الطائفية والثورة السوريةخولة دنياصفحات مميزة

المثقفون والارتداد إلى الطوائف….


خولة دنيا

منذ بداية الثورة كان لدي سؤال بوسع سوريا:

أين المثقفين؟

بعد سنة وسبعة شهور يعود السؤال مرة أخرى، وخاصة أن الفرز اصبح واضحاً بين من اعتنق الثورة، وبين من اعتنق الحياد، وبين من اعتنق النظام، وبين من اعتنق الطائفية مهما كانت جهتها.

يزيد من أهمية السؤال بنظري، طريقة تناول كثير من المواضيع، وطريقة الخطاب، وطريقة معالجة المسائل والإشكالات التي يتم طرحها….

فالمثقف ليس نقدي فحسب، وإنما موجه، وقادر على الارتقاء بالخطاب السائد لمستوى مختلف انطلاقا من تحليل الحدث، وعدم التعامل معه كحدث منفصل ولحظي.

أثار هذا التساؤل، ما تم تداوله لوقت أكثر مما ينبغي لموضوع الوثيقة الخاصة بجد بشار الأسد التي وجهها للاحتلال الفرنسي بدعوى حماية العلويين، والمطالبة بدولة علوية.

أنبرى الكثير من المثقفين ومنهم علويون لتبرئة الطائفة من هذه التهمة، ونبشوا عن وثيقة أخرى تبين وطنية أهل اللاذقية والساحل والتي يظهر فيها المشاركة والانتماء لبعضهم البعض وللوطن سوريا.

لست ضد هذا… ولكن اتخاذ موقف المدافع من موقع المدان، تصرف يقوم به عامة الناس وليس المثقف النقدي.. الذين كان واجبه تناول الموضوع بطريقة مختلفة..

فجميعنا نعلم أن سوريا أيام الاحتلال كانت مشاريع مقسمة لدويلات تافهة في كل منها هناك من قدم عريضة أو وثيقة للاحتلال كي يضمن مستقبله، فالمسألة ليست قاصرة على مجموعة اشخاص علويين يسكنون الساحل.

ومن جهة أخرى، حفلت سوريا بالناس الوطنيين من جميع الطوائف والقوميات الذين كان هدفهم التصدي لتمزيق سوريا… وهم الأغلبية ولقد نجحوا في نضالهم هذا وحافظت سوريا على كيانها بنضال أهلها….

اليوم… ما معنى أن أكون أنا العلمانية اليسارية متصدرة لصد الادانة عن التهم الموجهة ضد العلويين؟

والمثقف ابن الطائفة العلوي ما معنى أن يتحول لعلوي أولاً ومثقف تالياً؟.. وكأنه اكتشف هويته الطائفية اليوم فقط؟

وما معنى أن نتقبل التربيت على الاكتاف كعلويين مقبولين من المجتمع لوقوفنا اليوم ضد النظام؟

من واجب المثقفين جميعاً علويين وغيرهم.. العمل على الارتقاء بالنقاش الحاصل إلى مستوى وطني ورفع سوية ما يتم تداوله وليس الغوص فيه وفي تفاصيل تاريخية تتناول العلويين تحديدا وفئة صغيرة منهم فقط خلال فترة زمنية محددة.

أن نبدأ بفتح الوثائق يعني فلتفتح كلها وليتم نقاشها كلها… هذا إن كان من فائدة لذلك..

أو فليتم التعامل معها كوحدة منفصلة تتعلق باشخاص محددين…

معنية اليوم بكل ما يجمعني مع باقي السوريين.. كما أنا معنية بإسقاط الاستبداد والانطلاق لسوريا التي قامت الثورة من أجلها…

لا يمكن اختزالي أو اختزال غيري بطائفة أو بعائلة….

ولا اقبل باختزال أحد بهذه الطريقة المسيئة…

وأتمنى أن يأتي قريباً اليوم الذي نحاسب فيه كل من اساء وأضر وقتل وسرق واغتصب.. مهما كان ومن أي طائفة أو دين كان….

ولا مشكلة وقتها إن كان أغلبهم من طائفة معينة أو من منطقة معينة….

 مع تزايد الالتصاق بالطوائف والاديان، والعمل على غسل الذنوب ، أو التكفير..

الطائفة الوحيدة الخاسرة هي طائفة سوريا

3/9/2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى