراطي ليس إلا !!،لإثارة الخوف والرعب في قلوب محبي السلطات القمعية المساهمين بفعاليات ومصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية في استمرار تلك الإنظمة الإستبدادية حتى الأبد بغض النظر عن الهوان الملحوظ والتخلف الدارج والتراجع الحضاري للشعوب وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، ولعل السوريين هم المثل الذي ُيضرب في ذلك ، فالثوار السوريين أصحاب الثورة السورية القائمة الأن ضد الديكتاتورية البعثية يدعون علناً بعدم إتباع النموذج العراقي الطائفي الذي مزق البلاد واضعف السيادة وأهمل المواطن ونشر الفساد لعدم وجود الإحساس الحقيقي بالسلطة يقول احدهم وهو من البسطاء وليس من المفكرين في نصح رفاقه الثائرين ” اخي العزيز الرجاء عدم الدخول في مطب الطائفيه العمياء لا علوي ولا بطيخ هنالك شعب سوريا البطل ضد النظام فلا تدخل سوريا بنفس الجحيم الذي صار بالعراق بسبب هذه الحماقه السلفية بارك الله لنصره سوريا.”

بينما جميع من يؤيد بني الأسد وحكام سوريا ينصحون الشعب بالصمت والخضوع والهدوء ،وإلا: فأن حالكم سيكون أسوأ من العراقيين الذين تهجروا وتفجروا فقط ،كونهم مسيحيين او دروز او شيعة أو غير إسلاميين او غير مؤيديين لميليشيات وأحزاب طائفية ، فحزب البعث السوري هو مختلف عن شقيقه المحرمّ البعث العراقي ، فالثاني كان محكوماً من عائلة تكريتية متزمتة في تقاليد المنطقة والبداوة والعم والخال ،بينما الأول من عائلة قرداحية متزمتة في تقاليد الطائفة وكذلك المناطقية ، لكنهما في النهاية حزبان فاشيان حكما العراق وبلاد الشام بالنار والحديد والغصب والتخلف والعنجهية وفرض القومية والطائفة وادعاء البطولة الفارغة في محاربة اسرائيل والصهيونية لعقود من السنين ،وقد حان وقت الإصلاح والتغيير بل الثورة .

والمؤسف في الأمر أن اشهر فناني سوريا من النساء والرجال يقولون ما يلي :

لانريد لسوريا مستقبل ديمقراطي مثل العراق ، أي عار العراق الديمقراطي.

بينما يكتب أدونيس أشهر مثقف وأديب ومفكر سوري عربي عالمي :

((نعم، كان مُنتَظَرًا، بالنسبة إليّ، على الأقلّ، أن يحدث ما حدث.

ولا أعرف أن أبكي. لو أنني أعرف، لَكنتُ حوّلت عينيّ إلى ينبوعين من الدمع: جنوبيٍّ في درعا، وشماليٍّ في بانياس وجبلة)).

الحوار المتمدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى