صفحات المستقبل

حكومة..

 


حُلّت العقدة، وفُكّت الأزمة، فبعد سنواتٍ وسنوات من التنديد النضالي بسياسات “الفريق اﻻقتصادي الدردري” على صفحات جريدته “قاسيون” أصبح المعارض الشرس قدري جميل “فريقاً اقتصادياً” بحد ذاته، لكن ثمّة فرق كبير بين فريقٍ وفريق. فالدردري، وفريقه، قفزوا بالباراشوت على مناصبهم واستملكوها. لم يعيّنهم أحد، لم يتابع عملهم أحد، لم يؤتمروا بأمر أحد. نبعوا ذاتياً مثلما نبعت إجراءاتهم التآمرية على الاقتصاد السوري من شرورهم وحدهم. ﻻ أحد مسؤولٌ عمّا فعلوه إﻻ هم. هم رأس الشرّ وذنبه، وبخروجهم خرج رأس الشر وبمجئ الخير، بقوّة “الإرادة الشعبيّة”، يُقطع ذنبه.

أبشروا يا سوريين. أصبح اقتصادكم منتدباً بيد “النائب اﻻقتصادي” قدري جميل، وأصبح أيضاً مؤتمناً على تجارتكم الداخليّة (وليس المتاجرة بكم داخلياً، أو ربما..) وحامياً للمستهلِكين (بكسر اللام). المستهلَكون (بفتح اللام) سيُنسّقون للصهر في بوتقة الوحدة الوطنيّة، الحامية على أحرّ من جمر..

آه، صحيح.. الوحدة الوطنية!

أصبح لدينا وزارة لشؤون “المصالحة الوطنيّة”، وسيديرها علي حيدر. قد يعتقد الخبثاء أن الوحدة الوطنية في “الكيان الشامي” مهددة. ﻻ طبعاً! ماذا حدث أساساً؟ ﻻ شروخات وﻻ مشاكل من أيّ نوع، ففي سوريا ثمة 23 مليون سوري يعشقون رئيسهم ويفدونه بدمهم، ويشتعل في قلوبهم لهيب الرغبة في أن يكونوا “شبيحة للأبد” ﻷجل عينيه. هناك فقط بعض القنوات المغرضة المعادية التي تبث سموماً وأكاذيب، وشرذمة أخرى من الإرهابيين والمأجورين والمرتزقة (2000 ليرة للمرتزِق، وﻻ ندري إن كان “النائب اﻻقتصادي” سيفرض عليها ضرائباً، تصاعديّة بالطبع..) يقوم الجيش الوطني بالتصدّي لهم وفقاً لرغبات الأهالي، الذين ﻻ يتوقفون عن مطالبة الجيش بقصف مدنهم وقراهم وأحيائهم وبيوتهم، والجيش، طبعاً، يلبي رغبات أخوته المواطنين.. هو منهم وهم منه. كلّنا للوطن!

في واقع الحال، أُسندت وزارة “المصالحة الوطنيّة” لرأس الحزب القومي السوري اﻻجتماعي لتنسيق العمل من أجل المصالحة بين شطري جزيرة قبرص، وبالتالي تسريع عودتها نجمةً للهلال السوري الخصيب الذي بشّرت به أدبيات الحزب المناضل الذي زوّرت قناة الجزيرة مسؤوليته عن مقتل عدنان المالكي، لكنّ التحريات الجديدة أكدت مسؤولية العصابات الإرهابية العرعوريّة عن هذا الاغتيال.

وماذا عن التعددية؟

على مدى أشهر، عملت قيادة النظام بجد واجتهاد كي تُنتج الاصلاحات نظاماً تعددياً يحوي تحت سقفه “موالاةً” و”معارضة”، لكنّ رموز “المعارضة تحت سقف الوطن” أصرّت على الترشح لانتخابات مجلس الشعب في نفس قائمة “الموالاة تُطيّر حمام فوق سقف الوطن”، وبالتالي نتجت حكومة يتبوأ فيها أصلب المعارضين وأكثرهم جذريّة منصب نائب رئيس الوزراء.

مسكينة هذه القيادة في ابتلائها بهذا الشعب غير المهيئ للديمقراطيّة.. هي تصنع له تعددية ليذهب هو ويصرّ على إدماج التعددية في تيارٍ واحد.. موالي، للصدفة!

http://www.syriangavroche.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى