صفحات العالم

المد الإسلامي في الشرق الأوسط: الاستثناء السوري؟


جورج مالبرونو

قال لنا مؤخراً سفير فرنسا السابق في دمشق أن وزارة الخارجية الفرنسية تقدّر الوزن الانتخابي للإخوان المسلمين داخل سوريا بنسبة لا تتعدى ال 15 %.

حتى وإن شكك بعض الخبراء في الشؤون الخارجية، تؤكد البرقيات الدبلوماسية الواصلة من السفارة الفرنسية في دمشق على “الخلفية العلمانية ” للمجتمع السوري. هذه الفسيفساء الطائفية المبنية على  الأقليات المسيحية، العلوية، الدرزية و الكردية التي تعايشت في وئام و لزمن طويل مع الأغلبية السنية المتفتحة ، الليبرالية و المتأثرة جدا بطبقة التجار في دمشق و حلب . بعد الإطاحة ببشار الأسد يمكن لسوريا أن تشكل الاستثناء على عكس مصر و تونس بأن لا تمنح للإسلاميين إلا جزءا صغيرا من الكعكة الانتخابية.

تستند هذه النظرة المتفائلة على عوامل أخرى لوحظت في ميادين الثورة ضد نظام بشار الأسد منذ عشرة أشهر.

لا يسيطر الأصوليون على الانتفاضة في غالبية المدن المتمردة. حتى في حمص التي أصبحت مركزا للثورة، لا يحصي المجلس الذي يشرف على الجزء المتمرد من المدينة أي إسلامي بين قيادييه . تاريخياً، يذكّر خبراء من سوريا أن الإسلاميين لم يتمكنوا من الفوز بمقاعد كثيرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت  في سنوات  الخمسينات.

يشاطر الباحث توماس بيري هذا التحليل في كتابه ” البعث و الإسلام في سوريا ” . يرى بيري أن الحركة الإسلامية لا تشكل كتلة متجانسة .  يؤكد الأستاذ المحاضر حول الإسلام المعاصر في جامعة إيدمبورغ  ” لم يلعب الإخوان المسلمون أي دور في الميدان خلال الانتفاضة التي بدأت في سنة 2011، لكنهم متواجدون بقوة في المعارضة بالمنفى”. بحسب هذا الأخير  ” قوتهم يطعن فيها فاعلون إسلاميون جدد ، مثل التيار الإسلامي الديمقراطي الحر. بينما ينقسم العلماء بين أولئك الذين يدعمون النظام و الذين يقفون إلى جانب المتظاهرين في مواجهة المخاطر التي تحدق بهم.”

بقي أن الإسلاميون ناشطون في المجلس الوطني السوري الذي يضم أهم أقطاب المعارضة لنظام بشار الأسد . ساهموا كثيراً في تراجع برهان غليون ، رئيس المجلس الوطني السوري ، بعد أن وقّع اتفاقية نقل السلطة نهاية ديسمبر الماضي مع منافسه هيثم مناع من هيئة التنسيق، تنظيم آخر في المعارضة. لازال الإسلاميون يرفضون التحدث عن الدولة العلمانية . بحسب التسريبات، غليون على وشك التخلي عن منصبه ” يجبره الإسلاميون على اتخاذ مواقف منافية لتطلعاته الليبرالية “، على حد قول جزء من هذه المعارضة.

يقول بعض المشككين أن سوريا ما بعد بشار ستصبح مثل العراق التي تلت سقوط صدام حسين إذ ستعرف صحوة الشعور الديني الذي خنق لزمن طويل. مثلما حدث في بغداد، سيدخل الكثير من الإسلاميين من المنفى إلى حماة أو إلى أماكن أخرى في سوريا، بمجرد سقوط الدكتاتورية و سيكون لهم وزن في النقاشات المستقبلية.

عارفون بنفوذهم المتواضع في الميدان، تبنى الإخوان المسلمون الإستراتيجية التالية: الهيمنة على الهيئات المعارضة في الخارج، الإسراع إلى السعي في قلب النظام بوحشية ومثلما هو الحال في مصر وتونس، يسعون إلى ركوب موجة فوز الإسلاميين في الانتخابات في الشرق الأوسط .

حثت هذه الإستراتيجية على رفض مزدوج:  رفض أي حوار مع النظام و رفض الانتقال السلس الذي يهيئ لانتخابات عامة بعد التفاوض على رحيل بشار الأسد من السلطة في دمشق على النحو المنصوص عليه في الخطة الجديدة التي تبنتها الجامعة العربية  والتي رفضها فورا النظام السوري.

                                                                                ترجمة: سارة يونس

لوفيغارو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى