صفحات سوريةمازن كم الماز

لماذا العودة إلى سوريا في 10 آب ؟


مازن كم الماز

الحقيقة أنه منذ قيام الثورة السورية و منذ أن أصبح من شبه المؤكد بقاء نظام الأسد لبعض الوقت كانت فكرة العودة إلى سوريا تضغط علي بكل قوة كما على الكثيرين كما أعتقد , رغم أنه يمكن دائما ذكر الكثير الكثير من التبريرات لعدم العودة و الاكتفاء بالمراقبة و الانتظار , بعد أن تعرض بعض معارفي للسجن كان هذه الحجج تذوي و مع سقوط الضحايا كانت هذه الحجج تموت أيضا شيئا فشيئا , مع كل معتقل و كل شهيد كان شيء ما يستفزني و يطرح بقوة أكبر كل مرة فكرة العودة , و أخيرا جاءت حملة راجعين , كمن وجد شيئا كان يبحث عنه منذ زمن حتى وشك أن ييأس من لقائه , تقدمت على الفور باسمي لمنظمي الحملة بسعادة غامرة لم أعرفها إلا عندما شاهدت وجه طفلي لأول مرة , أنا اليوم أنتظر 10 آب يوم حريتي الحقيقية التي تمارسوها أنتم بكل شجاعة منذ 15 شهرا , و إليكم قصتي , أنا مازن كم الماز , طبيب سوري , مواليد القنيطرة 1966 , من أصول شركسية تركية كردية , مسلم سني و لو أن هذه كلها تفاصيل هامشية جدا لم أختارها كما هو حالكم و حالنا جميعا و لا أعتبر أن من حقي أن أفخر أو أتميز عن الآخرين بسببها رغم أني لا أخجل منها أبدا , درست في جامعة دمشق كلية الطب البشري , ثم عملت في مديرية صحة القنيطرة – مركز إسعاف خان أرنبة و مديرية صحة دمشق – مشفى ابن النفيس قبل أن أعمل كطبيب في الخليج , أديت خدمتي الإلزامية بين عامي 1999 و 2001 , كنت عضوا في الثمانينات و أوائل التسعينيات في اتحاد الشباب الديمقراطي في سوريا و الحزب الشيوعي السوري , على الرغم من ستالينية و انتهازية كلتا المنظمتين فإني تعلمت حب الحرية و العدالة و الفقراء هناك هذا المرض الذي لم أشفى منه أبدا , و منذ بداية الألفية الجديدة كنت أقترب من الفكر الاشتراكي التحرري في أثناء محاولتي لفهم و تفسير ماهية و طبيعة النظام السوري , و الناصري و البعثي الصدامي و السوفيتي السابق ( الستاليني ) , أصبحت اشتراكيا تحرريا عندما انتهيت إلى القبول بنظرية الاشتراكيين و الماركسيين التحرريين عن النظام الستاليني , النظام النموذج للنظام السوري , على أنه ليس إلا نظام استغلالي جديد على نمط رأسمالية الدولة البيروقراطية , و منذ أواسط العقد الماضي بدأت أترجم لعدد من المفكرين الاشتراكيين التحرريين البارزين و بدأت أكتب عن طبيعة النظام السوري و سياساته في موقع الحوار المتمدن بشكل أساسي و مواقع سورية معارضة أخرى سرعان ما كان عددها يتناقص باستمرار بسبب “انفتاحها و ديمقراطيتها” و أكتب أيضا في جريدة القدس العربي بشكل غير منتظم , زرت سوريا لآخر مرة في عام 2006 عندما توفيت والدتي , لم أكن يوما عضوا في أية جهة معارضة و لم أحصل على قرش إلا من تعبي و جهدي و نأيت بنفسي عن كل ترهات و زواريب المعارضة السورية و لم أستخدم قلمي أو فكري يوما للتكسب أو الاسترزاق و رغم أني قد أكون استسلمت في فترات من حياتي لسلطة هذا النظام أو لسلطات قمعية أخرى تتنافس على قمعنا بدافع السلامة لكني لم أخن في يوم القضية التي نذرت نفسي لها , قضية كل الفقراء و المقهورين في سوريا و العالم , رغم أن بعض معارفي نقلوا لي عن مخابراتنا العتيدة أنهم كانوا يعتقدون أني من جماعة عبد الحليم خدام !! الأمر الذي جعلني أوقن بشكل لا شك فيه بالأمية السياسية لأجهزة أمننا السياسية !! الحقيقة إن الدافع وراء عودتي مع حملة راجعين بسيط جدا , إن دماءنا ليست أغلى من دماء أي طفل من أطفال الحولة أو القبير و الحرية التي تقاتلون في سبيلها هي حريتنا جميعا لذلك فإن مكاني هو فقط بينكم , أن أعيش كما تعيشون أو أموت كما يموت البعض منكم , عدا عن أني كاشتراكي تحرري و خلافا للكثيرين من المعارضين و السياسيين و المثقفين و رجال الدين و غيرهم أنا لا أطمح يوما لأكون زعيما أو قائدا أو حاكما أو معلما أو مرشدا أو غنيا لأني أعتقد أن الشكل الوحيد الحر لتنظيم أي مجتمع أو مجموعة هو التنظيم الذاتي الحر و الطوعي لكل الناس و أرفض تماما أي شكل لقمع الناس لصالح أقلية محدودة جدا من البشر و أرفض تماما أن أستثمر جهد الآخرين و عرقهم لأصبح غنيا , أنا لا أطمع في سلطة و لا مال بل أحلم فقط بانعتاق البشر من كل اضطهاد و قمع و سلطة خارجة عنهم و بحريتي أنا أيضا بكل تأكيد , نعم سأترك طفلين ورائي لكني أعتقد أني سأترك لهما ما هو أهم بكثير من المال أو الجاه , ربما أترك لهم ما قد يرفعون رؤوسهم عاليا به حتى نهاية حياتهم و مثالا حيا على ألا يرضوا بالظلم و ألا يقبلوا بالاضطهاد , و ربما إذا نجحت ثورتنا أترك لهم عالما أفضل و أكثر حرية , أنا عائد لأكون بينكم في 10 آب , إلى وطني , إن وطني ليس سوريا فقط فأنا أعتقد بقوة أن هويتي الحقيقي هي إنسان و أن وطني هو العالم , إن وطني هو فقراء سوريا , لأني بالمولد ولدت بينهم , و لأني أعرفهم و لأني أحبهم , خاصة منذ أن نفضوا عنهم الصمت و صرخوا بأعلى صوتهم مطالبين بحريتهم , أنا عائد إلى وطني , إلى أهلي , فقراء سوريا لأعيش أو أموت بينهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى