صفحات العالم

العيد في سوريا… الرئيس بانتظار العودة للبيت


مهند مبيضين

لم يعد العيد ثابت الحال، ولا مكان اليوم لبيت الشعر الذي طالما تكرر “عيد بأي حال عدت يا عيد..” فاليوم هناك تبدل سريع، وتغيير كبير اجتاح المنطقة، وها نحن بين عيد الفطر وعيد الأضحى شهدنا أنظمة تبدلت ورؤساء أربعة هم بين مطارد قُتل وآخر في قفصه وثالث هارب والرابع خرج للعلاج من محاولة اغتيال وما لبث أن عاد يحاول أن لا يلقى ذات المصير الذي لقيه الآخرون. وخامس متمنع وقد أصم أذنيه عن سماع الحق، وبين العيدين أضحى السودان دولتين.

الكتابة قبل الأضحى تتجه صوب دمشق الممتنعة عن قراءة الحقيقة، والتي لا نعرف كيف سيكون مصيرها في العيد المقبل، والأرجح أن النظام سيكون إما منحل أو مغادر أو مطارد في غابات الشمال السوري، فما زالت الوعود كاذبة وما زال القتل عنوان الحوار مع الناس، ومع أن النظام السوري اعتقد أنه أحرج الجامعة العربية بقبول الورقة العربية للحل، إلا أنه وضح نفسه في الزاوية الحرجة. وهذا ما جعل الثوار في سوريا يزدادون كثافة وحضورا في الساحات العامة.

اليوم دمشق في احزن أعيادها، وكان الرئيس السوري قد عيّد على حماه بحملة كبيرة أهلكت الحرث والنسل، لكن حماة صمدت وظلت على ما هي عليه، واليوم تتواصل التظاهرات ويزداد القتل والذبح، لكن الرئيس الأسد يتراجع حضورا وتأثيرا، وهو لم يملك إلا التهديد بزلزال كبير كما هدد من قبل غيره.

اليوم لم يعد بإمكان الأسد الانفراد بقدراته أو أن يفعل ما فعل في العيد الماضي بحماه، ففي الأضحى تكذب السلطات السورية بإعلانها العفو عمن يسلمون أنفسهم من حملة السلاح، ولا نعرف على أي رصيد من الثقة أطلقت تلك الدعوة، وهل سيقوم التلفزيون السوري بترتيب مشاهد للتائبين في العيد ممن سيسلمون أنفسهم وأسلحتهم ويعلنون أنهم تلقوا دعما خارجيا للإطاحة بدولة المقاومة والصمود!!

هنا، سيبرع إعلام النظام السوري في ترتيب مشاهد التوبة في العيد، وستقدم الكثير من الرؤوس والضحايا خدمة لمبادرة تسليم السلاح، كي يعطي النظام مبررا لعنفه وقتله الأبرياء، وبعد ذلك سيعود وليد المعلم للجامعة العربية قائلا طلبنا منهم تسليم السلاح ونزعه ورفضوا لذلك بقي الجيش يدافع عن أمن الأبرياء والبلد.

وهنا يبقى السؤال عن العيد الذي تستقبله سوريا اليوم؟ إنه عيد جديد، يرتعد فيه نظام الأسد من مصير مشابه للقذافي أو بن علي أو مبارك، ومع أن العيد في دمشق ومدن سوريا له بهجة خاصة، وخصوصا للأطفال، فإن الرئيس الأسد لن ينعم بتلك الطقوس مع أفراد أسرته، فسيظل منشغلا بمراقبة الشوارع كي تصبح فارغة من الخارجين عليه.

ويا للزمان كيف يدور، هل يحتمل الرئيس الأسد الذي لطالما ملأ الجماهير الساحات احتفالا بطلته عليهم، أن تكون غاية آماله اليوم أن يعود الناس لبيوتهم ويتوقفون عن سبه وطلب دمه؟ انه مشهد غير متوقع بالنسبة للأسد الذي ظل يصور على أن الخيار الوحيد في الأرض بالنسبة للسوريين وان سوريا بدونه هالكة!

*نقلا عن “الدستور” الأردنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى