صفحات المستقبل

المعارضة السورية في مواجه شعب جديد


قد يقول البعض إن من القسوة أن يساق هذ التوصيف في وصف العلاقة مابين المعارضة السورية التقليدية والشعب السوري الثائر وحجته تاريخ هذه المعارضة وما أصابها على يد النظام في سوريا من تنكيل وعسف أدى إلى تفككها وشرزمتها وعدم قدرتها على التماشي مع حركة الشارع أو مجاراتها والتعبير عنها كما يفترض بها اليوم .

الشارع السوري المنتفض الثائر احتل شوارع سوريا وبعبارة أدق استعاد ها منذ اندلعت ثورته في الخامس عشر من شهر آذار /مارس وقد أوردت إحصائيات تقديرية تحدثت عنها قناة أورينت السورية أن ثماني مليون إنسان سوري شاركوا في التظاهر في شهر آب وحده.

والسؤال من أخرج هؤلاء الثمان ملايين ثائر إلى الشوارع وهل يمتلك أحد ما كائنا من كان الحق بأن يجير ذلك الخروج والتفاعل والفعل الشعبي لصالحه ويدعي بأنه وراءه أو أن له الفضل في ذلك سوى أللهم بضعة أطفال في محافظة درعا اختطفتهم السلطات السورية ومارست عليهم فنون ماتعودته من أساليب همجية اعتقدت أنها ردعية واستباقية لمنع الثورة, في وقت كانت فيه حالة الاحتقان والتململ قد بلغت أشدها في الشارع السوري الشعبي ولا ينقصها إلا الشرارة , فكانت الشرارة تلك الجريمة التي نفذها النظام الأمني بحق هؤلاء الأطفال ومن هنا انطلقت الثورة الشعبية دون رأس ودون وصاية من أحد.

لاننكر أن هناك بعض الأسماء من المعارضين السورين الذين كانوا يتحركون على المستو الفردي أو المجموعاتي خلال العقود الماضية ممن نكل بهم النظام وممن قد تكلموا ساعة كان الصمت هو السيد في الوطن السوري وهو بالطبع مايحسب لهم ويقدر ولكن لانستطيع ادعاء أن تيارات حزبية معارضة بعينها كانت معروفة ومؤثرة على الشعب السوري فطوال أربعة عقود ونيف لم تستطع تلك المعارضة أن تُخرج مئة شخص فقط للتظاهر واحتلال الشارع حتى أن الشعب السوري والعالم بالكاد سمع بها فيما الكثير منه لا يعلم حتى بوجود أحزاب معارضة خارج نطاق هيمنة مطلقة لحزب البعث على مقاليد وزمام السلطة والساحة السياسية .

إذا الشعب السوري منذ ستة أشهر في الشارع ينتظر كل هذه المدة أن يلحق به شخوص المعارضة ممن يمتلكون ناصية وأبجدية اللعب السياسي ليكونوا ممثلين لهذه الثورة وناطقين بلسانها ومعبرين عنها ولكن دون جدوى طال الانتظاروبدت حالة مقلقة من لعبة شد الغطاء بين المعارضات السورية والحالة تتراءىللمتابع المنتظر والناظر وكأن فرصة تقاسم النفوذ قد دنت , وكأن كل تلك المآسي والدماءوالاعتقالات التي يقاسيها الشعب السوري ليست تراها أو تعيشها هذه المعارضة بل هي في مكان آخر لايخصها مع أنها اكتوت بتلك المآسي التي لن لم تستثنها بل طالت رموزا كثيرة من المعارضين السوريين أنفسهم , ومع ذلك لا اتفاق ! , وما هو الخلاف في هذه المرحلة الأكثر من حساسة ؟ “ لا أحد يعلم “

طالما أن الشعب حدد خياراته وسقف تطلعاته وشكل دولته الحلم ونظام الحكم الذي يريد ببضع مفردات لاتحتاج الكثير من الشد والجذب فلما الخلاف والاختلاف؟

“ إسقاط النظام ومحاكمته , وإقامة دولة مدنية ديمقراطية ترفض الطائفية والتدخل الأجنبي العسكري كما ترفض العسكرة , دولة لكل مواطنيها يحكمها القانون وفصل السلطات”

نعم هي نقاط عامة حتى أطفال الشعب السوري باتوا يرددونها , فعلام إذا تختلف المعارضة كل هذا الخلاف الذي يؤجل تشكيل ممثل للثورة ستة أشهر ؟ !ليس غيرها إذا هي الكراسي والمصالح الشخصية كما قال سابقا المحامي هيثم المالح بعد أن اعجزته الخلافات في ما سمي بمؤتمر الإنقاذ الوطني .

بدأ الشعب السوري في الشوارع الملتهبة يتسائل ويسأل هؤلاء المتنطعين لتمثيله ماذا تنتظرون حتى تتفقوا على تشكيل هيئة أومجلس أو أي شكل من أشكال التجمع لتمثيل الثورة وحمايتها لماذا استطاعت المعارضة الليبية تشكيل مجلسها الانتقالي بكل سلاسة وهي تعاني كما تعاني المعارضة السورية بل أكثر من عدم وجود كيانات حزبية منظمة ومهيئة ومع ذلك اختير رجل كفوء ومؤتمن ومعروف حتى أنه من الحكومة السابقة وتشكل المجلس دون أن نسمع بخلاف واحد فيما بينهم تماشيا مع حساسية المرحلة

هي نفسها حساسية المرحلة التي دعت البعض من الشباب الثائر للنظر الى المسألة بتلك البساطة لماذا لانختار الرجل الكفء والذي يثق به السوريون وغير السوريين ليكون رئيس مجلس انتقالي مؤقت وهو الدكتور برهان غليون البرفسور بعلم الاجتماع السياسي و آخرو ن معه ممن تم ترشيحهم من قبل أصحاب المبادرة وهم يملكون الإمكانات التي تؤهلهم للمساعدة باجتياز المرحلة وقد تعرف عليهم السوريون وغيرهم وعرفت مواقفهم ووقوفهم الى جانب الثورة ليجتمعوا تحت سقف مطالب الشعب السوري المعروفة فالمهم العنب نريد الحصول على العنب وليس قتل الناطور وعنب السوريين نجاح ثورتهم وايصالها بر الأمان وليس وصول فلان أو علان لمنصب هنا أو مكانة هناك .

هكذا فهمتُ الدعوة التي أطلقت البارحة من أنقرة بتلك البساطة “ نريد مجلسا انتقاليا من أشخاص يثق بهم الشعب السوري ويعرفهم “ في الوقت الذي سمعتُ فيه ردود أفعال قاسية تجاه هذه المبادرة والقائمين عليها من البعض ممن شككوا بتلك الصرخة أو المحاولة ولم يستطيعوا تقبلها بنويا طيبة فالطريقة المباشرة التي تم الاقتراح بها أربكتهم وجعلتهم يشعرون بأن الشعب السوري الجديد الذي لم يتعودوه يقول لهم أنا السيد هنا أنا صاحب السلطة والمبادرة لا كبير بوجودي وليس هناك من مقدس سوى إرادتي لن انتظر أحد يقف محتارا أو متململا لأن قطار التغيير سائر

إنها صرخة الثواريقولون يكفي السوريين إجرام النظام وتجاهل العالم وتوطئ البعض ولاينقصه أيضا صراعا آخر فوق دمائه .

بقلم الدمشقية – صحفية سورية – دمشق

http://the-syrian.com/archives/39021

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى